الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الفارسى (1): ومما يقوى أن المراد به واحد فقط قوله تعالى:
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ (2) فوقعت الإشارة بقوله: ذلِكُمُ إلى واحد بعينه ولو كان المعنى جمعا لقال: إنما أولئكم الشيطان. فهذه دلالة ظاهرة فى اللفظ (3).
وقوله: «بوضع واحد» إما أن يكون متعلقا بقوله: «يصلح له» ويكون المعنى أن استغراق اللفظ لما يصلح له إنما يكون بواسطة وضع واحد لا بواسطة أوضاع متعددة، وأما أن يكون حالا من «ما» ويكون المعنى أن العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له حال كون المعنى الذى يصلح له اللفظ قد ثبت بوضع واحد.
وخرج بهذا القيد المشترك (4) اللفظى إذا استعمل فى معاينة المتعددة، وذلك كاستعمال العين- مثلا- فى الباصرة والجارية والذهب، فإنه لا يكون عامّا لأن استغراقه لهذه المعانى دفعة واحدة ليس بوضع واحد، وإنما هو بأوضاع متعددة (5).
أنواع العام:
للعام ثلاثة أنواع هى:
1 -
عام يراد به العموم وهو العام الذى صحبته قرينة تنفى احتمال تخصيصه كالعام فى قوله تعالى:
وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها (6)
(1) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو على الفارسى توفى رحمه الله سنة 377 هـ ببغداد- إنباه الرواة للقفطى 1/ 273 دار الكتب.
(2)
سورة آل عمران الآية: 175.
(3)
الإتقان فى علوم القرآن: 3/ 51.
(4)
المشترك هو لفظ واحد وضع لمعنيين فأكثر بوضع مستقبل- إرشاد الفحول 19، وأصول الفقه للشيخ زهير 2/ 35.
(5)
شرح الأستوي: 2/ 57، 58.
(6)
سورة هود الآية: 6.
وقوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (1) فيلاحظ أن فى كل آية من هاتين الآيتين تقرير سنة إلهية عامة لا تتخصص ولا تتبدل ولا تتغير، فالعام فيهما قطعى الدلالة على عمومه، ولا يتصور أن يراد به الخصوص.
2 -
عام يراد به قطعا الخصوص وهو العام الذى صحبته قرينة تنفى بقاءه على عمومه وتبين لنا أن المراد منه بعض أفراده. ومن أمثلة هذا النوع قوله تعالى:
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (2) فالمراد من الناس فى الآية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لجمعه ما فى الناس من الخصال الحميدة (3).
وقوله تعالى:
فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى (4) فالمراد من الملائكة هنا جبريل عليه السلام كما فى قراءة ابن مسعود رضى الله عنه (5).
3 -
عام مخصوص وهو العام المطلق الذى لم تصحبه قرينة تنفى احتمال تخصيصه، ولا قرينة تنفى دلالته على العموم كقوله تعالى:
وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (6)
(1) سورة الأنبياء الآية: 30.
(2)
سورة النساء الآية: 54.
(3)
تفسير ابن كثير: 2/ 595.
(4)
سورة آل عمران الآية: 39.
(5)
تفسير القرطبى: 2/ 1316.
(6)
سورة البقرة الآية: 228.