الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثانى فى الجمع المنكر
هو لفظ يتناول كثيرا من الأفراد ولا يستغرق جميع ما يصلح له.
مثاله: قال تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ* رِجالٌ (1) فلفظ رجال يتناول كثيرا من الأفراد إلا أنه لا يستغرق جميع ما يصلح له.
قال الشوكانى رحمه الله
(2):
«
…
ولا يخفاك ضعف ما استدل به هؤلاء القائلون بأنه «الجمع المنكر» للعموم فإن دعوى عموم رجال لكل رجل مكابرة لما هو معلوم من اللغة ومعاندة لما يعرفه كل عارف بها».
وكذلك لفظ مَقاعِدَ فى قوله تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ (3) وقد ذهب جمهور المحققين إلى أن الجمع المنكر ليس بعام وذلك لعدم استغراقه جميع ما يصلح له، فهو لا يتبادر منه عند إطلاقه الاستغراق لأفراد مفهومه، ولو كان للعموم لتبادر منه ذلك وعليه فليس الجمع المنكر عاما.
أضف إلى ذلك: أن لفظ رجال يمكن نعته بأىّ جمع شئنا فيقال:
رجال ثلاثة وأربعة وخمسة، فمفهوم قولك: رجال يمكن أن يجعل مورد التقسيم لهذه الأقسام، والمورد للتقسيم بالأقسام يكون مغايرا لكل واحد
(1) سورة النور آيتا 36، 37.
(2)
إرشاد الفحول 123.
(3)
سورة الجن الآية 9.
من هذه الأقسام، فلا يكون دالا عليها، وأما الثلاثة فهى مما لا بدّ فيه فيثبت أنه يفيد الثلاث فقط.
وإذا كان الجمع المنكر ليس عامّا فهو كذلك ليس خاصا وذلك لتناوله كثيرا غير محصور من الأفراد، وعليه فيكون واسطة بين العام والخاص، ويكون حجة قطعية فى أقل الجمع دون ما فوقه، اللهم إلا إن وقع فى سياق النفى فيكون حينئذ عامّا كقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها (1) فلفظ بيوت فى الآية مستغرق جميع ما يصلح له لوقوعه فى سياق النفى وعليه فيفيد العموم.
وقد ذهب بعض العلماء إلى القول بأن الجمع المنكر يفيد العموم مطلقا وذلك بناء على تفسير العام بما يتناول كثيرا من الأفراد، سواء كان مستغرقا أو غير مستغرق. والراجح ما ذهب إليه الجمهور لما ذكر.
(1) سورة النور الآية 27.