الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا القول مراد به تحصيل ثواب الجماعة فى الصلاة للاثنين فما فوقهما، وليس المراد به بيان حقيقة لغوية، وهى أن أقل الجمع اثنان وذلك لأمر بسيط وهو أنه صلى الله عليه وسلم بعثه ربه ليبين لنا الأمور الشرعية لا اللغوية.
المجاز:
هو اللفظ المستعمل فى غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقى للفظ (1). وذلك كاستعمال لفظ أسد للرجل الشجاع حين أقول: رأيت أسدا يعظ الناس. شبهت الواعظ الشجاع بالأسد فالعلاقة بين المشبه والمشبه به هى الشجاعة والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقى هى كلمة: يعظ الناس.
حكم المجاز:
من أحكام المجاز ما يلى:
أولا: لا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر المعنى الحقيقى فالكلام يحمل على الحقيقة أولا كلما أمكن هذا الحمل لأن الحقيقة أصل والمجاز فرع ولا يصار إلى الفرع إذا أمكن الأصل.
وعلى هذا لو قال رجل: أوصيت لولد بكر بألف دينار، فإن الكلام حينئذ يحمل على الحقيقة فلا تثبت الوصية إلا لولد بكر من صلبه، فإن لم يكن له ولد صلبى ننظر: فإن كان له ولد ولد حمل الكلام عليه، وثبتت له الوصية لأنه المعنى المجازى لكلمة الولد، وقد تعذرت الحقيقة فيصار إلى المجاز لأن إعمال الكلام خير من إهماله. وإن لم يكن له ولد ولد أهمل الكلام لتعذر حمله على واحد منها.
ثانيا: عند تعذر المعنى الحقيقى يثبت المعنى المجازى للفظ ويتعلق الحكم به.
(1) أصول السرخسى: 1/ 170، وإرشاد الفحول: 21، والوجيز:334.
مثال ذلك: قال تعالى: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ (1) فالمراد بالغائط هنا الحدث الأصغر ولا يراد به المعنى الحقيقى وهو المحل المنخفض المعروف ويتعلق الحكم به، وهو التيمم عند إرادة الصلاة إذا لم يتيسر الماء.
وقد قال الشافعية إن دلالة اللفظ على معناه المجازى دلالة ضرورة وهى تقدر بقدرها فيتناول لفظ المجاز أقل ما يصح به الكلام، ولا يكون له عموم، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تبيعوا الصاع بالصاعين» (2). فإن لفظ الصاع فيه مجاز فى المكيلات إذ معنى الحديث: لا تبيعوا ملء صاع بملء صاعين، فيتناول منها أقل ما يصح به الكلام وهو المطعومات فقط للاتفاق على أنها منهى عنها بقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء» (3).
وذهب الحنفية وغيرهم إلى أن المجاز ليس من باب الضرورات، بل هو طريق من طرق أداء المعنى كالحقيقة، وقد يكون أبلغ منها، ولهذا شاع فى الكلام البليغ، وامتلأ به القرآن كقوله تعالى:
وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي (4) وقوله: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (5) والصاع فى الحديث المتقدم- مع كونه مجازا- مفرد معرف بأل الجنسية فيكون عامّا متناولا لكل مكيل من المطعومات وغيرها (6).
(1) سورة النساء الآية: 43.
(2)
أخرجه مسلم فى صحيحه بمعناه: 1/ 695.
(3)
أخرجه مسلم فى صحيحه بمعناه: 1/ 695.
(4)
سورة هود الآية: 44.
(5)
سورة النساء الآية: 13.
(6)
كشف الأسرار عن أصول البزدودى: 2/ 40، وأصول التشريع الإسلامى:292.