المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في صيد البر - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌الفصل الأول: في صيد البر

(كِتَابُ الصَّيْدِ)

هو يطلق على الاصطياد والمصيد.

وفيه ثلاثة فصول

قوله: (وفيه ثلاثة فصول) مثله في "الجامع"(1).

‌الفصل الأول: في صيد البرّ

(الفصل الأول: في صيد البَر).

الأول: حديث (عدي بن حاتم رضي الله عنه).

1 -

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذهِ الكِلَابِ. فَما يَحِلُّ لَنَا مِنْهَا؟ فَقَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ المُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ الله فَكُلْ مَا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنْ يَأْكُلَ الكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ". أخرجه الخمسة (2). [صحيح]

"قال: قلت يا رسول الله إنا قوم نصيد بهذه الكلاب" أي: المعلمة كما دل له قوله: "إذا أرسلت كلابك المعلمة" اشترط كونها معلمة لقول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (3).

(1)(7/ 24).

(2)

أخرجه البخاري رقم (5475، 5476، 5477، 5483، 5484، 5485، 5487، 7397)، ومسلم رقم (1/ 1929)، وأبو داود رقم (2847، 2828، 2849، 2850، 2851، 2852)، والترمذي رقم (1465، 1467، 1468، 1469، 1470، 1471)، والنسائي (7/ 179 - 184).

وهو حديث صحيح.

(3)

سورة المائدة الآية: 4.

ص: 5

إلَاّ أنه قال في "الكشاف"(1): الجوارح الكواسب من سباع البهائم، كالطير، والكلب، والنمر، والفهد، والعقاب، والصقر، والبازي والشاهين، والمكلب مؤدب الجوارح، ومضربها على الصيد لصاحبها ورائضها لذلك بما علم من الحيل، وطرق التأديب والتثقيف، واشتقاقه من الكلب؛ لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب، فاشتق من لفظه، لكثرته في جنسه أو لأن السبع يسمى كلباً. انتهى.

وفي فتح الباري (2): المراد بالمعلمة التي إذا أغراها صحابها على الصيد طلبته، وإذا زجرها انزجرت، وإذا أخذت الصيد حسبته على صاحبها، وهذا الثالث مختلف في اشتراطه واختلف متى يعلم ذلك منها؟ فقال البغوي في "التهذيب"(3) أقله ثلاث مرات، وعن أبي حنيفة (4) وأحمد (5)، يكفي مرتين، وقال الرافعي (6): المرجع إلى العرف، لاختلاف طباع السباع في ذلك.

قوله: "وذكرت اسم الله" أي: عند إرسالها.

(1)(2/ 197).

(2)

(9/ 600).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 600).

التهذيب للبغوي أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء (ت: 516 هـ) كتابه في المذهب الشافعي، وهو محَّرر مهذب مجرد من الأدلة غالباً، فحصه من التعليقة الكبرى، لشيخه القاضي: حسين بن محمد بن أحمد الخراساني أبو علي (ت: 462 هـ) وله نسخة خطية في أربع مجلدات ضخام، المجلد الرابع في الظاهرية بدمشق، تحت رقم (292 - فقه شافعي) يرجع تاريخ نسخة إلى سنة (599 هـ).

[معجم المصنفات (ص 143 رقم (35) وص 17 رقم 268)].

(4)

"بدائع الصنائع"(5/ 53) و"المحيط البرهاني"(10/ 441).

(5)

"المغني"(13/ 262)، و"الإنصاف للمرداوي"(10/ 427).

(6)

في "الشرح الكبير"(21112).

ص: 6

"فكل ما أمسكن عليك"، وهو ظاهر أنه إذا لم يذكر اسم الله عند إرساله. فلا يأكل منه وهو كما قال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (1).

قوله: "إلا أن يأكل الكلب" من الصيد.

"فلا تأكل" قد عارضه حديث أبو داود (2) بإسناد حسن عن أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "كل وإن أكل الكلب منه".

واختلف [205 ب] العلماء فيه، فقال الشافعي (3) في أصح قوليه: أنه إذا أكل منه فهو حرام عملاً. بحديث (4) عدي بن حاتم، وهو قول كثر العلماء (5)، وبه قال ابن عباس وأكثر التابعين، وقال مالك (6): يحل وهو قول ضعيف للشافعي (7)، واحتج بحديث أبي ثعلبة (8)، وحمل النهي في حديث عدي على التنزيه. جمعاً بين الحديثين، ورجح الآخرون حديث عدي، وهو في الصحيحين (9).

(1) سورة الأنعام الآية: 121.

(2)

في "السنن" رقم (2852) إسنادة ضعيف، رجالة ثقات غير داود بن عمرو، وهو ممن اختلف فيه.

قال الحافظ: صدوق سيئ الحفظ، وقد حكى الذهبي في "الميزان" أقوال أئمة الجرح والتعديل، ثم ذكر أنه انفرد بحديثين، هذا أحدهما.

وقال: وهذا حديث منكر ضعيف وهو كما قال، والله أعلم.

(3)

"المجموع شرح المهذب"(9/ 118 - 121)"روضة الطالبين"(3/ 247).

(4)

أخرجه أحمد (4/ 279)، والبخاري رقم (5483)، ومسلم رقم (3/ 1929).

(5)

انظر: "المغني"(13/ 282).

(6)

"عيون المجالس"(2/ 966).

(7)

انظر: "البيان للعمراني"(4/ 538).

(8)

تقدم تخريجه وهو حديث منكر.

(9)

البخاري رقم (5483)، ومسلم رقم (3/ 1929) وقد تقدم.

ص: 7

وبقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (1)، وهذا لم يمسك علينا بل على نفسه ، وقدموا هذا على حديث أبي ثعلبة؛ لأنه أصح، وعلل صلى الله عليه وسلم النهي بقوله:"فإني أخاف" إذا أكل منه. "إنما أمسك على نفسه"، فيحرم لقوله تعالى:{مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} .

قوله: "وإن خالطها" أي: كلاب من أرسل مسمياً.

"كلب من غيرها فلا تأكل"؛ لأنه يمكن أنه لم يسم صاحبه عليه أو أنه ليس بمعلم، وجاء التصريح (2) بعلة النهي بقوله في آخر الحديث.

"فإنما سميت على كلبك" ولم تسم على غيره، وهذا عمل بالأحوط في الظن.

قوله: "أخرجه الخمسة".

الثاني:

2 -

وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ. أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِكَلْبِي المُعَلَّمِ وَبِقَوْسِي، وبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَماَ يَصْلُحْ لي؟ قَالَ "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ آنِيَةْ أَهْلِ الكِتَابِ فَإْنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهاَ فَلَا تَأْكُلُوا فِيهاَ، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَماَ صِدْتَ بِقَوْسِكَ وَذْكُرِتَ اسْمَ الله عَلَيِهْ فَكُلْ. وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَذْكُرِتَ اسْمَ الله علَيهْ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرَ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ". أخرجه الخمسة (3). [صحيح]

(1) سورة المائدة الآية: 4.

(2)

انظر: "المغني"(13/ 267)"فتح الباري"(9/ 601).

(3)

أخرجه البخاري رقم (5478)، ومسلم رقم (8/ 1930)، وأبو داود رقم (2850، 2855، 2856، 2857)، والترمذي رقم (1464)، والنسائي (7/ 181)، وأخرجه أحمد (4/ 193).

وهو حديث صحيح.

ص: 8

حديث (أبي ثعلبة)(1)، بالمثلثة وعين مهملة. (الخشني)، بضم الخاء المعجمة، وفتح الشين المعجمة بعدها نون، منسوب إلى خشن، بضم الخاء، بطن من قضاعة، وفي اسم أبي ثعلبة واسم أبيه خلاف.

قوله: "قال: قلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل كتاب"، كأنهم من النصارى أو اليهود.

"أفنأكل في آنيتهم، وبأرض صيد أصيد بكلبي المعلم، وبقوسي، وبكلبي الذي ليس بمعلم فما يصلح لي؟ "، هذه أربعة سؤالات أجابه صلى الله عليه وسلم عنها.

"فقال: أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب" أي: من الآنية.

"فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها"؛ لأنه لا حاجة لكم إليها.

"فإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها" لجواز أنه كان فيها ما يحرم عليكم من الخمر والخنزير، لا لأجل نجاسة رطوبة أهل الكتاب، وقيل: بل لنجاستها، وطولنا البحث في حواشي ضوء النهار (2).

قوله: "وما [206 ب] صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه"، أي: عند إرسال السهم (فكل) سواء أصابه بعرضه أو بغيره.

قوله: "وما صدت بكلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه" أي: عند إرساله، كما هو ظاهر حديث عدي (3).

"فكل" فقد حصل فيه الشرطان كونه معلماً، وكونه ذكر اسم الله عند إرساله، وظاهره: وإن أكل منه، لكن قد قيّده حديث عدي.

(1) انظر: "التقريب"(2/ 404 رقم 3).

(2)

(1/ 157، 253).

(3)

وهو حديث صحيح وقد تقدم.

ص: 9

قوله: "وما صدت بكلبك" الذي هو غير معلم.

"فأدركت ذكاته فكل"؛ لأنه ليس للكلب فيه إلاّ إمساكه، فهو كما لو أمسكه إنسان وأعطاه إياه فذكَّاه.

قوله: "أخرجه الخمسة".

الثالث: حديث (أبي ثعلبة) أيضاً.

3 -

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذاَ رَمَيتَ بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْك فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ". أخرج مسلم (1) وأبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

قوله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رَمَيْتَ بسهمك فغاب عنك" أي: المرمى.

"فأدركت" بعد غيبته عنك. "فكله ما لم ينتن" بتغير بجيافة ونحوها، قيل: أن النهي عن أكل المنتن للتنزيه (4)، لا للتحريم، وكذا سائر اللحوم والأطعمة المنتنة يكره أكلها، ولا تحرم إلاّ أن يخاف منها الضرر.

قلت: لعلَّ قرينه حمل النهي على التنزيه. حديث أنه صلى الله عليه وسلم "أكل إهالة سنخة"(5) أي: منتنة.

(1) في صحيحه رقم (9/ 1931).

(2)

في "السنن" رقم (2861).

(3)

في "السنن"(4303) وأخرجه أحمد (4/ 194) وهو حديث صحيح.

(4)

قاله النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(13/ 81).

(5)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (2069) والترمذي رقم (1215)، والنسائي رقم (4624) وأحمد (3/ 133، 180) عن أنس رضي الله عنه أنه مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبر شعير، وإهالة سنخة

".

• كل شيء من الأوهان، مما يؤتدم به إهالة، وقيل: هو ما أذيب من الألية والشحم، وقيل: الدَّسم الجامد، والشخنة المتغيرة الريح.

"النهاية"(1/ 92)"الفائق" للزمخشري (1/ 67).

ص: 10

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي".

الرابع: حديث (سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه).

4 -

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الكْلَبِ المعَلَّمِ إذَا قَتَلَ الصَّيْدَ؟ فقَالَ: كُلْ وإنْ لَمْ يُبْقِ مِنْهُ إلاّ بَضعَةً وَاحِدَةّ. أخرجه مالك (1) بلاغاً. [موقوف حسن]

"أنه سئل عن الكلب المعلم إذا قتل الصيد" أي: وأكل منه كما يدل له: قوله: "فقال: كل وإن لم يبق منه إلاّ بضعة واحدة"

قوله: "أخرجه مالك بلاغاً" هذه الفتوى من سعد، يعارضها حديث عدي (2) الذي تقدم، وهي رواية رأي ببلاع أيضاً، فلا اعتداد بها.

(1) في "الموطأ"(2/ 493 رقم 7) وهو أثر موقوف حسن.

(2)

وهو حديث صحيح.

أخرج أحمد (4/ 377) والبخاري رقم (175)، ومسلم رقم 2/ 1929) عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أرسلت كلابك المعلَّمة وذكرت اسم الله، فكل مما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه".

وأخرج أحمد (1/ 231) عن إبراهيم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه، فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فإنما أمسكه على صاحبه".

وهو حديث صحيح لغيره.

في قوله: (ولم يأكل منه) دليل عن تخريج ما أكل منه الكلب من الصيد ولو كان الكلب معلماً.

وقد علل ذلك بالخوف من أنه إنما أمسك على نفسه، وهذا قول الجمهور. ["المغني"(13/ 263) مختصر اختلاف العلماء (3/ 201).

وقال مالك: وهو قول الشافعي في القديم، ونقل عن بعض الصحابة أنه يحل.

انظر: "البيان" للعمراني، "المجموع شرح المهذب"(8/ 118 - 121)"وعيون المجالس"(2/ 966).

ص: 11

وليت المصنف أتى بالأحاديث (1) الصحيحة التي في الباب، ساقها ابن الأثير في "الجامع"(2) بعدة ألفاظ.

ويترك هذا الذي هو رأي وبلاغ، فمن أراد إستيفاء الوارد في الصيد بالكلب ونحوه، والقوس، فعليه بروايات الجامع (3). [207 ب].

الحديث الخامس: حديث (عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده).

5 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ الله إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَأَفْتِنِي فِيهَا. فقَالَ:"مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كِلبِكَ فَكُلْ". قَالَ: وَإِنْ قَتَلَ. قَالَ: وَإِنْ قَتَلَ قَالَ: أَفْتِنِي فِي قَوْسِي؟ قَالَ: مَا رَدَّ عَلَيْكَ سَهْمُكَ فَكُلْ. قَلْتُ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيَّ؟ قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيْكَ، مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ أثَرَ سَهْمٍ غَيْرَ سَهْمِكَ أَوْ تَجِدْهُ قَدْ صَلَّ: أَي أَنتنَ". أخرجه النسائي (4). [إسناده صحيح]

"أن رجلاً قال: يا رسول الله إنّ لي كلاباً مكلبة" أي: معلمة.

قوله: "ما أمسك عليك كلبك فكل"، إذا أرسله وقد سُمِّي عليه كما تقدم.

"قال وإن قتل" أي: بظفره أو نابه.

"قال وإن قتل" هذا الإطلاق قيدته روايته في "الجامع"(5) بلفظ: "إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسكه عليك".

(1) انظر: "التعليقة المتقدمة".

(2)

(7/ 35 - 38).

(3)

(7/ 8 - 41).

(4)

في "السنن" رقم (4296) بإسناد صحيح.

(5)

(7/ 36).

ص: 12

قوله: "ما ردّ عليك سهمك فكل" تقدم "وما صدت بقوسك وذكرت اسم الله عليه فكل" فالمراد هنا مع التسمية.

قوله: "أو تجده قد صلَّ" بالصاد المهملة. "أي: أنتن" وتقدم التقيد أيضاً. بما لم ينتن.

قوله: "أخرجه النسائي".

السادس: حديث (عبد الله بن مغفل).

6 -

وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: "نَهَىَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَذَف، وقالَ: إنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلَا يَنْكَأَ العدوَّ. وإنَّهُ يَفْقَاُ العَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ". أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح]

"الخذف"(2) بالخاء المعجمة: رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك، أو تأخذ خشبة فترمى بها بين إبهامك والسبابة.

"ونكأتُ العودَ" إذَا قشرْتَهُ، وَالنَّكْ (3) في الجُرْحِ مُسْتَعاَرُ مِنْهُ.

"وفقأتُ العْينَ (4) " إذَا شققْتَهاَ وَبَخصتْهَاَ.

قوله: "عن الخذف"(5) بالخاء والذال المعجمتين، تقدم حقيقته، ويأتي للمصنف.

(1) أخرجه البخاري رقم (6220)، ومسلم رقم (55/ 1954)، وأبو داود رقم (5270)، والنسائي (8/ 47). وهو حديث صحيح.

(2)

ذكره ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 38).

(3)

قال ابن سيده في "المحكم" و"المحيط الأعظم"(9117): نكى العدوُ نكاية: أصاب منه، ثم قال: نكأت العدو أنكؤهم: لغة في نكيتهم.

انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 12)، "كتاب العين" للخليل الفراهيدي (ص 987).

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 384). "المجموع المغيث"(2/ 629).

(5)

تقدم معناها.

ص: 13