الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي عن موسى بن عبد الأعلى قال: دخلت الحمام بمصر؟ فرأيت الشافعي يتدلك بالنخالة. انتهى.
"ثم عودي لمركبك" محل ركوبك.
"قالت: فلما فتح خيبر رضخ لنا من الفيء"، أعطاهم من الغنيمة، وكأنّ هذا كان في سفره صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، وكأن المرأة الغفارية ذات رحم منه، وأنه يجوز إرداف الأجنبية من خلف الراكب.
"قالت" أي: أمية بنت أبي الصلت (1)، أو ابن.
"وكانت" أي: المرأة الغفارية. "لا تطهر من حيضة إلاّ جعلت في طهورها" أي: في الماء الذي تطهر به. "ملحاً" امتثالاً لما أمرها به. "وأوصت به أن يجعل في غسلها" أي: في ماء غسلها. "حين ماتت".
قوله: "أخرجه أبو داود".
قلت: قال المنذري (2): فيه محمد بن إسحاق، وفيه اختلاف.
الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين
(الفَصْلُ الثَالِثْ)
من الستة الفصول التي في الباب الثامن
في غسل الجمعة والعيدين
(فِيْ غُسُلِ الجُمُعَةِ وَالعِيْدَيْنِ)
= بالنخالة وغسل الأيدي بدقيق الباقلي والبطيخ ونحو ذلك من الأشياء التي لها قوة الجلاء
…
، ثم ذكر قصة الشافعي.
وانظر: "مختصر السنن"(1/ 197).
(1)
وهو الصواب، وانظر ما تقدم.
(2)
في "مختصر السنن"(1/ 197).
الأول: حديث (أبي سعيد رضي الله عنه):
1 -
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "غُسْلُ الجمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيباً إِنْ وَجَدَ". أخرجه الستة (1) إلا الترمذي. [صحيح]
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غسل الجمعة" استدل به من قال الغسل لليوم، لإضافته إليه، وهو مذهب الظاهرية، حتى قال ابن حزم (2): لو اغتسل بعد صلاة الجمعة قبل غروب الشمس يوم الجمعة كان آتياً بالواجب، تعلقاً بإضافته إلى اليوم.
وأطال أبو محمد بن حزم في "المحلّى"(3) القول في ذلك، وقد رددنا عليه في هوامش المحلى، بما يبين ضعف كلامه.
قال ابن دقيق العيد (4): لقد أبعد الظاهرية إبعاداً يكاد [362 ب] أن يكون مجزوماً ببطلانه، حيث لم يشترط تقدم الغسل على صلاة الجمعة، حتى لو اغتسل قبل الغروب كفى عنده.
(1) أخرجه البخاري رقم (880)، ومسلم رقم (7/ 846)، وأحمد (3/ 60).
أمَّا قوله: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
أخرجه أحمد (3/ 6)، والبخاري رقم (879)، ومسلم رقم (5/ 846)، وأبو داود رقم (341)، والنسائي (3/ 93)، وابن ماجه رقم (1089)، وأشار إليه الترمذي في "السنن"(1/ 364)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (284)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 116)، والبيهقي (3/ 188)، ومالك في "الموطأ"(1/ 102 رقم 4)، والشافعي (1/ 133 رقم 394 - ترتيب المسند)، والدارمي (1/ 361)، وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 138)، والبغوي في "شرح السنة"(1/ 160)، وابن خزيمة رقم (1742)، والحميدي رقم (736)، وهو حديث صحيح.
(2)
في "المحلى"(2/ 22).
(3)
(2/ 22 - 24).
(4)
في "إحكام الأحكام"(2/ 110).
قال الحافظ ابن حجر (1): وقد حكى ابن عبد البر (2) الإجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة، ولا فعل ما أمر به.
واستدل القائل بأنّ الغسل للصلاة بما يأتي في الحديث السادس حديث ابن عباس وغيره.
"واجب على كل محتلم" أي: بالغ، وإنما ذكر الاحتلام لكونه الغالب (3)، فمن قال: أنه يخرج بلفظ: "محتلم" النساء؛ لأن الفروض تجب عليهن بالحيض، لا بالاحتلام، قد تعقب بأن الحيض في حقهن علامة البلوغ كالاحتلام.
وليس الاحتلام مختصاً بالرجال وإنما ذكر في الخبر لكونه الغالب، وفي وجوبه عليهن خلاف، واستدل بقوله:"واجب" على فريضة غسل الجمعة، وقد حكاه ابن المنذر (4) عن أبي هريرة، وعمار بن ياسر وغيرهما، وهو قول الظاهرية (5)، ورواية عن أحمد (6).
وقد قال الشافعي في "الرسالة"(7): احتمل قوله: "واجب" متعين الظاهر منها أنه واجب فلا تجزي صلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة.
واستدل لهذا الاحتمال الثاني: بقصة عثمان (8) مع عمر، قال: فلم يترك عثمان الصلاة ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دلّ على أنهما علما أن الأمر بالغسل للاختيار.
(1) في "فتح الباري"(2/ 358).
(2)
"الاستذكار"(5/ 36 رقم 5738). "التمهيد"(14/ 251).
(3)
انظر: "فتح الباري"(1/ 361، 382).
(4)
في "الأوسط"(4/ 43 - 44).
(5)
"المحلى"(2/ 22).
(6)
"المغني"(3/ 224).
(7)
(1/ 136 - مع الأم).
(8)
سيأتي نصه وتخريجه.
وقال إسحاق بن راهويه (1): أن قصة عمر وعثمان تدل على وجوب الغسل، لا على عدم الوجوب من جهة ترك عمر للخطبة واشتغاله بمعاتبة عثمان، وتوبيخ مثله على رؤوس الناس، ولو كان ترك الغسل مباحاً لما فعل عمر ذلك، وإنما لم يرجع عثمان للغسل لضيق الوقت، إذ لو فعل لفاتته الجمعة، أو لكونه قد اغتسل؛ لأنه قد روي أنه كان لا يترك إضافة الماء على بدنه يوماً واحداً.
قال ابن دقيق العيد (2): ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر، وقد [363 ب] أوّلوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد كما يقال: إكرامك عليَّ واجب.
وهو تأويل ضعيف، إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على هذا الظاهر.
وأقوى ما عارضوا به حديث: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث، فعول على المعارضة به كثير من المصنفين ووجه الدلالة فيه قوله:"فالغسل أفضل"، فإنه يقتضي اشتراك الغسل والوضوء في أصل الفضل فيستلزم إجزاء الوضوء.
إلا أنه ذكر الحافظ ابن حجر (3): أن طرقه ضعيفة ولهم أدلة أخرى كلها مدخولة.
"وأن يستن" يدلك أسنانه بالسواك.
"وأن يمس طيباً إن وجد" قال القرطبي (4): ظاهره وجوب الاستنان والطيب، لذكرهما بالعطف وتقدير الغسل واجب، والاستنان والطيب قال: وليسا بواجبين اتفاقاً.
(1) انظر: "المغني"(3/ 224 - 225).
(2)
في "إحكام الأحكام"(2/ 110 - 112).
(3)
(2/ 362).
(4)
في "المفهم"(2/ 479 - 480).
فدل على أن الغسل ليس بواجب إذ لا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد. انتهى.
وتعقبه ابن الجوزي (1) بأنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب لا سيما ولم يقع التصريح بحكم المعطوف، على أن دعوى القرطبي الإجماع مردودة.
فقد روي سفيان بن عيينة في جامعه (2) عن أبي هريرة: "أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة" وإسناده صحيح، وقال بوجوبه بعض أهل الظاهر (3).
وعقد البخاري (4) ترجمة للطيب فقال: باب الطيب للجمعة.
قال في "الفتح"(5): لم يذكر حكمه لوقوع الاحتمال.
وقوله: "إن وجد" متعلق بمس الطيب ويحتمل تعلقه به وبما قبله، ورواية مسلم (6):"ويمس من الطيب ما يقدر عليه" يؤيد الأول.
وفي رواية (7): "ولو من طيب المرأة" ويؤخذ من اقتصاره على المس، الأخذ بالتخفيف في ذلك.
وقوله: "ولو من طيب المرأة" وهو ما ظهر لونه وخفي ريحه، وهو يكره استعماله للرجل فأباحه هنا لأجل عدم غيره، وهو يدل على تأكد الأمر في ذلك.
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 362).
(2)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 362).
(3)
انظر: "المحلى"(2/ 23).
(4)
في "صحيحه"(2/ 364 الباب رقم 3 - مع الفتح).
(5)
(2/ 364).
(6)
في "صحيحه" رقم (5/ 846).
(7)
أخرجها مسلم في "صحيحه" رقم (7/ 846).
قوله: "أخرجه الستة إلا الترمذي".
الثاني: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كلِّ مُحْتَلِمٍ كغُسْلِ الجَنَابَةِ". أخرجه مالك (1). [موقوف صحيح]
"أنه كان يقول: غسل الجمعة واجب على كل محتلم كغسل الجنابة" أي: في صفاته وشرائطه ووجوبه.
"أخرجه مالك"[364 ب] موقوفاً.
الثالث: حديث (البراء رضي الله عنه):
3 -
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حَقاً عَلىَ المُسْلِمِينَ أَنْ يَغْتَسِلواَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلْيمسَّ أَحَدُهُمْ مِنْ طِيِبِ أَهْلهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالمَاءِ لَهُ طَيِبٌ". أخرجه الترمذي (2). [ضعيف]
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حقاً" أي: يحق حقاً.
"على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة وليس أحدهم من طيب أهله" هذا من ما يدل على وجوب الأمرين والمراد: إن لم يجد من طيبه.
"فإن لم يجد" طيباً. "فالماء له طيب" باغتساله به، فيكون باغتساله قد أحرز سنة الطيب وواجب الغسل.
قوله: (أخرجه الترمذي).
(1) في "الموطأ"(1/ 101 رقم 2)، وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (528)، وهو حديث ضعيف.
قلت: وقال (1): حديث البراء حديث حسن.
الرابع:
4 -
وعن ابن السبَّاق: أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: فِي جُمُعَةٍ مِنَ الجُمُعِ: "يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ؟ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ الله تَعَالَى عِيدًا فَاغْتَسِلُوا، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرَّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ". أخرجه مالك (2). [ضعيف]
حديث: "ابن السبَّاق"(3) بمهملة وموحدة مشددة، المدني الثقفي اسمه عبيد، أبو سعيد، ثقة.
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في جمعة من الجمع يا معشر المسلمين إن هذا اليوم جعله الله عيداً" للأسبوع، كما جعل عيدي العام.
"فاغتسلوا" ويؤخذ منه الاغتسال للعيد.
"ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه".
قوله: "أخرجه مالك".
قلت: وهو مرسل، لأن ابن السبَّاق تابعي.
الخامس: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنه):
5 -
وعن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: بَيْناَ عُمَرُ رضي الله عنه يَخْطُبُ النَاسَ يَوْمَ الجُمُعَةَ إذْا دَخَلَ عُثْماَنُ بِنُ عَفَّانَ: فَنَاَدَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنْيِ شُغِلْتُ اليِوْمَ فَلَمْ أنْقَلِبْ إِلى أَهْلِي
(1) في "السنن"(1/ 408).
(2)
في "الموطأ"(1/ 65 - 66 رقم 113)، وهو ضعيف.
ووصله ابن ماجه رقم (1098).
(3)
هو عبيد بن السَّباق المدني الثقفي، أبو سعيد ثقة.
"التقريب"(1/ 543 رقم 1547).
حتَّى سَمِعْتُ التَّأذِيِنَ، فَلَمْ أَزِدْ عَلىَ أَنْ تَوَضَّأتُ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه الوُضُوءُ: أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا بِالغُسْلِ". أخرجه الستة (1) إلا النسائي. [صحيح]
"قالا: بينا" أصله بين فأشبعت الفتحة وقد تبقى بلا إشباع، وقد يزاد فيها (ما) بينما. "عمر يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل" أي: المسجد.
"عثمان بن عفان" في رواية البخاري (2) عن ابن عمر: "إذ دخل رجل من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين".
قال ابن عبد البر (3): لا أعلم خلافاً أي: في أنه عثمان بن عفان، وقد سمّاه أبو هريرة في روايته لهذه القصة عند مسلم (4) وبهذا يعرف أنّ تسميته من رواية أبي هريرة لا من رواية ابن عمر.
والمصنف قد جمع الروايتين، وابن الأثير ذكر (5) لفظ رواية ابن عمر فقال:"إذ دخل رجل من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين".
"فناداه عمر" أي: قال له: يا فلان.
"أيَّةُ" بتشديد المثناة التحتية تأنيث أيّ [365 ب].
(1) أخرجه البخاري رقم (878)، ومسلم رقم (3/ 845) من حديث ابن عمر.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (882)، ومسلم رقم (4/ 845) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود رقم (340)، والترمذي رقم (493) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
في "صحيحه" رقم (878)، وأخرجه مسلم رقم (3/ 845).
(3)
في "التمهيد"(5/ 243).
(4)
في "صحيحه" رقم (4/ 845).
(5)
في "الجامع"(7/ 325 - 326).
"ساعة هذه" وهذا هو استفهام (1) توبيخ وإنكار، كأنه يقول: لم تأخرت إلى هذه الساعة؟.
وورد التصريح بالإنكار في رواية (2) أبي هريرة: "لم تحتبسون عن الصلاة".
ومراد عمر التلميح إلى ساعات التبكير التي ورد الترغيب فيها، وأنها إذا أنقضت طوت الملائكة الصحف.
"فقال عثمان: إني شُغلت اليوم" بضم أوله وقد بين شغله في رواية بقوله: "انقلبت من السوق".
"فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين" أي: الأذان بين يدي الخطيب.
"فلم أزد على أن توضأت" أي: لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلا بالوضوء.
"فقال عمر: والوضوء أيضاً" قال الحافظ (3): في روايتنا بالنصب، أي: والوضوء أيضاً اقتصرت عليه أو اخترته دون الغسل، وهو إنكار ثاني مضاف إلى الأول، والمعنى: ما اكتفيت بتأخير الوقت، وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل، واقتصرت على الوضوء.
"وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالغسل.
قوله: "أخرجه الستة، إلا النسائي".
- وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "إذَا جَاء أَحَدُكُمُ الجُمْعُةَ فَلْيَغْتَسِلْ"(4). [صحيح]
"وفي حديث أبي هريرة ألم تسمع" لفظ "الجامع"(5): "ألم تسمعوا".
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 359).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
في "فتح الباري"(2/ 360).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
(7/ 326) وكذلك أخرجها البخاري رقم (882)، ومسلم رقم (4/ 845).
"رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا جاء أحدكم [الجمعة] (1) فليغتسل" ظاهره أن الغسل بعقب المجيء؛ لأن الفاء للتعقيب، وليس ذلك المراد، بل المعنى والتقدير:"إذا أراد أحدكم" وقد جاء مصرحاً به عند مسلم (2) بلفظ: "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل".
ثم الظاهر (3) أن المراد: إذا جاء أحدكم صلاة الجمعة؛ لأنه الذي ينسب إليه المجيء، لا أن المراد: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة كما قيل، وأنه يدل على أن الغسل لليوم، بل الأول هو الأظهر، وأن الغسل لمجيء الصلاة.
قال ابن دقيق العيد (4): في الحديث دليل على تعليق الأمر بالغسل بالمجيء إلى الجمعة، واستدل به مالك (5) على أنه يعتبر أن يكون الغسل متصلاً بالذهاب، ووافقه الأوزاعي والليث والجمهور (6).
قالوا: يجزيْ من بعد [366 ب] الفجر، ويدل له ما أخرجه بن أبي شيبة (7).
قال الحافظ (8): بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن أبزي وهو صحابي:"أنه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل".
قلت: الغسل لا ينقضه إلاّ ما يوجبه.
(1) سقطت من (ب).
(2)
في صحيحه رقم (844).
(3)
انظر: "فتح الباري"(2/ 357).
(4)
في "إحكام الأحكام"(2/ 109 - 110).
(5)
انظر: "بلغة السالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير"(2/ 331).
(6)
"فتح الباري"(2/ 363).
(7)
في "مصنفه"(2/ 99).
(8)
في "فتح الباري"(2/ 358).
السادس: حديث (عكرمة).
6 -
وعن عكرمة قال: جاَءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ إِلىَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَقَالُوا: أَتُرَى الغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدَأَ الغُسْلُ؟ كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيَّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ، إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ حَارًّ، وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ، حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلمَّا وَجَدَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ:"أَيُّهَا النَّاسُ؟ إِذَا كَانَ هَذَا اليَوْمَ فَاغْتَسِلُوا، وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ الله تَعَالَى بِالخَيْرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوُا العَمَلَ وَوُسَّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ العَرَقِ. أخرجه الشيخان (1) وأبو داود (2)، وهذا لفظه. [صحيح]
"قال: جاء ناس" في "الجامع"(3): "من أهل العراق".
"إلى ابن عباس رضي الله عنه فقالوا: أترى الغسل يوم الجمعة واجباً، قال: لا" أي: لا يجب.
"لكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب" هذا رأيه.
ثم استدل على عدم الوجوب بقوله:
"وسأخبركم عن بدء الغسل" أي: عن بداية شرعيته ووجهها.
"كان الناس" من الصحابة. "مجهودين" من الجهد الحاجة.
"يلبسون الصوف ويعملون" حرفهم من زراعة وغيرها، وفي "الجامع":"على ظهورهم".
(1) البخاري رقم (884)، (885)، ومسلم رقم (848).
(2)
في "السنن" رقم (340) وهو حديث صحيح.
أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 101 - 102)، والترمذي رقم (494 - 495).
(3)
(7/ 326 رقم 5366).
"وكان مسجدهم" الذي هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"ضيقاً مقارب السقف"، قريبه ولفظ "الجامع" (1):"متقارب".
"إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح كريهة آذى بعضهم بعضاً، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال: يا أيها الناس إذا كان هذا اليوم" أي: إذا وجد.
"فاغتسلوا وليس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه" وهذا وَرد بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، لكن ابن عباس جعل السبب قرينة على عدم الإيجاب فلذا قال:
"ثم جاء الله بالخير" حين فتحت البلاد، واتسعت الغنائم.
"ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل" بأن تولاّها عبيدهم وأجراؤهم.
"ووسع مسجدهم" بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
"وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضاً من العرق" فالقول: بعدم الوجوب، رأي ابن عباس استنبطه مما [367 ب] ذكر.
ورد كلامه بأنه لا يلزم من زوال السبب زوال المسبب، كما في الرمل في الحج عند الطواف ونحوه.
قوله: "أخرجه أبو داود، وهذا لفظه".
- ولفظ الشيخين (2) عن طاوس قال: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اغْتَسِلُوا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَاغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ، وإنْ لَمْ تَكُونُوا جُنُبًا، وَأَصِيبُوا مِنَ الطِّيبِ". فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا الغُسْلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الطِّيبُ فَلَا أَدْرِى. [صحيح]
(1)(7/ 326) والذي في نسختنا مقارب.
(2)
البخاري في صحيحه رقم (884، 885)، ومسلم رقم (848).
"ولفظ الشيخين عن طاوس قال: قلت: لابن عباس: ذكروا أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: واغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم" تخصيص بعد التعميم.
"وإن لم تكونوا جنباً" قال في "الفتح"(1): معناه اغتسلوا يوم الجمعة، إن كنتم جنباً للجنابة ين لم تكونوا جنباً، فللجمعة وأخذ منه، أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجزي عن الجمعة سواء نواه عن الجمعة أم لا.
قال (2): وفي الاستدلال به على ذلك بعد.
"وأصيبوا من الطيب، قال ابن عباس أمّا الغسل فنعم" أي: أمر به.
"وأمّا الطيب فلا أدري" هذا قد عارضه لفظ حديث أبي داود (3) عنه الذي تقدم: "وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه".
فقوله: "لا أدري" يحمل على أحد أمرين، إمّا أنه نسي أو أنه لم يكن قد روى له الحديث ثم عرفه.
السابع: حديث (سمرة بن جندب):
7 -
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "منْ تَوَضأَ يَوم الجُمْعَة فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ يَوْمُ الجُمْعَةِ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ". أخرجه أصحاب السنن (4). [حسن بمجموع طرقه]
(1)(1/ 373).
(2)
الحافظ في "الفتح"(2/ 373).
(3)
من حديث عبيد بن السبّاق. وقد تقدم.
(4)
أخرجه أبو داود رقم (354)، والترمذي رقم (497)، والنسائي (3/ 94)، ولم يخرجه ابن ماجه من حديث سمرة بل أخرجه من حديث أنس رقم (1090)، وأخرجه أحمد (5/ 8، 11، 16، 22)، وابن خزيمة رقم (1757)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 119)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (285)، والبيهقي =
قوله: "فبها ونِعمتْ"(1) أي: فبهذه الخصلة، يعني الوضوء ينال الفضل. وقيل: فبالسنة أخذ ونعمت السنة هذه.
"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت" أي: فبالسنة أو بالرخصة أخذ، ونعمت تلك الخلة التي أخذ بها.
"ومن اغتسل يوم الجمعة فالغسل أفضل" هو دليل من قال بعدم وجوب غسل الجمعة وتقدم الكلام، وأن إسناد هذا لا يقاوم إسناد حديث الإيجاب.
قال الحافظ ابن حجر (2): لحديث سمرة هذا علتان؛ إحداهما: أنه من عنعنة الحسن والأخرى: أنه اختلف عليه فيه.
قال: وأخرجه ابن ماجه (3) من حديث أنس.
= (3/ 190)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 164)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 352)، والطبراني في "الكبير"(7/ 199).
وقال الترمذي: حديث حسن.
قلت: فيه عنعنة الحسن، ولكن له شواهد تقويه من حديث أنس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر، وعبد الرحمن بن سمرة، وابن عباس. انظرها في "نصب الراية"(1/ 91 - 93).
وخلاصة القول: أن الحديث حسن بمجموع طرقه.
(1)
قال الأزهري: "فبها ونعمت" معناه فبالسنة أخذ ونعمت السنة، قاله الأصمعي، وحكاه الخطابي أيضاً، وقال:"إنها" ظهرت تاء التأنيث لإضمار السنة، وقال غيره: ونعمت الخصلة، وقال أبو حامد الشاركي: ونعمت الرخصة، قال: لأن السنة الغسل، وقال بعضهم: معناه فبالفريضة أخذ، ونعمت الفريضة. "التلخيص"(2/ 135)، و"معالم السنن"(1/ 251 - مع السنن).
(2)
في "الفتح"(2/ 362).
(3)
في "السنن" رقم (1091) بسند ضعيف.
والطبراني (1) من حديث عبد الرحمن بن سمرة، والبزار (2) من حديث أبي سعيد، وابن عدي (3) من حديث جابر، وكلها ضعيفة، انتهى.
الثامن: حديث (يحيى بن سعيد):
8 -
وعن يحيى بن سعيد: أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اتّخّذَ ثَوْبَيْنِ لجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ". أخرجه مالك (4). [صحيح لغيره]
"المهنة" بفتح الميم وسكون الهاء: العمل والخدمة. ورُويَ بكسر الميم.
"أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه [368 ب] وآله وسلم قال: ما على أحدكم" أيها الحاضرون الجمعة.
"لو اتخذ ثوبين لجمعته" لصلاتها. "غير ثوبي مهنته" فسّرها المصنف.
وقوله: "ما عليه لو اتخذ" يدل على ندبية ذلك، وبّوب البخاري (5): باب يلبس أحسن ما يجد، وسرد في "الفتح"(6) أحاديث دالة على ذلك.
(1) في "الأوسط" رقم (4525).
(2)
"مختصر زوائد البزار"(1/ 290 رقم 439).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(2/ 362).
(4)
في "الموطأ"(1/ 110 رقم 17) وهو حديث حسن لغيره.
ووصله أبو داود عن عبد الله بن سلام في "السنن" رقم (1078)، وابن ماجه رقم (1095).
وهو حديث صحيح.
ووصله ابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 35) ط: ابن تيمية.
وأخرجه ابن ماجه رقم (1096)، وابن خزيمة رقم (1765)، وابن حبان في صحيحه رقم (568 - موارد).
وهو حديث صحيح.
(5)
في صحيحه (2/ 373 الباب رقم 7 - مع الفتح".
(6)
(2/ 374).
قوله: (أخرجه مالك).
قلت: هو بلاغ ومنقطع.
التاسع: حديث (نافع):
9 -
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما: كَانَ لَا يَرُوحُ إِلَى الجُمُعَةِ إِلَّا ادَّهَنَ وَتَطَيَّبَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا (1). [موقوف صحيح]
"أن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يروح إلى الجمعة إلاّ أدّهن وتطيب" ترجم البخاري (2): باب الدهن للجمعة وذكر حديث (3): "يَدَّهن".
قالوا: المراد إزالة شعث الشعر به، وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة، وترجم (4) للطيب يوم الجمعة، فقال: باب الطيب للجمعة ثم ذكر حديث (5) أبي سعيد: "وأن يمس طيباً إن وجد"، وبه يعرف أنّ ابن عمر أخذ بالسنة.
(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 110) وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
في صحيحه (2/ 370 الباب رقم 6 - مع الفتح).
(3)
رقم (883)، وطرفه رقم (910) عن سلمان الفارسي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج لا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.
(4)
أي: البخاري في صحيحه (2/ 364 الباب رقم 3 - مع الفتح).
(5)
رقم (880) عن أبي سعيد قال: "أشهدُ على رسول الله قال: الغُسلُ يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيباً إن وجد".
العاشر: حديث (ابن عمر رضي الله عنه)
10 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلىَ المُصَلِّى (1). [موقوف صحيح]
"أنه كان يغتسل يوم الفطر" أي: يوم عيد الفطر.
"قبل أن يغدو" للصلاة.
"إلى المصلى" يأتي أنه أخرجه مالك (2) موقوفاً، ولم يرد (3) مرفوعاً في غسل العيدين، إلا ما ورد عن ابن عباس، والفاكه بن سعيد:"أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل للعيدين".
(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 177 رقم 2) وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
في "الموطأ"(1/ 177 رقم 2) وهو أثر موقوف صحيح.
(3)
واعلم أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مرفوع.
أما الأحاديث الواردة فهي أربعة ضعيفة، من حديث ابن عباس، والفاكه بن سعد، وأبي هريرة، وراو مجهول.
1 -
أما حديث ابن عباس، فقد أخرجه ابن ماجه رقم (1315) عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431): "هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة وكذلك حجاج ومع ضعفه، قال فيه العقيلي: روى عن ميمون بن مهران أحاديث لا يتابع عليها.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 278) من طريق ابن ماجه. قال ابن عدي في "الكامل"(2/ 646): رواياته ليست بالمستقيمة" اهـ.
وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(2/ 198) من حديث ابن عباس، قال:"كنا نأكل ونشرب ونغتسل ثم نخرج إلى المصلى".
وهو حديث ضعيف جداً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2 - وأما حديث الفاكه بن سعد، فقد أخرجه ابن ماجه رقم (1316)، وأحمد (4/ 78)، والطبراني في "الكبير"(ج 18 رقم 828) عنه وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وكان الفاكه يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 431): هذا إسناد ضعيف، فيه يوسف بن خالد قال فيه ابن معين: كذاب خبيث زنديق، قلت: وكذبه غير واحد، وقال ابن حبان كان يضع الحديث" اهـ.
وهو حديث موضوع.
3 -
وأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" رقم (5784) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان، وغدا بغسل إلى المصلى، وختمه بصدقه رجع مغفوراً له".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: "وفيه نصر بن حماد وهو متروك".
4 -
وأما حديث المجهول فهو من رواية محمد بن عبيد الله عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين.
أخرجه البزار في "مسنده"(رقم: 648 - كشف).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 198) وقال: رواه البزار، ومندل فيه كلام، ومحمد هذا ومن فوقه لا أعرفهم، وهو حديث ضعيف جداً.
ثالثاً: لم يرد في التهنئة في العيد سنة مرفوعة أو موقوفة ثابتة:
أما الأحاديث الواردة فهي ضعيفة، من حديث واثلة بن الأسقع، وعبادة بن الصامت.
1 -
أما حديث واثلة بن الأسقع، فقد أخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2274) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 319).
من طريق محمد بن إبراهيم الشامي، حدثنا بقية، عن ثور عن خالد بن معدان عنه قال: لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فقلت: يا رسول الله، تقبل الله منا ومنك، قال:"نعم تقبل الله منا ومنك" قال ابن عدي: وهذا منكر لا أعلم يرويه عن بقية غير محمد بن إبراهيم هذا.
وقال البيهقي: قد رأيته بإسناد آخر عن بقية موقوفاً غير مرفوع ولا أراه محفوظاً.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
أخرج حديث (1) ابن عباس ابن ماجه، وحديث الفاكه البزار والبغوي، وابن قانع وعبد الله بن أحمد في "زيادات المسند" وإسنادهما ضعيفان.
وهو عند البزار (2) بإسناد ضعيف من حديث أبي رافع (3)، وقال البزار: لا أحفظ في اغتسال العيدين حديثاً صحيحاً.
والمصنف وابن الأثير (4) لم ترجما له كما ترى.
= 2 - وأما حديث عبادة بن الصامت، فقد أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 320) من طريق عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي، عن أبيه، عن مكحول، عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الناس في العيدين: "تقبل الله منا ومنكم" قال: "ذلك فعل أهل الكتابين، وكرهه".
قال البيهقي: عبد الخالق بن زيد منكر الحديث قاله البخاري.
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، والله أعلم.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" وهو بذيل "السنن الكبرى"(3/ 319 - 320): "في هذا الباب حديث جيد أغفله البيهقي، وهو حديث محمد بن زياد، قال: كنت مع أبي أمامة وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم.
قال أحمد بن حنبل: "إسناده إسناد جيد" اهـ.
(1)
انظر: "التعليقة المتقدمة".
(2)
في "مختصر الزوائد" للبزار (1/ 298 - 299 رقم 456) وفيه مندل؛ ضعفه أحمد والدارقطني. وفيه محمد بن عبد الله منكر الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث جداً. وقال ابن القطان: حال مندل أحسن من حال محمد هذا.
(3)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 162).
(4)
في "جامع الأصول"(7/ 331)، ولم يترجم له في هذا الباب.