الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما قسمة التراضي، وهي ما لا يجبر فيها الممتنع عن القسمة عليها، من الدور الصغيرة، ومختلف الأجزاء مما لا يمكن قسمته إلا بضرر، أو دفع عوض من أحد الطرفين، فإنها ليست مرادة هنا؛ لأنها بمعنى البيع بلا خلاف لوجود المعاوضة فيها، وهي حقيقة البيع.
الموضع الثاني: عرض الخلاف:
اختلف في تكييف قسمة الإجبار على قولين:
القول الأول: أنها إفراز لا بيع (1).
القول الثاني: أنها بيع (2).
الموضع الثاني (*): فوائد الخلاف:
لهذا الخلاف فوائد كثيرة منها ما يأتي:
1 -
انقطاع حول الماشية بالقسمة إذا استمرت مع بعضها باقي الحول.
فعلى أن القسمة إفراز، لا ينقطع الحول، وتزكى زكاة خلطة أوصاف (3).
وعلى أنها بيع، ينقطع الحول، على القول بأن بيع الماشية بجنسها يقطع الحول (4).
2 -
إذا تقاسم الشركاء الثمر على الشجر بشرط التبقية فعلى أنها إفراز يصح؛ لأن المنهي عنه البيع، وهذا ليس ببيع (5).
وعلى أن القسمة بيع، لا يصح؛ للنهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه (6).
3 -
المقاسمة للمكيلات ونحوها خرصا، فعلى أن القسمة إفراز تصح؛ لأنه لا معاوضة فيها (7).
(1) القواعد 3/ 425، والمغني 14/ 105.
(2)
القواعد 3/ 425، والمغني 14/ 150.
(3)
القواعد 3/ 426، والإنصاف 11/ 250.
(4)
القواعد 3/ 426، والإنصاف 11/ 250.
(5)
القواعد 3/ 427، والمحرر 2/ 215.
(6)
القواعد 3/ 427، والمحرر 2/ 215.
(7)
القواعد 3/ 427، والإنصاف 11/ 349.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا، وحقه: الثالث
وعلى أنها بيع، لا تصح بغير المعيار الشرعي (1).
4 -
التفرق قبل التقابض في تقاسم الأموال الربوية.
فعلى أن القسمة إفراز تجوز من غير تقابض (2).
وعلى أنها بيع، تبطل بالتفرق قبله (3).
5 -
تقاسم المشتركين في الهدي والأضاحي للحومها.
فعلى القول: بأنها إفراز يجوز ذلك، لأن المنهي عنه البيع، والقسمة ليست بمعناه (4).
وعلى القول: بأن القسمة بيع لا يجوز؛ للنهي عن بيع لحوم الأضاحى (5).
6 -
قسمة الدين في ذمم الغرماء.
فعلى أن القسمة إفراز تجوز (6).
وعلى أنها بيع لا تجوز؛ لأنه لا يجوز بيع الدين لغير من هو عليه (7).
7 -
ثبوت الشفعة بالقسمة.
فعلى أنها إفراز لا تثبت بها الشفعة (8)، وعلى أنها بيع تثبت الشفعة بها (9).
* * *
(1) القواعد 3/ 427، والإنصاف 11/ 349.
(2)
القواعد 3/ 427، والإنصاف 11/ 349.
(3)
القواعد 3/ 427، والإنصاف 11/ 249.
(4)
القواعد 3/ 433، والمغني 13/ 392.
(5)
القواعد 3/ 433، والمغني 13/ 392.
(6)
القواعد 3/ 437، الروايتين والوجهين 1/ 387.
(7)
القواعد 3/ 437، والمغني 7/ 192.
(8)
القواعد 3/ 433، والإنصاف 11/ 351.
(9)
القواعد 3/ 433، والإنصاف 11/ 351.
ونختم هذه الفوائد بذكر فائدتين، بل قاعدتين (1)، يرد ذكرها في مسائل الفقه، وانتشرت فروعهما انتشارًا كثيرًا، ونذكر ضوابطهما وأقسامهما:
الفائدة الأولى
التصرفات للغير بغير إذن، هل يقف على إجازته أم لا؟ ويعبر عنها بتصرف الفضولي، وتحتها أقسام:
القسم الأول: أن تدعو الحاجة إلى التصرف في مال الغير أو حقه، ويتعذر استئذانه، إما للجهل بعينه، أو لغيبته أو مشقة انتظاره، فهذا التصرف مباح جائز موقوف على الإجازة، وهو في الأموال غير مختلف فيه في المذهب، وغير محتاج إلى إذن الحاكم على الصحيح.
وفي الأبضاع مختلف فيه، غير أن الصحيح جوازه أيضًا، وفي افتقاره إلى إذن الحاكم خلاف.
فأما الأموال، فكالتصدق باللقطة التي لا تملك، والودائع والغصوب التي لا يعرف ربها.
وأما الأبضاع، فتزويج امرأة المفقود إذا كانت ظاهرها الهلاك، فإن امرأته تتربص أربع سنين، ثم تعتد، وتباح للأزواج، وفي توقفه على الحاكم روايتان.
القسم الثاني: ألا تدعو الحاجة إلى هذا التصرف ابتداءً بل إلى صحته، وتنفيذه، بأن تطول مدة التصرف ويكثر، ويتعنر استرداد أعيان أمواله، فللأصحاب فيه طريقان:
(1) لعل ابن رجب فصل هاتين الفائدتين عن المسلسل الرقمي لكل من القواعد والفوائد؛ لاشتمال كل منهما على القواعد والفوائد فلو أوردهما في مسلسل القواعد فات وصفهما بالفوائد، ولو أوردهما في مسلسل الفوائد فات وصفهما بالقواعد، ولذا نبه على وصفهما بكلا الأمرين.
أشهرهما: أنه على الخلاف الآتي ذكره.
والثاني: أن ينفذها هنا من غير إجازة؛ دفعًا لضرر المالك بتفويت الربح، وضرر المشترين بتحريم ما قبضوه بهذه العقود، وهذه طريقة صاحب التلخيص في باب المضاربة.
القسم الثالث: لا تدعو الحاجة إلى ذلك ابتداء، ولا دوامًا، فهذا القسم في بطلان التصرف فيه من أصله ووقوفه على إجازة المالك، وتنفيذه روايتان، معروفتان، واعلم أن للتصرف الشخصي في مال غيره حالتان:
إحداهما: أن يتصرف فيه لمالكه، فهذا محل الخلاف الذي ذكرناه، وهو ثابت في التصرف في ماله، في البيع، والإجارة ونحوهما.
وأما في النكاح فللأصحاب فيه طريقان:
أحدهما: إجراؤه على الخلاف.
والثاني: الجزم ببطلانه قولا واحدًا.
الحالة الثانية: أن يتصرف فيه لنفسه، وهو الغاصب، ومن يتملك مال غيره لنفسه فيجيزه له المالك.
فأما الغاصب فذكر أبو الخطاب في جميع تصرفاته الحكمية روايتين.
إحداهما البطلان.
والثانية الصحة، قال: وسواء في ذلك العبادات كالصلوات، والطهارة والزكاة والحج، والعقود كالبيع، والإجارة، والنكاح.
فإن أريد بالصحة من غير وقف على الأجازة، وقع التصرف عن المالك، وإفادة ذلك للتمليك له، فهو الطريق الثانية في القسم الثاني.
وإن أريد الوقوع للغاصب من غير إجازة ففاسد قطعًا، إلا في صورة شرائه في الذمة إذا نقد المال المغصوب، فإن الملك يثبت له فيها.
ومن فروع ذلك في العبادات المالية، لو أخرج الزكاة عن ماله من مال حرام، فالمشهور أنه يقع باطلًا.
ومنها: لو تصدق الغاصب بالمال، فإنه لا تقع الصدقة له، ولا يثاب عليه، ولا يثاب المالك على ذلك أيضًا، لعدم تسببه إليه، ذكره ابن عقيل.
ومن الناس من قال: يثاب المالك عليه، ورجحه بعض شيوخنا لأن هذا البر تولد من مال اكتسبه، فيؤجر عليه، وإن لم يقصده، كما يؤجر على المصائب التي تولد له خيرًا، وعلى عمل ولده الصالح، وعلى ما ينتفع به الناس والدواب، من زرعه وثمره.
ومنها لو غصب شاة فذبحها لمتعته أو قرانه مثلا، فإنه لا يجزئه، أو أنكح الأمة المغصوبة.
القسم الرابع: التصرف للغير في الذمة دون المال بغير ولاية عليه، فإن كان بعقد نكاح، ففيه الخلاف وإن كان ببيع ونحوه، مثل أن يشترى له في ذمته فطريقان أحدهما أنه على الخلاف أيضًا.
والثاني: الجزم بالصحة هاهنا قولا واحدًا، ثم إن أجازه المشترى له ملكه، وإلا لزم المشترى.
واختلف الأصحاب، هل يفتقر الحال أن يسمي المشترى له في العقد أم لا؟ فمنهم من قال: لا فرق بينهما.
ومنهم من قال: إن سماه في العقد فهو كما لو اشترى له بعين ماله.
القسم الخامس: التصرف في مال الغير بإذنه على وجه يحصل فيه مخالفة الإذن وهو نوعان:
أن يحصل مخالفة الأذن على وجه يرضى به عادة، بأن يكون التصرف الواقع أولى بالرضى به من المأذون فيه، فالصحيح أنه يصح؛ اعتبارا بالإذن العرفي.
ومن صور ذلك: ما لو قال: بعه بمائه فباعه بمائتين، فإنه يصح، أو قال: بعه بمائة درهم فباعة بمائة دينار، وفي وجه لا يصح لمخالفة الجنس.
النوع الثاني: أن يقع التصرف مخالفا للإذن على وجه لا يرضى به الآذن عادة، مثل مخالفة المضارب والوكيل في صفة العقد دون أصله، كان يبيع المضارب نساء على قولنا: بمنعه، أو يبيع الوكيل بدون الثمن، أو يشتري بأكثر منه، أو يبيع نساء أو بغير نقد البلد، صرح القاضي باستواء الجميع في الحكم، فللأصحاب ها هنا طرق:
أحدها: أنه يصح ويكون المتصرف ضامنا للمالك، وهو اختيار القاضي ومن اتبعه.
والثاني: أنه يبطل العقد مع مخالفة التسمية.
والطريقة الثانية: أن في الجميع روايتين:
إحداهما: الصحة، والضمان.
والثاني: البطلان، وحاصل هذه الطريقة أن هذه المخالفة تجعله كتصرف الفضولي.
والطريقة الثالثة: أن في البيع بدون لهن المثل، وغير نقد البلد، إذا لم يقدر له الثمن، ولا عين النقد روايتي البطلان، كتصرف الفضولي، والصحة، ولا يضمن الوكيل شيئًا؛ لأن إطلاق العقد يقتضي البيع بأي ثمن كان، وأي نقد كان بناء على أن الأمر بالماهية الكلية ليس أمرا بشيء، من جزئياتها، والبيع نساء كالبيع بغير نقد البلد.
القسم السادس: التصرف للغير بمال المتصرف، مثل: أن يشترى بعين ماله سلعة لزيد، ففي المجرد يقع باطلا رواية واحدة.