الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثالث: أن ابتداء اللغة رفع بالاصطلاح والباقى توقيف.
وهذا القول (1) منسوب إلى أبى إسحاق الأسفرائيني رحمه الله.
وتتلخص وجهة أصحاب هذا القول فى أن فهم ما جاء توقيفا لا يكون إلا بعد تقدم الاصطلاح والمواضعة.
ويجاب عن ذلك: بأن التعليم بواسطة رسول أو بإلهام يغنى عن ذلك.
القول الرابع: الوقف وعدم الجزم برأى معين لأنه يحتمل أن تكون الجميع توقيفية، وأن تكون اصطلاحية، وأن يكون البعض هكذا والبعض هكذا، فإن جميع ذلك ممكن والأدلة متعارضة فوجب التوقف، وهذا هو مذهب القاضى أبى بكر وجمهور المحققين وهو المختار (2).
السادس: طريق معرفة اللغة:
الحق أنه يمكن معرفة أن اللفظ المعين موضوع للمعنى بواحد من أمور ثلاثة:
1 -
النقل المتواتر كلفظ السماء والأرض، والحر والبرد، ونحو ذلك مما لا يقبل التشكيك وهذا الطريق يفيد القطع (3).
2 -
النقل بطريق الآحاد كلفظ «القرء» ونحوه من الألفاظ العربية وهذا الطريق يفيد الظن وهو كاف فى إثبات اللغة.
3 -
النقل مع العقل كما إذا نقل إلينا أن الجمع المعرف يدخله الاستثناء، ونقل إلينا أن الاستثناء إخراج ما يتناوله اللفظ فيحكم العقل بواسطة هاتين المتقدمتين أن الجمع المعرف للعموم.
(1) المرجع الأخير.
(2)
الإحكام 1/ 71، وشرح العضد 1/ 194، وشرح الجلال 1/ 271.
(3)
شرح البدخشى 1/ 176، وشرح العضد 1/ 198.
وأما العقل الصّرف (1) - بكسر الصاد- فلا ينفع فى معرفة اللغات، لأن العقل إنما يستقل بوجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، وأما وقوع أحد الجائزين فلا يهتدى إليه واللغات من هذا القبيل لأنها متوقفة على الوضع.
هذا: وبعد أن انتهيت من الكلام عن الوضع وما يتصل به فإن المقام يقتضى منى أن أسبح فى موائد الكرم التى وضعها علماء الأصول للحديث عن اللفظ، وما يتعلق به على حسب ما تقتضيه طبيعة الكتابة فى موضوع القرآن الكريم فأقول وبالله التوفيق:
(1) أى الخالص- مختار الصحاح 361 -