المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فقال" بعد [267 ب] فراغه من الوضوء.

"سبحانك اللهم وبحمدك، استغفرك وأتوب إليك كتب في رق" أي: ورقة.

"ثم طبع بطابع" أي: ختم عليه.

"ثم رفع تحت العرش، فلم يكسر إلى يوم القيامة".

قوله: "أخرجه رزين" على قاعدة المصنف، وبيض له ابن الأثير (1).

قلت: وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب"(2) من حديث أبي أمامة، إلا أنه حديث طويل وفي آخره هذه الألفاظ التي ذكرها المصنف هنا بلفظها.

وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"(3) ورواته (4) رواة الصحيح، واللفظ له، ورواه النسائي، وقال في آخره (5):"ختم عليها بخاتم، فوضعت تحت العرش، فلم تكسر إلى يوم القيامة" وصّوب (6) وقفه على أبي سعيد. انتهى.

‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

(الفَصلُ الثَّانِيْ)

من الثلاثة: في صفة الوضوء

(في صفة الوضوء) أي: كيفيته في الأعضاء

= وهو حديث صحيح مرفوعاً، وموقوفاً.

(1)

والذي في "الجامع"(9/ 377 رقم 7023)، أخرجه الترمذي.

(2)

(1/ 37 رقم 349)، وهو من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وليس كما قال الشارح.

(3)

كما في "مجمع الزوائد"(1/ 244).

(4)

قاله الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 244).

(5)

أي: النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (81).

(6)

أي: النسائي في "عمل اليوم والليلة"(ص 173) بإثر الحديث رقم (81).

ص: 171

الأول:

1 -

عن حمران مولى عثمان: أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه، دَعَا بِمَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقيْنِ ثَلَاثَ مَرَاتْ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرّات إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: رَأيْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئيِ هذَا، ثمَّ صَلَّى رَكعَتيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهَمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". أخرجه الخمسة (1)، إلا الترمذي، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

حديث "حمران" هو بضم الحاء المهملة، هو ابن أبان، مولى لعثمان.

"أن عثمان رضي الله عنه دعا بماء فأفرغ" صبّ "على كفَّيه ثلاث مرات"، هذا ليس من واجبات الوضوء عند الأكثر، وقد قدمنا أن استمراره صلى الله عليه وسلم على فعله فيما يقوي القول بوجوبه (2).

"فغسلهما" أي: كل مرة غسلة، وهذا قبل إدخاله يده الإناء، فلذا قال:"أفرغ" ثم قال: "ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنثر" بعد استنشاقه، إذ الاستنثار فرعه.

"ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين"، فيه ترتيب (3) الوضوء على سياق الآية.

(1) أخرجه البخاري رقم (1934)، ومسلم رقم (226)، وأبو داود رقم (106، 107، 108، 109، 110) ، والنسائي في "السنن" رقم (84 ، 85، 116)، وابن ماجه رقم (2085)، وأخرجه أحمد في "المسند"(1/ 59، 60).

(2)

انظر: "روضة الطالبين"(1/ 58)، "الإنصاف"(1/ 130)، "حلية العلماء"(1/ 136).

(3)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 471).

"المدونة"(1/ 15)"شرح فتح القدير"(1/ 35).

ص: 172

"ثم قال عثمان: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا"، قالوا: لم يقل مثل؛ لأن حقيقة مماثلة وضوءه صلى الله عليه وسلم لا يقدر عليها غيره، وتقدم الكلام على هذا.

"ثم صلى ركعتين، لا يحدث فيهما نفسه" المراد (1): لا يحدثها بشيء من أمور الدنيا، وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث، فأعرض عنه بمجرد عروضه [267 ب] عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي عن هذه الأمة العوارض التي لا تستقر، وفيه استحباب صلاة ركعتين فأكثر بعد كل وضوء، وهو سنة مؤكدة، قاله جماعة من الشافعية (2).

فلو صلَّى به فريضة أو نافلة مقصودة، حصلت له هذه الفضيلة، وهي قوله:"غفر له ما تقدم من ذنبه" تقدم أنهم قيدوا ذلك بغفران الصغائر دون الكبائر، والله أعلم.

قوله: "أخرجه الخمسة، إلا الترمذي، وهذا لفظ الشيخين" قال ابن شهاب (3): وكان علماؤنا يقولون: هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة.

ذكره مسلم في "صحيحه".

- ولمسلم (4) في أخرى عن ابن أبي مليكة قال: "سُئِل عُثْمَانَ رضي الله عنه، عَنْ الوُضُوءِ، فدَعَا بِمَاءٍ فَأُتِيَ بِمِيضَأَةٍ، فَأَصْغَى عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الإِنَاءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، وَذَكَرُ

(1) قاله النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم"(1/ 235).

وانظر: المعلم بفوائد مسلم (3/ 108).

"إحكام الأحكام"(1/ 39 - 40).

(2)

انظر: "روضة الطالبين"(1/ 60 - 62).

"المجموع شرح المهذب"(1/ 479 - 481).

(3)

أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (3/ 226). وذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 267).

(4)

بل لأبي داود في "السنن" رقم (108)، وهو حديث صحيح.

ص: 173

نَحْو مَاَ تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ مَاءً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ فَغَسَلَ بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً". [صحيح]

"ولمسلم (1) في" رواية.

"في أُخرى عن أبي مليكة" بالتصغير، واسمه عبد الله بن عبيد الله.

"سئل عثمان رضي الله عنه عن الوضوء، فدعا بماء فأتي بميضأة (2) " بكسر الميم، إناء يوضع فيه الماء للوضوء.

"فأصغى (3) على يده اليمنى" كما تقدم: أي: أمال الإناء عليها، وهو يدل أنه لم يكن عندهم وعاء يغترفون به، وتقدم أنه:"أفرغ على كفيه ثلاث مرات" فهنا كذلك إنما اختصره الراوي.

"ثم أدخلها" أي: اليمنى.

"فمضمض ثلاثاً واستنثر" بعد الاستنشاق.

"ثلاثاً وذكر نحو ما تقدم وفيه: ثم أدخل يده فمسح رأسه وأذنيه"؛ لأنهما من الرأس.

"فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة" هذا خالف غيره من أحاديث عثمان، فإن الذي فيها أنه مسح أذنيه لا غسلهما، ثم ذكر غسل باطنهما، ولم يأت في غيره. ورواية الخمسة مطلقة غير مقيدة بمرة واحدة، وقد عارضتها الرواية الأخرى، حيث قال:

- وله في أخرى (4): "فَأَفْرَغَ بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، ثُمَّ غَسَلَهُما إِلَى الكُوعَيْنِ".

(1) بل لأبي داود وليست لمسلم.

(2)

هي بالقصر وكسر الميم وقد تمدُّ: مطهرةٌ كبيرة يُتوضأ منها، وزنها مِفعلة ومفعالة، والميم زائدة.

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 695).

(3)

"غريب الحديث" للخطابي (2/ 89).

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 34).

(4)

أي: لأبي داود في "السنن" رقم (112).

ص: 174

وله في أخرى (1): "وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثاً".

"وله"(2) أي: مسلم من حديث عثمان.

"في أخرى: فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى، ثم غسلهما إلى الكوعين"، الكوع: رأس اليد مما يلي الإبهام، والكرسوع رأسها من ما يلي الخنصر، كما في "النهاية"(3).

"وله" أي: مسلم "في" رواية "أخرى" عن عثمان.

"ومسح رأسه ثلاثاً" هكذا في "الجامع"(4)[269 ب] لابن الأثير، وبحثت مسلماً، فلم أجد في رواية عثمان "ثلاثاً" في مسح الرأس، ثم راجعت "تلخيص الحبير"(5)، فإذا فيه ثم ذكر أنه روى البزار (6) عن خارجة بن زيد، عن أبيه:"أن عثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً"، وإسناده (7) حسن وهو عند مسلم (8) والبيهقي (9) من وجه آخر، هكذا من دون التعرض للمسح، وقد قال أبو داود (10): أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً، وقالوا فيها:"ومسح برأسه" ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره.

(1) لأبي داود في "السنن" رقم (110).

(2)

بل لأبي داود.

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 569).

(4)

(7/ 156)، وفيه: وله في أخرى: أي: لأبي داود.

(5)

(1/ 146).

(6)

في "مسنده"(2/ 7 رقم 343).

(7)

قاله الحافظ في "التلخيص"(1/ 146).

(8)

في "صحيحه" رقم (230).

(9)

في "السنن الكبرى"(1/ 78).

(10)

في "السنن"(1/ 80).

ص: 175

وقال البيهقي (1): روي من أوجه غريبة عن عثمان، وفيها مسح الرأس ثلاثاً، إلاّ أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها.

ومال ابن الجوزي في "كشف المشكل"(2) إلى تصحيح التكرير، وقد ورد تكرير المسح في حديث علي عليه السلام من طرق وساقها.

قلت: واخترناه في "منحة الغفار"(3) حاشية ضوء النهار، وبينا وجه ذلك.

قال الحافظ ابن حجر (4): وقد رواه - أي: تكرير مسح الرأس - ابن أبي شيبة (5) عن سعيد ابن جبير، وعطاء، وزاذان وميسرة، وأورده المصنف من طريق أبي العلاء، عن قتادة، عن أنس. انتهى.

الثاني:

2 -

وعن عبد خير قال: أَتَانَا عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَقَدْ صَلَّى فَدَعَا بِطَهُورٍ، فَقُلْنَا: مَا يَصْنَعُ بِالطَّهُورِ، وَقَدْ صَلَّى؟ مَا يُرِيدُ إِلَاّ لِيُعَلِّمَنَا، فَأُتِىَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ، فَأَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَمِينِهِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ مِنَ الكَفِّ الَّذِي يَأْخُذُ فِيهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا، ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا، وَرِجْلَهُ اليُسرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ

(1) في "السنن الكبرى"(1/ 78).

(2)

(1/ 160).

(3)

(1/ 620 - 625 - مع الضوء) بتحقيقي.

(4)

في "التلخيص"(1/ 147).

(5)

في "مصنفه"(1/ 16).

ص: 176

وُضُوءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ هَذَا. أخرجه أصحاب السنن (1)، واللفظ لأبي داود والنسائي. [صحيح]

حديث: "وعن عبد خير"(2) بالخاء المعجمة، فمثناة تحتية، فراء مهملة، وبإضافة عبد إليه، هو ابن يزيد الهمداني، أبو عمارة الكوفي مخضرم، ثقة لم تصح له صحبة.

"قال: أتانا علي رضي الله عنه، وقد صلَّى، فدعا بطهور فقلنا: وما يصنع بالطهور وقد صلَّى" بيّن في رواية (3) أخرى الصَّلاة فقال: "صلَّى علي الغداة بالرحبة" والرحبة هي رحبة مسجد الكوفة. انتهى.

"ما يريد إلاّ ليعلَّمنا فأتي" في الرواية (4) الأخرى "أتاه غلام".

"بإناء فيه ماء وطست" بفتح الطاء وكسرها.

"فأفرغ من الإناء على يمينه" ثم ساق الحديث كحديث عثمان ثم قال: "فمسح برأسه مرة" ثم قال: "من سَّره أن يعلم وضوء [270 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا"، فذكر علي عليه السلام أنه إنما أراد أن يعلمهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: "أخرجه أصحاب السنن واللفظ" الذي ساقه المصنف" لأبي داود والنسائي".

- وفي أخرى للنسائي (5): "فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأَشَارَ شُعْبَةُ مَرَّةً مِنْ نَاصِيَتِهِ إِلَى مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ لَا أَدْرِي أَرَدَّهُمَا أَمْ لَا". [صحيح]

(1) أخرجه أبو داود رقم (111)، وابن ماجه رقم (404)، والنسائي رقم (92 - 94)، والترمذي رقم (48 ، 49) وهو حديث صحيح.

(2)

"التقريب"(1/ 470 رقم 841).

(3)

أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (112).

(4)

أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (112).

(5)

في "السنن" رقم (93)، وهو حديث صحيح.

ص: 177

قوله: "وفي أخرى للنسائي: فمسح برأسه، وأشار شعبة مرة من ناصيته إلى مؤخر رأسه، ثم قال: لا أدري أردّهما" أي: اليدين على ناصيته من مؤخر رأسه، هذا شك من شعبة في تكرير مسح الرأس.

- ولأبي داود (1) في أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دَخَلَ عَلَىَّ عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَقَدْ أَهْرَاقَ المَاءَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَتَيْنَاهُ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! أَلَا أُرِيكَ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قَلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَأَصْغَى الإِنَاءَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ اليُمْنَى فَأَفْرَغَ بِهَا عَلَى الأُخْرَى، ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ تَمضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الإِنَاءِ جَمِيعًا، فَأَخَذَ بِهِما حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ القَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدهِ اليُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ، فَتَرَكَهَا تَسِيْلُ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا في الإِنَاءَ، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ، وَفِيهَا النَّعْلُ فَغَسَلَهَا بِهَا، ثُمَّ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: قُلْتُ: وَفي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: وَفي النَّعْلَيْنِ. [إسناده حسن]

وللنسائي (2) في أخرى: "ثُمَّ تمضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ". [إسناده صحيح]

قوله: "وفي أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل عليَّ" بتشديد المثناة التحتية بياء المتكلم.

"عليٌّ رضي الله عنه وقد إهراق الماء فدعا بوضوء فأتيناه بتور" بموحدة مكسورة فمثناة فوقية ساكنة فواو فراء، إناء من حجارة أو نحوها.

(1) في "السنن" رقم (117) بإسناد حسن.

(2)

في "السنن" رقم (94) بإسناد صحيح.

ص: 178

"فيه ماء فقال: يا ابن عباس! ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: بلى" أي: أرني.

"قال" ابن عباس.

"فأصغى" أي: علي عليه السلام.

"الإناء" أماله "على يديه" ليسكب منه الماء.

"فغسلهما" هذا هو الذي قدمنا أنهم يجعلونه سنة، وبقية الحديث كما مضى إلا أنه يزاد هنا قوله:"ثم أخذ بيده اليمنى قبضة من ماء، فصبها على ناصيته، فتركها تسيل على وجهه" فهذا لم يرد إلاّ في هذه الرواية.

قوله: "فغسلها بها" أي: غسل رجله في نعله، وليس المراد أنه مسح على نعليه.

واعلم أن هذه الرواية قال الحافظ المنذري (1): فيها مقال، قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عنه، فضعفه وقال: ما أدري ما هذا. انتهى.

وقال الخطابي في "المعالم"(2): قد روي في غير هذه الرواية: "أنه توضأ ومسح على نعليه وقال: هذا وضوء من لم يحدث" وإذا احتمل الحديث وجهاً من التأويل، يوافق قول الأئمة، فهو أولى من قولٍ يكون فيه مفارقتهم والخروج عن مذهبهم. انتهى. [271 ب]

قلت: وفي "مرقاة الصعود" أن المراد من هذا هو ما يسن فعله بعد غسل الوجه، من أخذ كف من ماء وإسالته على الجبهة.

قال: وفي المعجم الطبراني الكبير (3) بسند حسن، عن الحسن بن عليّ عليه السلام:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ يأخذ ماء حتى يسيل على موضع سجوده".

(1) في "مختصر السنن"(1/ 95).

(2)

في "معالم السنن"(1/ 86 - مع السنن).

(3)

في "المعجم الكبير"(ج 3 رقم 2739، 3176)

ص: 179

قوله: "وللنسائي في أخرى: ثم تمضمض واستنشق بكف واحد ثلاث مرات"، يحتمل بثلاث غرفات، وهو الظاهر إذ لا تتسع الغرفة بكف واحد لثلاث مرات.

الثالث:

3 -

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه: وَقِيلَ لَهُ تَوَضَّأَ لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا بِإِناَءِ فَفَعَلَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى المَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. أخرجه الستة (1). [صحيح]

وفي رواية لمسلم (2): "وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثاً". [صحيح]

- وللبخاري (3) رحمه الله: "أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم توَضَّأ مَرَّتَيْنِ مَرَّتيْنِ". [صحيح]

حديث: "عبد الله بن زيد بن عاصم" هو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب رواية الأذان، كذا قاله الحُفاظ من المتقدمين والمتأخرين، وغلّطوا سفيان بن عيينه في قوله هُوَ هُوَ.

وقد قيل: إن صاحب الأذان لا يعرف له غير حديث الأذان.

قوله: "فمسح رأسه" ثم بيَّن كيفية مسحه بقوله: "أقبل بيديه وأدبر" ثم بيّن أيضاً ذلك فقال: بدأ بمقدم رأسه" أي: بمسحه وهو من الناصية.

"ثم ذهب بهما" أي: اليدين، أو ذهب ماسحاً بهما.

"إلى قفاه" أي: مؤخر رأسه من حيث القدال.

(1) أخرجه البخاري رقم (185)، وأطرافه رقم (186) و (191) و (192) و (197) و (199)، ومسلم رقم (18/ 235)، وأبو داود رقم (100، 118، 119)، والترمذي رقم (28، 32، 47)، والنسائي (1/ 71 - 72)، وابن ماجه رقم (409، 434، 471)، وأخرجه أحمد (4/ 38)، وهو حديث صحيح.

(2)

لم أجده في "صحيح مسلم".

(3)

في "صحيحه" رقم (158).

ص: 180

"ثم ردّهما" هذا يذهب تشكك شعبة.

"حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه" قد ذكر ابن دقيق العيد احتمالات في بيان هذه الكيفية، في شرحه "لعمدة الأحكام"(1) وأوضحنا ذلك في حاشيتنا عليه المسمّاة "بالعدة"، واكتفينا هنا بما ذكرنا.

قوله: "أخرجه الستة".

قوله: "وفي رواية لمسلم" أي: عن عبد الله بن زيد.

"فمسح برأسه ثلاثاً".

قلت: لم أجد في مسلم (2) في رواية عبد الله بن زيد لفظ: "مسح برأسه ثلاثاً" فلينظر وليس أيضاً في "الجامع"(3) لابن الأثير.

قوله: "وللبخاري: توضأ مرتين مرتين" بّوب له البخاري (4): باب الوضوء مرتين مرتين، قال ابن حجر (5): أي: لكل عضو.

ثم ذكر البخاري (6) حديث عبد الله [272 ب] بن زيد مختصراً.

قال الحافظ ابن حجر (7): ليس فيه الغسل مرتين، إلا في اليدين إلى المرفقين.

(1)(1/ 152 - 158).

(2)

لم أجده في "صحيح مسلم".

(3)

(7/ 156 - 158)، وهو كما قال الشارح.

(4)

في "صحيحه"(1/ 258 الباب رقم 22 و23 - مع الفتح).

(5)

في "الفتح"(1/ 259).

(6)

في "صحيحه" رقم (157، 158).

(7)

في "الفتح"(1/ 259).

ص: 181

نعم، وكلام ابن الأثير (1) مثل كلام المصنف عن البخاري، نعم في سنن أبي داود (2) من حديث أبي هريرة، رواية "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين".

وفي رواية لأبي داود (3) عن المقدام "ابن معدي كرب": "ثْمّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأْذنَيْهِ ظاَهِرِهَماَ وَبَاطِنِهِماَ".

وفي أخرى (4): "وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهَما، وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ".

"وَالِّصَماَخُ"(5): ثقب الأذن.

قوله: "ولأبي داود عن المقدام".

قلت: هو كما قال: إلا أن فيه: "غسل كفيه ثلاثاً، ووجهه ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق"، فاستشكل تأخير المضمضة والاستنشاق، عن غسل الوجه، واليدين، واستدل به من لا يوجب الترتيب في الوضوء؛ لأنه عطف عليهما بـ (ثم).

وقال النووي (6): إنَّهم تأولوا لفظة (ثم) على أنها ليست للترتيب بل لعطف جملة على جملة؛ لأن المراد ذكر الجملة لا صفة الترتيب، ولذا لم يذكر غسل الرجلين. انتهى.

قلت: والَأولى أن يقال روايات الترتيب مقدمة لكثرتها.

(1) في "الجامع"(7/ 257).

(2)

في "السنن" رقم (106)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "السنن" رقم (121)، وهو حديث صحيح.

(4)

في "السنن" رقم (123)، وهو حديث صحيح.

(5)

الصّماخ: ثقبُ الأذن ويقال بالسين.

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 51). "الفائق للزمخشري"(2/ 100).

(6)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 475 - 478).

ص: 182

وقوله: في روايته هنا: "ثم مسح رأسه وأذنيه باطنهما وظاهرهما" هي روايتان (1) في أبي داود من طريقين.

وقوله: "وأدخل أصابعه" أي: بعضها وأظنها السَّبابة.

"في صماخي أذنه" زادها هشام (2) بن خالد في إحدى الروايتين، ونبّه ابن الأثير (3) على ذلك فقال: وزاد هشام: "وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه". انتهى.

فبين أنها زيادة، وأفرد الصماخ وهو الذي رأيته في نسخ أبي داود (4) بالإفراد، والمصنف ثناه.

الرابع: حديث (ابن عمرو (5) رضي الله عنهما).

4 -

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ عَنْ الوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:"هَكَذَا الوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ". أخرجه أبو داود (6) والنسائي (7)، وهذا لفظه. [صحيح]

(1) في "السنن" رقم (121 و123).

(2)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (123)، وهو حديث صحيح.

(3)

في "الجامع"(7/ 160).

(4)

في "السنن" رقم (123)، وفيه: وأدخل أصابعه في صماخ أُذنيه.

(5)

في (ب) ابن عمر، وما أثبتناه من (أ) ومصادر الحديث.

(6)

في "السنن" رقم (135).

(7)

في "السنن" رقم (140).

وأخرجه أحمد (2/ 180)، وابن ماجه رقم (422)، وابن خزيمة في "صحيحه" رقم (174). وهو حديث صحيح.

ص: 183

"جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثاً ثلاثاً" أي: غسل أعضاءه صلى الله عليه وسلم ثلاثاً كل عضو منها، وهو يعم مسح [الرأس](1) فإنه داخل في مسمى الوضوء، وكأنه مسألة عن أكمل الوضوء، لا عن مجرد ما يجزئ.

قوله: "فمن زاد" أي: على الثلاث.

"فقد أساء وتعدّى وظلم" وقد أخرج ابن أبي شيبة (2)، عن ابن مسعود قال:"ليس بعد الثلاث شيء" وقال أحمد وإسحاق (3) وغيرهما: لا تجوز الزيادة على الثلاث.

قلت: ودليلهما وصفه بالإساءة والتعدي والظلم.

وقال الشافعي (4): لا أُحبّ أن يزيد المتوضيء على الثلاث، فإن زاد لم أكره، أي: لم أحرمه؛ لأن قوله: "لا أحب" يقتضي الكراهة، كذا قال ابن (5)[273 ب] حجر.

وهذا الأصح عند الشافعية (6)، أنه مكروه كراهة تنزيه.

قلت: والحديث ظاهر في تحريم الزيادة، وهل يبطل بها الوضوء، حكي الدارمي (7) عن قوم: أن الزيادة على الثلاث تحرم وتبطل الوضوء، كالزيادة في الصلاة.

قال الحافظ (8): وهو قياس فاسد، ولم يبين وجه فساده.

(1) في (ب) مكررة.

(2)

في "مصنفه"(1/ 9 - 10).

(3)

انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 192 - 194).

(4)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 461).

(5)

في "فتح الباري"(1/ 233 - 234).

(6)

انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 462)، "الأوسط" لابن المنذر (1/ 422).

(7)

قاله الحافظ في "فتح الباري"(1/ 234).

(8)

في "الفتح"(1/ 234).

ص: 184

قلت: بل النص قد دلَّ على التحريم، فإن الإساءة والتعدي والظلم، دليل التحريم، وإذا كان محرماً أبطل الوضوء؛ لأن الوضوء بالزيادة ليس هو الوضوء المأمور به شرعاً، بل منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد.

فمن قال بالتحريم والبطلان أسعد بالإتباع، ثم أورد إلزام للقائل بالتحريم والكراهة؛ بأنه لا يندب تجديد الوضوء على الإطلاق.

وأقول: إن ثبت دليل التجديد، فإنه دال على أن التجديد ليس بزيادة، بل فعل مستقل ابتدأ به فاعله لدليله.

وأما حديث (1): "الطهور على الطهور نور على نور" فإن صح فالمراد به الغسلتان بعد الأولى في التثليث؛ لأن الغسلة الأولى للأعضاء طهور شرعي تجزيء بالاتفاق، وزيادة الغسلة الثانية لها طهور أيضاً، والثالثة كذلك.

قوله: "أخرجه أبو داود والنسائي".

- وفي رواية أبي داود (2): "ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأَدْخَلَ إَصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، وَفِيهاَ: هَكَذَا الوُضُوءُ، مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ، أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ". [صحيح دون قوله: "أو نقص" فهو شاذ]

قوله: "وفيها: من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء" قال ابن المواق: إن لم يكن هذا اللفظ شكاً من الراوي، فهو من الأوهام البينة التي لا خفاء بها، إذ الوضوء مرتين

(1) تقدم. قال الحافظ في "الفتح"(1/ 234)، وهو حديث ضعيف.

(2)

في "السنن" رقم (135)، وانظر ما تقدم.

ص: 185

مرتين (1)، ومرة مرة (2)، لا خلاف في إجزائه، والآثار بذلك صحيحة.

وقال الشيخ ولي الدين: يحتمل أن يكون معناه نقص الأعضاء، فلم يغسلها بالكلية، أو زاد أعضاءً لم يشرع غسلها، وقوَّاه السيوطي.

الخامس: حديث (ابن عباس رضي الله عنه):

5 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تَوَضَّأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَرّة مَرّةً. أخرجه البخاري (3)، وهذا لفظه، وأبو داود (4) والنسائي (5). [صحيح]

"قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة" أي: غسل كل عضو مرة مرة".

قوله: "أخرجه البخاري".

قلت: بوّب (6) له بقوله: باب الوضوء مرة مرة.

(1) منها ما أخرجه أحمد (4/ 41)، والبخاري رقم (158) عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين".

وهو حديث صحيح.

(2)

(منها) ما أخرجه البخاري رقم (140، 157)، وأبو داود رقم (138) ، والترمذي رقم (42) وابن ماجه رقم (411) والنسائي (1/ 62 رقم 102)، وأحمد (2/ 38، 39) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "توضّأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرَّةً مرَّة"، وهو حديث صحيح.

وفي الباب أحاديث عن عمر، وجابر، وبريدة، وأبي رافع، وابن الفاكه، وعبد الله بن عمر، وعكراش بن ذؤيب المرَّي. انظر تخريجها في "نيل الأوطار"(2/ 137 - 140) بتحقيقي.

(3)

في "صحيحه" رقم (140) ، (157).

(4)

في "السنن" رقم (138).

(5)

في "السنن"(1/ 62)، وهو حديث صحيح وقد تقدم.

(6)

في "صحيحه"(1/ 258 الباب رقم 22).

ص: 186

- في رواية أبي داود (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، فَاغْتَرَفَ غَرْفَةً بِيَدِهِ اليُمْنَى فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَجَمَعَ بِهَا يَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ اليُسْرَى، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ المَاءِ، ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى مِنْ المَاءِ، فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ اليُمْنَى وَفِيهَا النَّعْلُ، ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ، يَدٍ فَوْقَ القَدَمِ، وَيَدٍ تَحتَ النَّعْلِ، ثُمَّ صَنَعَ بِاليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. [صحيح]

قوله: "وفي رواية أبي داود عن ابن عباس" إلى آخره، هو كما سلف في عده، إلا قوله:"فرّش على رجله اليمنى وفيها النعل"[274 ب] ثم مسح بيديه يدٌ فوق القدمين، ويد تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك".

قال الحافظ المنذري في "مختصر السنن"(2) ما لفظه: أنه أخرجه البخاري (3) مختصراً ومطولاً (4).

قال: وفي لفظ البخاري (5): "ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله، يعني اليسرى".

ولفظ النسائي (6): "ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى".

(1) في "السنن" رقم (137) صحيح دون ذكر (النَّعل).

(2)

(1/ 103).

(3)

في "صحيحه" رقم (157).

(4)

في "صحيحه" رقم (140).

(5)

في "صحيحه" رقم (140).

(6)

في "السنن"(1/ 62 رقم 102).

ص: 187

قال (1): وذلك يوضح ما أبهم في رواية أبي داود.

قال: وترجم البخاري (2) والترمذي (3) والنسائي (4) على طرف من هذا الحديث الوضوء مرة مرة" إلى خلاف ما في هذه الترجمة (5)، انتهى. يريد خلاف ما ترجم أبو داود (6) لهذا الحديث، فإنه ذكره في باب: قوله: الوضوء مرتين مرتين.

قلت: إلا أنه ذكر ما يوافق الترجمة، وهو حديث أبي هريرة (7):"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين". ثم ذكر حديث (8) ابن عباس بعده.

- وفي أخرى لأبي داود (9)، والترمذي (10) عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها قالت: فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، وَوَضَّأَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا، ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا، وَوَضَّأَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا. [حسن]

(1) أي: المنذري في مختصر "السنن"(1/ 103).

(2)

في "صحيحه"(1/ 240 الباب رقم (7) باب: غسل الوجه باليدين من غرفةٍ واحدة الحديث رقم (140).

وفي "صحيحه"(1/ 258) الباب (22) باب الوضوء مرةً مرةً الحديث رقم (157).

(3)

في "السنن"(1/ 60) الباب رقم (32) باب ما جاء في الوضوء مرةً مرةً.

(4)

في "السنن"(1/ 76 الباب رقم 85).

(5)

وتمام العبارة كما في "مختصر السنن": وكذلك فعل أبو داود في الباب الذي بعده.

(6)

في "السنن"(1/ 95 الباب رقم 53).

(7)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (136).

(8)

أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (137).

(9)

في "السنن" رقم (126).

(10)

في "السنن" رقم (33)، وقال: هذا حديث حسن، وهو كما قال.

ص: 188

- وفي أخرى (1): "فَمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ، مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ كُلِّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، لَا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ". [شاذ]

- وفي أخرى (2): "فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ وَصُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً". [حسن]

وفي أخرى (3): "مَسَحَ بِرَأْسهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ". [ضعيف]

قوله: "وفي رواية أخرى لأبي داود والترمذي، عن الرُبَيع بنت مُعّوذ" تقدم ضبطهما مراراً، ولا يخفى أن هذا الحديث آخر غير حديث ابن عباس، والقاعدة أن لا يقال: وفي أخرى، إلا إذا كانت الأولى والأخرى عن صحابي واحد، فكان الصواب أن يقول: وعن الربيع بنت معوذ كما صنع ابن الأثير في "الجامع"(4).

قوله: "ومضمض واستنشق مرة" فيه مثل ما تقدم، عدم الترتيب (5) بين الوجه والمضمضة والاستنشاق، ولعله يقال هنا: ليس المراد بيان الترتيب، بل بيان عدد الغسلات.

قوله: "ومسح برأسه مرتين" بينتها بقولها: "بدأ بمقدم رأسه ثم بمؤخره" جعلت ذلك مرتين وهو مرة واحدة؛ لأنه أمر يديه من مقدم رأسه إلى مؤخره.

"ثم ردّهما من مؤخره إلى مقدمه" هذه مسحة واحدة وصورة الإمرار مرتين، والعبارات كلها تفيد معنى واحد، لكن اختلف الرواة في الألفاظ (6).

(1) لأبي داود في "السنن"(128)، وهو حديث شاذ مخالف لما في الرواية الآتية.

(2)

أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (129)، وهو حديث حسن. وأخرجه الترمذي في "السنن" رقم (34).

(3)

أخرجها أبو داود في "السنن" رقم (130)، وهو حديث ضعيف.

(4)

(7/ 163).

(5)

تقدم ذكره.

(6)

انظر: "روضة الطالبين"(1/ 61). "المغني"(1/ 183).

ص: 189

قوله: "من فضل ماء كان بيده"(1) يدل على أنهما جزآن من الرأس، فإن بقي في اليدين ماء مسحهما به، وإن لم يبق أخذ لهما ماء آخر، وهو وجه ما، ورد أنه أخذ لهما ماء غير ما مسح به رأسه.

قوله: "وصُدْغَيه" بضم الصاد [275 ب] المهملة فدال مهملة أيضاً، فغين معجمة تثنية صدغ، وفي "القاموس" (2): الصدغ بالضم ما بين الأذن والعين، والشعر المتدلِّي على هذا الموضع. انتهى.

ولكنه على هذا من الوجه فيغسل معه، فينظر.

السادس: حديث (أبي أمامة):

6 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: تَوَضَّأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا وَقَالَ: الإُّذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ.

قال حماد: لا أدري الإذنان من الرأس، من قول أبي أمامة أم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أخرجه أبو داود (3) والترمذي (4) وضعفه، وهذا لفظه. [حسن دون مسح المأقين]

(1) انظر: "المجموع شرح المهذب"(1/ 444)، "المغني"(1/ 181)، "التمهيد"(3/ 209).

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1014).

(3)

في "السنن" رقم (134).

(4)

في "السنن" رقم (37)، وقال: هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم.

وأخرجه ابن ماجه رقم (444)، والدارقطني رقم (37)، والبيهقي (1/ 66)، والطبراني في "الكبير"(8/ 142 - 143)، وأحمد (5/ 268)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 33)، كلهم عن حمّاد بن زيد عن سنان به.

وهذا سند حسن بها الشواهد.

قال ابن دقيق العيد في "الإمام": وهذا حديث معلول بوجهين:

أحدهما: الكلام في شهر بن حوشب. =

ص: 190

وعند أبي داود (1) قال: "وَكانَ يَمْسَحُ المَأْقَيْنِ: يَعْني الخُفَّيْنِ، وَقالَ فِيهِ أَيْضاً: الإُّذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ". [حسن دون مسح المأقين]

هو مثل غيره إلَاّ قوله: "الإذنان من الرأس" فلم يأت فيما مضى، وفيه: أنهما ليسا من الوجه، كما ذهب إليه الزهري، ولا أن باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرأس، كما قاله الشعبي (2).

وذهب جماعة من السلف، إلى أنهما من الرأس، وهو مذهب أبي حنيفة (3)، وذهب الشافعي (4) إلى أنهما عضوان على حيالهما ليسا من الوجه ولا من الرأس، وتأول أصحابه الحديث بأن المراد أنهما يمسحان مع الرأس تبعاً له، أو أنهما يمسحان كما يمسح، ولا يغسلان كما يغسل الوجه، قاله الخطابي (5).

قوله: "قال حماد: لا أدري" قد أطال ابن حجر القول في هذه اللفظة في "التلخيص"(6)، وفي كلامه على ابن الصلاح (7)، في "أصول الحديث".

قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي وضعفه، وهذا لفظه".

= الثاني: الشك في رفعه، ولكن شهر وثقه أحمد، ويحيى، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وسنان بن ربيعة، أخرج له البخاري، وهو وإن كان قد لين فقال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به. وقال ابن معين: ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، والله أعلم.

(1)

في "السنن" رقم (134)، وهو حديث حسن دون "مسح المأقين".

(2)

انظر: "المغني"(1/ 183 - 186).

(3)

انظر: "البناية في شرح الهداية"(1/ 188).

(4)

"المجموع شرح المهذب"(1/ 445).

(5)

في "معالم السنن"(1/ 93 - مع السنن).

(6)

(1/ 160 - 161).

(7)

في النكت على ابن الصلاح لابن حجر (1/ 412).

ص: 191

قوله: "المأقين يعني الخفين" كذا قاله المصنف، وفي غيره: الماقان بالهمزة، تثنية المأق أو الماق مقدم العين، جمعه مآقي [وموجره](1) مؤق بالهمز، وقد يسهلان.

وقال الخطابي (2): الماق طرف العين الذي يلي الأنف، وفيه ثلاث لغات: ماق، ومأق مهموز، وموق. انتهى.

فتفسير المصنف غير صحيح، ولم يفسره ابن الأثير هنا.

وقال في "النهاية"(3): كان يمسح المأقيين هي تثنية المآقي، وذكر حديث (4):"كان يكتحل من قبل مُؤقه مرة، ومن قبل ماقه مرة" مؤق العين: مؤخَّرُها وماقها: مُقدَّمُها، ثم ذكر أن الأفصح الأكثر المآقي، وأفاد كلامه أن الحديث بلفظ:"المأقيين" بياءين، والذي في "التيسير" و"الجامع" لابن الأثير:"المأقين" بياء واحدة ورأيت في "حواشي السنن" الماقان الخُفان (5) فارسي معرب. انتهى.

ولم ينسبه لأحد، ولم أجده في "القاموس"(6) ثم ظاهر عبارة التيسير أن التفسير، للماقين بالخفين مدرج من كلام الراوي، وليس كذلك.

ثم لا يخفى بُعد هذا أن الماقين على الصحيح من التفاسير من الوجه، فهما يغسلان [276 ب] معه فكيف يقال: مسحهما مع أنه لم يذكر أحد من العلماء هذا المسح.

(1) كذا رسمت في المخطوط. غير مقروءة.

وفي "النهاية"(2/ 629): المؤق بالهمز والضم، وجمع المُؤقِ آماق وأمآق، وجمع المَأقي: مآقي.

(2)

في معالم "السنن"(1/ 93 - مع السنن).

(3)

(2/ 629).

(4)

ابن الأثير في "النهاية"(2/ 628 - 629).

(5)

انظر: "المصباح المنير"(ص 224).

(6)

"القاموس المحيط"(ص 1193 - 1194)، وماق العين، وخفّ غليظ يلبس فوق الخُفِّ.

ص: 192

وقد قال المصنف: أنه ضعفه الترمذي، قال الحافظ المنذري (1): أخرجه الترمذي (2) وابن ماجه (3)، وقال الترمذي (4): هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم، وقال الدارقطني (5): رفعه وهم والصواب أنه موقوف. انتهى.

السابع: حديث (جابر رضي الله عنه):

7 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: أَخَبَرَنِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمِيْهِ مِثْلَ مَوْضِعَ الظُفُر، فَقَالَ لَهُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم:"ارْجِعْ فَأَحْسِنْ الوُضُوءَ"، قَالَ: فَرَجَعَ فتوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى. أخرجه مسلم (6) وأبو داود (7). [صحيح]

"أخبرني عمر".

قوله: "وقد توضأ وترك على قدميه" لعل المراد على أحدهما "مثل الظفر" أي: لم يمسه الماء.

"فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجع فأحسن وضوءك، قال: فرجع فتوضأ ثم صلَّى" يحتمل قوله: "فأحسن وضوءك" الاستئناف للوضوء ويحتمل تقييم ما قصر فيه فلا يدل على وجوب الموالاة في الوضوء، كما قاله القاضي عياض (8): إذ مع الإحتمال لا يتم الاستدلال؛ لأنه عمل

(1) في "مختصر السنن"(1/ 102).

(2)

في "السنن" رقم (37).

(3)

في "السنن"(444).

(4)

في "السنن"(1/ 53).

(5)

في "السنن"(1/ 103 رقم 37).

(6)

في "صحيحه" رقم (243).

(7)

في "السنن" رقم (173)، وأخرجه ابن ماجه رقم (665)، وهو حديث صحيح.

(8)

في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 40).

ص: 193

بأحد الاحتمالين بلا مرجح، وهو دليل على أن من ترك جزءاً يسيراً مما يجب تطهيره فإنها (1) لا تصح طهارته، وهو متفق عليه، ومثله التيمم.

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود".

- ولأبي داود (2) في أخرى، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. [صحيح]

"وفي رواية لأبي داود".

قوله: "فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة" لما عرفت قريباً أنه لا يكون متطهراً حتى يغسل جميع أجزاء الأعضاء.

وَ"اللمعة" بالضم ما يلمع، وهنا لمعت لعدم إصابة الماء لها.

الثامن: حديث (ابن عمرو بن العاص).

8 -

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا، وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَلاةُ وَنَحْنُ نَتوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا".

أخرجه الخمسة (3) إلا الترمذي، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]

(1) انظر: "المغني"(1/ 192)، "الإنصاف"(1/ 139). روضة الطالبين (1/ 64)، المبسوط (1/ 56).

(2)

في "السنن" رقم (175) وهو حديث صحيح.

(3)

أخرجه البخاري رقم (60، 96، 163)، ومسلم رقم (27/ 241)، وأبو داود رقم (97)، وابن ماجه رقم (450)، والنسائي رقم (111)، وأخرجه أحمد (2/ 193، 205، 211، 226)، والدارمي (1/ 179)، وهو حديث صحيح.

ص: 194

"قال: تخلف عنَّا النَّبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها" بيّنها مسلم (1) في رواية بلفظ: "سافرناها من مكة إلى المدينة".

"فأدركنا وقد أرهقتنا" بفتح الهاء وسكون القاف.

"الصلاة" مفعول أرهقتنا، ولفظ البخاري (2):"العصر" وفي الجامع (3): وللبخاري (4): "وقد أرهقتنا العصر" وفي أخرى (5): "وقد حضرت صلاة العصر" فلفظ المصنف وهو: "أرهقتنا الصلاة" ليس هو لفظ البخاري ولا لفظ مسلم.

والإرهاق: الإدراك والغشيان، قاله الحافظ (6).

"فجعلنا نمسح على أرجلنا" قابل الجمع بالجمع، فالأرجل موزعة على الرجال. فلا يلزم أن يكون لكل رجل أرجل.

قال الحافظ في "الفتح"(7): انتزع منه البخاري أن الإنكار عليهم كان بسبب المسح، لا بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل، فلهذا [277 ب] قال (8): ولا يمسح على القدمين، وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها.

(1) في "صحيحه" رقم (26/ 241).

(2)

في "صحيحه" رقم (96).

(3)

(7/ 168).

(4)

في "صحيحه" رقم (163).

(5)

أخرجها مسلم في "صحيحه" رقم (27/ 241).

(6)

في "فتح الباري"(1/ 265). وقال ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 169): "أرهقتنا": أرهقَه يُرهِقُه، أي: أغشاه، ورهقه الأمر يَرْهَقُه: إما غشيَه أراد: أن الصلاة أدركنا وقتها وغشينا.

(7)

(1/ 265).

(8)

أي: البخاري في "صحيحه"(1/ 265 الباب رقم (27) باب غسل الرجلين، ولا يمسحُ على القدمين - مع الفتح).

ص: 195

"فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار" اختلف في معنى "ويل" على أقوال أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه (1) عن أبي سعيد مرفوعاً: "ويل واد في جهنم".

قال ابن خزيمة (2): لو كان الماسح مؤدياً للغرض لما توعد بالنار.

قال الحافظ (3): أشار بذلك إلى ما في كتب الخلاف عن الشيعة (4) من أن الواجب، هو المسح أخذاً بظاهر قراءة (أرجلِكم) بالخفض (5).

(1) في "صحيحه" رقم (7467) بسند ضعيف لضعف رواية دراج عن أبي الهيثم.

وأخرجه عبد بن حميد في المنتخب رقم (924)، والترمذي رقم (2579)، (3164)، (3323) مفرقاً في المواضع الثلاث. وأبو يعلى في "مسنده" رقم (409/ 1383)، والبيهقي في "البعث" رقم (465، 487)، والطبري في "تفسيره"(1/ 378)، والحاكم (4/ 596)، وصححه ووافقه الذهبي، ونعيم بن حمّاد في "زوائد الزهد" رقم (334)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (4409) من طرق.

قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث ابن لهيعة.

قلت: لم ينفرد برفعه ابن لهيعة كما قال الترمذي بل تابعه عمرو بن الحارث كما عند نعيم بن حمَّاد والبغوي.

وقال ابن كثير في "تفسيره"(1/ 312): "لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى، ولكن الآفة ممن بعده. وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعاً منكر، والله أعلم.

- وقد جاء مرفوعاً، أخرجه الحاكم (2/ 534)، والبيهقي في "البعث" رقم (464).

وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

وهو حديث ضعيف، والله أعلم.

(2)

في "صحيحه"(1/ 89).

(3)

في "فتح الباري"(1/ 266).

(4)

انظر: "اللمعة الدمشقية"(1/ 76).

(5)

في قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ} ثلاث قراءات:

- الشاذة وهي قراءة الرفع، وهي قراءة الحسن.

ص: 196

قال: وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة وضوءه: "أنه غسل رجليه" وهو المبين لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبسة الذي رواه ابن خزيمة (1)، وغيره (2) مطولاً في فصل: ثم يغسل قدميه كما أمر الله، ولم يثبت (3) عن أحد من الصحابة، خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك.

قلت: قد بينت في "سبل السلام"(4) ما فيه مقنع عن الجدال والخصام.

قوله: "أخرجه الخمسة، إلا الترمذي، وهذا لفظ الشيخين".

قلت: لفظهما (5) فيه: "صلاة العصر" أو "العصر" وليس فيهما، "أرهقتنا الصلاة".

- ولمسلم (6) في أخرى: تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ العَصْرِ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ النَبيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ، أَسْبِغُوا الوُضُوءَ". [صحيح]

- وأمّا المتواترتان فقراءة النصب وهي قراءة نافع، وابن عامر، والكسائي وعاصم في رواية حفص عن السبعة، ويعقوب من الثلاثة.

- وأما قراءة الجر: فهي قراءة ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر.

انظر: "زاد المسير"(2/ 301)"أضواء البيان"(2/ 8). "الجامع لأحكام القرآن"(6/ 91 - 96). "جامع البيان"(10/ 52 - شاكر).

(1)

في "صحيحه" رقم (165).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 111)، ومسلم رقم (294/ 832)، والنسائي رقم (147)، والدارقطني في "سننه"(1/ 107 - 108 رقم 2) بسند صحيح من الطريقين، وهو حديث صحيح.

(3)

قاله الحافظ في "الفتح"(1/ 266).

(4)

(1/ 229 - 228) بتحقيقي.

(5)

تقدم ذكره.

(6)

في "صحيحه" رقم (26/ 241).

ص: 197

قوله: "ولمسلم في أخرى".

قوله: "فانتهينا إليهم، وأعقابهم تلوح، لم يمسها الماء"، تمسك بهذا الرواية من يقول بإجزاء المسح (1)، ويحمل الإنكار على ترك التعميم.

قال الحافظ (2): لكن الرواية المتفق عليها أرجح، فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحمل قوله:"لم يمسها الماء" أي: بالغسل، جمعاً بين الروايتين.

قال (3): وأصرح من ذلك رواية مسلم (4)"عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال ذلك".

وأيضاً من قال بالمسح لم يوجب مسح العقب، والحديث حجة عليه (5).

قوله: "أسبغوا الوضوء" أي: أتموه بغسل الأعقاب.

- قال الترمذي (6): وَقَدْ رُوِىَ عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ وَبُطُونِ الأقدَامِ مِنَ النَّارِ"(7).

(1) انظر: "شرح معاني الآثار"(1/ 39).

"المحلى"(2/ 57)، "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" للحازمي (ص 185).

(2)

في "فتح الباري"(1/ 266).

(3)

الحافظ في "الفتح"(1/ 266).

(4)

في "صحيحه" رقم (28، 29، 30/ 242).

وأخرجه البخاري رقم (165)، وأحمد (2/ 228، 284، 389، 406، 482)، والترمذي رقم (41)، والنسائي رقم (110)، وابن ماجه رقم (453)، والدارمي (1/ 179).

(5)

انظر: "فتح الباري"(1/ 266)، شرح "صحيح مسلم" للنووي (3/ 129 - 130).

(6)

في "السنن"(1/ 59).

(7)

أخرجه أحمد (4/ 191)، وفي إسناده ابن لهيعة، وقد توبع من عبد الله بن وهب عند أحمد (4/ 190). =

ص: 198

التاسع: حديث (جابر رضي الله عنه):

9 -

وعن جابر رضي الله عنه: أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَسْحِ عَلَى العِمَامَةِ، فَقَالَ: لَا، حَتّى يُمسَحَ الشَّعَرُ بالمَاءَ. أخرجه مالك (1). [موقوف ضعيف]

"أنه سئل عن المسح على العمامة، فقال: لا حتى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بالماءِ".

كأنه يريد أنه يكمل على العمامة لا أن يمسحها وحدها وهذا موقوف، وقد ثبت: أنه صلى الله عليه وسلم مسح على العمامة (2) فقط، وعلى الناصية وكمل على العمامة" (3).

قوله: "أخرجه مالك".

العاشر: حديث [278 ب](ثوبان):

= وأخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 95 رقم 1)، والبيهقي (1/ 70)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 38)، والحاكم (1/ 162)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 240)، وقال:"ورجال أحمد والطبراني ثقات".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح. ولم يخرجا ذكر بطون الأقدام".

عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النّار" وهو حديث صحيح.

(1)

في "الموطأ"(1/ 35 رقم 38)، وهو موقوف ضعيف.

(2)

عن عمرو بن أُمية الضمري قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْسحُ على عمامته وخفيه".

[أخرجه أحمد (4/ 139)(5/ 287)، والبخاري رقم (204، 205)، وابن ماجه رقم (562)، وهو حديث صحيح.

(3)

عن المغيرة بن شعبة: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسحَ بناصيته وعلى العمامة والخفين".

[أخرجه مسلم رقم (81/ 274) و (83/ 274)، وأحمد (4/ 255)].

وهو حديث صحيح.

ص: 199

10 -

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ البَرْدُ، فَلمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ. أخرجه أبو داود (1). [صحيح]

"العَصَائِبِ"(2): العمائم؛ لأن الرأس يعصب بها.

و"التَّسَاخِينِ"(3): الخفاف لا واحد لها.

"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، فأصبهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب" العمائم.

فيه المسح على العمائم للعذر.

"والتساخين" فسّرها المصنف (4) بالخفاف، وأنه لا واحد لها، وفي "النهاية" (5): قيل واحدها تَسْخَان وتَسْخين وسخن، والتاء فيها زائدة.

وقال حمزة الأصبهاني (6): أما التَّسخَان فهو معرب يسكن، وهو اسم غطاء من أغطية الرأس، كان العلماء والموَابذةُ، يأخذونه على رءوسهم خاصَّة (7)، وجاء في الحديث ذكر العمائم

(1) في "السنن" رقم (146).

وأخرجه أحمد (5/ 277)، والحاكم (1/ 169)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم

وفي سنده راشد ابن سعد، ثقة، إلا أنه لم يسمع من ثوبان، كما قال الإمام أحمد فيما نقله عنه العلائي "جامع التحصيل 174).

وقال البخاري في "التاريخ الكبير"(2/ 1/ 292) عكس قول الإمام أحمد: سمع ثوبان ويعلى بن مُرّة. وقد صحح الألباني الحديث في صحيح أبي داود. وهو حديث صحيح، والله أعلم.

(2)

قاله أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 188). وانظر: "القاموس المحيط"(ص 495).

(3)

انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (7/ 178). "غريب الحديث" لأبي عبيد (1/ 187).

(4)

في "غريب الجامع"(7/ 171).

(5)

(1/ 763 - 764).

(6)

ذكره ابن الأثير في "النهاية"(1/ 764) حيث قال: وقال حمزة الأصبهاني في كتاب الموازنة

".

(7)

وتمام العبارة من "النهاية" دون غيرهم.

ص: 200

والتساخين فقال من تعاطى تفسيره: هو الخُف، حيث لم يعرف فارسيته. انتهى.

وهذا التفسير يوافق قرنها بالعمائم؛ ولأن المسح على الخفاف ليس يختص من له عذر.

قوله: "أخرجه أبو داود".

الحادي عشر: حديث (أنس رضي الله عنه):

11 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ وَعَلِيهِ عِمَامَة قطريَّةٌ، فَأدْخل يَده من تَحت العِمَامَة، فَمسح مقدَّم رَأسه وَلم ينْقض العِمَامَة. أخرجه أبو داود (1). [ضعيف]

"القِطْرِيُّ"(2): ثوب أحمر له أعلام، وفيه بعض الخشونة، وقيل: البرود القطرية، حلل جياد تحمل من قبل البحرين.

قال الأزهري (3): وفي البحرين قرية يقال لها قطرٌ.

"قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطريَّة" يأتي تفسيرها.

"فأدخل يده تحت العمامة، فمسح بمقدم رأسه، ولم ينقض العمامة" وفيه: عدم استكمال مسح الرأس والاكتفاء بمسح مقدمه من دون تكميل على العمامة.

إلا أنه بوب الترمذي (4) للمسح عليها فقال: باب المسح على العمامة، ثم ساق بإسناده إلى المغيرة بن شعبة (5) قال:"توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة".

(1) في "السنن" رقم (147)، وهو حديث ضعيف.

(2)

قاله ابن الأثير في غريب "الجامع"(7/ 171).

(3)

في تهذيب اللغة (16/ 216) حيث قال: في أعراض البحرين على سيف البحر بين عُمان والعقير مدينة يقال لها قَطَر، وأحسبهم نسبوا هذه الثياب إليها، فخفَّفوا، وقالوا: مِطْريٌّ والأصل: قَطَرِيّ.

(4)

في "السنن"(1/ 170 الباب رقم 75).

(5)

في "السنن" رقم (100).

ص: 201

ثم ذكر رواية أخرى (1): "أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية والعمامة" ولم يذكر بعضهم الناصية.

ثم قال (2): حديث المغيرة بن شعبة، حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر، وأنس، وبه يقول الأوزاعي وأحمد (3) وإسحاق (4)، قالوا: يمسح على العمامة.

ثم قال (5): وقال غير واحد من أهل العلم، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري (6) ومالك (7) بن أنس وابن المبارك والشافعي.

ساق هذا بعد روايته لحديث جابر الذي تقدم قريباً، وهو موقوف كما عرفت.

قوله: "أخرجه أبو داود".

الثاني عشر:

12 -

وعن ثابت بن أبي صفية قال: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ مُحَمَّدَ البَاقِرُ: حَدَّثَكَ جَابِرٌ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا؟ قَالَ: نَعَمْ (8). [ضعيف]

(1) في "السنن"(1/ 171).

(2)

أي: الترمذي في "السنن"(1/ 171).

(3)

انظر: مسائل أحمد لأبي داود (ص 8)، ومسائل أحمد لعبد الله (ص 35).

(4)

مسائل أحمد وإسحاق (1/ 5) مسائل أحمد لأبي هانئ (1/ 18).

(5)

الترمذي في "السنن"(1/ 171).

(6)

انظر: "فتح الباري"(1/ 309).

(7)

انظر: "الموطأ"(1/ 35).

(8)

أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (45)، وهو حديث ضعيف.

ص: 202

وفي رواية: "مَرَّةً مَرَّةً". قال: "نَعَمْ". أخرجه الترمذي (1). [صحيح]

حديث: [279 ب]"ثابت بن أبي صفية"(2) هو أبو حمزة الثُّمالي.

قوله: "أخرجه الترمذي".

قلت: وقال (3): قال أبو عيسى: وروى هذا الحديث وكيع عن ثابت بن أبي صفية، قال: قلت: لأبي جعفر حدثك جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة؟ قال: نعم، حدثنا بذلك هناد وقتيبة قالا: حدثنا وكيع، عن ثابت، وهذا أصح من حديث شريك؛ لأنه قد روى من غير وجهٍ، هذا عن ثابت نحو رواية وكيع، وشريك كثير الغلط. انتهى.

ورواية شريك هي التي ساق لفظها المصنف.

الثالث عشر: حديث (عبد الله بن زيد رضي الله عنه).

13 -

وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ (4). [صحيح]

وَقَالَ: [هُوَ نُورٌ عَلَى نُورٍ](5) لا أصل له

"أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين" أي: لكل عضو.

"وقال: هو" أي الوضوء الثاني بعد الأول "نور على نور" فالأول نور، والثاني نور عليه، وهذا الذي قدمناه في معنى الحديث، موضحاً لا أن المراد لتجديد كما يقوله كثيرون.

(1) في "السنن" رقم (46)، وهو حديث صحيح.

(2)

انظر: "التقريب"(1/ 119 رقم 9).

(3)

أي الترمذي في "السنن"(1/ 65).

(4)

أخرجه أحمد (4/ 41)، والبخاري رقم (158)، وهو حديث صحيح.

(5)

لم نقف على هذه الزيادة بهذا اللفظ. وتقدم بلفظ: "الوضوء على الوضوء نور على نور" قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 223)، فلا يحضرني له أصل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولعله من كلام بعض السلف، والله أعلم.

ص: 203