الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرة الرابعة ثم انعقد الإجماع (1) بعد ذلك على أنه يحد ولا يقتل، فعلمنا أن الخبر الأول منسوخ. اه.
3 -
معرفة أن أحد الأمرين المتعارضين بعينه متأخر عن الأمر الآخر وعليه فيكون المتأخر هو الناسخ للمتقدم.
هذا ومن الطرق المختلف فيها بين العلماء فى معرفة النسخ ما يلى:
1 -
أن يقول الراوى- كان الحكم كذا ثم نسخ- فإنه لا يثبت به النسخ عند السادة الشافعية لاحتمال أن يكون قوله عن اجتهاد منه وليس عن توقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن المجتهد لا يكلف بالعمل بقول مجتهد آخر.
قال الإمام الرازى رحمه الله
(2):
إذا قال الصحابى: كان هذا الحكم ثم نسخ كقولهم: إن خبر «الماء من الماء» (3) نسخ بخبر: «التقاء الختانين» (3) لم يكن ذلك حجة لأنه يجوز أن يكون قاله اجتهادا فلا يلزمنا. اه.
أما السادة الحنفية (5) فيثبتون النسخ بذلك حيث إن إطلاق الراوى العدل للنسخ من غير أن يعين الناسخ مشعر بأنه عن توقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم فقبل قول الراوى فيه.
2 -
أن يكون أحد النصين المتعارضين مثبتا فى المصحف بعد النص الآخر. فإن البعض يرى أن المتأخر فى الإثبات ناسخ للمتقدم، وهذا خلاف ما عليه الجمهور حيث إن ترتيب الآيات فى المصحف على هذا
(1) وحديث النهى عن قتله أخرجه ابن شاهين 398، وأبو داود 2/ 474.
(2)
المحصول 1/ 566.
(3)
الحديثان أخرجهما ابن ماجة فى سننه 1/ 199.
(5)
فواتح الرحموت 2/ 95.
النحو ليس على ترتيب النزول، فقد يكون المتقدم فى الترتيب متأخرا فى النزول.
3 -
أن يكون راوى أحد الحديثين المتعارضين أصغر سنا من الراوى الآخر أو متأخرا فى الإسلام عنه. فبعض العلماء يرى أن الحديث الذى رواه الأصغر سنّا أو المتأخر فى الإسلام يكون ناسخا للحديث الآخر، لأن الظاهر أنه متأخر فى الزمن عن الحديث الآخر.
والجمهور لا يرى ذلك لجواز أن يكون الأصغر سنّا روى عمن هو أكبر منه وأن يكون المتأخر إسلاما روى عمن تقدم فى الإسلام.
4 -
أن يكون أحد النصين موافقا للبراءة الأصلية دون الآخر: فربما يتوهم أن الموافق لها هو السابق والمتأخر عنها هو اللاحق، مع أن ذلك غير لازم لأنه لا مانع من تقدم ما خالف البراءة الأصلية على ما وافقها.
كقوله صلى الله عليه وسلم: «توضئوا مما مست النار» (1) فإنه مخالف للبراءة الأصلية، ومتقدم على الحديث الموافق لها وهو:«لا وضوء مما مست النار» (2) والدليل على ذلك حديث جابر رضى الله عنه المتقدم. ولا يخلو هذا من حكمة عظيمة وهى تخفيف الله عن عباده بعد أن ابتلاهم بالتشديد (3). هذا وقد ذكر الآمدى (4) بأنه إن علم اقتران النصين المتعارضين مع تعذر الجمع بينهما بأن ذلك فى نظره غير متصور الوقوع وإن جوزه قوم.
ولو فرضنا وقوعه فالواجب: إما الوقف عن العمل بأحدهما أو التخيير بينهما إن أمكن، وكذلك الحكم فيما إذا لم يعلم شىء من ذلك. وأما إن
(1) أخرجه مسلم فى صحيحه 1/ 154.
(2)
أخرجه بمعناه مسلم 1/ 154، وأبو داود 1/ 48، وابن ماجة 1/ 164.
(3)
المستصفى 1/ 128، 129، والإحكام للآمدى 2/ 199، ومناهل العرفان 2/ 105 - 107، وأصول الفقه للشيخ زهير 3/ 105 - 107.
(4)
المرجع الثانى المتقدم.
كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا فالعمل بالمعلوم واجب تقدم أو تأخر، أو جهل الحال فى ذلك، لكنه إن كان متأخرا عن المظنون كان ناسخا وإلا كان مع وجوب العمل به غير ناسخ.
وهذا التفصيل كله فيما إذا تنافى النصان من كل وجه، وأما إذا تنافيا من وجه دون وجه، بأن يكون أحدهما أعم من الآخر من وجه دون وجه كما فى قوله صلى الله عليه وسلم:«من بدل دينه فاقتلوه» (1) فإنه خاص بالمبدل وعام فى الرجال والنساء لأن كلمة «من» إذا وقعت شرطا عمت الذكور والإناث وذلك لإشعارها بالعموم عند الإبهام فى باب الشرط واتفاق الشرع والوضع على القضاء بذلك، فإن من قال: من دخل دارى من أرقائى فهو حر، اندرج فى حكم التعليق العبيد والإماء (2). وقوله صلى الله عليه وسلم:«نهيت عن قتل النسوان» (3) خاص فى النساء وعام بالنسبة إلى المبدل فالحكم فيها كما لو تنافيا (4) من كل وجه والله تعالى أعلم.
(1) أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الحدود 4/ 126.
(2)
التمهيد للاسنوى 85 وتخريج الفروع على الأصول للزنجانى 178، 179.
(3)
أخرجه البخارى بلفظ- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان- 2/ 172.
(4)
الإحكام للآمدى 3/ 166.