الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم:
أن باب وقف حمزة وهشام على الهمز من أصعب الأبواب وقلّ من العلماء من يتقنه ويقوم فيه بالواجب بل وقع لهم فيه أوهام كثيرة كما بين ذلك المحقق ابن الجزري ولذا لا أترك مما يجوز الوقف عليه شيئا إلا إذا تكرر وصار معلوما فأتركه طلبا للاختصار وما أذكره فيه وفي غيره هو الحق فشدّ يدك عليه ودع ما خالفه تهد إن شاء الله تعالى إلى سواء السبيل وإذا فرغت مما يحتاج إليه في الربع أصلا وفرشا أقول الممال وأذكر ما في الربع من الألفاظ الممالة وأضمم كل نظير إلى نظيره وهذا في غير السور الإحدى عشرة الممال رءوس آيها وأما هي فلنا فيها مصطلح آخر سيأتي عند أولاها وهي طه إن شاء الله تعالى. وباب الإمالة باب مهم يقع فيه لكثير من القراء الخطأ من حيث لا يشعرون ولذلك أفرده كثير من علمائنا كالداني والكركي بالتأليف وهذا الطريق الغريب والأسلوب العجيب الذي ألهمني الله إليه مع فرط اختصاره هو أكثر مما ألفوه جمعا وأقرب نفعا ويقع معه إن شاء الله الأمن من الخطأ ولو لمن له أدنى ملكة إذ ما من لفظ في القرآن ممال إلا وهو مذكور في موضعه مع نظائره في الربع معزوّا لقارئه مع ما انضاف إلى ذلك من الدقائق والتنبيهات التي لا يسلم القارئ من الخطأ إلا بعد الاطلاع عليها ومن لم نذكر له الإمالة فله الفتح وإذا اتفق ورش وحمزة والكسائي أقول لهم بلفظ ضمير جمع المذكر الغائب، وإذا اتفق ورش وأبو عمرو البصري أقول لهما بلفظ ضمير المثنى فإن شاركهم غيرهم في الإمالة أعطفه باسمه، ثم اعلم أنهم وإن اتفقوا في مطلق الإمالة حتى صح جمعهم في العزو إليها فلا بد من إجراء كل واحد على أصله. فورش له فيما رسم بالياء ولم يكن آخره راء وجهان الفتح والإمالة وليس له فيما آخره راء إلا الإمالة وإمالته حيثما أطلقت بين بين أي بين لفظي الفتح والإمالة الكبرى وحمزة والكسائي إمالتهما كبرى وكذلك أبو عمرو في ذوات الراء، وأما ذوات الياء
فإمالته بين بين، ومن خرج منهم عن هذا الأصل أبينه في موضعه إن شاء الله تعالى، وأذكر للكسائي ما يصح الوقف عليه من هاء التأنيث إلا ما هو ظاهر فاحذفه وإنما اقتصر على ما يصح الوقف عليه في هذا الباب وباب وقف حمزة وهشام لأن بمعرفته يعرف حكم غيره وفيه استدعاء لتعلم ما أهمل تعلمه وهو معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به وهو أمر واجب ويؤدي تركه إلى الإخلال بالفهم وفساد المعنى وأي فساد أعظم من هذا، ولهذا حض العلماء قديما وحديثا عليه وألفوا فيه التآليف المطولة والمختصرة، وحكوا فيها عن الصحابة ومن بعدهم آثارا كثيرة منها قول ابن مسعود- رضي الله عنه:«الوقف منازل القرآن» ، وقول على- رضي الله عنه:«الترتيل معرفة الوقف وتجويد الحروف» ، وقول ابن عمر- رضي الله عنهما: «لقد غشينا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي- صلى الله عليه
وسلّم- فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها» قال في النشر بعد نقله ما ذكرناه عن على وابن عمر- رضي الله عنهم: ففي كلام علي- رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته، وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة- رضي الله عنهم وصح بل تواتر عندنا تعلمه، والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع ونافع بن أبي رويم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب الحضرمي وعاصم ويعقوب بن أبي النجود وغيرهم وكلامهم فيه معروف من ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء وكان شيوخنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم انتهى مختصرا، ولا بد فيه من معرفة مذاهب القراء ليجري كل على مذهبه فنافع كان يراعي محاسن الوقف والابتداء بحسب المعنى، والمكي روى عنه أبو الفضل الرازي أنه كان يراعي الوقف على رءوس الآي ولا يعتمد وقفا في
أوساط الآي إلا في ثلاثة مواضع: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ بآل عمران، وَما يُشْعِرُكُمْ بالأنعام، إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ بالنحل، والبصري اختلف عنه فروي عنه أنه كان يعتمد الوقف على رءوس الآي ويقول هو أحب إلي وذكر عنه الخزاعي أنه كان يطلب حسن الابتداء وذكر عنه الرازي أنه كان يطلب حسن الوقف والشامي كنافع يراعي حسن الحالتين وقفا وابتداء، وعاصم اختلف عنه فذكر الخزاعي أنه كان يطلب حسن الوقف والرازي أنه كان يطلب حسن الابتداء، وحمزة اتفقت الرواة عنه أنه كان يقف عند انقطاع النفس فقيل لأن قراءته بالتحقيق: والمد الطويل فلا يبلغ الراوي إلى وقف التام ولا الكافي، قال المحقق وعندي أن ذلك من أجل أن القرآن عنده كالسورة الواحدة فلم يكن يعتمد وقفا معينا ولذا آثر وصل السورة بالسورة فلو كان من أجل التحقيق لآثر القطع على آخر السورة انتهى وعليّ كعاصم وهذا إذا قرأ الكل بانفراده وأما مع جمعهم فالذي عليه شيوخنا مراعاة حسن الوقف والابتداء كنافع لأنه المبدوء به وهو مذهب جمهور القراء وهو ظاهر صنيع من ألف في الوقف والابتداء لأنهم لم يخصوا قارئا دون قارئ والله أعلم. وإذا فرغت من الإمالة أقول المدغم وأذكر الإدغام الصغير أوّلا ثم أرسم (ك) إشارة إلى الإدغام الكبير واذكره بعد ذلك، والصغير ما كان أول الحرفين ساكنا والكبير ما كان متحركا، وإنما سمي بذلك لكثرة وقوعه لأن الحركة أكثر من السكون أو لكثرة عمله، أو لما فيه من الصعوبة أو لشموله المثلين والمتجانسين أو المتقاربين، وإذا ذكرت فتح الياء في باب ياءات الإضافة نحو نفسي وفطرني وإني ولي لأحد فإنما هو في الوصل دون الوقف، وأما ياءات الزوائد فقواعد القراء فيها مختلفة وربما خرج بعضهم عن قاعدته فأذكر حكم كل زائدة في موضعها فإنه أيسر للناظرين وأقرب للإتقان وإذا فرغت من السورة أذكر ما فيها من ياءات الإضافة والزوائد وعدد ما فيها من المدغم الكبير ثم الصغير وأعني به الجائز المختلف فيه بين القراء وهو ستة
فصول: إذ، وقد، وتاء التأنيث، وهل، وبل، وحروف قربت مخارجها، وأما الواجب المتفق عليه فإن كان غير مرسوم نحو جنّة وإياك ودابة ونكفر وكلا فلا أتعرض له بذكر ولا عدد لكثرته، ووضوحه، وأما ما كان مرسوما نحو يدرككم وقد تبين، وقد دخلوا، وإذ ذهب، وإذ ظلموا، وطلعت تزاور، وأثقلت دعوا الله، وقالت طائفة، وقل ربي، وهل لك فربما أذكره مع عزوه للجميع خوفا من إظهاره اغترارا برسمه، ولا أتعرض لعدده خوف اللبس بغيره، وإذا قلت في العدد مكي أعني بذلك علماء مكة كابن كثير ومجاهد، ومدني علماء المدينة كيزيد ونافع وشيبة وإسماعيل فإن وافق يزيد أصحابه فمدني أول، وإن انفردوا عنه فمدني آخر وبصري كعاصم الجحدري وشامي كابن عامر والذماري وشريح وكوفي كعبد الله بن حبيب السلمي وعاصم وحمزة والكسائي، فإذا اتفق المكي والمدني أقول حرمي والبصري والكوفي أقول عراقي، وإذا خالف شريح صاحبيه أقول دمشقي، وإذا انفرد عنهما أقول حمصي، وأعني بالحرميين إمامي طيبة ومكة أبو رويم نافعا وأبا معبد عبيد الله بن كثير، وبالابنين ابن كثير وعبد الله بن عامر الشامي، وبالأخوين أبا عمارة حمزة بن حبيب وأبا الحسن على بن حمزة الكسائي، وإذا انفرد أقول عليّ وهو البصري النحويان، والأخوان، وعاصم، الكوفيون وإذا أطلقت الدوري فأعني به من روايته عن أبي عمرو، وإن كان من روايته عن الكسائي أقيده بقولي دوري عليّ، إلا إذا كان معطوفا على البصري فلا أقيده إذ لا لبس، وإذا ذكرت ضمير المفرد الغائب بارزا كان كقوله وكلامه وهو أول مستترا كذكر وقال فأريد به الشيخ الصالح العلامة أبا القاسم أو أبا محمد القاسم بن فيرة بكسر الفاء وسكون الياء الممدودة وتشديد الراء المضمومة بلغة أعاجم الأندلس ومعناه بالعربي الحديد بالحاء المهملة ابن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي، وربما أصرح به عند خوف اللبس.