الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الضمان
(كتاب الضمان) هو الالتزام (1)، ويتعدى بالتضعيف فيقال: ضمَّنته المال ألزَمته إياه.
الأول: حديث (ابن عباس رضي الله عنهما).
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلاً لَزِمَ غَريماً لَهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ. فقَالَ: ماَ أُفَارِقَك حَتَّى تَقْضَيِنِي أَوْ تَأْتَيِ بِحَمِيلٍ. فَتَحَّملَ بِهاَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ بِهاَ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ مَرْضيًّ فَقَضَاَهاَ عَنْهُ وقال: "الحَمِيلَ غَارِمٌ"(2). [حسن] أخرجه رزين.
"الحميل"(3) الكفيل والضامن.
"أنّ رجلاً لزم غريماً له بعشرة دنانير" بين معنى قوله: "لزم" بقوله: "ما أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل، فتحمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه" أي: من عليه الدين.
"بها من وجه غير مرضي" بينته في الرواية (4) الأخرى، "قال: فأتاه بها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين أصبت هذا الذهب؟ قال: من معدن، قال: لا حاجة لنا فيه ليس فيه خير".
"فقضاها" أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"عنه وقال الحميل غارم" أي: يغرم ما تحمل (5) به، ففيه إثبات [217 ب] الحمالة والضمان،
(1) انظر: "التوقيف على مهمات التعاريف"(ص 474 - 475)، "معجم لغة الفقهاء"(ص285).
(2)
أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (3328)، وابن ماجه رقم (2406) وهو حديث حسن، عن ابن عباس قال: أن رجلاً لزم غريماً له بعشرة دنانير فقال: والله لا أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل، قال: فتحمل بها النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه بقدر ما وعده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"من أين أصبت هذا الذهب؟ قال: من معدن، قال: لا حاجة لنا فيها، وليس فيها خير" فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 433)، "المجموع المغيث"(1/ 499).
(4)
وهو حديث حسن وقد تقدم.
(5)
وإليك شروط الحوالة كما ذكرها القرطبي في "المفهم"(4/ 439 - 440): =
وملازمة الغريم ومنعه من التصرفات، حتى يخرج من الحق الذي عليه
قوله: "أخرجه رزين".
الأولى: ذكره كما قدمنا ذلك مراراً.
= (فمنها): أن تكون بدينٍ، فإن لم تكن بدينٍ لم تكن حوالة، لاستحالة حقيقتها إذ ذاك، وإنما تكون حمالة.
(ومنها): رضا المحيل والمحال دون المحال عليه، وهو قول الجمهور، خلافاً للإصطخري؛ فإنه اعتبره. وإطلاق الحديث حجة عليه، وقد اعتبره مالك إن قصد المحيل بذلك الإضرار بالمحال عليه، وهذا من باب دفع الضرر.
(ومنها): أن يكون الدين المحال به حالاً، لقوله صلى الله عليه وسلم:"مطل الغني ظلم"، ولا يصح المطل، ولا يصدق الظلم إلا في حق من وجب عليه الأداء، فيمطل، ثم قال بعده:"فإذا أتبع أحدكم فليتبع"، فأفاد ذلك: أن الدين المحال به لا بد أن يكون حالاً؛ لأنه إن لم يكن حالاً كثر الغرر بتأجيل الدينين.
(ومنها): أن يكون الدين المحال عليه من جنس المحال به؛ لأنه إن خالفه في نوعه خرج من باب المعروف إلى باب المبايعة، والمكايسة، فيكون بيع الدين بالدين المنهي عنه.
فإذا كملت شروطها برئت ذمة المحيل بانتقال الحق الذي كان عليه إلى ذمة المحال عليه، فلا يكون للمحال الرجوع على المحيل، وإن أفلس المحال عليه، أو مات. وهذا قول الجمهور.
وقد ذهب أبو حنيفة إلى رجوعه عليه، إن تعذر أخذه الدين من المحال عليه.
والأول الصحيح؛ لأن الحوالة عقد معاوضة، فلا يرجع بطلب أحد العوضين بعد التسليم، كسائر عقود المعاوضات، ولأن ذمة المحيل قد برئت من الحق المحال به بنفس الحوالة، فلا تعود مشتغلة به إلا بعقد آخر، ولا عقد، فلا شغل.
غير أن مالكاً قال: إن غرَّ المحيل المحال بذمة المحال عليه كان له الرجوع على المحيل. وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه، لوضوحه" اهـ.