المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

‌الباب التاسع: في الحيض

وفيه فصلان

(الباب التاسع)

من أبواب الطهارة، وهو آخر أبوابها، وقد تقدّم في السادس غسل الحائض والنفاس، وإنما هذا في أحكام ذلك.

‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

(الفصل الأول: في الحائض وأحكامها)

ما عدا الغسل فتقدّم.

الأوّل: حديث (أنس رضي الله عنه):

1 -

عن أنس رضي الله عنه: أَنَّ اليَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي البُيُوتِ، فَسَأَل أَصحَابُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (1) إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَاّ النِّكَاحَ". فَبَلَغَ ذَلِكَ اليَهُودَ. فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَاّ خَالَفَنَا فِيهِ. فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ رضي الله عنهما فَقَالَا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ اليَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، أَفَلَا نُجَامِعُهُنَّ؟ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلْتَهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا، فَعَرَفَا أَنّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا. أخرجه الخمسة (2) إلا البخاري، وهذا لفظ مسلم. [صحيح]

(1) سورة البقرة الآية: 222.

(2)

أخرجه مسلم رقم (302)، وأبو داود رقم (258)، والترمذي رقم (2977)، والنسائي (1/ 152)، وابن ماجه رقم (644)، وهو حديث صحيح.

ص: 465

"وجدَ (1) عليهِ" يجد موجدة إذا غضب.

"أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها".

أي: لم يساكنوها. "في البيوت" ولعلّ هذا من افترائهم لا من أحكام التوراة، ويحتمل أنها من الآصار التي كانت عليهم.

"فسأل أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الحكم الشرعي.

"فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (2) إلى آخر الآية، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلاّ النكاح"، فإنَّه الذي أراده الله بالأمر بالاعتزال، وأراد بالنكاح الوطء نفسه، ويأتي ما أبيح للرجل من الحائض.

"فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلاّ خالفنا فيه، فجاء أسيد" بضم الهمزة مصغر (ابن حضير) مثله.

(وعبّاد بن بشر) من أعيان الصحابة والأنصار.

"فقالا: يا رسول الله! إنّ اليهود تقول: كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ " أي: ننكحهن إغاظة لليهود.

"فتغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ لأنّه قد بيَّن أنه يحرم جماعهن ولو كان يحل لبيّنه، فلذا تغيّر.

"حتى ظننَّا" لفظ "الجامع"(3)"فخشيا"، أي: خافا.

"أنه قد وجد عليهما" غضب عليهما لما قالا ذلك.

"فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل" صلى الله عليه وسلم.

"في آثارهما فسقاهما فعرفا أنه لم يجد" أي: يغضب. "عليهما".

(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 826).

(2)

سورة البقرة الآية: 222.

(3)

(7/ 342) والذي في نسختنا: حتى ظننا أن قد وجَدَ عليهما، فخرجا.

ص: 466

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ البخاري" ولكن في [377 ب] ألفاظه اختلاف من زيادة، كما في أبي داود (1):"ويشاربوها"، ونقصان كما في النسائي (2) فإنه أخرجه إلى قوله:"إلاّ الجماع" وكذا قال المصنف: "وهذا لفظ مسلم"(3).

الثاني: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَتَى حَائِضًا فِي فَرْجهَا، أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِناً فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أنزِلَ عَلَى مُحمّدٍ صلى الله عليه وسلم". أخرجه الترمذي (4). [صحيح]

"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضاً في فرجها، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً" وصدّقه في كهانته كما في حديث آخر (5).

"فقد برئ ممّا أُنزل على محمد".

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (6): لا نعرف هذا الحديث إلاّ من حديث حكم الأثرم عن أبي تميمة الهُجيميِّ عن أبي هريرة.

(1) في "السنن" رقم (258).

(2)

في "السنن"(1/ 152).

(3)

في صحيحه رقم (302) وقد تقدم. وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن" رقم (135).

وأخرجه أحمد (2/ 408)، وأبو داود رقم (3940)، والنسائي في "عشرة النساء" رقم (130)، وابن ماجه رقم (639)، وابن الجارود رقم (107)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 45) وفي "شرح مشكل الآثار" رقم (30/ 6)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(1/ 318)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 637)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 198). وهو حديث صحيح.

(5)

تقدم وهو حديث صحيح.

(6)

في "السنن"(1/ 243).

ص: 467

قال (1): وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"من أتى حائضاً فليتصدق بدينار"(2) فلو كان إتيان الحائض كفراً لم يؤمر فيه بالكفارة، وضعّف محمد هذا الحديث من قبل إسناده، وأبو تميمة الهجيمي اسمه طريف بن مجالد. انتهى كلامه.

الثالث: حديث (عائشة رضي الله عنها):

3 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا وَأَرَادَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ بِإِزَارٍ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا، وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إِرْبَهُ. أخرجه الستة (3)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

وفي رواية أبي داود (4): "في فَوْحِ حَيْضَتِهَا".

"قالت: كانت إحدانا" أي: من نسائه صلى الله عليه وسلم.

"إذا كانت حائضاً وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها" يلصق بشرته ببشرتها (5).

"أمرها أن تأزر" وفي نسخة: "تتزر".

(1) الترمذي في "السنن"(1/ 243).

(2)

أخرجه أحمد (1/ 229، 230، 237، 286، 312، 325)، وأبو داود رقم (264)، والنسائي (1/ 153)، والترمذي رقم (136)، وابن ماجه رقم (640) عن ابن عباس وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري رقم (302)، ومسلم رقم (293)، وأبو داود رقم (268)، والترمذي رقم (132)، وابن ماجه رقم (635)، والنسائي (1/ 185).

وأخرجه أحمد (6/ 235)، والدارمي (1/ 242). وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن" رقم (268).

(5)

انظر: "فتح الباري"(1/ 404).

ص: 468

"بإزار" قال ابن العربي (1): كل ثوب كان في الوسط فهو الإزار والمئزر، وما كان على المنكبين فهو رداء، وما كان على الرأس فهو عمامة وخمار.

"في فور حيضتها" يأتي تفسير المصنف له.

"ثمّ يباشرها وأيكم يملك إربه" الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء بعدها موحدة، الحاجة وقيل: عضو الاستمتاع.

"كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه" قال الحافظ في "الفتح"(2): المراد: أنه صلى الله عليه وسلم كان أملك الناس لأمره، فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره ممن يحوم حول الحمى فيقع في الحمى، ومع ذلك فكان يباشر فوق الإزار تشريعاً لغيره ممن ليس بمعصوم، وبهذا قال أكثر العلماء، وهو الجاري على قاعدة المالكية (3) من باب سد الذرائع.

وذهب كثير من السلف أنّ الذي يمتنع من [378 ب] الاستمتاع من الحائض الفرج فقط، واختاره ابن المنذر (4).

وقال النووي (5): هو الأرجح دليلاً لحديث أنس: "اصنعوا كل شيء إلاّ الجماع" وحملوا هذا الحديث على الاستحباب جمعاً بين الأدلة.

وقال ابن دقيق العيد (6): ليس في هذا الحديث ما يقتضي منع ما تحت الإزار؛ لأنه فعل، انتهى.

(1) في "عارضة الأحوذي"(1/ 216).

(2)

(4/ 404).

(3)

انظر: "المفهم"(1/ 555).

(4)

في "الأوسط"(2/ 206).

(5)

"المجموع شرح المهذب"(2/ 394).

(6)

في "إحكام الأحكام"(ص 194) ط: ابن حزم.

ص: 469

قوله: "أخرجه الستة وهذا لفظ الشيخين".

"وفي رواية أبي داود" عن عائشة.

"في فوح"(1) يريد: فور إلاّ أنه بحاء مهملة عوض الراء يأتي تفسيره.

- وفي رواية النسائي (2) عن جميع بن عمير قال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها مَعَ أُمِّي وَخَالَتِي، فَسَأَلَتَاهَا: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يصنَعُ إِذَا حَاضَتْ إِحْدَاكُنَّ؟ قَالَتْ: كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا حَاضَتْ إِحْدَانَا أَنْ تَأَتَزِرَ بِإِزَارٍ وَاسِعٍ، ثُمَّ يَلْتَزِمُ صَدْرَهَا وَثَدْيَيْهَا.

"وفي رواية النسائي" عن عائشة.

(عن جميع) بالجيم مصغر (ابن عمير) كذلك وهو التيمي أبو الأسود الكوفي، صدوق، يخطئ ويتشيع، قاله في "التقريب"(3).

"قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها مع أمي وخالتي فسألتاها: كيف كان النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يصنع إذا حاضت إحداكن؟ " وأراد صلى الله عليه وسلم الاستمتاع منها.

"قالت: كان يأمرنا إذا حاضت إحدانا" أي: عند إرادته مباشرتها.

"أن تأتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها" تثنية ثدي وهو المعروف.

- وعند مالك (4): أَنَّ عُبَيْدَ الله بْنَ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُهَا: هَلْ يُبَاشِرُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَتْ: لِتَشُدَّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا إِنْ شَاءَ. [موقوف صحيح]

(1) انظر: "فتح الباري"(1/ 404)، "معالم السنن"(1/ 185 - مع السنن).

(2)

في "السنن"(1/ 185).

(3)

(1/ 133 رقم 111).

(4)

في "الموطأ"(1/ 58 رقم 95) وهو أثر موقوف صحيح.

ص: 470

"وعند مالك: أنّ عبيد الله بن عبد الله بن عمر أرسل إلى عائشة يسألها: هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض؟ فقالت: لتشد إزارها على أسفلها ثمَّ يباشرها إن شاء". وهذه فتوى من عائشة موقوفة عليها، إلاّ أنّ ما رفعته من الأحاديث دليل فتواها.

- وفي رواية لأبي داود (1) والنسائي (2): أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُبَاشِرُ المَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ إِلَى أَنْصَافِ الفَخِذَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ مُحْتَجِزَةً. [صحيح]

"فوْر (3) حيضتهَا، وفوحُ حيضتِها" بالراء والحاء المهملتين، أي: أوله ومعظمه.

و"الِاحتجازُ" شد الإزار على العورة، ومنه حُجزة السراويل، والحاجز الحائل بين الشيئين (4).

"وفي رواية لأبي داود والنسائي" عن عائشة.

"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر المرأة من نساءه وهي حائض إذا كان عليها إزار إلى أنصاف الفخذين" وتارة قالت: "واسعاً" وهي حالات كثيرة كان يتفق فيها هذا وهذا.

"والركبتين محتجزة" متّزرة، وقد فسّره المصنف.

الرابع:

4 -

وعن زيد بن أسلم رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنَكَ بِأَعْلَاهَا". أخرجه مالك (5). [صحيح لغيره]

(1) في "السنن" رقم (267).

(2)

في "السنن" رقم (289).

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 398، 399).

(4)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 345).

(5)

في "الموطأ"(1/ 57 رقم 93) وحديث صحيح لغيره.

ص: 471

حديث (زيد (1) بن أسلم) هو العدوي مولى عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة المدني فقيه عالم وكان يرسل.

قلت: فهذا الحديث مرسل.

"أنّ رجلاً سأل [379 ب] النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال: لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها" كأن المراد: ما عدا فرجها كما علم من غيره.

قوله: "أخرجه مالك".

قلت: مرسلاً كما عرفت.

الخامس: حديث (معاذ رضي الله عنه):

5 -

وعن معاذ رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: "مَا فَوْقَ الإِزَارِ، وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ"(2). أخرجه رزين. [ضعيف]

"قال: قلت: يا رسول الله! ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ " أي: إذا أردت مباشرتها.

"قال: ما فوق الإزار والتعفف عن ذلك أفضل" كأنه خشية الحوم حول الحمى.

قوله: "أخرجه رزين" عرفت ما فيه وبيّض له ابن الأثير.

السادس:

6 -

وعن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الحَائِضِ شَيْئًا القَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا. أخرجه أبو داود (3). [صحيح]

حديث (عكرمة عن بعض أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يضرّ جهالة عينها فكلهنّ عدول.

(1)"التقريب"(1/ 272 رقم 157).

(2)

أخرجه أبو داود رقم (213) وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن" رقم (272) وهو حديث صحيح.

ص: 472

"أنّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض" من أزواجه.

"شيئاً" مباشرة.

"ألقى" هو صلى الله عليه وسلم

"على فرجها ثوباً"؛ لأنّ محل التحريم الفرج لا غيره.

قوله: "أخرجه أبو داود".

السابع: حديث (ابن عباس رضي الله عنه):

7 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا وَقَعَ الرَجُلُ بِأَهْلِهِ وَهيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ". أخرجه أصحاب السنن (1). [صحيح]

"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض" أي: جامعها في حال حيضتها.

"فليتصدق بنصف دينار" كفارة لما فعله. قوله: "أخرجه أصحاب السنن".

- وفي رواية (2) قال: إِذَا أَصَابَهَا فِي أَوَّلِ الدَّمُ وَالدَّمُ أَحْمَرُ فَدِينَارٌ، وإنْ أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ وَالدَّمُ أَصْفَرُ فَنِصْفُ دِينَارٍ. [إسناده ضعيف]

قال الترمذي (3): قد روى هذا الحديث عن ابن عباس موقوفاً.

"وفي رواية" هي لأبي داود (4) والترمذي (5)، وهي عن مقسم عن ابن عباس موقوفة.

(1) أخرجه أبو داود رقم (264)، والنسائي (1/ 153)، والترمذي رقم (136)، وابن ماجه رقم (640)، وهو حديث صحيح، وقد تقدم.

(2)

أخرجها أحمد في "المسند"(1/ 367).

(3)

في "السنن"(1/ 245).

(4)

في "السنن" رقم (265) وهو صحيح موقوف.

(5)

في "السنن" رقم (137).

ص: 473

"إذا أصابها في أول الدم".

قوله: "والدم أحمر" هذه اللفظة للترمذي (1).

"وإن أصابها في انقطاع الدم" قريب انقطاعه.

"والدم أصفر" هو للترمذي (2) أيضاً.

قوله: "قال الترمذي" عقيب إخراجه الحديث.

"قد روى هذا الحديث عن ابن عباس موقوفاً".

قلت: هي رواية أبي داود (3) عن مقسم قدمناها، وزاد في "الجامع" (4): في كلام الترمذي ومرفوعاً.

- وفي رواية أبي داود (5): عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يَأْتِي أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ. قَالَ: "يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ.

قوله: "وفي رواية أبي داود" أي: عن ابن عباس.

"عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي أهله وهي حائض قال: يتصدق بدينار أو بنصف دينار، قال أبو داود (6): هكذا الرواية الصحيحة"[380 ب] يريد التخيير، أو أنه شك من الراوي.

ثم قال أبو داود (7): وربما لم يرفعه شعبة.

(1) في "السنن" رقم (137).

(2)

في "السنن" رقم (137).

(3)

في "السنن" رقم (266).

(4)

في "الجامع"(7/ 347).

(5)

في "السنن" رقم (1/ 182).

(6)

في "السنن"(1/ 182).

(7)

في "السنن"(1/ 182).

ص: 474

- وفي رواية (1) قال: "إِذَا أَصَابَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِذَا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ. [صحيح موقوف]

قوله: "وفي رواية" أي: عن ابن عباس.

"إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم" أي: قرب انقطاعه.

"فنصف دينار" وفي رواية ذكرها في "المنتقى"(2): "فإن أصابها وقد أدبر الدم ولم تغتسل فنصف دينار".

قال: وفيه غنية على تحريم الوطء قبل الغسل ونسبها - أي: الرواية - لأحمد (3).

قلت: فيراد بانقطاع الدم: انقطاعه حقيقة إلاّ أنها لم تغتسل، وهذه الآثار كما ترى، وقد أخرج حديث ابن عباس النسائي (4) مرفوعاً وموقوفاً ومرسلاً.

قال الخطابي (5): وقال أكثر العلماء (6): يستغفر الله ولا شيء عليه، وزعموا أنّ هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس، ولا يصح متصلاً مرفوعاً والذِّمَمُ بَريئةٌ إلاّ أن تقوم حجة تشغلها. هذا آخر كلامه.

قال الحافظ المنذري (7): وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه فروي مرفوعاً وموقوفاً ومرسلاً ومعضلاً.

(1) أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (265) وهو حديث صحيح موقوف.

(2)

رقم (16/ 383 - نيل الأوطار).

(3)

في "المسند"(1/ 367).

(4)

في "السنن"(1/ 153).

(5)

في "معالم السنن"(1/ 181 - مع السنن).

(6)

انظر: "الأوسط"(2/ 211)، "المجموع شرح المهذب"(2/ 391)، "المغني"(1/ 419 - 420).

(7)

في "مختصر السنن"(1/ 175).

ص: 475

وقال عبد الرحمن بن مهدي لشعبة: إنّك كنت ترفعه، قال: كنت مجنوناً فصححت.

وأمّا الاضطراب في متنه فروي: بدينار أو بنصف دينار على الشك.

وروي: يتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار. وروي: التفرقة بين أن يصيبها في أوّل الدم أو في انقطاع الدم. وروي: يتصدق بخمسيّ دينار، وروي بنصف دينار.

وروي: إن كان دماً أحمراً فبدينار، وإن كان دماً أصفر فبنصف دينار.

وروي: إن كان الدم غليظاً فليتصدق بدينار، وإن كان صفرة فبنصف دينار، انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"(1): إنّ رواية ابن عباس المرفوعة التي فيها: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" صححّها الحاكم (2) وابن القطان (3)، انتهى.

ولم يتكلم في "التلخيص"(4) على ذلك بل ذكر صفته وسكت عليه.

الثامن: حديث (عائشة رضي الله عنها):

8 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنْتُ أَغْسِلُ رَأْسَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَنَا حَائِضٌ. أخرجه الستة (5). [صحيح]

(1)(1/ 381 رقم 8/ 135 - مع سبل السلام) بتحقيقي.

(2)

في "المستدرك"(1/ 117 - 172).

(3)

(1/ 166).

(4)

قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 166): وقد أمعن ابن القطان القول في تصحيح هذا الحديث، والجواب عن طرق الطعن فيه بم يراجع منه، وأقّرّ ابن دقيق العيد تصحيح ابن القطان، وقواه في "الإلمام" وهو الصواب. اهـ.

(5)

أخرجه البخاري رقم (301، 1031)، ومسلم (297)، ومالك في "الموطأ"(1/ 60)، وأبو داود رقم (2467، 2468، 2469)، والترمذي رقم (804)، والنسائي (1/ 193).

وهو حديث صحيح.

ص: 476

"كنت أغسل رأس النبي صلى الله عليه وسلم وأنا حائض" قد صرّح صلى الله [381 ب] عليه وآله وسلم في حديثها (1) أنها ليست حيضتها في يدها، وأنها تباشر الحائض كل شيء فهي طاهر البدن.

قوله: "أخرجه الستة".

الحديث التاسع:

9 -

وعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَّكئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ فَيَقْرَأُ القُرْآنَ. أخرجه الخمسة (2) إلا الترمذي. [صحيح]

قوله: "وعنها" أي: عائشة رضي الله عنها.

"قالت: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري" في "القاموس"(3): بالضم والكسر، حضن الإنسان.

"وأنا حائض فيقرأ القرآن" هذا مقرر للأصل، فإنّ قراءة القرآن عند الحائض جائز وفي حجرها كذلك.

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ الترمذي".

العاشر: حديث (عائشة) أيضاً:

10 -

وعنها رضي الله عنها قالت: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَاوِلِينِي الخُمْرَةَ مِنَ المَسْجِدِ" فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ: "إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ". أخرجه الخمسة (4) إلا البخاري. [صحيح]

(1) سيأتي نصه وتخريجه، وهو حديث صحيح.

(2)

أخرجه البخاري رقم (297، 5749)، ومسلم رقم (301)، وابن ماجه رقم (634)، والنسائي رقم (274، 381)، وهو حديث صحيح.

(3)

"القاموس المحيط"(ص 475)، وانظر:"النهاية"(1/ 336).

(4)

أخرجه مسلم رقم (2/ 244 - 245 رقم 298)، وأبو داود رقم (261)، والترمذي رقم (134) وقال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. =

ص: 477

"الخُمرة"(1) حصير صغير من ليف أو غيره بقدر الكف، وهو الذي يتخذه الآن الشيعة للسجود.

"والحِيضةُ" بكسر الحاء (2): الحالة التي تلزمها الحائض، وبفتحها: الدفعة الواحدة من دفعات الحيض.

"قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة" فسّرها المصنف.

"من المسجد فقلت: إني حائض" أي: فلا يحل لي دخول المسجد، أو إمساك الخمرة وهي بضم الخاء المعجمة وسكون الميم فراء.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "فقال: إنّ حيضك ليست في يدك" يدل على الثاني، وفيه دلالة على الأول؛ لأنها لا بد وأن تدخل المسجد لأخذ الخمرة إلاّ أنه قال القاضي عياض: معناه: أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ذلك من المسجد، أي: وهو في المسجد، لتناوله إياها من خارج المسجد، لا أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تخرجها له من المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان في المسجد معتكفاً وكانت عائشة في محرابها وهي حائض، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"إنّ حيضتك ليست في يدك" فإنما خافت من إدخال (3) يدها المسجد، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى. انتهى.

= والنسائي رقم (217)، وابن ماجه رقم (632)، وهو حديث صحيح.

(1)

انظر: "غريب الحديث" للهروي (1/ 277).

وقال الخطابي في "معالم السنن"(1/ 179 - مع السنن): هي السجادة يسجد عليها المصلي، ويقال: سمّت خمرة لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض، أي: تستره.

(2)

قال الخطابي في "إصلاح غلط المحدثين"(ص 21 رقم 4): الحيضة بكسر الحاء المهملة، يعني الحالة والهيئة، وقال المحدثون: يفتحون الحاء وهو خطأ.

وانظر: "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" للقاضي عياض (1/ 217).

(3)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(2/ 389)، "المغني"(1/ 200)، "والمبدع"(1/ 206).

ص: 478

وكأنه محاماة على المذهب، وحديث ميمونة الآتي لا يوافق كلامه.

قوله: "أخرجه الخمسة إلاّ البخاري".

قوله: "حصير صغير من ليف" قال ابن الأثير (1): من ليف مظفور.

قوله: "وهو الذي يتخذه الآن الشيعة للسجود".

قلت: مراده بهم الرافضة الإمامية والذي رأيناهم يتخذونه ليسجدوا عليه حجرة صغيرة من تراب كربلاء، ورأيناهم إذا لم يجدوا ذلك سجدوا على بيت [382 ب] المبصرة، أو نحوه وسألتهم فقالوا: إنّ الأفضل السجود على ذلك، ولكن لم نجد ما ذكروه في كتبهم، فمن أجمعها كتاب "تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية" لم يذكر هذا فيه مع أنه ذكر في السجود اثني عشر بحثاً.

الحادي عشر: حديث (ميمونة رضي الله عنها):

11 -

وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ إِحْدَانَا فَيَتْلُو القُرْآنَ وَهِىَ حَائِضٌ، وَتَقُومُ إِحْدَانَا بِخُمْرَتِهِ إِلَى المَسْجِدِ فَتَبْسُطُهَا وَهِيَ حَائِضٌ. أخرجه النسائي (2). [إسناده ضعيف]

(1) في "الجامع"(7/ 315).

(2)

في "السنن"(1/ 147 رقم 273) بإسناد ضعيف.

وأخرجه أحمد في "المسند"(6/ 331).

وأخرجه بنحو هذا اللفظ عنها عبد الرزاق في "مصنفه" رقم (1249)، وأخرجه من طريقه، والطبراني في "الكبير"(ج 24 رقم 22)، وأحمد في "المسند"(4/ 344)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 202)، و"المرقوع" صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 479

"قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بخمرته إلى المسجد فتبسطها" هذا يراد ما قاله القاضي عياض (1) مما نقلناه عنه فإنه واضح في دخولها المسجد بنفسها لبسطها وهي حائض.

قوله: "أخرجه النسائي".

الثاني عشر: حديث (ابن عمر رضي الله عنه):

12 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّ جَوَارِيَهُ كُنَّ يَغْسِلْنَ رِجْلَيْهِ وَيُعْطِينَهُ الخُمْرَةَ وَهُنَّ حُيَّضٌ. أخرجه مالك (2). [موقوف صحيح]

"أنّ جواريه كنّ يغسلن رجليه ويعطينه الخمرة وهنّ حيض".

قوله: "أخرجه مالك" موقوفاً من فعل جواري ابن عمر، والحجة (3) إقراره لهن لما عرف من حسن تأسيه.

الثالث عشر: حديث (أم سلمة رضي الله عنها):

13 -

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بَيْنَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي فَلَبِسْتُهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَنُفِسْتِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. فَدَعَانِي فَاضطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ. أخرجه الشيخان (4) والنسائي (5). [صحيح]

"الخَمِيْلَةُ" كساء له خمل أو إزار (6).

(1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(2/ 131 - 132).

(2)

في "الموطأ"(1/ 52 رقم 88) بسند صحيح، وهو أثر موقوف صحيح.

(3)

انظر: "الخرشي على مختصر خليل"(1/ 209).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه رقم (298) وأطرافه رقم (322، 323، 1929)، ومسلم رقم (296).

(5)

في "السنن"(1/ 149، 150)، وهو حديث صحيح.

(6)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 352).

ص: 480

"قالت: بينّا أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة" بالخاء المعجمة مفتوحة بزنة فعيلة، يأتي تفسيرها.

"إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فلبستها" كأنه كان لها لباس تخصّه لحيضتها، وإلاّ فقد ورد أنه لم يكن لهنّ إلاّ ثوب واحد.

"فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفست؟ " بكسر الفاء كما مرّ أنه يسمى الحيض نفاساً.

"قلت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخيلة" فيه جواز (1) مضاجعة الحائض، وتقدم مراراً ما هو أزيد من ذلك.

قوله: "أخرجه الشيخان والنسائي".

الرابع عشر:

14 -

وعن عمارة بن غراب: أَنَّ عَمَّةً لَهُ حَدَّثَتْهُ: أَنَّهَا سَألَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَالَتْ: إِحْدَانَا تَحِيضُ وَلَيْسَ لَهَا وَلزَوْجِهَا إِلَاّ فِرَاشٌ وَاحِدٌ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أُخْبِرُكِ مَا صَنَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ لَيْلاً وَأَنَا حَائِضٌ، فَمَضَى إِلَى مَسْجِدِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي: مَسْجِدَ بَيْتِهِ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنَايْ وَأَوْجَعَهُ البَرْدُ: فَقَالَ: "ادْنِي مِنِّي". فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ: "وَإِنْ اكْشِفِي عَنْ فَخِذَيْكِ". فكَشَفْتُ فَخِذَيَّ، فَوَضَعَ خَدَّهُ وَصَدْرَهُ عَلَى فَخِذَيَّ، وَحَنَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى دَفِئَ فَنَامَ. أخرجه أبو داود (2). [ضعيف]

"حَني عليهِ" يحني: إذا انثنى عليه مائلاً، وحنا عليه يحنو إذا عطف عليه وأشفق (3).

(1) انظر: تفصيل ذلك في "المجموع شرح المهذب"(2/ 393 - 395)، "الاختيار لتعليل المختار"(1/ 39)، "الأوسط"(2/ 205 - 208).

(2)

في "السنن" رقم (270)، وهو حديث ضعيف.

(3)

قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 354).

ص: 481

حديث (عمارة بن غراب) بلفظ الطائر المعروف، قال في "التقريب" (1): تابعي مجهول غلط مَنْ عدَّه من أصحابنا بل هو من السادسة.

"أنّ عمة له" مجهولة أيضاً.

"حدّثته أنها سألت عائشة رضي الله عنها فقالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلاّ فراش واحد؟ فقالت عائشة: أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ليلاً وأنا حائض فمضى إلى مسجده" قال أبو داود (2): تعني مسجد بيته الذي يتنفل فيه.

"فلم ينصرف حتى غلبتني عيناي، وأوجعه البرد فقال: اُدني مني [383 ب] " اقربي.

"فقلت: إني حائض، قال: وإن اكشفي عن فخذيك فكشفت فخذي" بالتثنية.

"فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئَ"(3) يقال: دفأ الرجل فهو دفأن إذا سخن وذهب برده.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: فيه كما قدمنا مجهولان.

الخامس عشر: حديث (عائشة رضي الله عنها):

15 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كُنْتُ أَشْرَبُ مِنَ الإِنَاءِ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أَناوِلُهُ النبيَّ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فيَّ" أخرجه مسلم (4) بهذا اللفظ. [صحيح]

(1)(2/ 50 رقم 478).

(2)

في "السنن"(1/ 186).

(3)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 574).

(4)

في صحيحه رقم (300).

وأخرجه أحمد (6/ 62)، وأبو داود رقم (259)، والنسائي (1/ 148)، وابن ماجه رقم (643) وهو حديث صحيح.

ص: 482

"قالت: كنت أشرب من الإناء وأنا حائض ثم أناوله النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فيضع فاه" عند شربه.

"عند موضع فيَّ" تلذذاً لمحبته لها؛ ولأنّ الحائض كالطاهر إلاّ في الجماع.

قوله: "أخرجه مسلم بهذا اللفظ".

- وأبو داود (1) والنسائي (2)، ولفظهما: كُنْتُ أَتَعَرَّقُ العَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ فَأُعْطِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فيَضَعُ فَمَهُ فِي المَوْضِعِ الَّذِي وَضَعْتُ فَمِي فِيهِ. [صحيح]

وأخرجه (أبو داود والنسائي) عن عائشة.

ولفظهما: "كنت أتعرق العرق"(3) بفتح المهملة وسكون الراء، يأتي تفسيره أنه العظم عليه بقية اللحم، وتعرقه أكل اللحم الباقي عليه.

"وأنا حائض فأعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه" هذا في المأكول والأول في المشروب.

- وفي أخرى للنسائي (4): أَنّ شُرَيحَ ابْنُ هَانِئ سَأَلِ عَائِشَةَ: هَلْ تَأْكُلُ المَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَهِيَ طَامِثٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يدْعُونِي فَآكُلُ مَعَهُ وَأَنَا عَارِكٌ، فَكَانَ يَأْخُذُ العَرْقَ فُيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ، فَآَخُذُهُ فَاتَعَرَّقُ مِنْهُ، وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنَ العَرْقِ، وَيَدْعُو بِالشَّرَابِ فيقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ. فآخُدُهُ فَأَشْرَبُ مِنْهُ، ثُمَّ أَضَعُهُ فَيَأْخُدُهُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ، فَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنَ القَدَحِ. [صحيح]

"الطامِثُ"(5) المرأة الحائض، وهي العارك.

(1) في "السنن" رقم (259).

(2)

في "السنن" رقم (282) وهو حديث صحيح.

(3)

"القاموس المحيط"(ص 1172)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 192).

(4)

في "السنن" رقم (279) وهو حديث صحيح.

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 122).

ص: 483

و"العَرْق" العظم عليه بقية اللحم.

و"تعرَّقه" أكل اللحم الباقي عليه.

قوله: "وفي" رواية (أخرى للنسائي) وحده.

"أنّ شريح" بالمعجمة أوله، والمهملة آخره مصغر.

"ابن هانئ"(1) أي: ابن يزيد الحارثي المذحجي أبو المقدام الكوفي مخضرم ثقة، قتل مع ابن أبي بكرة بسجستان.

"سأل عائشة رضي الله عنها: هل تأكل المرأة مع زوجها وهي طامث؟ " أي: حائض.

"قالت: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني وأنا عارك"(2).

بعين مهملة، اسم فاعل، أي: حائض.

"فكان يأخذ العرق فيقسم عليَّ" أي: أتعرقه قبله.

"فآخذه فأتعرق منه فيضع فمه حيث وضعت فمي من العرق" أجابت عليه مستدلة بأبلغ مما سأل عنه، فإنه سأل: هل تأكل معه؟ فردّت أنه كان صلى الله عليه وسلم يباشر بأكله ما باشر فمها وكذا قولها:

"ويدعو بالشراب فيقسم عليّ فيه" أي: أن أشرب.

"قبل أن يشرب منه فآخذه فأشرب منه ثم أضعه فيأخذه فيشرب منه فيضع فمه حيث وضعت [384 ب] فمي من القدح".

السادس عشر: حديث (عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه):

16 -

وعن عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال: سَالتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مُؤَاكَلَةِ الحَائِض فَقَالَ: "وَاكِلْهَا". أخرجه الترمذي (3). [صحيح]

(1)"التقريب"(1/ 350 رقم 55).

(2)

انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 54)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 194).

(3)

في "السنن" رقم (133)، وقال: حديث حسن غريب. =

ص: 484

"قال: سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن مؤاكلة الحائض قال: واكلها" أي: كل معها وتأكل معك كما تقتضيه صيغة فاعل.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (1): حسن غريب.

السابع عشر: حديث (عائشة رضي الله عنها):

17 -

وعن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً قالتْ لَهَا: أَتُجْزِئُ إِحْدَانَا صَلاتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. أخرجه الخمسة (2). [صحيح]

"الحرُوريةُ" جماعة من الخوارج نزلوا قرية تسمى حروراء، وقولها: أحرورية أنت؟ تريد أنها خالفت (3) السنة وخرجت عن الجماعة كخروج أولئك عن جماعة المسلمين.

"أنّ امرأة" هي معاذة العدوية كما صرحت به الروايات.

"قالت لها: أتجزيء إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ " تريد: أَوَ يجب عليها قضاء أيام حيضها؟ كما يدل عليه الجواب، وكما في رواية:"أنها سألت عائشة فقالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ ".

= وأخرجه أحمد (4/ 342)، وأبو داود رقم (211، 212) وهو حديث صحيح.

(1)

في "السنن"(1/ 240).

(2)

أخرجه البخاري رقم (321)، ومسلم رقم (69/ 335)، وأبو داود رقم (262)، والترمذي رقم (130)، والنسائي رقم (191)، وابن ماجه رقم (631)، وأخرجه أحمد (6/ 232) وهو حديث صحيح.

(3)

ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 218 رقم 3524): "وهذا إجماع من علماء المسلمين، نقله الكافة، كما نقلته الآحاد العدول، ولا مخالف فيه إلا طوائف من الخوارج، يرون على الحائض الصلاة".

وانظر: "كتاب الإجماع"(ص 37 رقم 29)، "المجموع شرح المهذب"(2/ 351، 355).

ص: 485

"فقالت" أي: عائشة.

"أحرورية أنت؟ " بالحاء والراء المهملتين نسبة إلى حروراء موضع نزل به الخوارج، وكانوا (1) يرون أنّ الحائض تقضي صلاة أيام حيضها.

"كنّا نحيض مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" في عصره.

"فنترك الصلاة والصوم فنؤمر" أي: يأمرنا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الذي له الأمر بالأحكام الشرعية فهو مرفوع.

"بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" فلا قضاء على الحائض للصلاة أيام حيضها، والحديث دليل لمن قال من أئمة (3) الأصول: أنه لا بد للقضاء من أمر جديد.

قوله: "أخرجه الخمسة" بألفاظ عدة.

الثامن عشر:

18 -

وعن أم بُسَّة واسمها مُسَّة الأزدية قالت: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها. فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ! إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ رضي الله عنه يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَقْضِينَ صَلَاةَ المَحِيضِ. فَقَالَتْ:

(1) قال ابن عبد البر في "الاستذكار"(3/ 221 رقم 3545، 3546): "وروينا أنه قال: ليكونن قوم في آخر هذه الأمة يكذبون أولاهم ويلعنونهم، ويقولون: جَلدوا في الخمر، وليس ذلك في كتاب الله، ورجموا، وليس ذلك في كتاب الله، ومنعوا الحائض الصلاة، وليس ذلك في كتاب الله، وهذا كله قد قال به قوم من غالية الخوارج، على أنهم اختلفوا فيه أيضاً، وكلهم أهل زيغ وضلال، أمّا أهل السنة والحق فلا يختلفون في شيء من ذلك والحمد لله" اهـ.

(2)

انظر: "روضة الناظر"(2/ 425)، "إرشاد الفحول"(ص 231 - 232) بتحقيقي.

(3)

انظر: "المحصول"(2/ 251 - 254)، "المسودة"(ص 27)، "البرهان"(1/ 265)، "الإحكام" للآمدي (2/ 199).

ص: 486

لَا يَقْضِينَ. كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ. أخرجه أبو داود (1). [حسن]

حديث (أم بسة) بضم الموحدة، ومهملة مشدّدة وتاء تأنيث الأزدية.

قوله: "واسمها بسة" في نسخ التيسير بالباء الموحدة، وفي "جامع الأصول"(2) اسمها مَسَّة بالميم عوض الموحدة.

وفي "التقريب"(3) في حرف الميم: مُسّة بضم أولها والتشديد، الأزدية، أم بُسَّة بضم الموحدة والتشديد أيضاً، مقبولة من الثالثة. انتهى.

فالصواب أن يقال: وعن مُسَّة أم بُسَّة.

وقوله: "الأسدية" صوابه الأزدية كما في "التقريب"(4) و"الجامع"(5).

"قالت: حججت فدخلت على أم سلمة" زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

"فقلت: يا أم المؤمنين [385 ب] إنّ سمرة بن جندب" الصحابي المعروف.

"يأمر النساء أن يقضين صلاة المحيض فقالت: لا تقضين، كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا تصلي" ومرادها بنسائه صلى الله عليه وسلم من هنّ من أهله كفاطمة وأخواتها وغيرهما لا أزواجه، فإنه لم تلد منهن أحد في المدينة إلاّ مارية القبطية، ويحتمل أنها أرادت مارية.

"ولا يأمرها النَّبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس" هو كجواب عائشة على معاذة العدوية إنما خصّت الحيض، وهو وإن يسمى نفاساً لكن القعود أربعين إنما هو من أحكام الولادة.

(1) في "السنن" رقم (312) وهو حديث حسن.

(2)

(7/ 358 رقم 5406).

(3)

(2/ 614 رقم 4).

(4)

(2/ 614 رقم 4).

(5)

(7/ 358 رقم 5406).

ص: 487

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: لم أجده في باب الحائض لا تقضي الصلاة، وكأنه ساقه في غيره (1).

التاسع عشر: حديث (عائشة رضي الله عنها):

19 -

وعن عائشة رضي الله عنها: أَنَّهَا قَالَتْ في المَرْأَةِ الحَامِلِ تَرَى الدَّمَ: أَنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ. أخرجه مالك (2) بلاغاً. [موقوف حسن]

"أنها قالت في المرأة الحامل: ترى الدم" أي: دم الحيض.

"أنها تدع الصلاة"؛ لأنه حيض وإن كانت [حاملا](*)، هذه فتيا من عائشة، وهذه المسألة اختلف فيها الفقهاء (3) فذهب عطاء والحسن وعكرمة ومكحول وجابر بن زيد ومحمد بن المنذر وجماعة كثيرة إلى أنّ ما تراه الحامل من الدم يكون دم فساد بمنزلة الاستحاضة تصلي معه، وتصوم، وتطوف بالبيت الحرام، وتقرأ القرآن، وليست بحيض.

وقال قتادة ومالك والليث بن سعد وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه: أنه دم حيض.

الاستحاضة تصلي معه، وتصوم، وتطوف بالبيت الحرام، وتقرأ القرآن، وليست بحيض.

وقال قتادة ومالك (4) والليث بن سعد وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه: أنه دم حيض.

(1) أخرجه أبو داود في "السنن"(1/ 219 الباب رقم 121 باب ما جاء في وقت النفساء).

(2)

في "الموطأ"(1/ 60 رقم 100) وهو أثر موقوف حسن.

(3)

انظره مفصلاً في "المغني"(1/ 443 - 445)، و"البيان" للعمراني (1/ 348).

(4)

انظر: "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(1/ 205 - 206).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع [حائضا]، والسياق يقتضي ما أُثبت، والله أعلم

ص: 488

قال إسحاق: قال لي أحمد بن حنبل (1): ما تقول في الحامل ترى الدم؟ قلت: تصلي واحتججت بخبر عطاء عن عائشة، فقال لي أحمد: أين أنت عن خبر المدنيين؟ خبر أم علقمة مولاة عائشة، فإنه أصح؟ قال إسحاق: فرجعت إلى قول أحمد.

قال ابن القيم (2): والخبر الذي أشار إليه أحمد هو ما رويناه من طريق البيهقي (3)، ثم ساقه بسنده إلى أم علقمة مولاة عائشة:"أنَّ عائشة سئلت عن الحامل [386 ب] ترى الدم فقالت: لا تصلي".

قال البيهقي (4): ورويناه عن أنس بن مالك، وروي عن عمر بن الخطاب ما يدل على ذلك.

ووجه تضعيف أحمد للرواية عن عائشة: أنها تصلي، أنه كان يحي القطان ينكر هذه الرواية، ويضعف رواية ابن أبي ليلى ومطر عن عطاء.

وقد جمع (5) بين الروايتين عن عائشة بأنها كانت ترى أنها لا تحيض، ثم رأت أنها تحيض.

قلت: واعلم أنه ليس في المسألة خبر نبوي يرجع إليه، وإنما وقعت مناظرات إجتهادية بين القائلين: بأنه دم علة وفساد، والقائلين: بأنه حيض.

قال المانع (6) من كونه دم حيض: قد قسم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النساء قسمين:

(1) انظر: "المغني"(1/ 443 - 444) وذكره البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 423).

(2)

في "زاد المعاد"(5/ 648 - 649).

(3)

في "معرفة السنن والآثار" رقم (15244)، "السنن الكبرى"(7/ 423).

(4)

في "معرفة السنن والآثار" رقم (15244)، "السنن الكبرى"(7/ 423).

(5)

البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 423).

(6)

ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(5/ 649 - 650).

ص: 489

حاملاً وجعل عدّتها وضع الحمل، وحائلاً وجعل عدتها حيضة، فكانت الحيضة علامة براءة رحمها، فلو كان الحيض يُجامع الحمل لما [كان الحيض](1) علامة على علامة.

قالوا: ولذا جعلت عدة المطلقة ثلاثة قروء ولو كان الحمل يجامع الحيض لما كان دليلاً على عدمه.

قالوا: وقد روى أحمد في مسنده (2) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل لأحد أن يسقي ماءه زرع غيره، ولا يقع على امرأة حتى تحيض أو يتبيّن حملها".

فجعل المحيض علامة على براءة الرحم من الحمل.

وقال (3): من جعله دم حيض: إنّه لا نزاع أنّ الحامل قد ترى الدم على عادتها، ولا سيما في أول حملها، إنما النزاع في حكم هذا الدم، لا في وجوده، وقد كان حيضاً قبل الحمل بالاتفاق، فنحن نستصحبُ حكمه حتى يأتي ما يرفعه (4). والأصل أن الحكم إذا ثبت في محل، فالأصل بقاؤه حتى يأتي ما يرفعه.

قالوا: وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف"(5). وهذا أسودٌ يعرف.

(1) كذا في "المخطوط" والذي في "زاد المعاد"(5/ 650): كانت الحيضة.

(2)

(4/ 108) وهو حديث صحيح.

(3)

ابن القيم في "زاد المعاد"(5/ 651).

(4)

كذا في "المخطوط" والذي في "زاد المعاد"(5/ 651): حتى يأتي ما يرفعه بيقين.

(5)

أخرجه أبو داود رقم (286)، والنسائي في "السنن"(1/ 185)، وابن حبان رقم (1348)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 174)، والدارقطني في "السنن"(1/ 206 - 207)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 325).

وهو حديث حسن، والله أعلم.

ص: 490

قالوا (1): ولأنّ الدم الخارج من الرحم الذي رتَّب عليه الشارع الأحكام قسمان: حيض أو استحاضة، ولم يجعل لهما ثالثاً، وهذا ليس باستحاضة، فإنّ الاستحاضة هو الدم المطبق [387 ب] أو الزائد على أكثر الحيض، أو الخارج عن العادة، وهذا ليس واحداً منها، يبطل كونه استحاضة فهو حيض، ولا يمكنكم إثبات قسم ثالث في هذا المحل وجعله دم فساد، فإنه لا يثبت إلاّ بنص أو [إجماع](2) وهو منتفٍ.

قالوا: وصحّ عن عائشة أنها لا تصلي، وهو أصح الروايتين عنها كما قاله أحمد ورجع إليه إسحاق.

وقد أطال ابن القيم (3) في الكلام الاستدلال لهذا الفريق بما يظهر أنّه أقوم قليلاْ، وأوضح دليلاْ.

قوله: "أخرجه مالك بلاغاً" فهو منقطع، لكن قد سقنا لك ما يدل على صحته عن عائشة.

الحديث العشرون: حديث (ابن عمر رضي الله عنه):

20 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنهُ قَالَ: لَا تَقْرَأُ الحَائِضُ وَلَا الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ. أخرجه الترمذي (4). [ضعيف]

"لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن".

قوله: "أخرجه الترمذي".

(1) ذكره ابن القيم في "زاد المعاد"(5/ 652).

(2)

في "المخطوط" جماع، والصواب ما أثبتناه من "زاد المعاد".

(3)

في "زاد المعاد"(5/ 651 - 656).

(4)

في "السنن" رقم (130).

وأخرجه ابن ماجه رقم (595)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 42)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 90)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/ 145)، والبيهقي (1/ 89)، والدارقطني (1/ 117) وهو حديث ضعيف.

ص: 491

قلت: هذا موقوف على ابن عمر، وهكذا ذكره ابن الأثير (1).

لكن الذي في الترمذي (2) عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقرأ

" الحديث.

ثم قال (3) الترمذي: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلاّ من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب" وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً. أي: طرف الآية والحرف ونحو ذلك.

قال (4): وسمعت محمَّد بن إسماعيل يقول: إِنَّ إسماعيل (5) بن عيَّاش يروي عن أهل الحجاز والعراق أحاديث مناكير كأنه ضعّف روايته عنهم فيما تفرّد به. وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام، انتهى كلامه.

(1) في "الجامع"(7/ 358 رقم 5408).

(2)

في "السنن"(1/ 236 رقم 131) وهو حديث ضعيف.

(3)

في "السنن"(1/ 236).

(4)

أي: الترمذي في "السنن"(1/ 237).

(5)

قال الفسوي: تكلم قوم في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلمُ الناس بحديث الشابين، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: بغرب عن ثقات المدنيين والمكبين.

وقال الذهبي: حديث إسماعيل عن الحجاز بين العراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشابين صالح من قيل الحسن، ويُحتَجُ به إن لم يعارضه أقوى منه.

"المعرفة والتاريخ"(2/ 423، 424)، و"تاريخ بغداد"(6/ 224)، "الميزان"(1/ 241).

ص: 492