الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى الاصطلاح: اللفظ الدال (1) على شىء مسكوت عنه يتوقف صدق الكلام على ذلك المسكوت. والحق أن النص قد يطلب زائدا عليه ليصح معناه المنصوص عليه، فلا يوجب النص شيئا إلا بتقديم ذلك المقتضى عليه، فيكون شرطا لعمل النص سابقا عليه، إذ الشرط يتقدم على المشروط دائما، فكان النص مقتضيا إيّاه لتصحيحه، فلهذا السبب انتسب المقتضى- بفتح الضاد- مع حكمه إلى النص وهو المقتضى- بكسر الضاد- وكان حكمه من دلالة النص أيضا فهناك أمور أربعة (2):
(أ) المقتضى وهو النص.
(ب) المقتضى وهو الشرط.
(ج) الاقتضاء وهو نسبة بينهما.
(د) حكم المقتضى وهو الثابت به.
من أمثلة دلالة الاقتضاء:
(أ) قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ (3) فالمعنى حرم عليكم نكاح أمهاتكم. إلخ وحذف لدلالة الكلام عليه كما يفهم من تحريم الخمر، تحريم شربها، ولأن قوله تعالى:
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ (4) يدل عليه. وهذا المعنى دل عليه اللفظ عن طريق الاقتضاء، وذلك لأن التحريم شرعى لا يتصور العقل تعلقه بالذوات، وإنما يتعلق بالأفعال.
(1) تسهيل الوصول 105.
(2)
شرح المنار 534.
(3)
سورة النساء الآية: 23.
(4)
سورة النساء الآية: 22.
(ب) قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ (1) الآية.
فالمعنى: حرم عليكم أكل الميتة والانتفاع بها، وهذا المعنى استفيد بدلالة اللفظ اقتضاء لأن التحريم- كما تقدم- يتعلق بفعل المكلف فقط.
(ج) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (2). فحقيقة هذا الحديث نفى ذات الصيام عند عدم النية (3) المبيتة قبل الفجر، ولكن هذه الحقيقة غير مرادة، وذلك لأننا نشاهد حقيقة الذات، وقد وقعت بدون النية، ومن ثم تعين الحمل على المجاز وهو إضمار الصحة والكمال وإضمار الصحة أرجح لكونه أقرب إلى الحقيقة، لأن نفى الذات يستلزم نفى كل الصفات ونفى الصحة أقرب بهذا المعنى إذ لا يبقى معه وصف البتة، بخلاف نفى الكمال، فإن الصحة تبقى معه وهى وصف (4).
والسادة الحنفية يقولون تجزئ النية حتى الزوال (5). فصدق الكلام هنا فى هذا الحديث يقتضى تقدير محذوف هو الصحة أو الكمال كما تقدم وقد توقف صدق الكلام على تقديره، فيعتبر من مدلول الحديث بدلالة الاقتضاء.
(د) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان» (6). والناظر فى هذا الحديث يجد أن ظاهره يفيد رفع
(1) سورة المائدة الآية: 3.
(2)
أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الصيام 1/ 571.
(3)
النية لغة: القصد وشرعا: قصد الشيء مقترنا بفعله وحكمها: الوجوب والمقصود منها: تمييز العبادة عن العادة- الإقناع 1/ 42 - .
(4)
الإبهاج 2/ 132.
(5)
الشهاب 1/ 52.
(6)
أخرجه ابن ماجة فى سننه فى كتاب الطلاق 1/ 659.