الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قيل: يحتمل أن يكون هذا الحكم مخصوصا بذلك القوم أو مؤقتا بحياتهم وعليه فتحريم ذلك فى شريعة من بعده لا يكون نسخا.
فالجواب: أنه قد ثبت بالتواتر أمر آدم عليه السلام ولم ينقل تخصيص ولا توقيت فوجب إجراؤه على الإطلاق، وما ذكر من الاحتمال غير ناشئ عن دليل فلا يعتبر (1).
ثانيا: أن الله عز وجل أمر سيدنا إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام، ثم قال له: لا تذبحه، وقد اعترف منكر والنسخ بذلك (2).
ثالثا: أن الجمع بين الأختين كان مباحا فى شريعة يعقوب عليه السلام، ثم حرم فى شريعة موسى عليه السلام.
قال ابن عبد الشكور رحمه الله
(3):
«
…
واستدل بتحريم جمع الأختين فى شريعة موسى عليه السلام وبعدها من الشرائع بعد الإباحة فى شريعة يعقوب عليه السلام، أى شريعة إبراهيم التى هو عليها، وإنما نسبت إليه لأنه جمع بين الأختين».
رابعا: جاء فى التوراة: أن الله عز وجل قال لنوح عليه السلام عند خروجه من الفلك: «إنى قد جعلت كل دابة مأكلا لك ولذريتك وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه» . ثم حرم الله تعالى على موسى عليه السلام وعلى بنى إسرائيل كثيرا من الحيوانات (4).
(1) شرح المنار لابن الملك 710.
(2)
شرح الجلال المحلى 2/ 78، وروضة الناظر 70، وتيسير التحرير 3/ 188.
(3)
فواتح الرحموت 2/ 56.
(4)
المحصول 1/ 442.
خامسا: أن الله عز وجل أمر بنى إسرائيل أن يقتلوا من عبد منهم العجل، ثم أمرهم برفع السيف عنهم. وقد حكى القرآن هذا فقال جل شأنه: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (1) قال المفسرون (2): أمر الله القوم بشديد من الأمر. فقاموا يتناحرون بالشفار (3) يقتل بعضهم بعضا، حتى بلغ الله فيهم نقمته (4) فسقطت الشفار من أيديهم. فأمسك عنهم القتل فجعله لحيّهم توبة وللمقتول شهادة.
سادسا: أن الطلاق كان جائزا فى شريعة موسى عليه السلام، ثم جاءت شريعة عيسى عليه السلام فحرمته إلا فى حالة واحدة هى حالة ثبوت الزنى على الزوجة.
سابعا: أن الختان كان فريضة فى دين إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، ولكن الحواريين جاءوا بعد رفع عيسى عليه السلام فنهوا عن الختان كما ثبت ذلك فى رسائل الحواريين، فإما أن يكون هذا نسخا وإما أن يكون افتراء وكذبا، لأنه لم يؤثر عن عيسى عليه السلام كلمة واحدة تدل على نسخ الختان (5). فهذه الأدلة وغيرها تدل بوضوح على وقوع النسخ بين الشرائع المختلفة، وفى هذا رد على الشمعونية والعنانية من اليهود.
(1) سورة البقرة الآية: 54.
(2)
تفسير ابن كثير 1/ 130، 131.
(3)
الشفار جمع شفرة بالفتح وهى السكين- لسان العرب 3/ 2288 -
(4)
النقمة: المكافأة بالعقوبة والجمع نقم ونقم- لسان العرب 5/ 4532 -
(5)
كشف الأسرار عن أصول البزدودى 3/ 159، ومناهل العرفان 2/ 88.