الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"في أخرى: فتقصه" بالمثناة الفوقية مفتوحة، والقاف وصاد مهملة، في النهاية (1): فتقصه بريقها، أي: فتقص موضعة من الثوب بأسنانها و"بريقها"، لتذهب أثره كأنه من القص القطع أو تتبع الأثر، يقال قصّ الأثر، واقتصَّه أن أتتبعه. انتهى. والمصنف قد فسّره بالفرك.
قوله: "وفي أخرى للبخاري: قالت: كانت إحدانا تحيض، ثم تقرص الدم" بالقاف والصاد المهملة، إلاّ أنه في لفظ البخاري (2):"تقترص".
قال ابن حجر (3): بوزن تفتعل، أي: تغسله بأطراف أصابعها.
"من ثوبها عند طهرها فتغسله وتنضح سائره (4) " فيه دليل على جواز ترك النجاسة في الثوب، عند عدم الحاجة إلى تطهيره.
الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان
(الفصل الرابع) من فصول الباب الثاني في إزالة النجاسة
في الكلب وغيره من الحيوان
(في حكم الكلب وغيره من الحيوان)
الأول: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ". أخرجه الستة (5)، واللفظ لمسلم. [صحيح]
(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 462).
(2)
في صحيحه رقم (308)، وقد تقدم، وفيه كما قال الشارح.
(3)
في "فتح الباري"(1/ 410).
(4)
قاله الحافظ في "الفتح"(1/ 411).
(5)
أخرجه البخاري رقم (172)، ومسلم رقم (89/ 279)، وأبو داود رقم (77، 72، 73)، والترمذي رقم (91)، والنسائي (335)، ومالك في "الموطأ"(1/ 34)، وهو حديث صحيح.
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طهور" أي: تطهير.
"إناء أحدكم" أيها المسلمون.
"إذا ولغ" أي: شرب بطرف لسانه، قال ثعلب (1): هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع فيحركه، وفي رواية عند مالك (2) وغيره:"إذا شرب".
"فيه الكلب" من الماء الذي فيه.
"أن يغسله" أي: الإناء، وفي رواية:"الأمر بإراقة الماء الذي فيه".
"سبع مرات" سبع غسلات.
"أولاهن [233 ب] بالتراب" وفي رواية (3): "أخراهن" وفي أخرى: "إحداهن"(4) وتكلّمنا على ذلك في شرحنا: "سبل السلام"(5) وبسطنا القول في شرح الحديث في حاشيتنا "العدة (6) على شرح العمدة" بسطاً شافياً.
وذكرنا الخلاف في طهارة الكلب ونجاسته، وغير ذلك وفي حاشيتنا على "ضوء النهار"(7) كذلك، فلم نُطّوّل هنا واكتفينا بالإشارة إلى محل تحقيقه.
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 274).
(2)
في "الموطأ"(1/ 34).
(3)
أخرجه الترمذي رقم (91)، والبزار كما في "البدر المنير"(2/ 327)، وعندهما "أولاهن أو أخراهن".
وعند أبي داود في "السنن" رقم (73): السابعة بالتراب، وفي رواية للشافعي في "الأم" (1/ 31 - 32 رقم 88):"أولاهن بالتراب أو أخراهن" وهو رواية صحيحة.
(4)
في رواية لأبي عبيد القاسم بن سلام في "كتاب الطهور"(ص 159 رقم 193)، وفيه: "
…
سبع مرات أولاهن أو إحداهن بالتراب" وعند الدارقطني في "السنن" (1/ 65 رقم 12) بلفظ: "إحداهن" بإسناد ضعيف.
(5)
(1/ 115) بتحقيقي.
(6)
(1/ 111 - 115).
(7)
(1/ 175) بتحقيقي.
قوله: "أخرجه الستة واللفظ" هذا "لمسلم".
قلت: إلاّ أن في "الجامع"(1) أنّ لفظ مسلم: "طهر إناء أحدكم" بدل "طهور".
الثاني: حديث (ابن عمر رضي الله عنه):
2 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كَانَتْ الكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ فِي زَمَان رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ".
أخرجه البخاري (2)، وهذا لفظه، وأبو داود (3). [صحيح]
والمراد بقوله: "تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ" عبورها في المسجد، حيث لم يكن أبواب من غير تلويث ببول ونحوه.
"قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر" زاد أبو نعيم (4) قبل "تقبل" - "تبول" وهي عند البيهقي (5)، وكذا أخرجها أبو داود (6)، وليس فيه:"أن البول كان في المسجد" إنما هو ظرف للإقبال والإدبار.
"في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم" المراد: ويعلم ذلك ليكون تقريره حجة.
"فلم يكونوا يُرشُّون شيئاً من ذلك" أي: يغسلونه، يدل أنها كانت تبول في المسجد إذا هو المحتاج إلى تطهيره، وهذا يبعد قول المنذري (7): المراد أنه كانت تبول خارج المسجد في مواطنها،
(1)(7/ 99 - 102).
(2)
في صحيحه (1/ 272 الباب رقم 33) تعليقاً.
(3)
في "السنن" رقم (382) وهو حديث صحيح.
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 278).
(5)
في "السنن الكبرى"(1/ 241) وفي المعرفة (2/ 60).
(6)
في "السنن" رقم (382) وهو حديث صحيح.
(7)
في "مختصر السنن"(1/ 226).
ثم تقبل وتدبر في المسجد، إذ لم يكن عليه في ذلك الوقت غلق إذ من البعيد أن تترك الكلاب تنتاب المسجد حتى تمتهنه بالتبول فيه.
وتعقب بأنه إذا قيل [بطهارتها](1) لم يمتنع ذلك كما في الهرة، والأقرب أن يقال أن ذلك كان في ابتداء الأمر على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها، قاله في "فتح الباري"(2).
قلت: إلاّ أنّي لا أعلم رواية دالة على أنه كان لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصره أبواب.
قوله: "أخرجه البخاري وهذا لفظه وأبو داود".
قوله: "من غير تلويث ببول ونحوه".
قلت: يَرُدُّه قول ابن عمر: "فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك" فإنه ظاهر أنها تبول في المسجد، فإنه لا يرش من بولها في الأمكنة إلا فيما يراد تطهيره، وهو المسجد، لا أنه يرش من بولها في مواطنها.
الثالث:
3 -
وعن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رضي الله عنه ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ. قَالَتْ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، هِيَ إِنَّما الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ". أخرجه الأربعة (3). [صحيح]
(1) في (أ. ب) بطهارته، وما أثبتناه من "فتح الباري".
(2)
(1/ 279).
(3)
أخرجه أبو داود رقم (75)، والترمذي رقم (92)، والنسائي (1/ 55، 178)، وابن ماجه رقم (367). وأخرجه أحمد (5/ 303، 309)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 245)، ومالك في "الموطأ"(1/ 22 - 23)، والشافعي في "ترتيب المسند"(1/ 21 - 22)، والدارمي (1/ 187 - 188)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" =
حديث "كبشة بنت كعب بن مالك" وهي صحابية.
"وكانت تحت ابن أبي قتادة" زوجة له.
"أن أبا قتادة رضي الله عنه دخل [234 ب] عليها، فسكبت له وضوءاً" بفتح الواو، وهو ما يتوضأ به.
"فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى (1) لها الإناء، حتى شربت، قالت: فرآني أنظر إليه" متعجبة من إصغاءه للهرة الإناء، وفهم ذلك.
"فقال: أتعجبين يا ابنة أخي" أي: من صنعي.
"قالت: فقلت: نعم، فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها" أي: الهرة. "ليست بنجس" حتى تحققت. "إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات".
الأول: جمع طواف، وهو الذكر.
الثاني: جمع طوافة وهي الأنثى، والحديث مأخوذ من قوله تعالى:{بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} (2)، أي: أنها كالصبيان، ونحوهم من الخدم، وهو دليل على طهارة الهرة.
= (1/ 18)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (60)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (286)، والحاكم (1/ 160)، وابن خزيمة رقم (104)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 31)، وعبد الرزاق في "مصنفه" رقم (353) وهو حديث صحيح.
(1)
"القاموس المحيط"(ص 1680).
(2)
قال تعالى: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [سورة النور الآية: 58].
وقد ورد حديث: "أنه يغسل من ولوغها في الإناء مرة واحدة"(1) وإليه ذهب جماعة (2) من العلماء.
قوله: "أخرجه الأربعة".
الرابع:
4 -
وعن داود بن صالح بن دينار التمَّار عن أمه: أَنَّ مَوْلَاتَهَا أَرْسَلَتْهَا بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالتْ: فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا، فَلمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةَ مِنْ صَلَاتِهاَ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الِهرَّةُ، وَقَالَتْ: إِنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ"، وَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا. أخرجه أبو داود (3). [حسن]
حديث: "داود (4) بن صالح التّمار" بالمثناة الفوقية، وتشديد الميم، نسبة إلى التمر.
"عن أمه أنّ مولاتها أرسلتها بهريسة".
قوله: "فجاءت هرة فأكلت منها" من الهريسة.
"فلما انصرفت عائشة من صلاتها، أكلت من حيث أكلت الهرة" والحديث كالأول في إفادة طهارة الهرة (5).
قوله: "أخرجه أبو داود".
(1) انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 222).
(2)
انظر: "شرح فتح القدير"(1/ 115).
(3)
في "السنن" رقم (76).
وأخرجه ابن ماجه رقم (368) وهو حديث حسن.
(4)
داود بن صالح بن دينار التَّمار المدني، مولى الأنصار، صدوق من الخامسة، "التقريب"(1/ 232 رقم 17).
(5)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 222).
الخامس: حديث (ميمونة رضي الله عنها).
5 -
وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: سُئِلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ؟ فَقَالَ: "القُوهاَ وَمَا حَوْلهَا، وَكُلُوا سَمْنَكُمْ". أخرجه الستة إلا مسلماً، وهذا لفظ البخاري (1). [صحيح]
"قالت: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم" السائلة: ميمونة كما في رواية الدارقطني وغيره، وهي ميمونة بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
"عن فأرة" بالهمزة الساكنة. "سقطت في سمن فقال: ألقوها وما حولها" من السمن الذي تلوثت به.
"وكلوا سمنكم" هذه رواية مجملة فصّلتها رواية أبي هريرة الآتية.
قوله: "أخرجه الستة إلاّ مسلماً وهذا لفظ البخاري".
والرواية المفصلة هي قوله:
- وفي رواية لأبي داود (2) عن أبي هريرة: "فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَالقُوهَا وَمَا حَوْلهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلا تَقْرَبُوهُ". [شاذ]
قوله: "وفي رواية لأبي داود، عن أبي هريرة: فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه"؛ لأنها تجول فيه كله.
والمراد: إذا مات الفأر في السمن؛ لأن ميتته نجسة، وأما لو وقع في السمن وخرج منه حياً فإنه لا يضره، إذ لا دليل على نجاسة ذاته، إلاّ أن في "الجامع"(3) لابن الأثير من حديث ابن
(1) أخرجه البخاري رقم (235)، وأبو داود رقم (3841)، والترمذي رقم (1798)، والنسائي رقم (4258، 4259). وهو حديث صحيح.
(2)
في "السنن" رقم (3842). وأخرجه أحمد (2/ 265) وهو حديث شاذ.
(3)
(7/ 104).
عباس (1): "سُئل عن الدابة تموتُ في الزَّيت أو السَّمن وهو جامدٌ أو غير جامد: الفأرة [235 ب] وغيرها؟ قال: بلغنا: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرةٍ ماتت في سَمنٍ فأمر بما قَرُب منها فَطُرح ثم أُكل".
السادس: حديث (أبي سعيد):
6 -
وفي أخرى له (2) عن أبي سعيد رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِغُلَامٍ يَسْلُخُ شَاةً، وَمَا يُحسن فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ"، فَأَدْخَلَ يَدَهُ بينَ الجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَدَخَسَ بِهَا حَتَّى دَخَلَتْ إِلَى الإِبْطِ، ثُمَّ مَضَى فَصَلَّى لِلنَّاسِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. [حسن]
زاد في رواية (3): "يَعْنِي لَمْ يَمَسَّ مَاءً". [حسن]
"الدَّخَسُ"(4) بخاء معجمة: الدس.
قال المصنف "وفي أخرى له" أي: لأبي داود.
"عن أبي سعيد" هذا حديث في حكم آخر غير ما سلف من حكم الهرة، فكان صوابه أن يقول: وعن أبي سعيد، ويحذف لفظ: وفي أخرى، كما لا يخفى.
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بغلام يسلخ شاة" أي: يكشط جلدها عنها.
"ولا يحسن سلخها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تنحّ حتى أريك" كيفية السلخ.
(1) أخرجه أبو داود رقم (3843)، والنسائي رقم (4260) وهو حديث شاذ.
(2)
أي: لأبي داود في "السنن" رقم (185)، وهو حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه رقم (3179).
(3)
لأبي داود في "السنن"(1/ 130) قال أبو داود: زاد عمرو في حديثه: "يعني لم يمس ماء" وقال: عن هلال ابن ميمون الزملي.
(4)
أي أدخلها بين اللحم والجلد، ويروى بالحاء، دحس، أي: دسَّها بين الجلد واللحم، كما يفعل السَّلاخ. "النهاية في غريب الحديث"(1/ 556، 559)، "الفائق" للزمخشري (1/ 414).