المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في آدابه - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌الفصل الأول: في آدابه

‌الفصل الأول: في آدابه

(الفَصلُ الأَوَّلُ: فِي آدابه)

قد أراد بالاستنجاء معنى يعم جميع مقدماته، وقال ابن الأثير (1): الفصل الأول في آداب الاستنجاء [239 ب] وفيه أربعة فروع:

الفرع الأول: في موضع قضاء الحاجة، وفيه أربعة أقسام:

القسم الأول: اختيار الموضع، ثم ذكر.

الأول: حديث (أبي موسى رضي الله عنه).

1 -

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ، فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ فَبَالَ، ثُمَّ قَالَ:"إِذَا أَرَادَ أَحَدُكمْ أَنْ يَبُولَ فَليرْتَدْ لِبَوْلِهِ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

"الدَّمِثُ"(3): الموضع اللين الذي فيه رمل.

"وَالِارْتيَادُ"(4): التطلب، واختيار الموضع.

(1) في "الجامع"(7/ 114).

(2)

في "السنن" رقم (3).

وأخرجه الطيالسي في "المسند" رقم (519)، والحاكم (3/ 465 - 466)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 93)، وأحمد (4/ 396).

قال المنذري في "المختصر"(1/ 15): فيه مجهول.

وقال النووي في "المجموع"(1/ 98): حديث أبي موسى ضعيف رواه أحمد وأبو داود عن رجل عن أبي موسى. اهـ. وهو حديث ضعيف.

(3)

انظر: "القاموس المحيط"(ص 217)، "المصباح المنير"(ص 76).

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 115).

ص: 100

"قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دَمَثا"، بفتح الدال المهملة والميم، فمُثلثة يأتي تفسيره بأنَّه الموضع اللين الذي فيه رمل، وفي "القاموس"(1)، دمث المكان، كفرح سهل.

"في أصل جدار فبال". أي: في أسفله، والمراد ما قابله، فإنَّه لا يمكن البول في أسفله حقيقة مع بقائه.

قال الخطابي (2): يشبه أن يكون ذلك الجدار عادياً غير مملوك لأحد، فإنَّ البول يصير بأصل البناء، ويوهي أساسه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل ذلك في ملك أحد، إلَّا بإذنه، أو يكون قعوده متراخياً عنه، بحيث لا يصيبه البول، زاد النووي (3): أو يكون علم برضى صاحب الجدار.

قوله: "إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله"، فيه حذفٌ بُيَّن عند البيهقي (4) لفظه:"فقال: إن بني إسرائيل كانوا إذا بال أحدهم، فأصاب جسده البول، قرضه بالمقاريض، فإذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله".

قال في "النهاية"(5): أي: يطلب مكاناً ليناً؛ لئلا يرجع عليه رَشَاش بوله.

يقال: راد، وارتاد، واستراد، ومنه الرائد الذي يبعثه القوم ليطلب لهم الماء، والكلأ.

(1)"القاموس المحيط"(ص 217).

(2)

قال في "معالم السنن"(1/ 15): فليرتد: أي ليطلب وليتحر، ومنه المثل: إن الرائد لا يكذب أهله، وهو الرجل يبعثه القوم يطلب لهم الماء والكلأ، يقال رادهم يرددهم رياداً وارتاد لهم ارتياداً، وفيه دليل على أن المستحب للبائل إذا كانت الأرض التي يريد القعود عليها صلبة أن يأخذ حجراً أو عوداً فيعالجها به، ويثير ترابها ليصير دمثاً سهلاً فلا يرتد بوله عليه.

(3)

في "شرحه لصحيح مسلم"(3/ 165 - 166)، "المجموع شرح المهذب"(2/ 98).

(4)

في "السنن الكبرى"(1/ 98 - 99).

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 701).

ص: 101

وقال الشيخ ولي الدين: المراد "فليرتد لبوله" مكاناً ليناً مثل ما فعلت، فحذف المفعول للفهم به.

قلت: زاد أبو داود (1)"موضعاً" بعد يرتد لبوله، وحذفه المصنف وابن الأثير (2)، أيضاً.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: قال ابن الأثير (3): بعد نسبته إلى أبي داود، إنه أخرجه عن أبي التَّيَّاح، عن شيخ، ولم يسمه. انتهى.

يريد أنَّ فيه مجهولاً، ثم ذكر الفرع الثاني في الإبعاد، وذكر حديث المغيرة وغيره.

الثاني: حديث (المغيرة بن شعبة).

2 -

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أَتَى لِحَاجَتِهِ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ. أخرجه أصحاب السنن (4)، وصححه الترمذي (5). [صحيح لغيره]

"قال: كان [240 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى لحاجته أبعد في المذهب".

المراد "بحاجته" الغائط إذ قد بال قريباً، كما تقدم، وورد أنه بال مستتراً (6) برحل،

(1) في "السنن" رقم (3).

(2)

في "الجامع"(7/ 114).

(3)

في "الجامع"(7/ 114).

(4)

أخرجه أبو داود رقم (11)، والترمذي رقم (20)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي رقم (17)، وابن ماجه رقم (321)، وهو حديث صحيح لغيره.

(5)

في "السنن"(1/ 32).

(6)

عن عبد الله بن جعفر قال: "كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حايش نخل".

أخرجه أحمد (1/ 204)، ومسلم رقم (79/ 342)، وابن ماجه رقم (340) وهو حديث صحيح.

ص: 102

و"المذهب"(1) مصدر ميمي أي: أبعد ذهابه، وأجمله هنا، أي: مقدار الإبعاد.

وفي سنن أبي داود (2) من حديث جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد".

قوله: "أخرجه أصحاب السنن، وصححه الترمذي".

الثالث: حديث (أبي هريرة):

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا اللَاّعِنَيْنِ". قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ؟ قَالَ: "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أوْ ظِلِّهِمْ". أخرجه مسلم (3)، وهذا لفظه، وأبو داود (4). [صحيح]

جعل ابن الأثير (5) هذا ثالث الفروع، وقال في الأماكن المنهي عنها.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 616)، "غريب الحديث" للهروي (3/ 143).

(2)

في "السنن" رقم (2).

وأخرجه ابن ماجه رقم (335) وهو حديث صحيح.

الحديث رجاله عند ابن ماجه رجال الصحيح، إلا إسماعيل بن عبد الملك الكوفي فقال البخاري: يكتب حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال البخاري في "التقريب" رقم (465): صدوق كثير الوهم.

انظر: "التاريخ الكبير"(1/ 367 رقم 1162). "الضعفاء الصغير"(ص 33 رقم 17). "الجرح والتعديل"(2/ 186 رقم 629).

(3)

في صحيحه رقم (269).

(4)

في "السنن" رقم (25).

وأخرجه أحمد (2/ 372)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 97)، وابن خزيمة في صحيحه رقم (67)، والبغوي في "شرح السنة"(1/ 388 رقم 191) وهو حديث صحيح.

(5)

في "الجامع"(7/ 116).

ص: 103

وذكر حديث (1) أبي هريرة هذا.

قوله: "اللاعنين" بصيغة التثنية، ولذا "قالوا: وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس"، هذا الأول.

"أو ظلهم"، قال الخطابي (2) وغيره من العلماء: المراد بالظل هنا ما اتخذه الناس مقيلاً، ومناخاً ينزلونه، ويقعدون فيه، وليس كلُّ ظلٍّ يحرم (3) القعود فيه، فقد "قعد صلى الله عليه وسلم تحت حايش نخل، لحاجته"(4).

وسمَّي الطريق والظل لاعنين؛ لأنهما الأمران الجالبان لِلَعن الناس لمن تخلىّ فيهما، والتخلي جعلهما، كالخلاء لحاجته، وهو إرشاد إلى كف الأذية عن العباد، وعن عدم تعرضه للعن، وليس فيه دليل على جواز لعنه (5)، بل إخبار أنَّه يفعل الناس ذلك ويعتادونه، وقد ورد في حديث آخر ما يدل على جواز لعنه، ويلحق بهما كل ما فيه أذية العباد، كأبواب المساجد، وأبواب الحوانيت ونحوها.

قوله: "أخرجه مسلم، وهذا لفظه وأبو داود".

وبوب له (6) باب المواضع التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول فيها.

(1) رقم (5091).

(2)

في "معالم السنن"(1/ 3 - مع السنن).

(3)

كذا في "المخطوط"(أ. ب) والذي في "معالم السنن": وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته.

(4)

تقدم نصه وتخريجه وهو حديث صحيح.

(5)

يشير إلى الحديث الذي أخرجه الحاكم (1/ 186) بلفظ: "من سلَّ سخيمته على طريق عامرة من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

قال الحافظ في "التخليص"(1/ 105) إسناده ضعيف.

(6)

أي: أبو داود في "السنن"(1/ 28 الباب رقم 14).

ص: 104

4 -

وله (1) في أخرى عن معاذ: "اتَّقُوا المَلَاعِنَ الثَّلَاثَ: الَبرَازَ في المَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ". [حسن بشواهده]

"البَرَازُ" بفتح الباء: موضع قضاء الحاجة.

قوله: "وله" أي: أبي داود.

"في رواية أخرى"، وهو الحديث الرابع.

"عن معاذ رضي الله عنه: اتقوا الملاعن"، جمع ملعنة، وهي المفعلة التي يلعن بها فاعلها، فإنَّها مظنَّة اللَّعنِ، ومحلة له [241 ب].

"الثلاث" وفي رواية: "الثلاثة" والأُولَى أَولى؛ لأن المعدود مؤنث.

"البراز" قال الخطابي (2): هو هنا مفتوح الباء، وهو اسم للفضاء الواسع من الأرض، كنّوا به عن حاجة الإنسان، كما كنّوا عنها بالخلاء.

قال: وأكثر الرواة يقولون: الِبراز بكسر الباء، وهو غلط فإنه مصدر بارزت الرجل في الحرب مبارزة وبرازاً. انتهى كلامه.

ولكنه قال الجوهري (3): البراز بالكسر كناية عن ثقل الغذاء، وهو الغائط وأكثر الرواة عليه فتعين المصير إليه، أفاده النووي في "التهذيب"(4).

(1) أي: لأبي داود في "السنن"(26).

وأخرجه ابن ماجه رقم (328)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 167).

وقال الحاكم: صحيح ووافقه الذهبي.

وهو حديث حسن بشواهده.

(2)

في "معالم السنن"(1/ 14 - 15).

(3)

في "الصحاح"(3/ 864).

(4)

(ص 32 - 33) قسم اللغات، ط: النفائس.

ص: 105

قوله: "في الموارد" محلات ورود الناس إلى الماء.

"وقارعة الطريق" وسطه التي تقرعه الأرجل.

"والظل" كل ذلك لما فيه من أذية العباد.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: إلاّ أنه أخرجه عن معاذ مرفوعاً فقال: عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والمصنف رواه موقوفاً وما كان يحسن ذلك وابن الأثير (1) رواه مرفوعاً، كما في سنن أبي داود (2).

الخامس:

- وعن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال: "نَهَىَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَن يُبَالَ في الجُحْرِ. قِيلَ لِقَتَادةَ: وَمَا يُكْرَهُ مِنْ البَوْلِ في الجُحْرِ؟ قَالَ: كانَ يُقَالُ إِنَّه مَسَاكِنُ الجِنِّ". أخرجه أبو داود (3) والنسائي (4). [ضعيف]

حديث: "عبد الله (5) بن سرجس" بسين مهملة مفتوحة، فراء ساكنة فجيم مكسورة، فسين مهملة، بزنة نرجس.

"قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يبال في الجُحْر (6) " بضم الجيم، وسكون الحاء المهملة، الثقب.

(1) في "الجامع"(7/ 116 رقم 5092).

(2)

في "السنن" رقم (26) وهو حديث حسن بشواهده، وقد تقدم.

(3)

في "السنن" رقم (29).

(4)

في "السنن" رقم (34). وأخرجه أحمد (5/ 82)، الحاكم في "المستدرك"(1/ 186)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 99). وهو حديث ضعيف.

(5)

انظر: "التقريب"(1/ 418 رقم 332)، "الاستيعاب" رقم (1497) ط الأعلام.

(6)

الجُحْر: كل شيء يحتفره الهوام والسَّباع لأنفسها. "القاموس المحيط"(ص 461).

ص: 106

"قيل لقتادة" راوي الحديث، ولفظ أبي داود (1):"قالوا" وهكذا لفظه في "الجامع"(2).

"قال: كان يقال: إنَّها مساكن الجن" فالبول في مساكنهم أذية لهم، لا يحل، وقد يخرج عليه ما يؤذيه منها.

قوله: "أخرجه النسائي".

السادس: حديث (عبد الله بن مغفل رضي الله عنه):

6 -

وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الوَسْوَاسِ مِنْهُ". أخرجه أصحاب السنن (3). [ضعيف]

وزاد أبو داود: "ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ".

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولنّ أحدكم في مستحمه"، بضم الميم، وسكون السين المهملة، فمثناة فوقية، فحاء مهملة مفتوحة، مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار الذي يغتسل به. "فإنّ عامة الوَسْوَاسِ" بفتح الواو.

"منه" قال الخطابي (4): إنما نهى عن ذلك، إذا لم يكن المكان حدراً مستوياً لا تراب عليه، صلباً أو مبلطاً أو لم يكن له مسلك ينفذ منه البول ويسيل [242 ب] منه الماء، فيتوهم المغتسل أنه

(1) في "السنن" رقم (29).

(2)

(7/ 117 رقم 5093).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (27)، والترمذي رقم (21)، وابن ماجه رقم (304)، والنسائي (1/ 34)، وأخرجه أحمد (5/ 56)، وهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية الحسن عن عبد الله بن مغفل، والحسن، مدلس، وقد عنعنه. وفي النهي عن البول في المغتسل حديث صحيح، أخرجه أبو داود رقم (28)، والنسائي رقم (238)، عن حميد الحميري - وهو ابن عبد الرحمن - قال: لقيت رجلاً صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله" وهو حديث صحيح.

(4)

في "معالم السنن"(1/ 29 - مع السنن).

ص: 107

أصابه شيء من قطره ورشاشه، فيورثه الوسواس، والوسواس ممَّا يستعاذ منه، فكيف يتعرض له، والوَسْوَاس هو ما يحصل في النفس من الأفكار، والأحاديث التي تزعجه ولا تدعه يستقر على حاله.

قوله: "أخرجه أصحاب السنن، وزاد أبو داود (1): ثم يغتسل فيه".

قلت: وقد سقطت هذه الجملة من رواية الترمذي والنسائي وابن ماجه.

وذكر ابن الأثير (2): الفرع الرابع، البول في الإناء، وذكر فيه.

الحديث السابع:

7 -

وعن أميمة بنت رُقَيْقَةَ رضي الله عنها قالت: كَانَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ تَحتَ سَرِيرِهِ، يَبُولُ فِيهِ مِن اللَّيْلِ. أخرجه أبو داود (3) والنسائي (4). [حسن لغيره]

حديث "أميمة (5) بنت رقيقة" كلاهما بالتصغير، وفي أبي داود (6): عن حكيمة بنت أميمة بنت رقيقة، والكل بالتصغير، ورقيقة بقافين.

(1) في "السنن" رقم (27).

(2)

في "الجامع"(7/ 119).

(3)

في "السنن" رقم (24).

(4)

في "السنن" رقم (32).

وأخرجه ابن حبان رقم (1426)، والحاكم (1/ 167)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (194)، والبيهقي (1/ 99)، والطبراني في "الكبير"(ج 24/ رقم 477) وهو حديث حسن لغيره.

(5)

وحكيمة بنت أميمة بنت رقيقة عن أمها، وعنها ابن جريج، قال الحافظ في "التقريب" رقم (8565): لا تعرف، وابن جريج مدلس وقد صرح بالتحديث في رواية النسائي.

وللحديث شاهد عن عائشة رضي الله عنها، أخرجه ابن خزيمة رقم (65)، والنسائي رقم (33)، بسند صحيح، عنها قالت: كنت مسندة النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فدعا بطست فبال فيها.

(6)

في "السنن" رقم (24).

ص: 108

"قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدح من عَيْدان" بفتح العين المهملة، وسكون المثناة التحتية ودال مهملة.

قال في "الصحاح"(1): العَيْدَانُ: الطوال من النخل الوحداة عيدانه:

"تحت سريره يبول فيه من الليل".

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي".

وذكر ابن الأثير (2) هنا فرعاً في استقبال القبلة واستدبارها، فذكر حديث أبي أيوب وهو: الثامن: حديث (أبي أيوب رضي الله عنه):

8 -

وعن أبي أيوب رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا أَتَيْتُمْ الغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرَّبُوا". قال أبو أيوب: فَلمَّا قَدِمْنَا الشَّامَ وَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَستَغْفِرُ الله. أخرجه الستة (3)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها" تعظيماً لها عن استقبالها بالفروج واستدبارها بها.

"ولكن شرقوا أو غربوا"، قال في "النهاية" (4): هذا الأمر لأهل المدينة، ومن كانت قِبلتهُ على ذلك السَّمت ممَّن هو في جهتَي الجنوب والشمال، أمّا من كانت قبلته في جهة الشرق أو الغرب فلا يشرق ولا يغرب (5).

(1) للجوهري (6/ 2162)، وانظر:"القاموس المحيط"(ص 386).

(2)

في "الجامع"(7/ 120).

(3)

البخاري رقم (394)، ومسلم رقم (264)، وأبو داود رقم (9)، والترمذي رقم (8)، وابن ماجه رقم (318)، والنسائي (1/ 23)، وأخرجه أحمد (5/ 415) وهو حديث صحيح.

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 861).

(5)

ثم قال: إنما يجتنب أو يشتمل.

ص: 109

"قال أبو أيوب: فلما قدمنا الشام" في فتوحهم لها.

"وجدنا مراحيض"(1) بفتح الميم وحاء مهملة وضاد معجمة، جمع مرحاض وهو المغتسل وموضع قضاء الحاجة، من الرحض وهو الغسل.

"قد بنيت قبل القبلة فننحرف عنها" نميل عنها.

"ونستغفر الله" لبانيها أو لَناَ إذ قعدنا [قبل تأملها](2) فاستقبلنا [243 ب] القبلة، وحديث أبي أيوب: دالٌّ على تحريم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط؛ لأن التحريم أصل النهي، ولا يحمل على خلافه إلاّ بدليل، وللعلماء خلاف في ذلك، وأقوال أوضحناها في "سبل السلام"(3) وفي "العدة حاشية شرح العمدة"(4).

قوله: "أخرجه الستة، وهذا لفظ الشيخين".

- وفي رواية لمالك (5): أَنَ أَبَا أَيُّوبَ قَالَ وَهُوَ بِمِصْرَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الكَرَايِيسِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا ذهبَ أَحَدُكمْ لِغَائِطَ، أَوْ بَوْلَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا بِفَرْجِهِ". [صحيح]

قوله "شَرِّقُوا أَوْ غَرَّبُوا": أمر لأهل (6) المدينة، ولمن قبلته على ذلك السَّمت، فأما من كانت قبلته إلى الشرق، أو الغرب فلا يستقبلهما.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 644)، "غريب الحديث" للهروي (3/ 143).

(2)

كذا رسمت في "المخطوط".

(3)

(1/ 301 - 305) بتحقيقي.

(4)

(1/ 173 - 176).

(5)

في "الموطأ"(1/ 193) وقد تقدم.

(6)

قاله ابن الأثير في "النهاية"(1/ 861).

ص: 110

"وَالمَرَاحِيضُ"(1): جمع مرحاض: وهو المغتسل، وموضع قضاء الحاجة.

"وَالكَرَايِيسُ"(2): بياءين معجمتين بنقطتين من تحت جمع كرياس، وهو الكنيف المشرف على سطح بقناة إلى الأرض، فإذا كان أسفل فليس بكرياس.

قوله: "وفي رواية لمالك (3) أنّ أبا أيوب قال وهو بمصر: والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكراييس؟ " قال ابن الأثير (4): بيائين معجمتين بنقطتين، نقطتين من تحت، جمع كرياس (5) وهو الكنيف المشرف على سطح بقناة إلى الأرض، فإذا كان أسفل فليس بكرياس. انتهى.

يريد بلا مسقط، وقد نقله المصنف.

"وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ذهب أحدكم لغائط أو بول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه".

التاسع:

9 -

وعن مروان الأصفر قال: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أناخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَليْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى، إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ في الفَضَاءِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ القِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلا بَأْسَ. أخرجه أبو داود (6). [حسن]

(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 644)، "غريب الحديث" للهروي (3/ 143).

(2)

سيأتي شرحها.

(3)

في "الموطأ"(1/ 193).

(4)

في "غريب الجامع"(7/ 121)

(5)

انظر: "غريب الحديث" للهروي (3/ 143)، "الفائق" للزمخشري (3/ 258).

(6)

في "السنن" رقم (11).

قلت: في سنده الحسن بن ذكوان البصري، أبو سلمة. =

ص: 111

قوله: "وعن مروان (1) الأصفر" هو أبو خليفة البصري، قيل: اسم أبيه خاقان؟ وقيل: سالم، ثقة من الرابعة.

"قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت له: أبا عبد الرحمن أما قد نهى عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهي عن ذلك في الفضاء"، بالمد: الأرض الواسعة.

"فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس"، قال في المحكم (2): البأس الحرب ثم كثر حتى قيل: لا بأس عليك، أي: لا خوف عليك.

قال الشيخ ولي الدين: فقوله: فلا بأس أي: فلا خوف عليك من ارتكاب ذلك، فإنه جائز (3).

قال الخطابي (4): هذا أولى ما يذهب إليه؛ لأن فيه جمعاً بين الأخبار المختلفة واستعمالها على وجوهها كلها، وفي قول أبي أيوب: تعطيل لبعض الأخبار وإسقاط له، قال: والمعنى في ذلك أنّ

= قال ابن حجر في "التقريب" رقم (1240): "صدوق يخطئ، ورمي بالقدر وكان يُدلس"، وفي هذا الحديث قد عنعن، فيكون هذا الإسناد ضعيف.

وأخرجه الحاكم (1/ 154)، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، قلت: الحسن بن ذكوان إنما أخرج له البخاري متابعة، وقد صرح الحسن بن ذكوان هنا بالتحديث فانتفت علة التدليس.

وقد حسنه النووي في "الخلاصة"(1/ 154). وهو حديث حسن.

(1)

انظر: "التقريب" رقم (1240).

(2)

"المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (ت: 458 هـ)(8/ 561).

(3)

انظر: "فتح الباري"(1/ 245).

(4)

في "معالم السنن"(1/ 19 - مع السنن).

ص: 112

الفضاء من الأرض موضع للصلاة، ومتعبد للملائكة والإنس والجن، والقاعد فيه هدف للأبصار، وهذا المعنى مأمون في الأبنية.

قلت: وقد روي هذا المعنى عن الشعبي، فأخرج البيهقي (1) عن عيسى (2) الخياط قال: قلت للشعبي: أنا أعجب من خلاف أبي هريرة وابن عمر، فإنّ ابن عمر قال: دخلت بيت حفصة فحانت مني التفاته، فرأيت كنيف [244 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها،! قال الشعبي: صدَقا جميعاً، أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء، إن لله عباداً ملائكة وجناً يصلون، فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم، وأمّا كُنفهم تبنى لا قبلة فيها" (3). انتهى.

قوله: "أخرجه أبو داود".

العاشر: حديث (ابن عمر):

10 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ بَيْتِ حَفْصةَ رضي الله عنها لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ. أخرجه الستة (4)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

(1) في "السنن الكبرى"(1/ 93). قال البيهقي. وهكذا رواه موسى بن داود وغيره، عن حاتم بن إسماعيل، إلا أن عيسى بن أبي عيسى الخيّاط هذا هو عيسى بن ميسرة، ضعيف.

(2)

قال الحافظ في "التقريب" رقم (5317): عيسى بن أبي عيسى الحنَّاط الغفاري، أبو موسى المدني، أصله من الكوفة، واسم أبيه ميسرة، ويقال فيه: الخيّاط، بالمعجمة والتخافية، وبالموحدة، وبالمهملة والنون، كان قد عالج الصنائع الثلاث، وهو متروك.

(3)

أخرجه ابن ماجه رقم (323) مختصراً، وهو حديث ضعيف جداً.

(4)

أخرجه البخاري رقم (145)، ومسلم رقم (266)، وأبو داود رقم (12)، والترمذي رقم (11)، وابن ماجه رقم (322)، والنسائي رقم (23)، وأخرجه أحمد (2/ 12)، وابن أبي شيبة (1/ 151)، والدارمي =

ص: 113

- ولمسلم (1) في أخرى: قَالَ عَبْدُ الله يَقُولُ نَاسٌ: إِذَا قَعَدْتَ لِحَاجَتِكَ، فَلَا تَقْعُدْ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وَلَا بَيْتِ المَقْدِسِ، لَقَدْ رَقِيتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ حَفْصَةَ رضي الله عنها وَذَكَرَ الحَدِيثَ. [صحيح]

"قال: ارتقيت فوق بيت حفصة" في أبي داود (2): "ولقد ارتقيت على ظهر البيت" وليس فيه "لبعض حاجتي".

"فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام، مستدبر القبلة" قال الحافظ (3): إنه لم يقصد ابن عمر الإشراف على النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة، وإنما صعد السطح لحاجته فحانت منه إلتفاتة، نعم، لما اتفقت له رؤيته في تلك الحالة من غير قصد، أحب أن لا يخلي ذلك عن فائدة، فحفظ هذا الحكم الشرعي وكأنه إنما راه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور، ودلّ ذلك على شدة حرص هذا الصحابي على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ليتبعها، وكذا كان رضي الله عنه. انتهى.

قوله: "أخرجه الستة".

قلت: بألفاظ عدة.

"وهذا لفظ الشيخين".

قلت: لفظ مسلم (4): "ولقد رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس لحاجته".

= (1/ 171)، وأبو عوانة (1/ 201)، والدارقطني في "السنن"(1/ 61)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (177)، والبيهقي (1/ 92). وهو حديث صحيح.

(1)

في صحيحه رقم (61/ 266).

(2)

في "السنن" رقم (12).

(3)

في "فتح الباري"(1/ 247 - 248).

(4)

في صحيحه رقم (61/ 266).

ص: 114

وفي لفظ (1): "رقيت على بيت أختي حفصة [فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم](2) قاعداً لحاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة.

ولفظ البخاري (3): "ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام". انتهى.

قوله: "ولمسلم".

قلت: لفظه (4): عن واسع بن حبان قال: كنت أُصلِّي في المسجد [الحرام](5) وعبد الله ابن عمر مسند ظهره إلى القبلة، فلما قضيتُ صلاتي انصرفت إليه من شِقِّي. فقال عبد الله قوله:"وذكر الحديث" أي: الماضي، لكن لفظه عند مسلم (6):"فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس [245 ب] لحاجته". انتهى.

هذا لفظه في الرواية التي فيها: "قال عبد الله" وليس إلاّ استقباله بيت المقدس فقط، وهي إحدى روايات البخاري (7)، وفيها زيادة.

(1) في صحيحه رقم (62/ 266).

(2)

ما بين الحاصرتين سقطت من "المخطوط"(أ. ب) وأثبتناها من صحيح مسلم.

(3)

في صحيحه رقم (148).

(4)

أي: في "صحيح مسلم" رقم (61/ 266).

(5)

ليست في "صحيح مسلم".

(6)

في صحيحه رقم (61/ 266) وقد تقدم.

(7)

في صحيحه رقم (145).

ص: 115

الحادي عشر: حديث (حذيفة رضي الله عنه):

11 -

وعن حذيفة (1) رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَانْتَهىَ إِلى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قائماً. [صحيح]

قوله: "فانتهى إلى سباطة (2) قوم" بضم السين المهملة، فموحدة خفيفة، فطاء مهملة، فسّرها المصنف بالكناسة، وهي أيضاً المزبلة وتكون بفناء الدار، مرفقاً لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد منها البول على البائل، وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك؛ لأنها لا تخلوا عن النجاسة، وبهذا يندفع إيراد من استشكله لكون البول يوهي الجدار وفيه أضرار، فقول: إنما بال فوق السباطة، لا في أصل الجدار، وهو صريح في رواية أبي عوانة في صحيحه (3).

- وفي رواية عن أبي وائل قال: "كَانَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه يُشَدِّدُ في البَوْلِ، وَيَبُولُ فِي قَارُورَةٍ وَيَقُولُ: إِنَّ بَني إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَصَابَ جِلْدَ أَحَدِهِمْ بَوْلٌ قَرَضَهُ بِالمَقَارِيضِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَدِدْتُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا يُشَدِّدُ هَذَا التَّشْدِيدَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أنَّا وَرَسُوُل الله صلى الله عليه وسلم نَتَمَاشَى، فَأتى سُبَاطَةَ قَوْمٍ خَلْفَ حَائِطٍ، فَقَامَ كما يَقُومُ أَحَدُكمْ فَبَالَ، فَانْتَبَذْتُ مِنْهُ، فَأَشَارَ إِلَيّ فَجئْتُ فَقُمْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ حَتَّى فَرَغَ". أخرجه الخمسة (4): وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

(1) أخرجه أحمد (5/ 382/ 402)، والبخاري رقم (224) وأطرافه:(225، 226، 2471)، ومسلم رقم (73/ 273)، وأبو داود رقم (23)، والنسائي رقم (18، 26، 27، 28)، والترمذي رقم (13)، وابن ماجه رقم (305)، والدارمي (1/ 171)، وأبو عوانة (1/ 198)، وابن خزيمة رقم (61)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 100، 270، 274).

وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "فتح الباري"(1/ 328)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 749).

(3)

(1/ 198).

(4)

انظر: "التعليقة" رقم (1).

ص: 116

"السُّبَاطَة"(1): الكناسة والزبالة.

قال الخطابي (2): وسبب بوله صلى الله عليه وسلم قائماً مرض اضطره إليه.

"وَالانْتِبَاذُ": الانفراد والاعتزال ناحية (3): وإدناؤه (4) إليه ليستتر به عن المارَّة.

قوله: "وفي رواية عن أبي وائل (5) " هو شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز.

"قال: كان أبو موسى" أي: الأشعري الصحابي.

(يشدد في البول ويبول قاعداً في قارورة)

قوله: "قال حذيفة" أي: ابن اليمان.

(وددت أن صاحبكم) يعني: أبا موسى، والخطاب لأبي وائل.

"لا يشدد" في البول.

"هذا التشديد" بحيث يبول قاعداً في قارورة يريد، فإنه خلاف السنة، واستدل له بقوله:"لقد رأيتني" رأيت نفسي.

"أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى، فأتى سُبَاطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال" أي: قائماً، والقائم يتعرض لرشاش البول، فلم يلتفت صلى الله عليه وسلم إلى هذا الاحتمال، ولم يتكلف البول في قارورة، واختلف العلماء فيما يتطاير إلى البائل مثل رؤوس الإبر من البول، فقال مالك (6):

(1) تقدم شرحها.

(2)

في "معالم السنن" (1/ 27 - مع السنن".

(3)

ذكره ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 127).

(4)

انظر: "فتح الباري"(1/ 329).

(5)

انظر: "التقريب"(1/ 354 رقم 96).

(6)

انظر: "التقريب"(1/ 354 رقم 96).

ص: 117

يغسله استحباباً، وقال الشافعي (1): يغسله وجوباً، وسهل أبو حنيفة (2) كما في سائر النجاسات، وقال النووي (3): كانوا يرخصون في القليل من البول.

قال ابن حبان: إنما بال قائماً؛ لأنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فقام لكون الطرف الذي يليه من السُباطة رخوة يتخللها [246 ب] البول، فلا يرتد إلى البائل منه شيء.

وقيل: إنما بال قائماً؛ لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت، فقبل ذلك لكونه قريباً من الديار (4).

وقيل: إنما فعل ذلك لجرح كان بمأبطه، ففي بعض الروايات عند الحاكم (5) وغيره (6):"من وجع كان بمأبطه"(7) وهو بهمزة ساكنة، فموحدة ومعجمة، عرق في باطن الركبة.

ولو (8) صحَّ هذا لكان يغني عن جميع ما تقدم، لكن ضعفه (9) الدارقطني والبيهقي.

والأظهر أنه جعل ذلك لبيان (10) الجواز، وكان أكثر أحواله البول من قعود.

(1) انظر: "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(1/ 87).

(2)

انظر: "البيان" للعمراني (1/ 213)، "المجموع شرح المهذب"(2/ 100)، انظر:"البناية في شرح الهداية"(1/ 757).

(3)

انظر: "البناية في شرح الهداية"(1/ 757).

(4)

انظر: "فتح الباري"(1/ 330).

(5)

في "المستدرك"(1/ 182) وقال: هذا حديث صحيح تفرد به حمَّاد بن غسان، ورواته كلهم ثقات، وتعقبه الذهبي بقوله: حمَّاد ضعفه الدارقطني.

(6)

كالبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 101) وهو حديث ضعيف.

(7)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 31).

(8)

قاله الحافظ في "الفتح"(1/ 330).

(9)

وهو حديث ضعيف.

(10)

انظر: "شرح السنة"(1/ 387)، "فتح الباري"(1/ 330).

ص: 118

قوله: "فقمت عن يمينه حتى فرغ" فيه أنه لا يشرع الإبعاد في الذهاب، إلاّ عند إرادة الغائط.

قوله: "أخرجه الخمسة وهذا لفظ الشيخين".

وعن نافع قال: رَأيْتُ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَبُولُ قَائْماً. أخرجه مالك (1).

الثاني عشر: حديث (عمر).

12 -

وعن عمر رضي الله عنه قال: رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبُولُ قَائِمًا فَقَالَ "يَا عُمَرُ لَا تَبُلْ قَائِمًا فَمَا بُلْتُ قَائِمًا بَعْدُ"(2). [ضعيف]

- وروى عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ عُمَرُ: مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ. أخرجه الترمذي (3)، وقال (4) هذا أصح عن عمر، وضعف الرواية الأولى. قال: ومعنى النهي عن البول قائماً على التأديب لا على التحريم.

قال (5): وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "إِنَّ مِنْ الجَفَاءِ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قائِماً".

(1) في "الموطأ"(1/ 65 رقم 112) وهو أثر موقوف صحيح.

(2)

أخرجه الترمذي في "السنن"(1/ 17) معلقاً، وابن ماجه رقم (308، والبيهقي رقم (1/ 102).

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 93 رقم 122): "هذا إسناد ضعيف، عبد الكريم متفق على تضعيفه، وقد تفرد بهذا الخبر

" اهـ.

وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن"(1/ 17 - 18).

وأخرجه البزار في "مسنده"(رقم (244 - كشف) عن عبد الله بن عمر عن عمر به، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 206) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.

(4)

الترمذي في "السنن"(1/ 17 - 18).

(5)

الترمذي في "السنن"(1/ 18) معلقاً.

قال الألباني في الإرواء (1/ 97): وقد وقفنا والحمد لله على من وصله موقوفاً ومرفوعاً. =

ص: 119

"الجَفاَء": خلاف البر واللطف.

قوله: "وضعف الرواية الأولى" أي: التي فيها قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبل قائماً"؛ قال أبو عيسى (1): وإنما وقع هذا الحديث من رواية عبد الكريم (2) بن أبي المخارق، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعَّفه أيوب السختياني وتكلم فيه.

قوله: "قال الترمذي" وهذا كلامه إلى قوله: قائماً، وتفسير الجفاء من كلام المصنف.

قلت: وكأن حمل الترمذي على ذلك؛ لثبوت أنه صلى الله عليه وسلم بال قائماً.

قوله: "أخرجه الترمذي".

الثالث عشر: حديث (عائشة رضي الله عنها).

13 -

وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّها كانَتْ تَقُولُ: مَنْ حَدَّثَكمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إِلَّا قَاعِدًا. أخرجه الترمذي (3) والنسائي (4). [صحيح]

= أمَّا الموقوف: فأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 285) عن قتادة عن ابن بريدة عن ابن مسعود أنه كان يقول: "أربع من الجفاء: أن يبول قائماً، وصلاة الرجل والناس يمرون بين يديه، وليس بين يديه شيء يستره، ومسح الرجل التراب على وجهه وهو في صلاته، وأن يسمع المؤذي فلا يجيبه في قوله".

وقال: "وكذلك رواه الجريري عن ابن بريدة عن ابن مسعود".

قلت: فهو عنه صحيح موقوفاً.

وأمَّا المرفوع: فقد أخرجه البزار في "مسنده" رقم (547 - كشف)، والبخاري في "تاريخه"(2/ 1/ 56)، والطبراني في "الأوسط" رقم (5998)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 83)، وقال رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، ورجاله البزار رجال الصحيح اهـ. وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(1)

في "السنن"(1/ 17).

(2)

انظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 603 - 604).

(3)

في "السنن" رقم (12).

(4)

في "السنن" رقم (29). =

ص: 120

قوله: "فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً" وكان يفعل يفيد الاستمرار، وهو صحيح، لا تنافيه رواية بوله قائماً، كما في رواية حذيفة (1)؛ لأنها حالة نادرة، لا تنافي الاستمرار.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (2) حديث عائشة أحسن شيء في هذا الباب وأصح. انتهى.

"والنسائي".

الرابع عشر: حديث (عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما).

14 -

وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: أَرْدَفَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثاً لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ، أَوْ حَائِشٌ نَخْلٍ. أخرجه مسلم (3). [صحيح]

"الهَدَفُ"(4): هنا المرتفع.

"وَالحَائِشُ"(5): الحائط من النخل.

= وأخرجه ابن ماجه رقم (307)، وفيه شريك بن عبد الله القاضي وهو سيئ الحفظ، لكن تابعه سفيان عند أحمد في "المسند"(6/ 136/ 192)، وأبو عوانة (1/ 198)، والحاكم (1/ 181)، والبيهقي (1/ 101)، وسنده صحيح. عن عائشة رضي الله عنها قالت:"ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً منذ أنزل عليه القرآن".

وهو حديث صحيح.

(1)

تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.

(2)

أي: الترمذي في "السنن"(1/ 17).

(3)

في صحيحه رقم (79/ 342). وأخرجه أحمد (1/ 304)، وابن ماجه رقم (342) وهو حديث صحيح.

(4)

قال الفيروزآبادي في "القاموس المحيط"(ص 1114): الهدفُ كلُّ مرتفع من بناءٍ أو كثبِ رجل أو جبلٍ.

(5)

"القاموس المحيط"(ص 761).

ص: 121

قوله: "وكان أحبّ ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف" بفتحتين، يأتي تفسيره للمصنف.

"أو حائش نخل" بالحاء المهملة، والهمزة بعد الألف ثم شيخ معجمة، فسّره المصنف وابن الأثير (1) بالحائط من النخل، وهو البستان، ويقال فيه حش، بفتح الحاء وضمها.

قوله: "أخرجه مسلم".

الخامس عشر:

15 -

وعن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي يَده كَهَيْئَةِ الدَّرَقَةِ فَوَضَعَهَا، ثُمَّ جَلَسَ خَلْفَهَا، فَبَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: انْظُرُوا يَبُولُ كَمَا تَبُولُ المَرْأَةُ، فَسَمِعَهُ، فَقَالَ:"أَوَ مَا عَلِمْتَ مَا أَصَابَ صَاحِبُ بَني إِسْرَائِيلَ؟ كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ شَيْءٌ مِنْ البَوْلِ قَرَضُوهُ بِالمَقَارِيضِ فَنَهَاهُمْ صَاحِبُهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ". أخرجه أبو داود (2) والنسائي (3). [صحيح]

حديث: "عبد الرحمن (4) بن حسنة" بفتح المهملتين ثم نون، أخو شرحبيل [247 ب]، فيما قيل: صحابي له حديث عن أبي موسى.

لفظ أبي داود (5): "انطلقت أنا وعمرو بن العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم ". قوله: "كما تبول المرأة" كأنه يريد من قعود.

"فسمعه" أي: النَّبي صلى الله عليه وسلم.

"فقال" كأن المراد بعد فراغه من بوله.

(1) في "غريب الجامع"(7/ 129).

(2)

في "السنن" رقم (22).

(3)

في "السنن" رقم (301) وأخرجه ابن ماجه رقم (346)، وهو حديث صحيح.

(4)

انظر: "الاستيعاب" رقم (1546).

(5)

في "السنن" رقم (22) وهو كما قال الشارح.

ص: 122

"أوَما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل" لفظ أبي داود (1): "ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل" ثم ذكر لهم القصة.

"كانوا إذا أصابهم شيء من البول" لفظ أبي داود (2) في حديث أبي موسى "جلد أحدهم" وفي رواية (3): "جسد أحدهم".

"قرضوه بالمقاريض فنهاهم" أي: عن قرضهم ما أصابهم.

"صاحبهم فعذب في قبره" ظاهره أنه عذب لأجل نهيهم، ولفظ أبي داود (4):"قطعوا ما أصابه البول منهم" والحديث يدل على التنزه من البول، فإن الظاهر أنهم استنكروا بوله صلى الله عليه وسلم قاعداً، فأخبرهم أنه لأجل التنزه عن البول، فإن البائل قائماً قد لا يسلم من رشاش بوله، ثم أخبرهم بقصة بني إسرائيل ومن هنا استنبط أبو موسى (5) التشديد في التنزه عن البول، وأنه كان يبول قاعداً في قارورة كما سلف قريباً، وحذيفة (6) عارضه برواية بوله صلى الله عليه وسلم قائماً، ولا ريب أنها حالة نادرة مرة واحدة، كما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7) عن مجاهد قال:"ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً إلا مرة في كثيب أعجبه".

(1) في "السنن" رقم (22).

(2)

في "السنن" بإثر الحديث رقم (22)، وهذا في رواية جرير بن عبد الحميد عن منصور، كما في "صحيح مسلم" رقم (74/ 273).

وخالفه شعبة عن منصور عند البخاري رقم (226) فقال فيه: ثوب أحدهم.

(3)

انظر ما تقدم.

(4)

في "السنن" رقم (22) وهو حديث صحيح.

(5)

تقدم تخريجه.

(6)

تقدم تخريجه.

(7)

(1/ 122 - 123).

ص: 123

وقال النووي (1): المراد أنهم كرهوا ذلك، وزعموا أن شهامة الرجال لا تقتضي التستر على ما كانوا عليه في الجاهلية، ويؤيده ما في رواية البغوي في معجمه، فإن في لفظه:"كما تبول المرأة وهو قاعد" وفي معجم الطبراني: "وهو جالس كما تبول المرأة".

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي" وكان عليه أن يقول: واللفظ له؛ لأنّ في ألفاظ (2) أبي داود مخالفة كما قدمنا.

السادس عشر: حديث (أبي سعيد رضي الله عنه):

16 -

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَخْرُجِ الرَّجُلانِ يَضْرِبَانِ الغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ الله تَعَالَى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ". أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]

"يَضْرِبَانِ" أي: يقصدان الخلاء.

(1) في "شرح صحيح مسلم"(3/ 166 - 167).

(2)

انظر: "جامع الأصول"(7/ 129 - 132).

(3)

في "السنن" رقم (15).

وأخرجه أحمد (3/ 36)، وابن ماجه رقم (342)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (190)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 99 - 100)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 157 - 158)، وابن خزيمة في صحيحه رقم (71) وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 46).

قال أبو داود: هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمَّار.

وقال الألباني في "تمام المنة": الحديث ضعيف لا يصح إسناده وله علتان.

الأولى: طعن العلماء في رواية عكرمة بن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير.

الثانية: أن هلال بن عياض في عداد المجهولين. اهـ.

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

ص: 124

ومعنى "يَمْقُتُ"(1) يبغض. قوله: "لا يخرج الرجلان" مثلاً أو أكثر أو المرأتان.

"يضربان الغائط" أريد به هنا الخلاء، والضرب: القصد أي: يقصدان.

"كاشفين عن عورتهما يتحدثان" وفي رواية جابر عند ابن السكن (2): "إذا تغوط [248 ب] الرجلان فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثا وإن كانا متواريين".

"فإن الله يمقت على ذلك" والمقت أشد البغض، والحديث دليل على منع التحدث عند التغوط وهو للتحريم (3)، وادعّى أنه لا يحرم إجماعاً وأنه للتنزيه (4).

قوله: "أخرجه أبو داود". قلت: وأخرجه ابن ماجه (5) وابن خزيمة في صحيحه (6)، إلاّ أنّهم رووه كلهم من رواية هلال بن عياض، أو عياض بن هلال، قال المنذري (7): لا أعرفه بجرح ولا عدالة، وهو من أعداد المجهولين. انتهى.

السابع عشر: حديث (أنس رضي الله عنه).

17 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ الحَاجَةَ لَمْ يَرْفَعْ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الأَرْضِ. أخرجه أبو داود (8) والترمذي (9)، وهذا لفظه. [صحيح]

(1) انظر: "القاموس المحيط"(205).

(2)

في صحيحه كم في "بلوغ المرام" لابن حجر (9/ 85) بتحقيقي.

(3)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(2/ 103).

(4)

ذكره الإمام المهدي في "الغيث المدرار المفتح للكمائم الأزهار".

(5)

في "السنن"(342).

(6)

في "صحيحه" رقم (71).

(7)

في "مختصر السنن"(1/ 24).

(8)

في "السنن" رقم (14) عن ابن عمر، وهو حديث صحيح.

(9)

في "السنن" رقم (14) من حديث أنس وهو حديث صحيح.

ص: 125

"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة" أي قضاء حاجة التغوط.

"لا يرفع ثوبه حتى يدنوا من الأرض".

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: بوّب له (1): باب كيف التكشُّف عند الحاجة، وساقه من حديث ابن عمر (2) ثم قال: قال أبو داود (3): رواه عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن أنس بن مالك وهو ضعيف.

قوله: "والترمذي واللفظ له" أي: للترمذي (4)، ولفظ أبي داود (5) إلا أنه رواه عن ابن عمر، لَا عَنْ أنس.

وقال الترمذي (6) بعد سياقه والتبويب (7) له بقوله: باب في الاستتار عند الحاجة، ما لفظه: هكذا روى محمَّد بن ربيعة عن الأعمش، عن أنس (8) بن مالك هذا الحديث.

وروى وكيع، وأبو يحيى الحمَّانيُّ عن الأعمش قال: قال ابن عمر: كان النَّبي صلى الله عليه وسلم، وساق لفظ الحديث بلفظه في التيسير، وروي الحديثين مرسلين.

ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس بن مالك، ولا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد

(1) أي: أبو داود في "السنن"(1/ 21 الباب رقم 6).

(2)

في "السنن" رقم (14) وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن"(1/ 22).

(4)

في "السنن"(1/ 22).

(5)

في "السنن"(1/ 21).

(6)

في "السنن"(1/ 21).

(7)

في "السنن"(1/ 21 الباب رقم 10).

(8)

أخرجه الترمذي في "السنن"(14).

ص: 126

نظر أنس بن مالك قال: ورأيته يصلى وذكر حكاية في الصلاة. انتهى (1) كلامه.

الثامن عشر: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):

18 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أكتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقْدَ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَتَى الغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ". أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

"الِاسْتِجْماَرُ" الاستنجاء بالجمار، وهي الحجارة الصغار.

"وَالوِتْرُ" الفرد، وقوله. "فَلْيَلْفِظْ" أي: فليرمه من فيه.

و"لَاكَ" الشيء يلوكه: إذا أداره في فيه.

و"الكَثِيبُ" ما اجتمع من الرمل مرتفعاً.

قوله: "من اكتحل فليوتر" أريد بالإيتار التثليث، وإن كان مطلقاً يصدق على غيره، لكنه قد جاء مصرحاً به، والمراد في كل عين، وإن كان المجموع شفعاً، إلاّ أنه أخرج أبو يعلى (3) والطبراني (4):"أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اكتحل جعل في عين اثنتين وواحدة [249 ب] بينهما" إلا أنه رمز السيوطي لضعفه (5)، وعلى صحته يراد بالإيتار خمس مرات.

(1) الترمذي في "السنن"(1/ 22).

(2)

في "السنن" رقم (35). وأخرجه أحمد (2/ 371)، وابن ماجه رقم (337)، و (3498) مختصراً، وابن حبان رقم (1410)، والحاكم (1/ 158)، والبيهقي (1/ 94)، وهو حديث ضعيف.

(3)

في "مسنده" رقم (2611) بإسناد ضعيف جداً.

(4)

قال الهيثمي في "مجمع الزائد"(5/ 171): رواه الطبراني وفيه عمرو بن الحصين العقيلي، وهو متروك.

(5)

وهو كما قال.

ص: 127

"من فعل فقد أحسن" وأتى بما أمر به ندباً بدليل قوله: "وإلاّ فلا حرج".

"ومن استجمر فليوتر" اختلف في المراد بالاستجمار في هذا الحديث، فذهب الجمهور من أهل اللغة (1) والحديث والفقه، إلا أنه الاستنجاء بالأحجار مأخوذ من الجمار، وهي الأحجار الصغار.

وقيل: سُمي بذلك؛ لأنه يطيب الريح كما يطيب الاستجمار بالبخور.

وقيل: المراد به في البخور أن يأخذ ثلاث قطع، أو يأخذ منه ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى، وهو على هذا مأخوذ من الجمر الذي يوقد.

قال القاضي عياض في "المشارق"(2): وقد كان مالك يقوله ثم رجع عنه.

وقال الشيخ ولي الدين: يمكن حمل هذا المشترك على معنييه، وهو الاستجمار، والتبخر وقد كان عمر يفعل ذلك نقله عنه ابن عبد البر (3)، فكان يستجمر بالأحجار، ويجمر ثيابه وتراً.

"ومن لا" يوتر "فلا حرج" عليه، استدل به المالكية (4) والحنفية (5) على أن الاستجمار يتقيد بعدد، وقالت الشافعية (6): نفي الحرج راجع إلى الزيادة على الثلاث جمعاً بينه وبين الأحاديث المصرحة بالجمع، لأمره صلى الله عليه وسلم بالثلاث والنهي عن النقص عنها، وإنما نبّه على ذلك؛ لأن حكم الزيادة على الثلاث في الوضوء الكراهة.

(1) انظر: "القاموس المحيط"(ص 469)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 285)، "فتح الباري"(1/ 257).

(2)

(1/ 238)، وانظر:"إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 30).

(3)

"التمهيد"(1/ 27 - 28).

(4)

"مدونة الفقه المالكي وأدلته"(1/ 88 - 89).

(5)

انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"(1/ 78).

(6)

"المهذب"(1/ 113 - 114).

ص: 128

وقيل: التحريم فبيّن أنّ الأحجار ليست كذلك، فإنه إذا أراد الإستنجاء بحجر آخر صارت شفعاً، فإنه لا يمنع من ذلك، ذكره الخطابي (1) والبيهقي (2) وغيرهما (3).

"ومن أكل فليلفظ" بكسر الفاء، ما تخلل بين أسنانه، واللفظ: الرمي، في الصحاح (4): لفظت الشيء، ألفظه لفِظاً رميته.

"وما لاك (5) بلسانه فليبتلع" اللوك: إدارة الشيء في الفم، يقال: لاك يلوك لوكاً.

قال الشيخ ولي الدين: فيه أنه يستحب للآكل إذا بقي في فيه وأسنانه شيء من الطعام، وأخرجه بعود يتخلل به أن يلفظه ولا يبتلعه، لما فيه من الاستقذار، وإن أخرجه بلسانه وهو في معنى لاكه فليبتلعه ولا [250 ب] يلفظه فإنه لا يستقذر، كذا ذكره النووي (6) وغيره في معنى الحديث.

ويحتمل أن يكون معناه: إنما أخرجه من بين أسنانه يرميه مطلقاً سواءً أخرجه بخلال أو بلسانه، وما بقي من آثار الطعام على لحم الأسنان سقف الحلق إن أدار عليه لسانه، ينبغي أن يبتلعه ولا يلقيه.

والفرق بينه وبين الذي استقر بين الأسنان أنّ ذاك يحصل له التغير غالباً باستقراره بينها، بخلاف ما هو على ظاهرها.

(1) في "معالم السنن"(1/ 34).

(2)

في "السنن الكبرى"(1/ 94).

(3)

انظر: "الفتح"(1/ 257).

(4)

للجوهري (3/ 1179).

(5)

ذكره ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 133).

(6)

انظر: "المجموع"(2/ 111، 120 - 124).

ص: 129

"من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، وإن لم يجد إلا كثيباً" بالمثلثة "من رمل (1) " قال في "الصحاح"(2): هو التل، وفي "النهاية"(3) هو الرمل المستطيل المحدودب.

"فليستدبره" بالموحدة أي: فليوله دبره، أي: ظهره.

"فإنّ الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم" قال الشيخ ولي الدين: جمع مقعدة: وهي تطلق على شيئين، ذكرهما في "الصحاح"(4).

أحدهما: السافلة أي: أسفل البدن.

والثاني: موضع القعود، وكل من المعنيين إرادته هنا محتملة، أي: أنّ الشيطان يلعب بأسافل بني آدم، أو بمواضع قعودهم لقضاء الحاجة، فعلى الأول: الباء للإلصاق، وعلى الثاني: للظرفية نحو: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)} (5)، أي: في سحر.

قال: وكلام الخطابي (6) يوافق الثاني، فإنه قال: معناه أنّ الشيطان يحضر تلك الأمكنة ويرصدها؛ لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله، وتكشف فيها العورات، وهو معنى قوله:"إن هذه الحشوش محتضرة" فأمر صلى الله عليه وسلم بالتستر ما أمكن، وأن لا يكون قعود الإنسان في براح من الأرض

(1) انظر نص العبارة كما هي في "الصحاح".

(2)

للجوهري (1/ 209) حيث قال: "الكثب الرمل" أي: اجتمع، وكل شيء ما انصب في شيء فقد أنكثب فيه، ومنه سمّي الكثيب من الرمل؛ لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه، والجمع الكثبان، وهي تلال الرمل.

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 524).

(4)

للجوهري (2/ 525).

(5)

سورة القمر الآية: 34.

(6)

في "معالم السنن"(1/ 33 - مع السنن).

ص: 130

تقع عليه أبصار الناظرين، فيتعرض لإنتهاك الستر، أو تهب الريح عليه، فيصيبه البول، فيلوث ثيابه أو بدنه، فكل ذلك من لعب الشيطان، وقصده إياه بالأذى والفساد.

"ومن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج".

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: وقال (1) رواه أبو عاصم، عن ثور، قال حصين الحميري: يريد عن أبي سعيد [251 ب] عن أبي هريرة.

قال (2): ورواه عبد الملك بن الصباح، عن ثور فقال أبو سعيد الخير، قال أبو داود (3): أبو سعيد الخير من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

ولكن الذي في أصل أبي داود في سياق أول الحديث، عن الحصين الحبراني بضم الحاء المهملة، وسكون الموحدة وراء، نسبة إلى خيران بطن من حمير، فقوله: في الطريق الآخر الحميري صحيح، وأبو الخير ذكره ابن حبان من ثقات (4) التابعين.

وقال النووي (5): المشهور أنه تابعي.

التاسع عشر: حديث (جابر رضي الله عنه).

19 -

وعن جابر رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا أَرَادَ البَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يرَاه أَحَدٌ. أخرجه أبو داود (6). [صحيح]

(1) أبو داود في "السنن"(1/ 34).

(2)

في "السنن"(1/ 34).

(3)

في "السنن"(1/ 34).

(4)

(5/ 568) وانظر: "تهذيب التهذيب"(2/ 393).

(5)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(2/ 120 - 121).

(6)

في "السنن" رقم (2). =

ص: 131

"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى البراز" بفتح الموحدة الفضاء، وبالكسر نفس الخارج، كذا في التوشيح.

"انطلق حتى لا يراه أحد" هو كحديث المغيرة (1): "كان إذا ذهب أبعد".

قوله: "أخرجه أبو داود".

العشرون: حديث (سلمان رضي الله عنه).

20 -

وعن سلمان رضي الله عنه: وَقَالَ لَهُ المُشْرِكُونَ: إِنَّا نَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ حَتَّى الخِرَاءَةَ. قَالَ: أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِىَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ، أَوْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثَة وَالعِظَامِ، وَقَالَ: لَا يَسْتَنْجِى أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ. أخرجه الخمسة (2) إلا البخاري، واللفظ لمسلم. [صحيح]

"وقال له المشركون" أي: واحد منهم وجمع لكون باقيهم يوافقونه.

"إنا نرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة" الخراءة (3) بكسر الخاء المعجمة، والمد لهيئة الحدث، وأما نفس الحدث فبفتح الخاء (4) وكسرها، وحذف الهاء جمع المد.

"قال: أجل" أي: نعم، ومراد سلمان أنه علمنا ما نحتاج إليه في ديننا.

"لقد نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه" تقدم.

= وأخرجه ابن ماجه رقم (335) وهو حديث صحيح.

(1)

تقدم تخريجه وهو حديث صحيح لغيره وقد تقدم.

(2)

أخرجه مسلم رقم (57/ 262)، وأبو داود رقم (7)، والترمذي رقم (16)، وابن ماجه قم (316)، والنسائي رقم (41) وهو حديث صحيح.

(3)

انظر: "الصحاح"(1/ 46 - 47).

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 477).

ص: 132

"أو يستقبل القبلة بغائط أو بول" وكذا فهي عن استدبارها كما تقدم، ونهى في الاستجمار "عن الروثة، والعظام" فلا يجوز الاستجمار بهما، وعلل في الحديث:"أن الروثة ركس"، وفي آخر:"إنها طعام دواب الجن، وإنّ العظام قوتهم"، واستوفينا ذلك في "سُبل السلام"(1).

"وقال: لا يستنجي أحدكم بدون (2) ثلاثة أحجار" هو نص في استيفاء ثلاث مسحات، فلا بد من إزالة النجاسة، واستيفاء ثلاث مسحات قالوا: ولو بحجر واحد له ثلاثة أحرف.

قلت: الحديث يقتضي ثلاث أحجار بنصه، وإلحاق غيرها بها من باب القياس بملاحظة المعنى المراد، وهو إزالة النجاسة.

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ البخاري [252 ب] واللفظ لمسلم".

- وله (3) في رواية عن جابر رضي الله عنه قال: "قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ". [صحيح]

قال الخطابي (4)"الخِرَاءَة" مكسورة الخاء ممدودة الألف: التخلي والقعود للحاجة.

قال (5): وأكثر الرواة يفتحون الخاء، ولا يمدون الألف، وقال الجوهري في "الصحاح" (6): الخراءة بالفتح والمد.

(1)(1/ 294 - 298).

(2)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (3/ 156). "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(1/ 88 - 90).

(3)

أي: لمسلم في صحيحه رقم (24/ 239).

وأخرجه أحمد (3/ 336)(3/ 294)، وأبو عوانة (1/ 219)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "معالم السنن"(1/ 17 - مع السنن).

(5)

أي: الخطابي في "معالم السنن"(1/ 17 - مع السنن).

(6)

(1/ 46 - 47).

ص: 133

قوله: "وفي رواية عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استجمر أحدكم فليوتر"، فذكر الثلاث في غيره تمثيل، فإن لم يفِ فخمس فما فوقها وتر، ثم ذكر المصنف ضبط الخراءة وقد قدَّمناه.

الحادي والعشرون: حديث (أبي قتادة).

21 -

وعن أبي قتادة رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَنَفَّسْ في الإِنَاءِ". أخرجه الخمسة (1)، واللفظ للبخاري. [صحيح]

"أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه".

قيل: وجهه أنّ ما جاور الشيء يعطى حكمه، فلما منع من الاستنجاء باليمين، منع من مس اليد حال خروج الخارج منها حسماً للمادة.

والمس (2): وإن كان الحديث في مس الذكر، لكن يلحق به الدبر قياساً، والتنصيص على الذكر لا مفهوم له بل فرج المرأة كذلك، وإنما خصّ الذِكر بالذّكر، لكون الرجال في الغالب هم الذين يخاطَبون، والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلاّ ما خصّ.

"ولا يستنج بيمينه" قيل: المعنى فيها أنها معدة للأكل، فلو تعاطاه بها تذكره عند الأكل، فيتأذى بذلك (3).

"ولا يتنفس في الإناء" الذي يشرب فيه، وقد تقدم؛ لأنه يقذره على غيره، قالوا: والنهي فيه للتأديب لإرادة (4) المبالغة في النظافة؛ إذ قد يخرج مع النفس مخاط أو بصاق أو بخار رديء،

(1) أخرجه البخاري رقم (153، 154، 5630)، ومسلم رقم (121/ 267)، وأبو داود رقم (31)، والترمذي رقم (15)، والنسائي (1/ 25)، وأخرجه أحمد (4/ 383)، وهو حديث صحيح.

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 254).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 254).

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 253).

ص: 134

فيكسبه رائحة كريهة فيقتذر بها هو أو غيره عن شربه.

قوله: "أخرجه الخمسة واللفظ للبخاري".

الثاني والعشرون: حديث (عائشة رضي الله عنها).

22 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتْ يَدُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم اليُمْنَى لِطُهُورِهَ وَطَعَامِهِ، وَكانَتِ يَدَهُ اليُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى. أخرجه أبو داود (1). [صحيح]

"قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره" يتطهر بها عند تطهره.

"وطعام" يأكل، وهو عام لكل ما يطعم بلا مرية، وللإخبار بأن الشيطان يأكل بيساره.

"وكانت يده اليسرى لخلائه" يستنجي بها.

"وما كان من أذى" عامّ لكل أذى في بدنه وغيره.

قوله: "أخرجه أبو داود" في باب (2): كراهية مس الذكر في الاستبراء باليمين وهذا فعل، وقد أخرج (3) أيضاً حديث:"إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه [253 ب] ".

الثالث والعشرون: حديث (ابن مسعود رضي الله عنه):

23 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه يَقُولُ: مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينيِ مُنْذُ بَايَعْتُ بِهاَ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَأَسْلمْتُ (4). [ضعيف جداً]

(1) في "السنن" رقم (33) وهو حديث صحيح.

(2)

في "السنن"(1/ 31 الباب رقم 31).

(3)

أي: أبو داود في "السنن" رقم (31).

(4)

أخرجه ابن ماجه في "السنن" رقم (311)، وهو حديث ضعيف جداً.

قال البوصيري: قلت: هكذا وقع موقوفاً عند ابن ماجه، رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر في "مسنده" عن وكيع نذكره بإسناده ومتنه سواء، وقد رواه الأئمة الستة والإمام أحمد في "مسنده" من حديث أبي قتادة بلفظ:"نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

ص: 135

فسر ذلك بأنه لم يستنج بها. أخرجه رزين.

قوله: "ما مسست ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو كلام عثمان، وهو من حسن التأدب والرعاية لشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "فسّر ذلك أنه لم يستنج بها".

قلت: بل إخباره عام أنه ما مسها قط لشيء من الأشياء، وأما عدم الاستنجاء بها فقد ثبت عنه النهي.

قوله: "أخرجه رزين" وابن الأثير (1) بيّض له على مادته.

الرابع والعشرون: حديث (أنس رضي الله عنه):

24 -

وعن أنس رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ". أخرجه أبو داود (2). [منكر]

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه".

بوّب له (3) أبو داود باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلا، ثم ذكره.

قوله: "أخرجه أبو داود".

= قال: وفي الباب عن عائشة وسلمان، وأبو هريرة، وسهل بن حنيف، والعمل على هذا عند عامة أهل العلم كرهوا الاستنجاء باليمين.

(1)

في "جامع الأصول"(7/ 137).

(2)

في "السنن" رقم (19).

وأخرجه الترمذي في "السنن" رقم (1746)، وفي "الشمائل" رقم (88)، والنسائي (8/ 178)، وابن ماجه رقم (303)، وابن حبان رقم (1413)، والحاكم (1/ 187)، وهو حديث منكر.

(3)

في "السنن"(1/ 25 الباب رقم 10).

ص: 136

قلت: وقال (1): وهذا حديث منكر. انتهى. وقال النسائي (2): غير محفوظ.

وقال الترمذي (3): حسن غريب. انتهى.

وقدح أبي داود فيه؛ لأنه رواه عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، وقال (4): إن الوهم فيه من همام، ولم يروه إلاّ همام. انتهى.

قلت: بل أخرجه البيهقي (5) من طريق يحيى بن المتوكل البصري عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتماً نقشه محمَّد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه". انتهى.

قال الحافظ ابن حجر (6): قد نوزع أبو داود في حكمه على هذا الحديث بالنكارة، مع أن رجاله رجال الصحيح، والجواب: أنه حكم بذلك؛ لأن هماماً تفرد به عن ابن جريج، وهما وإن كانا من رجال الصحيح، فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئاً؛ لأنه أخذ عنه لمّا كان بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج في البصرة في حديثهم خلل من قبله، والخلل في هذا الحديث من ابن جريج فإنه دلّسه على الزهري بإسقاط الواسطة، وهو زياد بن سعد، ووهم همام (7) في لفظه على ما أخرجه أبو داود [254 ب] وغيره، فهذا وجه حكمه عليه بكونه منكراً.

(1) في "السنن"(1/ 25).

(2)

في "السنن"(8/ 178).

(3)

في "السنن"(4/ 229).

(4)

أبو داود في "السنن"(1/ 25).

(5)

في "السنن الكبرى"(1/ 94، 95)، وقال: هذا شاهد ضعيف.

(6)

في "التخليص"(1/ 190).

(7)

قال ابن القيم في "تهذيب السنن"(1/ 31 - المختصر) بعد أن أورد جميع الروايات: "هذه الروايات كلها تدل على غلط همام، فإنها مجمعة على أن الحديث إنما هو في اتخاذ الخاتم ولبسه، وليس في شيء منها نزعه إذا دخل =

ص: 137

قال (1): وحكم النسائي (2) عليه بأنه غير محفوظ أصوب، فإنه شاذ في الحقيقة إذ الذي تفرد به من شرط الصحيح، لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذاً.

ثم قال: إنّ مُتَابِعَهُ يحيى بن المتوكل عن ابن جريج، قال ابن معين: أنه لا يعرفه، أي: أنه مجهول العدالة، وذكره ابن حبان في "الثقات"(3).

وأطال ابن حجر في الكلام، ذكره في نكته (4) على ابن الصلاح.

الخامس والعشرون:

25 -

وعنه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قَالَ: "اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ". أخرجه أبو داود (5). [صحيح]

= الخلاء، فهذا هو الذي حكم لأجله هؤلاء الحفاظ بنكارة الحديث وشذوذه والمصحح له لما لم يمكنه دفع هذه العلة حكم بغرابتها لأجلها، فلو لم يكن مخالفاً لرواية من ذكر فما وجه غرابته؟ ولعل الترمذي موافق للجماعة فإنه صححه من جهة السند لثقة الرواة واستغرابه لهذه العلة، وهي التي منعت أبا داود من تصحيح متنه، فلا يكون بينهما اختلاف، بل هو صحيح السند لكنه معلول، والله أعلم.

(1)

ابن حجر في "التلخيص"(1/ 190).

(2)

في "السنن"(8/ 178).

(3)

(7/ 612).

(4)

(2/ 617 - 618).

(5)

في "السنن" رقم (4، 5).

وأخرجه أحمد (3/ 99، 101، 282)، والبخاري رقم (142، 6322)، ومسلم رقم (122/ 375)، والترمذي رقم (5، 6)، والنسائي في "المجتبى" رقم (19)، وفي "عمل اليوم والليلة" رقم (74)، وابن ماجه رقم (298)، وابن حبان رقم (1407)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (28)، وأبو عوانة (1/ 216)، وابن أبي شيبة (1/ 1)، والبغوي في "شرح السنة"(1/ 376 رقم 186)، والبخاري في "الأدب" رقم (692)، والدارمي (1/ 171)، والبيهقي (1/ 95)، من طرق وهو حديث صحيح.

ص: 138

قوله: "وعنه" أي: عن أنس رضي الله عنه.

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء" أىِ: أراد دخوله وهو المكان الذي أُعدَّ لقضاء الحاجة كما يدل له "دخل".

"قال: اللهم إني أعوذ بك" هذا أحد لفظي (1) أبي داود، والآخر (2) فيه "بالله".

"من الخبث"(3) بضم الخاء المعجمة، ويجوز في الموحدة الضم والإسكان، وهو جمع خبيث، وهو ذكور الشياطين.

"والخبائث"(4) جمع خبيثة وهي إناثهم.

قوله: "أخرجه أبو داود" قال الحافظ المنذري في "مختصر السنن"(5): وأخرجه البخاري (6) ومسلم (7)، والترمذي (8) والنسائي (9) وابن ماجه (10). انتهى.

- وزاد (11) في رواية: "إِنَّ هَذِهِ الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِالله مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ". [صحيح]

(1) في "السنن" رقم (4).

(2)

في "السنن" رقم (5).

(3)

انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 192)، "معالم السنن"(1/ 18 - مع السنن).

(4)

انظر: "فتح الباري"(1/ 244).

(5)

(1/ 15 - 16).

(6)

في صحيحه رقم (142، 6322).

(7)

في صحيحه رقم (122/ 375).

(8)

في "السنن" رقم (5، 6).

(9)

في "السنن" رقم (19).

(10)

في "السنن" رقم (298).

(11)

في "السنن" رقم (6) من حديث زيد بن أرقم. وهو حديث صحيح.

ص: 139