الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
قال تعالى: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ (1) قال البيضاوى (2) رحمه الله تفسيرا لقوله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ.
يريد أن يسقط فاستعيرت الإرادة للمشارفة كما استعير لها الهم والعزم.
وقال القرطبى (3) رحمه الله: قوله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ.
أى قرب أن يسقط وهذا مجاز وتوسع
…
وجميع الأفعال التى حقها أن تكون للحيّ الناطق متى أسندت إلى جماد أو بهيمة فإنما هى استعارة أى لو كان مكانهما إنسان لكان ممتثلا لذلك الفعل.
2 -
قال تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ (4) أى أمره وقضاؤه وهو من باب حذف المضاف، وقيل: جاءهم الرب بالآيات العظيمة، وقيل: جعل مجىء الآيات مجيئا له تفخيما لشأن تلك الآيات.
وقال أهل الإشارة (5): ظهرت قدرته واستولت والله جل شأنه لا يوصف بالتحول من مكان إلى مكان، وأنّى له التحوّل والانتقال ولا مكان له ولا أوان، ولا يجرى عليه وقت ولا زمان لأن فى جريان الوقت على الشيء فوت الأوقات ومن فاته شىء فهو عاجز.
المذهب الثانى:
لا يجوز أن يخاطبنا الله عز وجل بالمجاز فى القرآن. وهذا المذهب منسوب إلى بعض (6) أهل الظاهر، وإلى أبى إسحاق الإسفرايينى وأبى بكر محمد بن داود الأصبهانى.
(1) سورة الكهف الآية: 77
(2)
تفسير البيضاوى: 389.
(3)
تفسير القرطبى: 5/ 4064.
(4)
سورة الفجر الآية: 22.
(5)
تفسير القرطبى: 20/ 55.
(6)
المعتمد لأبى الحسين البصرى: 1/ 30، وتفسير القرطبى: 5/ 4065.
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلى:
أولا: لو خاطبنا الله عز وجل بالمجاز والاستعارة للزم وصفه بأنه متجوز فى خطابه، وبأنه مستعير.
وقد أجيب عن هذا (1): بأن إطلاق وصفه تعالى بالتجوّز يوهم التسمح بالقبيح، ولهذا إذا قيل فلان متجوز فى أفعاله أفاد أنه متسمح بالقبيح فيها، وأما قولنا: مستعير، فإنه يفهم من إطلاقه أنه استأذن غيره فى التصرف فى ملكه لينتفع به، وكل ذلك يستحيل على الله عز وجل. أضف إلى ذلك أن أسماءه سبحانه توقيفية، ومن ثم لا يصح إطلاق لفظ متجوز أو مستعير عليه سبحانه.
ثانيا: إن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضى العجز عن الحقيقة، وهو مستحيل عليه تعالى.
وقد أجيب عن هذا: بأن العدول عن الحقيقة إلى المجاز يقتضى العجز لو لم يحسن العدول إلى المجاز مع التمكن من الحقيقة، ومعلوم أن العدول إلى المجاز يحسن لما فيه من زيادة فصاحة واختصار، ومبالغة فى التشبيه، ولو لم تكن فى المجاز هذه الوجوه لجاز أن تكون فيه مصلحة لا نعلمها، ولجاز أن يكون المجاز مع قرينته يساوى فى الطول كثرة ألفاظ الحقيقة، فيجرى العدول إليه مجرى العدول من حقيقة إلى حقيقة.
ثالثا: إن المجاز لا ينبئ (2) عن معناه بنفسه، وعليه فورود القرآن به يقتضى الإلباس (3).
(1) المعتمد: 1/ 31.
(2)
النبأ هو الخبر- لسان العرب: 5/ 4315.
(3)
يقال لبس عليه الأمر يلبسه لبسا فالتبس إذا خلطه عليه حتى لا يعرف جهته فاللبس هو اختلاط الأمر- لسان العرب: 5/ 3987.