الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"يقمن صلبه" في "القاموس"(1): الصلب بالضم وبالتحريك، عظم من لدن الكاهل إلى العَجْبِ كالصَّالب. انتهى.
"فإن كان لا محالة فاعلاً" زيادة على اللقمات.
"فثلث" من بطنه. "لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" بفتح الفاء، أي: تنفسه.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وكذا في "الجامع"(2) لكن لم أجده في "كتاب الأطعمة" من سنن (3) الترمذي. فينظر أين أخرجه.
آداب متفرقة
(آدَابٌ مُتَفَرِّقِةُ)
أي: من آداب [415 ب] الطعام، وجعله ابن الأثير (4): فصلاً سادساً.
الأول: حديث (أنس رضي الله عنه):
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَعَشَّوْا وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ، فَإِنْ تَرَكَ العَشاَءِ مَهْرَمةٌ". أخرجه الترمذي (5). [ضعيف جداً]
(1)"القاموس المحيط"(ص 135).
(2)
(7/ 410 رقم 5480).
(3)
في "السنن"(4/ 590 في كتاب الزهد الباب رقم 47 الحديث رقم 2380).
(4)
في "الجامع"(7/ 411).
(5)
في "السنن" رقم (1856)، وهو حديث ضعيف جداً.
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعشوا ولو بكف من حشف (1) " بالحاء المهملة وشين معجمة ففاء هو ردئ التمر.
"فإن ترك العشاء مهرمة" سبب للوقوع في الهرم.
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: وقال (2): إنه حديث منكر لا نعرفه، إلاّ من هذا الوجه، وعنبسة يضعف في الحديث وعبد الملك بن عَلاق مجهول.
الثاني: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مَا عَابَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم طعَامًا قَطُّ، كَانَ إِذَا اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وإنْ كرهَهُ تَرَكَهُ. أخرجه الخمسة (3) ، إلا النسائي. [صحيح]
"قال: ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، كان إذا اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه" كما ترك أكل الضب (4) كما يأتي.
قوله: "أخرجه الخمس إلاّ النسائي".
(1) قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 383) الحشف: اليابس الفاسد من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له، كالشبص.
(2)
أي: الترمذي في "السنن"(4/ 287).
(3)
أخرجه البخاري رقم (5409)، ومسلم رقم (187/ 2064)، وابن ماجه رقم (3259)، والترمذي رقم (2031) وهو حديث صحيح.
(4)
سيأتي نصه وتخريجه.
الثالث:
3 -
وعنه رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وفي الآخَرِ شِفَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقيِ بِجَناَحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءِ". أخرجه البخاري (1)، وأبو داود (2). [صحيح]
"امْقُلُوهُ": أي اغمسوا.
"حديثه" أي: أبي هريرة.
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سقط الذباب في إناء أحدكم" الذي يراد شربه مثلاً.
"فامقلواه" اغمسوه في الماء الذي في الإناء.
ثم ذكر علة الأمر بغمسه بقوله: "فإن في أحد جناحيه داء" فيخاف من ضره، فيدفعه بغمس الآخر.
"وفي الآخر شفاء" عن داء جناحه الذي يقدمه كما قال صلى الله عليه وسلم.
"وأنه يتَّقي" أي: هلاكه في الإناء.
"بجناحه الذي فيه الداء" فيقدمه إلهاماً من الله تعالى.
(1) في صحيحه رقم (3320، 5782).
(2)
في "السنن" رقم (3844).
وأخرجه ابن ماجه رقم (3505)، وأحمد (2/ 229، 230)، والدارمي (2/ 98 - 99)، وابن خزيمة رقم (105)، والطبراني في "الأوسط" رقم (2419)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 283)، وابن حبان في صحيحه (4/ 53 رقم 1246) من طرق وهو حديث صحيح.
وفي رواية (1): "أنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء" ومثله في مخلوقات الله، كثير يجمع الداء والدواء، كالنخلة، يخرج من بطنها العسل فيه الشفاء، وفي إبرتها السم.
وكذلك العقرب تهيج الداء بإبرتها ويداوي من ذلك بها.
وكذلك الأفعى والترياق، ذكره في "المصباح"(2).
قال ابن دقيق العيد (3): منطوقه قال على ما يقع وعلى ما يوقع فيه، فكل ما يسمى شراباً فهو داخل تحت اللفظ، وأما الواقع فلا يختص به، والنظر في بقية المائعات هل يطلق عليها اسم الشراب؟ وقد ورد في بعض الروايات (4):"في إناء أحدكم" وهو أعم وأكثر في الفائدة اللفظية من لفظ: "الشراب".
قال: وما لا يسمى شراباً يؤخذ بالقياس في معنى الأصل، وهو ها هنا قوى المرتبة؛ لأن الحكم في لفظ الشارع أُدير على الواقع بسبب وصف فيه، لا على ما يقع فيه.
فمهما كانت العلة موجودة ثبت [416 ب] الحكم فيها يقع فيه.
(1) أخرجه أحمد (3/ 67)، وابن ماجه رقم (3504)، والنسائي رقم (4262)، وابن حبان رقم (1247)، وفي "الثقات"(2/ 102)، والبيهقي (1/ 253)، والطيالسي رقم (2188)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (2815)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (13/ 986) كلهم من حديث أبي سعيد، وهو حديث صحيح.
(2)
"المصباح المنير"(ص 29).
وقال الحافظ في "الفتح"(10/ 252)، وقال ابن الجوزي: فإن النخلة تعسل من أعلاها وتلقي السم من أسفلها، والحية القاتل سمها تدخل لحومها في الترباق الذي يعالج به السم، والذبابة تسحق مع الإثمد لجلاء البصر، وذكر بعض حذاق الأطباء أن في الذباب قوة سمية يدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعة، وهي بمنزلة السلاح له، فإذا سقط الذباب فيما يؤذيه تلقاه بسلاحه، فأمر الشارع أن يقاتل تلك السَّمية بما أودعه الله تعالى في الجناح الآخر من الشفاء، فتتقابل المادتان فيزول الضرر بإذن الله تعالى.
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 251).
(4)
أخرجها البخاري في صحيحه رقم (5782).
قال (1): ويلحق غير الذباب بالذباب، فيما شاركه في أنه لا نفس له سائلة في معنى التخسيس وليس ذلك كالمرتبة التي قبلها؛ لأن الإلحاق هنا باعتبار علة استنبطها المستدل من الأصل وهو كونه لا نفس له سائله.
قال (2): وقضية التعليل في الحديث أنه إذا وقع جناحاه أو أحدهما لا يغمس لانتفاء العلة المقتضية للغمس، واحتمال أنّ الجناح الباقي في الصورة الثانية هو الذي فيه الداء. انتهى.
قلت: هذه الصورة الآخرة لا فائدة لغمسه؛ لأن إذا كان الذي فيه الداء وقد ذهب الجناح الذي فيه دواءه، فلم يبق ما يقام الداء، فالأولى ترك الشراب الذي وقع فيه؛ لأنه قد خلط الداء بنص الشارع، وهو يُحب تجنبه؛ لأن حفظ البدن واجب.
قال الخطابي (3): تكلم على هذا الحديث من لا خلاق له، وقال: كيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي الذباب؟ وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تقدم جناح الداء، وتؤخر جناح الشفاء وما أدّاها إلى ذلك؟.
قال: وهذا سؤال جاهل أو متجاهل، فإن الذي نفسه ونفوس عامة الحيوان قد جمع بينهما، وبين الحرارة والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، وهي أشياء متضادة، إذا تلاقت تفاسدت ثم يرى أنَّ الله سبحانه ألفّ بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان الذي بها نماؤه وصلاحه، لجدير أن لا ينكر اجتماع الداء والدواء في جرابين من منوال واحد.
وإن الذي ألهم النحل يتخذ البيت العجيب الصنعة وأنْ تعسل فيه، وألهم الذرة أن تكسب قوتها وتدّخره لأوان حاجتها إليه، هو الذي خلق الذبابة، وجعل لها الهداية إلى أن يقدم
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 251).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 251).
(3)
في "معالم السنن"(4/ 183).
جناحاً ويؤخر آخر من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد والامتحان الذي هو مضمار التكليف، وفي كل شيء له حكمة، وما يتذكر إلاّ أولوا الألباب. انتهى.
واعلم أن الحديث يذكره المؤلون في باب النجاسات (1)؛ لأن يدل على أن وقوع الذباب في الماء لا ينجسه، وهنا ذكر في الأطعمة لذلك.
قوله: "أخرجه البخاري، وأبو داود".
الرابع: حديث (جابر رضي الله عنه):
4 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: أَخَذَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ مَجْذُومِ فَوَضَعَهاَ مَعَهُ في القَصْعَةِ، وَقَالَ:"كُلْ ثَقَةً بِالله وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [ضعيف]
وزاد رزين فقال: وَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرْ وَعُمَرُ رضي الله عنهما، وَقَالَا مَثْلَ ذَلِكَ.
"أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم [417 ب] فوضعها معه في القصعة" ليأكل معه.
"وقال: كُل ثقة" منا "بالله" أن لا يضر الأكل معه.
"وتوكلاً عليه" فمن كان له هذا التوكل والثقة جاز له مؤاكلة المجذوم.
قالوا: وهذا المجذوم الذي أكل مع النَّبي صلى الله عليه وسلم هو معيقيب (4) ابن أبي فاطمة الأوسي، مولى سعيد بن العاص.
قال ابن السكن (5): ولم يكن في الصحابة مجذوم غيره.
(1) انظر: ذلك مفصلاً في "المجموع شرح المهذب"(1/ 178 - 183)، و"المغني" لابن قدامة (1/ 59 - 64).
(2)
في "السنن" رقم (3925).
(3)
في "السنن" رقم (1817).
وأخرجه ابن ماجه في "السنن" رقم (3542)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 219) وهو حديث ضعيف.
(4)
انظر: "التقريب"(2/ 268 رقم 1302).
(5)
انظر: "فتح الباري"(10/ 160).
قال البيهقي في "شعب الإيمان"(1) في هذا الحديث (2): مع ما روي عنه: "فرِّ من المجذوم (3) " وأمره الذي (4) أتاه في وفد ثقيف، توكيد طريقة التوكل فيكون هذا الحديث فيمن يكون حاله الصبر على المكروه، وترك الاختيار في موارد القضاء.
والحديث الآخر فيمن يخاف على نفسه العجز عن احتمال المكروه (5) والصبر عليه، فيحترز لما جاء في الشر من أنواع الاحترازات. انتهى.
(1)(2/ 490 - 491) ط مكتبة الرشد ناشرون.
(2)
الحديث في "شعب الإيمان" برقم (1294).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5707) وأطرافه (5717، 5757، 5773، 5775)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ولا هام ولا صفر، وفرّ من المجذوم كما تفرُ من الأسد".
(4)
أخرجه مسلم رقم (126/ 2231)، والنسائي رقم (4182)، وابن ماجه رقم (3544) وهو حديث صحيح.
(5)
قال ابن القيم في "زاد المعاد"(4/ 140 - 143): والعدوى جنسان:
أحدهما: عدوى الجذام فإن المجذوم تشتّد رائحته حتى يسقم من أطال مجالسته ومحادثته، وكذلك المرأة تكون تحت المجذوم فتضاجعه في شعار واحد، فيوصل إليها الأذى وربما جذمت، وكذلك ولده ينزعون في الكبر إليه، وكذلك من كان به سِلِّ ودقِّ ونُقبٌ. والأطباء تأمر أن لا يجالس المسلول ولا المجذوم.
ولا يريدون بذلك معنى العدوى وإنما يريدون به معنى تغيير الرائحة وأنها قد تسقم من أطال اشتمامها، والأطباء أبعد الناس عن الإيمان بيمن وشؤم، وكذلك النقبة تكون بالبعير - وهو جرب رطب - فإذا خالط الإبل أو حاكها، وأوى في مباركها، وصل إليها بالماء الذي يسيل منه، وبالنطف نحو ما به، فهذا هو المعنى الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يورد ذو عاهة على مصح" كره أن يخالط المعيوه الصحيح، لئلا يناله من نطفة وحكته نحو ما به.
قال: وأما الجنس الآخر من العدوى، فهو الطاعون ينزل ببلد، فيخرج منه خوف العدوى وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إذا وقع ببلد وأنته به، تخرجون منه، وإذا كان ببلد، فلا تدخلوه" - أخرجه البخاري رقم (5729)، ومسلم رقم (2219) من حديث عبد الله بن عباس، يريد بقوله، لا تخرجوا من البلد إذا كان فيه كأنكم تظنون أن الفرار من قدر الله ينجيكم من الله، ويريد إذا كان ببلد، فلا تدخلوه، أي: مقامكم في الموضع الذي لا طاعون فيه أسكن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لقلوبكم، وأطيب لعيشكم، ومن ذلك المرأة تعرف بالشؤم أو الدار، فينال الرجل مكروه وجائحة، فيقول: أعدتني بشؤمها، فهذا هو العدوى الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا عدوى".
وقالت طائفة: بل الأمر باجتناب المجذوم والفرار منه على الاستحباب والاختيار، والإرشاد، وأما الأكل معه، ففعله لبيان الجواز وأن هذا ليس بحرام.
وقالت فرقة أخرى: بل الخطاب بهذين الخطأ بين جزئي لا كلي، فكل واحد خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بحاله، فبعض الناس يكون قوي الإيمان قوي التوكل تدفع قوة توكله قوة العدوى، كما تدفع قوة الطبيعة قوة العلة فتطلبها، وبعض الناس لا يقوى على ذلك، فخاطبه بالاحتياط والأخذ بالتحفظ، وكذلك هو صلى الله عليه وسلم فعل الحالتين معاً، لتقتدي به الأمة فيهما فيأخذ من قوي أمته بطريقة التوكل والقوة والثقة بالله.
ويأخذ من ضعف منهم بطريقة التحفظ والاحتياط وهما طريقان صحيحان:
أحدهما: للمؤمن القوي، والآخر للمؤمن الضعيف، فتكون لكل واحد من الطائفتين حُجة وقدرة بحسب حالهم وما يناسبهم، وهذا كما أنه صلى الله عليه وسلم كوى، وأثنى على تارك الكي، وقرن تركه بالتوكل، وترك الطيرة ولهذا نظائر كثيرة، وهذه طريقة لطيفة حسنة جداً من أعطاها حقها، ورزق فقه نفسه، أزالت عنه تعارضاً كثيراً يظنه بالسنة الصحيحة.
وذهبت فرقة أخرى إلى أن الأمر بالفرار منه، ومجانبته لأمر طبيعي وهو انتقال الداء منه بواسطة الملامسة والمخالطة والرائحة إلى الصحيح. وهذا يكون مع تكرير المخالطة والملامسة له، وأما أكله معه مقداراً يسيراً من الزمان لمصلحة راجحة، فلا بأس به ولا تحصل العدوى من مرة ولحظةٍ واحدة فنهى سداً للذريعة، وحماية للصحة، وخالطه مخالطة ما للحاجة والمصلحة، فلا تعارض بين الأمرين.
وقالت طائفة أخرى: يجوز أن يكون هذا المجذوم الذي أكل معه به من الجذام أمر يسير لا يُعدي مثله، وليس الجذمي كلهم سواء، ولا العدوى حاصلة من جميعهم، بل منهم من لا تضر مخالطته، ولا تعدي، وهو من أصابه من ذلك شيء يسير، ثم وقف واستمر على حاله، ولم يعد بقية جسمه.
فهو أن لا يعدي غيره أولى وأحرى.
وقالت فرقة أخرى: إن الجاهلية كانت تعتقد أن الأمراض المعدية تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله سبحانه، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله سبحانه هو الذي يمرض ويشفي، ونهى عن القرب منه ليتبين لهم أن هذا من الأسباب التي جعلها الله مفضية إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات الأسباب، وفي =
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: وقال (1): هذا غريب لا نعرفه إلاّ من حديث يونس بن محمَّد، عن المفضل بن فضالة، والفضل بن فضالة هذا شيخ بصري، والفضل بن فضالة شيخ آخر مصري، أوثق من هذا. انتهى.
وقال في "التقريب"(2): أنه ضعيف - أعني البصري الذي روى عنه الترمذي -.
= فعله بيان أنها لا تستقل بشيء بل الرب سبحانه إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئاً، وإن شاء أبقى عليها قواها فأثرت.
وقالت فرقة أخرى: بل هذه الأحاديث فيها الناسخ والمنسوخ، فينظر في تاريخها، فإن علم المتأخر منها، حكم بأنه الناسخ، وإلا توقفنا فيها.
وقالت فرقة أخرى: بل بعضها محفوظ، وبعضها غير محفوظ، وتكلمت في حديث:"لا عدوى".
وقالت: قد كان أبو هريرة يرويه أولاً، ثم شك فيه فتركه وراجعوه فيه، وقالوا: سمعناك تحدث به. فأبى أن يحدث به.
قال أبو سلمة: فلا أدري، أنسي أبو هريرة، أم نسخ أحدُ الحديثين الآخر؟
وأما حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة فحديث لا يثبت ولا يصح، وغاية ما قال فيه الترمذي: إنه غريب لم يصححه ولم يحسنه، وقد قال شعبة وغيره: اتقوا هذه الغرائب.
قال الترمذي: ويروي هذا من فعل عمر، وهو أثبت، فهذا شأن هذين الحديثين اللذين عورض بهما أحاديث النهي.
أحدهما: رجع أبو هريرة عن التحديث به وأنكره.
والثاني: لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم - تقدم تخريجه وهو حديث ضعيف.
وانظر: "مفتاح دار السعادة"(3/ 364 - 379)، "فتح الباري"(10/ 158 - 161).
(1)
الترمذي في "السنن"(4/ 266).
(2)
(2/ 271 رقم 1336) حيث قال: الفضل بن فضالة بن أبي أمية، أبو مالك البصري، أخو مبارك، ضعيف، من السابعة، وانظر:"الميزان"(4/ 169)، و"التاريخ الكبير"(7/ 405).
قوله: "زاد رزين، وفعل ذلك" أي: الأكل مع المجذوم.
"أبو بكر، وعمر، وقالا مثل ذلك".
قلت: أخرج ذلك الترمذي (1)، عن ابن عمر:"أنه أخذ بيد مجذوم".
الخامس: حديث (الشريد بن سويد رضي الله عنه):
5 -
وعن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيْفِ رَجُلٌ مَجذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فأرْجِعْ. أخرجه مسلم (2). [صحيح]
"قال: كان في وفد ثقيف رجل" اسمه ربيعة بن الأحزم، قاله الكاشغري:
"مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم، أن قد بايعناك فارجع" تقدم وجه الجمع بينه وبين الذي قبله.
قوله: "أخرجه مسلم".
السادس: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):
6 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ قَالَ: "اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وِفي ثِمَارِنَا، وَفِي مُدِّنَا، وفي صَاعِنَا برَكةً مَعَ برَكَةٍ، ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضرُهُ مِنْ الوِلْدَانِ". أخرجه مسلم (3). [صحيح]
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بأول الثمرة قال: اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارنا، وفي مدّنا، وصاعنا" أي: في ما يكال بهما، والبركة في المدينة بالأمانة، وجعل الطاعات فيها.
"بركة مع بركة" بركة مضاعفة.
(1) في "السنن" بإثر الحديث رقم (1817)، وانظر:"فتح الباري"(10/ 161).
(2)
في صحيحه رقم (126/ 2231) وقد تقدم، وهو حديث صحيح.
(3)
في صحيحه رقم (1373).