الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بذلك وبدلالة الدلالة أو دلالة النص. ويلاحظ أن نفس الأمثلة التى ذكرتها عند الكلام على الدلالات عند الحنفية هى نفسها التى تذكر هنا.
2 -
مفهوم مخالفة: وهو لازم ناشئ عن معنى لفظ مركب حكمه يخالف حكم ملزومه (1). وذلك كقوله تعالى:
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً (2).
حيث يفهم من هذه الآية أن الزائد على الثمانين غير واجب، وظاهر أن هذا المفهوم مغاير ومخالف لما يفيده اللفظ بمنطوقه. وإذا كان الأصوليون فى جملتهم يستدلون بدلالة المنطوق مع اختلاف التسمية، وبمفهوم الموافقة، فقد قال (3) القاضى أبو بكر الباقلانى رحمه الله:
«القول بمفهوم الموافقة من حيث الجملة مجمع عليه» فإن الأصوليين يختلفون فى اعتبار مفهوم المخالفة دليلا لاستنباط الأحكام الشرعية من نصوص الكتاب والسنة، وسأذكر موقفهم بشيء من التفصيل بعد ذكر شروطه وأنواعه إن شاء الله.
شروط العمل بمفهوم المخالفة:
مفهوم المخالفة بجميع أقسامه يدل على ثبوت نقيض حكم المنطوق للمسكوت، سواء كان المنطوق إثباتا أو نفيا، ويشترط للعمل به عند القائلين به شروط منها:
1 -
أن لا يكون للقيد الذى قيد به الحكم فائدة أخرى، سوى نفى حكم المنطوق للمسكوت، أى نفى الحكم عند نفى القيد. فإن كان له فائدة أخرى غير ذلك، فإنه لا يكون حجة، ولا يصلح للعمل به كأن
(1) أصول التشريع الإسلامى 322، وتسهيل الوصول 108.
(2)
سورة النور الآية: 4.
(3)
إرشاد الفحول 179.
يكون القيد أكثريّا أى أن القيد خرج مخرج الغالب فى أمور الناس، ويتضح هذا فى قوله تعالى وهو يذكر المحرمات من النساء:
وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ (1).
فقيد فى حجوركم ليس قيدا احترازيّا، وإنما هو قيد أكثرى بناء على أن الغالب من أحوال الناس، كون الربائب فى حجور الأزواج فالمرأة إن تزوجت برجل، وكان لها بنت من زوج سابق، فإنها تأخذها معها إلى بيت زوجها الجديد، وعلى هذا فلا يعمل بالمفهوم المخالف هنا، وهو أن الربيبة إذا لم تكن فى حجر زوج أمها لا تحرم عليه. لا فهى تحرم عليه بمجرد الدخول بأمها، سواء كانت فى حجره ورعايته أم لم تكن (2).
ومثال أيضا قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً (3).
فالمفهوم المخالف هنا هو جواز أكل الربا، إذا لم يكن أضعافا مضاعفة، فقيد النهى عن أكل الربا أضعافا مضاعفة قيد خرج مخرج الغالب فى أمر التعامل بالربا، وهو ابتداؤه بقدر قليل ثم صيرورته مضاعفا بمرور الزمن أو أن هذا القيد ذكر هنا لبيان الواقع، وعليه فليس قيدا احترازيّا فلا يفيد بمفهوم المخالفة.
2 -
ألا يكون المذكور قصد به الامتنان كقوله تعالى:
لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا (4) فإنه لا يدل على منع أكل ما ليس بطرىّ (5).
(1) سورة النساء الآية: 23.
(2)
تنقيح الفصول 271 وشرح الجلال المحلى 1/ 246، وتيسير التحرير 1/ 99، والوجيز 374.
(3)
سورة آل عمران الآية: 130.
(4)
سورة النحل الآية: 14.
(5)
إرشاد الفحول 180.