المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الضاد (حَرفُ الضَّاد) المعجمة. (وفيه كتابان: الضيافة والضمان)   ‌ ‌كتاب الضيافة الأول (كتاب الضيافة) - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌ ‌حرف الضاد (حَرفُ الضَّاد) المعجمة. (وفيه كتابان: الضيافة والضمان)   ‌ ‌كتاب الضيافة الأول (كتاب الضيافة)

‌حرف الضاد

(حَرفُ الضَّاد) المعجمة.

(وفيه كتابان: الضيافة والضمان)

‌كتاب الضيافة

الأول (كتاب الضيافة) في التعريفات (1): الضيافة: الميل، يقال: ضافة الشمس للغروب، مالت، والضيف: من مالَ بك نزولاً، وصارت الضِّيافة متعارفة في القرى.

الأول:

1 -

وعن أبي كريمةً رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِ مُسْلمٌ، فَمَنْ أَصْبَح بِفِنَائهِ فَهُو عَلَيْهِ دَيْنٌ إِنْ شاَءَ اقْتَضَى، وَإِنْ شاَءَ تَرَكَ". أخرجه أبو داود (2). [صحيح]

حديث (أبي كريمة) وهو بفتح [213 ب] الكاف وهو المقدام (3) بن معدي كرب.

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الضيف" خصّ الليلة لأنّ غالب الأضياف تأتي آخر النهار وأضافها إليه؛ لأنها زمان إثبات الحق له.

"حق على كل مسلم" أي: قَراه فيها حق على من نزل إليه من المسلمين، فجعل الليلة حق؛ لأنه يلزم حق الضيف فيها، وهو دليل على وجوب إقراه ليلته، والضيافة من آداب الإسلام وخلق الأنبياء عليهم السلام والصالحين.

(1)(ص 476) وانظر: "المصباح المنير"(ص 433).

(2)

في "السنن" رقم (3750).

وأخرجه أحمد (4/ 130)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (744)، وابن ماجه رقم (3677)، والطحاوي في شرح "معاني الأثار"(4/ 242)، وفي شرح "مشكل الأثار" رقم (1839)

وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: "التقريب"(2/ 272 رقم 1350).

ص: 30

وقال: بوجوبها الليث، ليلة واحدة للحديث هذا، وقال عامة الفقهاء (1): أنها غير واجبة لكنها من مكارم الأخلاق، وتأولوا الأحاديث، بأنها كانت في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة، ثم مذهب الشافعي (2) أنها على الحاضر والباديء، وخصّها مالك (3) وسحنون بأهل البوادي؛ لأنّ المسافر يجد في الحضر المنازل والأسواق.

ولحديث: "الضيافة على أهل الوبر، وليست على أهل المدر" لكنه حديث موضوع (4).

قلت: أخرجه القضاعي في "الشهاب"(5) عن ابن عمر وصرح بوضعه الأئمة.

قالوا: وقد تجب الضيافة على من اجتاز محتاجاً وخيف عليه، هذا كلام القاضي عياض (6).

قلت: والأحاديث دالة على الوجوب.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم "فمن أصبح" أي: الضيف.

"بفناءه" أي: بفناء من نزل به.

"فهو" أي: القرى، الدال عليه السياق على ذي الفناء (دين)؛ لأنه حق لازم فرط في أدائه فصار ديناً.

(1) ذكره النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(12/ 32).

(2)

"المجموع شرح المهذب"(9/ 52)"البيان" للعمراني (4/ 520/ 521).

(3)

مدونة الفقه المالكي وأولته (2/ 296 - 297).

(4)

وهو كما قال.

(5)

في "مسنده"(1/ 19) وهو حديث موضوع.

وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(1/ 7) عن إبراهيم بن عبد الله بن أخي عبد الرزاق عن عبد الرزاق عن سفيان عن عبيد الله عن رافع عن ابن عمر مرفوعاً ساقه ابن عدي في ترجمة إبراهيم هذا مع أحاديث أخرى له، ثم قال ابن عدي: وهذه الأحاديث مناكير، مع سائر ما يروي ابن أخي عبد الرزاق هذا.

(6)

في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 22).

ص: 31

"إن شاء" الضيف النازل به "اقتضى" دينه وهو قدر قراه.

"وإن شاء ترك" كما هي صفة الدين، والحديث دليل ظاهر على وجوب الضيافة ليلة، والتأويل بأنه كان في أول الإسلام لا دليل عليه.

قوله: "أخرجه أبو داود".

وفي رواية (1) له قال: "أَيُّماَ رَجُلٍ ضَافَ قَوْماً فَأصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْروماً فَإِنَّ نُصْرَتَهُ حَقٌّ عَلَى كُلَّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَتَه مِنْ زَرْعِهِ وَماَلِهِ". [ضعيف]

"القِرَى" نْزُلُ الضيفِ وهُو ما يُعدُّ له ويحضرُ إليه من طعامٍ وشرابٍ ونحوهِ.

قوله: "وفي رواية له" أي: لأبي كريمة عنه صلى الله عليه وسلم.

"قال أيما رجل" أو امرأة. "ضاف قوماً" في "القاموس"(2): ضفته أُضِيفه ضيفاً، وضِيافةً بالكسر: نزلت عليه (3).

فالمراد: ضاف قوماً نزل بهم. "فاصبح الضيف [214 ب] محروماً" عمّا يجب من قراه.

"فإنّ نصرته" في طلبه حقه.

"حق على كل مسلم حتى يأخذ" أي: الضيف.

"بقرى ليلته من زرعه وماله" أي: زرع الذي نزل عليه، و"ماله" وفيه دليل أنه يأخذ بنفسه، فإن منعه صاحب الزرع والمال، وجب على المسلمين نصرته حتى يأخذ حقه، والمراد: إذا شاء أخذ حقه كما تقدم قريباً، وهذا زيادة في الدلالة على الإيجاب ويزيده دلالة.

الثاني: وهو حديث (عقبة بن عامر).

(1) أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (3751) وهو حديث ضعيف.

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1073).

(3)

كذا في "المخطوط" والذي في "القاموس": نزلت عليه ضيفا.

ص: 32

2 -

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قُلْتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِنكَ تَبْعَثناَ فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يُقِروُّنَناَ. فَماَ تَّرىَ؟ فقاَلَ: "إِذا نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَإِنْ أَمَروُا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فاقْبَلُوا وإِلَاّ فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لهُمْ". أخرجه الخمسة إلا النسائي (1). [صحيح]

"قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تبعثنا" أي: للجهاد أو لأي أمر.

"فننزل بقوم لا يقروننا فماذا ترى" فهذا سؤال استفتاء عن الحكم. "فقال: إذا نزلتم بقوم فإن أمروا لكم بما ينبغي للضيف" من القرى طعاماً وشراباً.

"فأقبلوا" والمراد: كفايتهم و"إلا" يأمروا لكم أي: بما ذكر.

"فخذوا منهم" بأيديكم. "حق الضيف الذي ينبغي" فقد صار ديناً لكم عليهم كما تقدم، وحديث عقبة هذا بوب له البخاري (2). باب: قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه.

وهو إشارة إلى المسألة المعروفة بمسألة الظفر.

وجنح البخاري إلى اختيار ذلك، وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:"فإن أبوا فخذوا منهم حق الضيف" أي: خذوا من مالهم، وهو أوضح في إيجاب الضيافة، وللناس فيها ثلاثة أقوال.

الأول: لليث (3) بن سعد أنها واجبة مطلقاً.

الثاني: لأحمد (4) بن حنبل أنها تجب على أهل البوادي دون القرى.

(1) أخرجه البخاري رقم (2461، 6137)، ومسلم رقم (17/ 1727)، وأبو داود رقم (3752)، والترمذي رقم (1589)، وابن ماجه رقم (3676).

وأخرجه أحمد (4/ 149)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 197) وهو حديث صحيح.

(2)

في صحيحه (5/ 107 الباب رقم (18).

(3)

انظر: "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(2/ 296).

(4)

"المغني"(13/ 354).

ص: 33

الثالث: - للأكثر - أنها سنة مؤكدة (1)، وحملوا حديث عقبة على المضطر.

قلت: ولا يخفى بعده، فإن المضطر له حق آخر واجب يوجبه الاضطرار، وهذا حق توجبه الضيافة، وقيل (2): أنه منسوخ، وهو دعوى لا دليل عليها، وثمة أجوبه أخر لا دليل عليها.

وقوله: "أنه يؤخذ من زروعهم" ونحوها، وذلك إذا منعوا من إعطائهم، وهو دليل على مسألة الظفر، وبها قال الشافعي (3)، فجزم بجواز الأخذ إذا لم يكن تحصيل الحق بغير ذلك، ويجهد في تقويم ماله في حق الضيافة ولا يحيف، فإن أمكن [215 ب] تحصيل الحق بالقاضي فهل يتعين أخذه بواسطته أم يجوز له الأخذ بنفسه؟ فيه خلاف (4).

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ النسائي".

الثالث: حديث (عوف بن مالك).

3 -

وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، الرَّجُلُ أَمُرُّ بِهِ فَلَا يُقْرِيني ثُمَّ يَمُرُّ بِي أَفَأُجَازِيهِ قَالَ:"بَلْ أَقْرِهِ، وَرَآنِي رَثَّ الثَّيابِ فقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ " قُلْتُ: مِنْ كُلِّ المَالِ قَدْ أَعْطَانِي الله تَعَالى مِنْ الإْبِلِ وَالغَنَمِ قال "فَلْيُرَ عَلَيْكَ". أخرجه الترمذي وصححه (5). [صحيح]

(1) قال الحافظ في "الفتح"(5/ 108) وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة.

(2)

انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 22 - 23)، "فتح الباري"(5/ 108).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(5/ 109).

(4)

قال الحافظ في "الفتح"(5/ 109): "واستدل به على مسألة الظفر وبها قال الشافعي، فجزم بجواز الأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحق بالقاضي، كأن يقول غريمه منكراً، ولا بينة له عند وجود الجنس، فيجوز عنده أخذه إن ظفر به، وأخذ غيره بقدرة إن لم يجده، ويجتهد في التقويم ولا يحيف فإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي فالأصح عند أكثر الشافعية الجواز أيضاً، وعند المالكية الخلاف، وجوزه الحنفية في "المثلى" دون المتقوم لما يخشى فيه الحيف، واتفقوا على أن محل الجواز في الأموال لا في العقوبات البدنية لكثرة الفوائد في ذلك، ومحل الجواز في الأموال أيضاً ما إذا أمن الغائلة كنسبته بلى السرقة ونحو ذلك.

(5)

في "السنن" رقم (200). =

ص: 34

"الثِّيابُ الرَّثّةُ"(1) الخلقة الرديئة.

"قال: قلت: يا رسول الله الرجل أمُّر به في طريقي فلا يُقْرِيني ثم يمر بي" مجتازاً كما مررت به.

"أفأجازيه" بأن لا أُقريه.

"قال: بل أقْرِهِ" فيه دليل أنه لا يجازي المسيء بالإساءة. بمثل ما أساء به، وأنه يخص من قوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (2) ومثل، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (3) ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم حثه على الإحسان إلى من أساء إليه، دلالة على مكارم الأخلاق، وإن كان جائزاً له مجازاته.

قوله: "ورآني رث الثياب" في "القاموس"(4): الرث البالي، ويأتي تفسير المصنف لها.

"فقال: هل لك من مال" كأنه حين رآه رث الثياب ظنَّ أنه لفقره، فسأله.

"فقال: من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والغنم" وكانا أعز المال عند العرب.

= وأخرجه أحمد في "المسند"(3/ 473، 474)، وأبو داود رقم (4063)، والنسائي في "السنن" رقم (5223، 5224، 5294)، والطبراني في "الكبير" رقم (610، 612، 613، 615 - 621)، والبيهقي في "الشعب" رقم (6199) في "السنن الكبرى"(10/ 10)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(20513)، والطحاوي في "شرح مشكل الأثار" رقم (3043)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (3118)

من طرق وهو حديث صحيح.

(1)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 634).

(2)

سورة الشورى الآية: 40.

(3)

سورة النحل الآية: 126.

(4)

"القاموس المحيط"(ص 217).

ص: 35

"فقال: فَلْيُرَ عليك" أي: ينظر الناس عليك أثر إنعام الله عليك بحسن ثيابك، فإنه من شكر نعم الله على عبده، أن يلبس من الثياب ما يدل على غنائه، فإنه بذلك يكون لله شاكراً بلسان الحال، ويطمع فيه السائل فينال من صدقته وغير ذلك، وقد قدّمنا ذلك.

قوله: "أخرجه الترمذي وصححه".

الرابع: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه).

4 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَامٍ. فَمَا سِوّى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ". أخرجه أبو داود (1). [حسن]

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الضيافة ثلاثة أيام" قال أبو عُبيد (2): يتكلف له في اليوم الأول بالبر والألطاف، وفي الثاني والثالث: يقدم له ما حضره ولا يزيد على عادته، ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة، ومثله قال الخطابي (3): ويأتي عن مالك (4) إلاّ أنه لم يذكر "ثم يعطيه .... " إلى آخره كما ذكره أبو عبيد.

ودليل أبي عبيد على ذلك ما عند أحمد (5) ومسلم (6) من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي شريح "الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة" ويأتي حديث أبي شريح.

(1) في "السنن" رقم (3749). وأخرجه أحمد (2/ 288)، والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (742)، والحاكم (4/ 164)، والطيالسي رقم (5260)، والبزار في مسنده رقم (1930 - كشف)، وابن حبان رقم (5284)، وأبو يعلى رقم (6590). وهو حديث حسن.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 533).

(3)

في "معالم السنن"(4/ 128).

(4)

انظر: "التمهيد"(15/ 284 - 285).

(5)

في "المسند"(4/ 31).

(6)

في صحيحه (14/ 48).

ص: 36

قوله صلى الله عليه [216 ب] وآله وسلم: "وما سوى ذلك فهو صدقة" استدل به على أنّ الذي قبلها واجب كما تقدم.

"أخرجه أبو داود".

الخامس:

5 -

وعن أبي شريح العدوي رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الأُخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيفَهُ" جاَئِزَتَهُ. قالُوا: وَماَ جاَئزَتُهُ ياَ رسولَ الله؟ قال: يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، وَالضَّياَفَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَماَ وَرَاءَ ذلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُقِيِمَ عِنْدَهُ حَتَّى يُؤْثِمَهُ. قالُوا: كَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: يُقيِمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ شَيْء يُقْرِيِهِ بِهِ". أخرجه الستة إلاّ النسائي (1). [صحيح]

"الجائْزةُ" العطية. قال الإمام مالك (2): يكرمه ويتحفه ويحفظه يوماً وليلة ويضيفه ثلاثة أيام. ومعنى "يؤثمه" يوقعه في الإثم.

حديث: (أبي شريح العدوي رضي الله عنه) ويقال له الكعبي الخزاعي (3).

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته".

جائزته بالنصب، أي: أعطوه جائزته، وإن صحت الرواية (4) بالرفع، كان تقدير المتوجه عليهم جائزته.

(1) أخرجه البخاري رقم (6019) و (6135)، (6476)، ومسلم رقم (14/ 48)، ومالك في "الموطأ"(2/ 929 رقم 22)، وأبو داود رقم (3748)، والترمذي رقم (1967، 1968)، وابن ماجه رقم (3675). وأخرجه أحمد (4/ 31)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 197). وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "التمهيد"(15/ 285 - 286)، "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(2/ 295 - 296).

(3)

انظر: "التقريب"(2/ 434 رقم 3).

(4)

قال الحافظ في "الفتح"(10/ 533)"جائزته يوم وليلة" قال السهيلي: روى جائزته بالرفع على الابتداء وهو واضح، وبالنصب على بدل الاشتمال أي يكرم جائزته يوماً وليلة.

ص: 37

"قالوا: وما جائزته يا رسول الله" كأنه كان شيئاً غير معروف لهم.

"قال: يومه وليلته" قيل: هو بيان لحالة أخرى، وهي أنّ المسافر تارة يقيم عند مَنْ ينزل عليه، فهذا لا يزاد على الثلاث، وتارة لا يقيم فهذا يُعطى ما يجوز به قدر كفايته يوماً وليلة.

قال الحافظ ابن حجر (1): أنه أعدل الأوجه بعد ذكره وجوهاً في تأويله.

"قوله: "والضيافة ثلاثة أيام، وما وراء ذلك فهو صدقة" تقدم.

قوله: "ولا يحل له" أي: للضيف. "أن يقيم عنده" عند المضيف. "حتى يؤثمه" قال الخطابي (2): معناه، لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد الثلاث من غير استدعاء منه، حتى يضيق صدره فيبطل أجره.

قوله: "كيف يؤثمه، قال: يقيم عنده وليس له شيء يُقرِيه به" فيحوجه إلى ارتكاب الدين أو إلى سوء مخالفته أو نحو ذلك (3).

قوله: "أخرجه الستة".

(1) في "فتح الباري"(10/ 533).

(2)

في "السنن"(4/ 128).

(3)

انظر: "فتح الباري"(10/ 533 - 534)، "التمهيد"(15/ 283 - 285).

ص: 38