الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكميل في مسائل تتعلق بالختم
الأولى: ثبت النص عن المكي من رواية البزي وقنبل وغيرهما أن من قرأ وختم إلى آخر الناس قرأ الفاتحة وإلى المفلحون من أول البقرة وشاع العمل بهذا في سائر بلاد المسلمين في قراءة العرض وغيرها للمكي وغيره سواء أنوى ختم ما شرع فيه أم لا ولهم على ذلك أدلة منها ما هو مأثور عن النبي- صلى الله عليه وسلم ومنهما ما هو عن السلف ومنها ما هو عن المقتدى بهم من الخلف فقد روي عن المكي من طرق عن درباس مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنهم عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ من البقرة إلى أولئك هم المفلحون ثم دعا دعاء الختم ثم قام، وروي مسندا ومرسلا أن رجلا قال للنبي- صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الحال المرتحل» وهو على حذف مضاف أي عمل الحال وروي مسندا ومفسرا عن ابن عباس- رضي الله عنهما بلفظ أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال:«عليك بالحال المرتحل» قال: وما الحال المرتحل؟ قال: صاحب القرآن كلما حل ارتحل أي كلما فرغ من ختمه شرع في أخرى شبه بمسافر فرغ من سفره وحل منزله ثم ارتحل بسرعة لسفر آخر وعكس بعضهم كالسخاوي هذا التفسير فقال: الحال المرتحل الذي يحل في ختمه عند فراغه من أخرى والأول أظهر ويشهد له تفسيره في الحديث بهذا والقصد بهذا الحث على كثرة التلاوة وأنه مهما فرغ من ختمة شرع في أخرى من غير تراخ كما كان الصالحون فكانوا لا يفترون عن تلاوته ليلا ونهارا حضرا وسفرا صحة وسقما، ولهم عادات مختلفات في قدر ما يختمون فيه فكان بعضهم يختم في شهرين وبعضهم في شهر، وبعضهم في عشر، وبعضهم في ثمان وبعضهم في سبع وهم الأكثرون وبعضهم في ست وبعضهم في خمس وبعضهم في أربع،
وبعضهم في ثلاث وبعضهم في اثنين وبعضهم في يوم وليلة ومنهم عثمان بن عفان وتميم الداري- رضي الله عنهما وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وبعضهم في كل يوم وليلة ختمتين وهكذا كان يفعل البخاري في شهر رمضان فكان يصلي بأصحابه كل ليلة إلى أن يختم ويقرأ في النهار ختمة يختمها عند الإفطار، ومنهم من كان يختم ثلاثا، ومنهم من كان يختم أربعا بالليل وأربعا بالنهار، وهذا ممن خرقت له العادة وبعضهم من أكرمه الله بأكثر من هذا أو أكثر ما بلغنا فيه ما وقع لسيدي علي المرصفي- رضي الله عنه، وأفاض علينا من مدده ومدد أمثاله فقد مكث أيام سلوكه يقرأ في كل درجة ألف ختمة ففي اليوم والليلة ثلاثمائة ألف ختمة وستون ألف ختمة قال له تلميذه العارف الشعراني لما سمع هذا منه: تقرؤه بالحرف والصوت قال: نعم مد الله لي الزمان إكراما لرسول الله- صلى الله عليه وسلم لأني من أتباعه وهذا أمر لا تسعه العقول وحظنا من ذلك التصديق والله يهب ما يشاء بفضله وكرمه (1).
الثاني: جرى عمل كثير من الناس بتكرير سورة الإخلاص عند الختم ثلاث مرات حتى أن بعضهم يفعله في صلاة التراويح قال بعضهم والحكمة في ذلك أنه ورد أنها تعدل ثلث القرآن فيحصل بذلك ثواب ختمة فهو جبر لما لعله حصل في القراءة من خلل قال المحقق: وهذا شيء لم يقرأ به ولا أعلم أحدا نص عليه من أصحابنا القراء ولا الفقهاء سوى حامد القزويني قال في كتابه حلية القراء: والقراء كلهم قرءوا سورة الإخلاص مرة واحدة غير الهرواني بفتح الهاء والراء عن الأعشى فإنه أخذ بإعادتها ثلاث
(1) قلت: وهذا مما لا تسعه العقول، ولقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن ثمة فرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان وهو اتباع القرآن والسنة فمن ظهرت على يديه كرامة وهو متبع للكتاب والسنة فهو من أولياء الرحمن، وأما إن لم يكن من أهلهما فهو من أولياء الشيطان.
دفعات والمأثور دفعه واحدة انتهى، والظاهر أن ذلك كان اختيارا من الهرواني فإن هذا لم يعرف من رواية الأعشى، ولا ذكره أحد من علمائنا عنه، والصواب ما عليه السلف انتهى مختصرا.
الثالثة: يستحب أن يكون الختم أول الليل أو أول النهار فمن ختم أول الليل صلت عليه الملائكة إلى أن يصبح، ومن ختم أول النهار صلت عليه الملائكة إلى أن يمسي كذا ورد وقاله غير واحد من الصحابة والتابعين وقد روى الدارمي في مسنده بسند عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة إلى أن يصبح وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة إلى أن يمسي وعن طلحة بن مصرف التابعي قال: من ختم القرآن آية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي وآية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح وعن مجاهد نحوه ويستحب ختم غير الرواية في الصلاة قال في الإحياء والأفضل أن يختم ختمة بالليل وختمة بالنهار ويجعل ختمه بالنهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما ويجعل ختمه بالليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما.
واستحب بعضهم صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوم نهي فقد صح عن طلحة بن مصرف والمسيب بن رافع وحبيب بن ثابت وكلهم إمامي تابعي جليل أنهم كانوا يصبحون صياما في اليوم الذي يختمون فيه.
الرابعة: يستحب حضور مجلس الختم لما في ذلك من التعرض لنزول رحمة الله عليه فقد ورد أن الرحمة تنزل عند ختم القرآن وقبول دعائه لما يحضره من الملائكة لعلهم يؤمنون على دعائه وورد من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد الغنائم ومن شهد الغنائم لا بد أن يأخذ منها، وكان أنس ابن مالك وعبد الله بن عمر- رضي الله عنهم إذا ختم كل واحد منهم القرآن جمع أهله لختمه.
الخامسة: الخاتمون لكتاب الله على ثلاثة فرق فمنهم فرقة كيوسف ابن أسباط إذا ختموا اشتغلوا بالاستغفار مع الخجل والحياء وهؤلاء قوم غلب عليهم الخوف لما عرفوا من شدة سطوة الله وقهره وبطشه ورأوا أعمالهم لما احتوت عليه من التقصير بالنسبة لجانب الربوبية إلى العقوبة أقرب فأيقنوا أنهم لا يليق بهم إلا الاستغفار إظهارا للفقر والفاقة والاعتذار وغابوا عن رؤية طلب الثواب وقنعوا أن يخرجوا من العمل كفافا لا لهم ولا عليهم، وفرقة أخرى يصلون الختمة الثانية بالختمة الأولى من غير اشتغال بدعاء ولا استغفار إما تقديما لمحابّ الله على محابهم أو خوفا أن يكون في ذلك حظ من حظوظ النفس أو ليتحقق لهم عمل الحال المرتحل وهو من أحب الأعمال إلى الله كما تقدم أو عملا بحديث رواه الترمذي عن أبي سعيد- رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال:«يقول الله تبارك وتعالى من شغله القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» وعلى هذا يحمل ما في المستخرجة عن ابن القاسم سئل مالك عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ثم يدعو قال: ما سمعت بدعاء عند ختم القرآن وما هو من عمل الناس وعنه في العتبية ومختصر ما ليس في المختصر كراهته، وفرقه أخرى وهم الأكثرون إذا ختموا اشتغلوا بالدعاء وألحوا فيه لما ثبت عندهم من أدلة ذلك فقد روى الترمذي وقال حديث حسن عن عمران بن حصين- رضي الله عنه أنه مرّ على قارئ يقرأ القرآن ثم سأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول:«من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يسألون به الناس» . وروى هو وغيره عن أنس- رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم قال له: «عند ختم القرآن دعوة مستجابة وشجرة في الجنة» ، وكان أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر- رضي الله عنهم يفعلون ذلك، وصح عن الحكم بن عتيبة بفتح التاء بعدها ياء
مثناة ساكنة التابعي الجليل أنه قال أرسل إليّ مجاهد وعنده ابن أبي لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن والدعاء يستجاب عند ختم القرآن فلما فرغوا من ختم القرآن دعا بدعوات وفي بعض رواياته: وأنه كان يقال: إن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن، وروى الدارمي في مسنده عن حميد الأعرج قال من قرأ القرآن ثم دعا أمّن على دعائه أربعة آلاف ملك، ونص جماعة من العلماء المقتدى بهم كأحمد بن حنبل على استحباب الدعاء عند الختم وقال النووي: ويستحب الدعاء عند الختم استحبابا متأكدا تأكيدا شديدا، وقال المحقق: وأهم الأمور المتعلقة بالختم الدعاء وهو سنة تلقاه الخلف عن السلف انتهى، واختار ابن عرفة الجواز لما ورد فيه وشاع العمل به في المشرق والمغرب فينبغي الاعتناء به إذ العبد ولو عظمت ذنوبه لا يمنعه ذلك من الرجوع إلى ربه إذ لا يجد مولى آخر يقف عليه ولا ملجأ ولا منجي من الله إلا إليه لا سيما بعد أمره لنا بالدعاء والسؤال وأنه يغضب على من لم يمش على هذا المنوال. وينبغي للداعي مراعاة أركان الدعاء وشروطه وآدابه وقد بيناها في كتابنا «مغنى السائلين من فضل رب العالمين» فلا نطيل بها فمنها اختيار الأدعية المأثورة والثناء على الله تعالى قبل الدعاء وبعده وكذلك الصلاة والسلام على النبي- صلى الله عليه وسلم والمبالغة في الخضوع والتذلل والخشوع وإظهار الفقر والفاقة وذل العبودية للرب القادر الغني الكريم ومن تأمل في أدعية أحباب الله وخواصه من خلقه عرف كيف يدعو ربه فمن دعاء آدم وحواء عليهما السلام: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ومن دعاء سليمان عليه السلام: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، ومن دعاء موسى عليه السلام: رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير، قال المحقق الحافظ ابن عبد الرحيم الحسين العراقي في تخريج أحاديث الإحياء ومن خطه نقلت:
روى أبو منصور المظفر بن الحسين الأرجاني في كتابه فضائل القرآن وأبو بكر بن الضحاك في الشمائل كلاهما من طريق أبي ذر الهروي من رواية أبي سليمان داود بن قيس- رضي الله عنه قال كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول عند ختم القرآن: «اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما وهدى ونورا ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار واجعله لي حجة يا رب العالمين» حديث معضل زاد المحقق: لأن دواد بن قيس هذا من تابعي التابعين وكان ثقة صالحا عابدا من أقران مالك بن أنس خرج له مسلم في صحيحه انتهى.
وروى البيهقي في «الشعب» وقال: منقطع وإسناده ضعيف عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر عن أبيه علي بن الحسين زيد العابدين بذكر أن النبي- صلى الله عليه وسلم كان إذا ختم القرآن حمد الله بمحامد وهو قائم ثم يقول: الحمد لله رب العالمين والحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون لا إله إلا هو وكذب العادون بالله وضلوا ضلالا بعيدا لا إله إلا هو وكذب المشركون بالله من العرب والمجوس واليهود والنصارى والصابئين ومن دعا لله ولدا أو صاحبة أو ندّا أو شبيها أو سميّا أو عدلا فأنت أعظم من أن تتخذ شريكا فيما خلقت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذل وكبره تكبيرا الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما إلى قوله كذبا الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة إلى الغفور الحمد لله فاطر السموات والأرض الآيتين الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الآية بل الله خير وأبقى وأحكم وأكرم وأجل وأعظم مما يشركون والحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون صدق الله وبلغت رسله وأنا على ذلكم من الشاهدين اللهم صل على جميع الملائكة
والمرسلين وارحم عبادك المؤمنين من أهل السموات والأرضين واختم لنا بخير، وافتح لنا بخير وبارك لنا في القرآن العظيم وانفعنا بالآيات والذكر الحكيم ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم بسم الله الرحمن الرحيم ثم إذا افتتح القرآن قال مثل هذا ولكن ليس أحد يطيق ما كان نبي الله- صلى الله عليه وسلم يطيقه، وذكر هذا والذي قبله في التحفة لأبي القاسم ابن علي السبتي الأندلسي. وزاد أيضا أنه كان يقول عند الختم: اللهم إني أسألك إخبات المخبتين وإخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق حقيقة الإيمان اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما تنفعنا به، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار برحمتك يا أرحم الراحمين. وقال البرزالي في جامعه: وروينا في صفة الدعاء عند الختم صدق الله الذي لا إله إلا هو وبلغت الرسل ونحن على ما قال ربنا من الشاهدين اللهم انفعنا بالقرآن العظيم والآيات والذكر الحكيم اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا وذهاب غمومنا وقائدنا وسائقنا إلى جنات النعيم اللهم إنك أنزلته شفاء لأوليائك وشقاء على أعدائك وغمّا على أهل معصيتك فاجعله لنا دليلا على عبادتك وعونا على طاعتك واجعله لنا حصينا من عذابك وحرزا منيعا من سخطك ونورا يوم لقائك نستضيء به في خلقك ونجوز به على صراطك ونهتدي به إلى جنتك اللهم انفعنا بما صرفت فيه من الآيات وذكرنا بما ضربت فيه من المثلات وكفر بتلاوته السيئات إنك مجيب الدعوات اللهم اجعله أنيسنا في الوحشة ومصاحبنا في الوحدة ومصباحنا في الظلمة، ودليلنا في الحيرة ومنقذنا في الفتنة، واعصمنا به من الزيغ والأهواء وكيد الظالمين ومعضلات الفتن إنك عفوّ كريم تحب العفو فاعف عنا واهدنا وعافنا وارزقنا وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين يا أرحم الراحمين وصل اللهم على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وآله الطيبين وسلّم
عليه في العالمين آمين انتهى بزيادة آمين، ولا أدري عمن رواه. وقد رأيت أن أذكر هنا أدعية مأثورة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم بعد تقديم الثناء على الله تبارك وتعالى والصلاة والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم لمن أراد الزيادة على ما تقدم إذ شرف العبد وعزه في كثرة التذلل لله عز وجل وربما أذكر في آخرها أدعية غير مأثورة تدعو الضرورة إليها ولم أر في معناها ما هو مأثور كالدعاء للمسلمين وسلطانهم وولاة أمورهم في توفيقهم وتسديدهم وتعاونهم على الجهاد وإظهار الدين وحماية المسلمين فقد نص النووي على تأكيد ذلك وإن كان خير دنيا وأخرى داخلا في ضمن دعائه- صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله بن المبارك أكثر دعائه إذا ختم القرآن للمسلمين والمسلمات، فنقول وبالله التوفيق ونسأله القبول: الحمد لله حمدا يليق بجلاله وإكرامه على عموم جوده وواسع عطائه وكثرة إنعامه تفضل علينا قبل أن تسأله فأعطى وأكثر وتعطف علينا بجميل الإحسان فلا تعدّ نعمه ولا تحصر، تنزه عن سمات الحوادث فهو الموجد الرازق وكل ما سواه مخلوق مرزوق فكيف يشبه المخلوق الخالق انقطعت العقول في بيداء كبريائه وأحديته وكلّت الأفكار في مهابة جلاله وعظمته نحمده على ما أرانا من عجائب ملكه وصنعته وأخبرنا به من غرائب ملكوته وكل ذلك من آثار إرادته وقدرته ونشكره على ما تفضل به علينا من الإيمان والمعرفة وأكرمنا به من إرسال سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم وفضّله وشرفه شكر عبد معترف بالعجز عن شكر أقل نعمائه مقر بأن الشكر أيضا من توفيقه وفضله وعطائه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله لا ينقص خزائن ملكه العطاء ولو كثر السائل فكل عباده طلبوه وأناخوا على أبواب فضله الرواحل وأشهد أن سيدنا محمدا- صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله أنزل عليه كتابه المبين وأقام به منار الدين وفرق به بين الشك واليقين وجعله أفضل الخلق أجمعين- صلى الله عليه وسلم وعلى آله
وأصحابه وأزواجه وذريته- إلى يوم الدين اللهم صل وسلّم على سيدنا محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وأهل بيته كما صليت على سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل- إلى- الكافرين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك- إلى- الميعاد ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما- إلى- إماما، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين وهو كثير مشهور.
ومن الأدعية المأثورة عنه- صلى الله عليه وسلم: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث لا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله يا أرحم الراحمين، ومنها: اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي وأقل عثراتي واحفظني من بين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي، ومنها: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ومنها: اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا في طاعتك، ومنها: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر، ومنها: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، ومنها: اللهم اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه، ومنها:
رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى عليّ اللهم اجعلني لك شكّارا لك رهّابا لك مطواعا لك مخبتا إليك أوّاها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وثبت حجتي، وسدد لساني واهد قلبي واسلل سخيمة
صدري، والحوبة بفتح الحاء كل ما يتحرج من فعله والسخيمة الحقد، ومنها: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومردّا غير مخز ولا فاضح، ومنها: اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا وتقبل منا وأدخلنا الجنة ونجنا من النار وأصلح لنا شأننا كله، ومنها: اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبيل الرشاد ونجنا من الظلمات إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذريتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين لها قابليها وأتمها علينا، ومنها: اللهم إني أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات وثبتني وثقل موازيني وحقق إيماني وارفع درجاتي وتقبل صلاتي واغفر خطيئتي وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين، ومنها: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر وأسألك عزيمة الرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك لسانا صادقا وقلبا سليما وأعوذ بك من شر ما تعلم وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك مما تعلم إنك علام الغيوب، ومنها: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، ومنها: اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي، ومنها: اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا
وعذاب الآخرة، ومنها: اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار، ومنها: اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علما، الحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من أحوال أهل النار، ومنها اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الحق أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي أسألك خير الحياة وبركة الحياة وأعوذ بك من شر الوفاة وأسألك خير ما بينها وخير ما بعد ذلك أحيني حياة السعداء حياة من تحب لقاءه وتوفني وفاة الشهداء وفاة من يحب لقاءك يا أحسن الرازقين وأرحم الراحمين وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة العدل في الرضا والغضب وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك وأعوذ بك من ضراء مضرة وفتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، ومنها: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه، وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك محمد- صلى الله عليه وسلم وأعوذ بك من شر ما عاذ بك منه عبدك ونبيك محمد- صلى الله عليه وسلم، اللهم: إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا، ومنها: اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه وجوامعه وأوله وآخره وباطنه وظاهره والدرجات العلى من الجنة آمين، ومنها: اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري وتصلح أمري وتطهر قلبي وتحصن فرجي وتنور قلبي وتغفر ذنبي وأسألك الدرجات العلي من الجنة آمين، ومنها: رب اغفر لي ولوالديّ وارحمهما كما ربياني صغيرا واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. انتهى ما هو
مأثور، ومنها: اللهم يا الله يا رب يا حي يا قيوم يا رحمن يا بديع يا ذا الجلال والإكرام يا عليم يا قادر أدعوك وأنت البر الرحيم أسألك بأسمائك كلها ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لي وترحمني وترزقني الصبر واليقين وتثبتني على دينك في حياتي وعند مماتي مع الرضا منك والعافية يا رب آمين.
وافعل ذلك اللهم بوالدينا وبمن علمنا خيرا أو أعاننا عليه وأحسن إلينا وأسأنا إليه من جميع المسلمين اللهم أصلح أحوال ولاة أمور المؤمنين ووفقهم لما فيه صلاحهم وصلاح المسلمين من أمر الدنيا والدين وأبعد عنهم وسائط السوء المزينين لهم ما تزين لهم الشياطين، اللهم اجعل بأسهم وشدّتهم وشوكتهم على الكافرين وانصرهم عليهم أجمعين واجعلهم من المغلوبين المقهورين، اللهم اجعل رشدهم ورفقهم ورحمتهم في المسلمين خصوصا العلماء العاملين والفقراء والمساكين والأرامل واليتامى والضعفاء والعاجزين وأهل الحاجات الملهوفين وأهل الطاعة أجمعين اللهم انظر لي ولجميع أمة سيدنا محمد بعين الرحمة، وأسبغ علينا كل فضيلة ونعمة واصرف عنا كل بلية وفتنة ونقمة اللهم أزل الغل من قلوبنا ووفقنا لتوبة صادقة تمحو بها ذنوبنا وفرج غمومنا وهمومنا، اللهم ثبتنا على دينك في حياتنا وعند شرب كأس المنية وهب لنا جميعا غاية الأمان والأمن والأمنية، اللهم وفقني وإياهم إلى الأمر الذي يسوقنا إلى جوارك ويمضي بنا إلى رضاك ومرضاتك، اللهم تعطف عليّ وعليهم بالعفو والمغفرة وتفضل علينا بالرحمة والرؤية في الآخرة اللهم إنا عبيدك الفقراء الضعفاء المذنبون المعترفون قد وقفنا ببابك ولذنا بمنيع حرمك ورفيع جنابك توسلنا إليك
بجميع أحبابك خصوصا يتيمة عقدهم (1) وياقوتة خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صفوة أوليائك فلا تردنا
(1) قلت التوسل بأي من المخلوقين لا يجوز كما قال جمهور أهل العلم فانتبه.
اللهم من بحار فضلك التي لا ساحل لها خائبين ولا من خزائن رحمتك وغفرانك الواسعة محرومين ولا من أبواب جودك وكرمك مطرودين، وتعطف علينا وعلى والدينا دينا ونسبا يا أرحم الراحمين يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين اللهم صل وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين وأصحابه الأبرار الصالحين صلاة وسلاما دائمين مستمرين إلى يوم الدين.
هذا ما يسره الله القوي القادر وأجراه على فكري الفاتر وعقلي القاصر فله الشكر على ما أنعم، والمنة والطول على ما تفضل به وتمم، فو الله لست أهلا لشيء لولا فضله العميم وأحقر من أن أذكر لولا رفده الجسيم فأستغفر الله واستعذره مما زلت به القدم أو طغى به القلم وأستعينه وأستنصره على كل حاسد سد باب الاعتذار، وظلم فتكلم بما لم يعلم وخاض فيما لم يفهم، وأما من كمل ما نقصنا وبين ما أبهمنا وأصلح ما فيه ذهلنا ونبه على ما عنه غفلنا فالله يختم لنا وله ولجميع محبينا بالحسنى ويمنحنا جميعا ما يليق بفضله في المقام الأسنى آمين، وأضرع إلى الله سريع الحساب أن ييسره للطلاب ويريني وإياهم بركته في دار الرضا والثواب فهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.