الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنهم من توسع فى النسخ بأن أدخل صورا من التخصيص فى باب النسخ فزاد بسبب ذلك فى عداد المنسوخات من غير موجب.
وإليك أهم الفروق بين النسخ والتخصيص:
1 -
النسخ لا يكون إلا بالكتاب والسنة بخلاف التخصيص، فإنه يكون بهما وبغيرهما كدليل الحس والعقل. وعن أمثلة النسخ بالكتاب والسنة سأذكرها إن شاء الله بشيء من التفصيل عند الكلام عن أنواع النسخ فى القرآن، والنسخ فى دورانه بين القرآن والسنة.
أما أمثلة التخصيص بالكتاب والسنة والحس والعقل فهى:
أولا: تخصيص الكتاب بالكتاب: وقد سبق قريبا مثال له وهو قوله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ مع قوله:
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ثانيا: تخصيص الكتاب بالسنة ومثاله: قال تعالى:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا قطع إلا فى ربع دينار فصاعدا» (2).
فالظاهر أن بين الآية والحديث تعارضا، وذلك لأن الآية توجب بعمومها قطع يد السارق، فى حين ينص الحديث على ألا قطع إلا فى ربع دينار فصاعدا، وعليه فيجب تخصيص عموم الآية بهذا الحديث، ومن ثم فلا قطع لمن سرق أقل من ربع دينار.
(1) سورة المائدة الآية: 38.
(2)
أخرجه مسلم فى صحيحه فى كتاب الحدود 2/ 45.
ثالثا: تخصيص الكتاب بالحس ومثاله: قال تعالى:
تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ (1) فالعموم المذكور فى الآية الكريمة قد خصصه ما شهد به الحس من سلامة الأرض والسماء وعدم تدمير الريح لهما.
رابعا: تخصيص الكتاب بدليل العقل. مثاله: قال تعالى:
اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (2) وقوله: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3) فكل من هذين القولين الكريمين متناول بعموم لفظه لغة كل شىء، مع أن ذاته وصفاته أشياء حقيقية، وليس خالقا لها ولا هى مقدورة له لاستحالة خلق القديم الواجب لذاته واستحالة كونه مقدورا بضرورة العقل، فقد خرجت ذاته وصفاته بدلالة ضرورة العقل عن عموم اللفظ، وذلك مما لا خلاف فيه بين العقلاء حيث إن العقل يقضى باستحالة تعلق القدرة الإلهية، بالواجب والمستحيل (4) العقليين.
2 -
النسخ يجوز وروده على الأمر بمأمور واحد كنسخ بعض الأحكام الخاصة به صلى الله عليه وسلم، بخلاف التخصيص فلا يرد على الأمر بمأمور واحد ولا على النهى لمنهى واحد.
3 -
النسخ يدل على أن المنسوخ كان مرادا بالحكم ابتداء، بخلاف التخصيص فإنه يدل على أن المخرج غير مراد بالحكم ابتداء، وإن دل عليه اللفظ وضعا.
4 -
العام بعد تخصيصه مجاز لأن مدلوله حينئذ بعض أفراده، مع أن لفظه موضوع للكل، والقرينة هى المخصص وكل ما كان كذلك فهو مجاز.
(1) سورة الأحقاف الآية: 25.
(2)
سورة الزمر الآية: 62.
(3)
سورة البقرة الآية: 284.
(4)
الإحكام للآمدى 2/ 293.