الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الندب، أو إذا ذكر فى القرآن مصحوبا بمدح أو ثناء لفاعله أو اقترن به الجزاء الحسن (1).
ويكون حراما أو مكروها إذا جاء ذكره بصيغة دالة على التحريم أو الكراهة، أو إذا ذكر على وجه الذم والتوبيخ، أو لعن فاعله، أو وصف الفعل بأنه رجس أو أنه سبب للعذاب مثلا.
كما يكون الفعل مباحا إذا جاء بلفظ يدل على ذلك كالإذن ونفى الحرج، أو نفى الجناح كما فى قوله تعالى:
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ (2). وقوله:
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ (3).
دلالة القرآن على الأحكام:
لا خلاف بين العلماء فى أن نصوص القرآن كلها قطعية الثبوت والورود والنقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلينا، ويترتب على هذا أن أحكامه أيضا قطعية الثبوت، إلا أن دلالته على الأحكام قد تكون قطعية، وقد تكون ظنية، فالنص قطعى الدلالة هو ما دل على معنى متعين فهمه منه، ولا يحتمل تأويلا ولا مجال لفهم غيره منه. ومن أمثلته الآيات التى احتوت على تقادير أو أعداد كقوله تعالى:
وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ الآية (4).
فهذا النص يفيد أن نصيب الزوج من ميراث زوجته هو النصف، وذلك عند عدم الولد، وهذه الإفادة قطعية لا تحتمل تأويلا ولا يفهم منها معنى غيره. كما يفيد إفادة قطعية أيضا أن له الربع عند وجود ولد، وأن للزوجة من ميراث زوجها الربع عند عدم الولد والثمن عند وجوده
…
(1) الوجيز 155، 156.
(2)
سورة الجمعة الآية: 10.
(3)
سورة البقرة الآية: 198.
(4)
سورة النساء الآية: 12.
وكذلك الأمر فى قوله تعالى:
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ (1).
وأما النص ظنى الدلالة فهو الذى يكون محتملا لأكثر من معنى كقوله تعالى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (2).
فلفظ القرء مشترك فى اللغة بين معنيين هما: الطهر والحيض، ومن هنا اختلف الفقهاء فى عدة المطلقة هل هى ثلاثة أطهار؟ أو ثلاث حيضات؟ وممن ذهب إلى الأول من الصحابة ابن عمر، وزيد بن ثابت، وعائشة رضى الله عنهم، وقد نهج نهجهم من الفقهاء مالك والشافعى وجمهور أهل المدينة. وممن ذهب إلى الثانى من الصحابة على، وعمر، وابن مسعود رضى الله عنهم، ومن الفقهاء أبو حنيفة وسفيان الثورى وغيرهما (3).
وكذلك الحال فى قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (4).
فلفظ الميتة عام، والنص يحتمل الدلالة على تحريم كل ميتة، ويحتمل أن يخصص التحريم بما عدا ميتة البحر. فالنص الذى فيه نص مشترك، أو لفظ عام، أو لفظ مطلق، أو نحو هذا يكون ظنى الدلالة لأنه يدل على معنى ويحتمل الدلالة على غيره.
هذا وقبل أن أنهى الكلام عن الأحكام التى تضمنها القرآن الكريم أقول:
(1) سورة النور الآية: 2.
(2)
سورة البقرة الآية: 228.
(3)
أحكام القرآن للجصاص 1/ 364 وأحكام القرآن لابن العربى 1/ 184، ومغنى المحتاج 3/ 385، وبداية المجتهد 2/ 88، 89.
(4)
سورة المائدة الآية: 3.