الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب والسنة، وفهم لموقع أحدهما من الآخر، وكل من تكلم فى هذه المسألة لم يقع على مراد الإمام الشافعى رحمه الله. بل فهموا خلاف مراده حتى غلطوه وأولوه اهـ
وقال الإمام تاج الدين ابن السبكى رحمه الله
(1):
قال الشافعى رضى الله عنه وحيث وقع نسخ القرآن بالسنة فمعها قرآن عاضد لها يبين توافق الكتاب والسنة، أو نسخ السنة بالقرآن، فمعه سنة (2) عاضدة له تبين توافق
الكتاب والسنة. اهـ.
فالإمام الشافعى رحمه الله يرى أنه إذا نسخ الكتاب بالسنة فلا بد أن يرد من الكتاب بعد ذلك ما يوافق تلك السنة الناسخة فى الحكم، فيكون عاضدا لها وإذا نسخت السنة بالكتاب فلا بد أن يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ذلك الكتاب الناسخ فى الحكم، فتكون عاضدة له. ولعل فى هذا توضيحا لما قاله الإمام الشافعى رحمه الله حين قال (3): فأخبر الله أن نسخ القرآن وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله. اه. فإذا ما وقع نسخ للقرآن بالسنة فلا بد أن يكون معها قرآن يعضدها. وقد ذكر الشيخ السبكى رحمه الله ما نقله بعض الأصوليين فى هذه المسألة، ثم انتصر للإمام الشافعى رحمه الله بكلام طيب لا بأس بإيراده تتميما للفائدة.
قال رحمه الله
(4):
وأما نسخ الكتاب بالسنة والسنة بالكتاب فالجمهور على جوازه ووقوعه. وذهب ابن سريج كما نقل القاضى عنه فى مختصر التقريب
(1) شرح الجلال على جمع الجوامع 2/ 78، 79.
(2)
ليس المراد بالمعية المقارنة فى زمن النسخ بل المصاحبة فى الحكم الناسخ والموافقة فيه. إذ العاضد متأخر عن الناسخ وإلا لكان النسخ منسوبا للعاضد لا للمعضد- حاشية البنانى 2/ 79 - .
(3)
الرسالة 108.
(4)
الإبهاج 2/ 159، 160.
إلى أنه جائز، ولكن لم يرد. وذهب قوم إلى امتناعه ونقل عن الشافعى رضى الله عنه. وقد استنكر جماعة من العلماء ذلك من الشافعى حتى قال الكيا الهراسى: هفوات الكبار على أقدارهم ومن عد خطؤه عظم قدره.
وقد كان عبد الجبار بن أحمد كثيرا ما ينصر مذهب الشافعى فى الأصول والفروع، فلما وصل إلى هذا الموضع قال: هذا الرجل كبير لكن الحق أكبر منه. قال: والمغالون فى حب الشافعى لما رأوا هذا القول لا يليق بعلو قدره كيف وهو الذى مهد هذا الفن ورتبه، وأول من أخرجه قالوا: لا بدّ أن يكون لهذا القول من هذا العظيم محمل فتعمقوا فى محامل ذكروها وأورد الكيا بعضها.
واعلم أنهم صعبوا أمرا سهلا وبالغوا فى غير عظيم، وهذا إن صح عن الإمام الشافعى رضى الله عنه فهو غير منكر، وإن جبن جماعة من الأصحاب عن نصرة هذا المذهب فذلك لا يوجب ضعفه
…
قال القاضى فى مختصر التقريب: واختلف الذين منعوا نسخ القرآن بالسنة فمنهم من منعه عقلا، ومنهم من قال يجوز (1) عقلا، وإنما امتنع بأدلة السمع. قال القاضى: وهذا هو الظن بالشافعى رحمه الله مع علو مرتبته فى هذا الفن. قلت- والكلام للسبكى-: وهذا هو الذى قاله فى الرسالة (2) فإنه قال فى باب ابتداء الناسخ والمنسوخ: وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وأن السنة لا ناسخة للكتاب، وإنما هى تبع للكتاب.
ثم قال: وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسخها إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أحدث الله لرسوله صلى الله
(1) قال الدكتور/ محمد حسن هيتو فى تعليق على المنخول 193 «والحق فى ذلك أن الشافعى رضى الله عنه لم يمنع منه عقلا. بل لم يتكلم فى كتبه قط على الجواز العقلى» .
(2)
الرسالة 106، 108.