الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المراد بالقسمة (1): التركة بين الورثة.
وأولوا القربى: من لا يرثون، لكونهم محجوبين أو لكونهم من ذوى الأرحام.
وقد اختلف العلماء فى هذه الآية أهي محكمة أم منسوخة؟
فذهب ابن عباس فى رواية عكرمة عنه وجمهور المفسرين إلى القول بأنها محكمة وليست منسوخة. وقد بين الله عز وجل بها أن من لم يستحق شيئا من الميراث، وحضر القسمة، وكان من الأقارب أو اليتامى والفقراء الذين لا يرثون أن يكرموا، ولا يحرموا إن كان المال كثيرا والاعتذار إليهم إن كان عقارا (2) أو قليلا لا يقبل الرضخ (3).
قال ابن العربى رحمه الله
(4):
الثانى: أنها محكمة والمعنى فيها الإرضاخ للقرابة الذين لا يرثون، إذا كان المال وافرا والاعتذار إليهم إن كان المال قليلا، ويكون هذا على الترتيب بيانا لتخصيص قوله تعالى: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ (5) وأنه فى بعض الورثة غير معين، فيكون تخصيصا غير معين، ثم يتعين فى آية المواريث، وهذا ترتيب بديع لأنه عموم، ثم تخصيص ثم تعيين.
وذهب ابن المسيب والضحاك وابن عباس فى رواية عطاء عنه إلى القول بأنها منسوخة بآية الموارث: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ (5) والرأى الأول القائل بأنها محكمة هو الأصح، فإنها مبينة استحقاق الورثة لنصيبهم واستحباب المشاركة لمن لا نصيب له ممن حضرهم.
(1) تفسير آيات الأحكام 2/ 38.
(2)
العقار بالفتح مخففا الأرض والضياع والنخل- مختار الصحاح 445.
(3)
الرضخ هو العطاء- مختار الصحاح 245 -
(4)
أحكام القرآن 1/ 329.
(5)
سورة النساء آيتا: 7، 11.
قال ابن جبير: ضيع الناس هذه الآية.
وقال الحسن: ولكن الناس شحوا.
وفى البخارى (1) عن ابن عباس فى قوله تعالى:
وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ قال: هى محكمة وليست بمنسوخة. وفى رواية قال: إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت، لا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها. هما واليان:
وال يرث وذلك الذى يرزق، ووال لا يرث وذلك الذى يقول «بالمعروف» وقول: لا أملك لك أن أعطيك هذا، وقد اختلف العلماء فى ذلك الإعطاء أهو واجب أم مندوب؟
فمن ذهب إلى الوجوب تمسك بظاهر الأمر، وأوجب على الوارث الكبير وعلى ولى الصغير أن يرضخا لمن حضر القسمة شيئا من المال بقدر ما تطيب به نفسه.
ومنهم من قال: على الوارث الكبير الدفع، وعلى ولى الصغير القول بالمعروف، بأن يعتذر إليهم ويعرفهم أن أصحاب المال صغار لا يقدرون ما عليهم من الحق وإن يكبروا فسيعرفون حقهم.
وذهب فقهاء الأمصار إلى أن هذا الإعطاء مندوب طولب به الكبار من الورثة واحتجوا فى ذلك بما يلى (2):
أولا: أنه لو كان فرضا لكان ذلك استحقاقا فى التركة، ومشاركة فى الميراث لأحد الجهتين معلوم وللآخر مجهول، وذلك مناقض للحكمة وإفساد لوجه التكليف. فلو كان لهم حق لبينه الله كما بين سائر الحقوق.
(1) صحيح البخارى 2/ 130.
(2)
تفسير القرطبى 2/ 1619، وأحكام القرآن لابن العربى 1/ 329، وتفسير آيات الأحكام 2/ 38.