الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحادي عشر: حديث (جابر رضي الله عنه):
11 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ غُسْلُ يَوْمٍ، وَهُوَ يَوْمُ الجُمُعَةِ"(1). أخرج الثلاثة مالك. [موقوف صحيح]
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رجل مسلم" يجب، وخرجت المرأة بالمفهوم.
"في كل سبعة أيام غسل يوم" أطلقه ثم عينه بقوله:
"يوم الجمعة" وهو بدل بعض من كل.
قوله: "أخرج الثلاثة مالك".
وهذا آخر [369 ب] الجزء الثامن عشر من ثلاثين جزءاً من التيسير.
الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه
(الفَصْلُ الرَّابعُ) من فصول باب الغسل
في غسل الميت والغسل منه
(فِي) بيان "غُسلَ المَيِتِ وَالغُسلَ مِنْهُ" أي: من غسله.
الأول:
1 -
عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حِيْنَ تُوُفِّيتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ:"اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي". فَلمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَاناَ حِقْوَهُ، فَقَالَ:"أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ: يَعْنِيِ إِزَارَهُ"(2). [صحيح]
(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 177 رقم 2)، وهو أثر موقوف صحيح.
(2)
أخرجه أحمد (6/ 407)، والبخاري رقم (1254)، ومسلم رقم (36/ 939)، وأبو داود رقم (3142)، والترمذي رقم (990)، والنسائي رقم (1881)، وابن ماجه رقم (1459) وهو حديث صحيح.
وزعم ابن سيرين (1)، أن الإشعار، ألففنها فيه، وكذلك كان ابن سيرين يأمر المرأة أن تشعر ولا تؤزر.
حديث: "أم عطية"(2) تقدم أن اسمها نسيبة، بضم النون وقيل: بفتحها، بزنة جهينة من فاضلات الصحابيات "الأنصارية".
"قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته" هي زينب على المشهور، وكانت وفاتها سنة ثمان، وقيل (3): هي هنا أم كلثوم.
الأولة: زوجة أبي العاص بن الربيع، والثانية: زوجة عثمان، إلا أنه ثبت في صحيح البخاري أنها زينب.
"فقال: اغسلنها ثلاثاً" أي: مرات. "أو خمساً" ليكون وتراً. أو أكثر من ذلك" ولا تفعلنه إلاّ وتراً.
"إن رأيتن ذلك" ظاهره أنه عائد إلى رأيهن في كل ذلك المذكور، ويحتمل أنه قيد للأكثر من الخمس (4).
(1) نظر: "فتح الباري"(3/ 133)، و"المفهم"(2/ 594).
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 133): والقائل في هذه الرواية: "وزعم" هو أيوب ، وذكر ابن بطال - في "شرحه لصحيح البخاري"(3/ 255) - أنه ابن سرين، والأول أولى، وقد بينه عبد الرزاق في روايته عن ابن جريج قال: "قلت: لأيوب قوله أشعرنها تؤزر به، قال: ما أراه إلا قال: ألففنها فيه.
(2)
انظر: "الاستيعاب"(4/ 502).
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 128): فيمكن ترجيح أنها أم كلثوم بمجيئه من طرق متعددة، ويمكن الجمع بأن تكون أم عطية حضرتهما جميعاً، فقد جزم ابن عبد البر في ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات.
وانظر: "المبهمات" لابن بشكوال (1/ 71 - 73 - رقم الجزء 6).
(4)
انظر: "المغني"(3/ 378 - 379)، "الأوسط"(5/ 333)، "التمهيد"(6/ 191).
"بماء" متعلق بـ "اغسلن".
"وسدر" يخضب بالماء أو يذر على بدن الميت، فإنه يصدق عليه أنه غسل به.
"واجعلن في الآخرة" من الغسلات. "كافوراً" عوض السدر أو معه. "فإذا فرغتن" من الغسل. "فأذنني" أعلمنني.
"فلما فرغنا أذناه" أعلمناه.
"فأعطانا حقوه"(1) بكسر الحاء المهملة وفتحها، تطلق على الإزار مجازاً، وأصله معقد الإزار.
"فقال: أشعرنها إياه" أي: اجعلنه شعاراً، والشعار: الثوب الذي يلي الجسد، فلا يكون بينه وبين جسدها شيء، والظاهر أنه أراد تبركها به.
قوله: "يعني إزاره" هو تفسير للحقوة.
قوله: "وزعم ابن سيرين أن الأشعار معناه ألففنها فيه" كأنه يريد: ألففن بدنها فيه، فيكون شعاراً، أي: ثوباً على جسدها، فهو كتفسير غيره.
إلاّ أن قوله: "ولذلك كان ابن سيرين يأمر المرأة أن تشعر ولا تؤزر" فهم أنه لم يرد ابن سيرين مجرد الشعار، بل نهى عن وزره المرأة.
- وفي أخرى (2): "اغْسِلْنَهَا وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا"، وَفِيهاَ قَالَتْ أُمَّ عَطِيَّةَ إِنِّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. [صحيح]
قال سفيان: نَاصِيَتهاَ وَقَرْنَيْهاَ".
(1) انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 408)، "فتح الباري"(3/ 129).
(2)
أخرجها البخاري في صحيحه رقم (1259)، ومسلم في صحيحه رقم (939).
قوله [370 ب]: "وفي" رواية: "أخرى" هذه الرواية روتها حفصة عن أم عطية، والأولى من رواية محمد بن سيرين، صرّح به ابن الأثير (1).
قوله: "اغسلنها وتراً ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك"، زاد بن الأثير (2):"إن رأيتن ذلك" كما في الرواية الأولى.
"وابدأن بميامنها" أيمن أعضائها، وكأن المراد بعد غسل ما هو من نجاسة في بدنها.
"ومواضع الوضوء منها" وكأن المراد البداية بها، كما في غسل الجنابة ونحوها، ثم بميامن الأعضاء، والواو لا تقتضي الترتيب فيها، ولفظ:"منها" ليس في لفظ رواية "الجامع".
"وفيها" أي: هذه الرواية.
"قالت أم عطية: إنهنَّ" أي: الغاسلات.
"جعلن رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون" وهذا ليس عن أمره صلى الله عليه وسلم، وكأنه كان ذلك أسلوب غسلهن الميتة من النساء أي: في صدر الإسلام، ولا أدري هل كان يغسل في الجاهلية من مات منهن؟.
ثم بينت أن ذلك بعد نقضه وغسله، بقولها:"نقضنه ثم غسلنه ثم جعلنه ثلاثة قرون، قال سفيان" ابن عيينة، أو الثوري، مفسراً الثلاثة القرون بقوله:
"ناصيتها" وهو الشعر المقبل على الجبهة.
"وقرنيها" أي: أيمن شعر رأسها وأيسره.
(1) في "الجامع"(7/ 332).
(2)
في "الجامع"(7/ 333).
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(6/ 191): لا أعلم أحداً قال بمجاوزة السبع، وصرّح بأنها مكروهة، أحمد في "المغني"(3/ 378 - 379)، والماوردي في "الحاوي"(3/ 11)، وابن المنذر في "الأوسط"(5/ 333).
وفي "النهاية"(1): كل ظفيرة من ظفائر الشعر قرن.
- وفي أخرى: فَضَفَرْنَا شَعَرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَالقَيْنَاهَا خَلْفَهَا. أخرجه الستة (2)، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]
"وفي" رواية: "أخرى" عن أم عطية.
"فظفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألقيناها" أي: الثلاثة.
"خلفها" وكأنه صلى الله عليه وسلم عَلِم بذلك فأقرّه.
قوله: "أخرجه الستة، وهذا لفظ الشيخين".
الثاني:
2 -
وعن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها قالت: تُوُفِّيَ ابْنِي فَجَزِعْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لِلَّذِي يَغْسِلُهُ، لَا تَغْسِلْ ابْنِي بِالمَاءِ البَارِدِ فَتقْتُلُهُ، فَانْطَلَقَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فأَخبرَهُ بِقَوْلِهَا، فتبسَّمَ؟ ثُمَّ قَالَ:"مَا قَالَتْ، طَالَ عُمْرُهَا؟ فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً عمِّرَتْ مَا عمِّرَتْ". أخرجه النسائي (3). [إسناده ضعيف]
حديث: "أم قيس (4) بنت محصن" اسمها آمنة، هي أخت عكاشة بن محصن.
"قالت: توفي ابني، فجزعت عليه، فقلت للذي يغسله، لا تغسل ابني بالماء البارد فيقتله" هذا من شدة جزعها وشفقتها.
"فانطلق عكاشة بن محصن إلى [371 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقولها، فتبسم" من قولها: فيقتله.
(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 140)، وانظر:"الفائق" للزمخشري (3/ 174).
(2)
تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(3)
في "السنن"(4/ 29 رقم 1882) بإاسناد ضعيف.
(4)
انظر: "الاستيعاب" رقم (3562).
"ثم قال: ما قالت" كأنه أراد الاستفهام، أو تقرير ما قاله عكاشة.
"طال عمرها" خبر مراد به الدعاء. "فلا نعلم" كأنه من قول عكاشة.
"امرأة عَمَّرت" أي: طال عمرها.
"ما عَمَّرت" وكأنه أخذ من تقريره صلى الله عليه وسلم أنه يحسن الغسل للميت بالماء غير البارد.
قوله: "أخرجه النسائي".
الثالث: حديث (أبي هريرة رضي الله عنه):
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ غَسَّلَ المَيِّتَ فَلْيَغْتَسِلْ". أخرجه أبو داود (1)، والترمذي (2). [صحيح]
(1) في "السنن"(3161، 3162).
(2)
في "السنن" رقم (933).
وأخرجه أحمد (2/ 280، 433، 454، 472)، وابن ماجه رقم (1463)، والبيهقي (1/ 301)، وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف.
قال البيهقي: "مختلف في عدالته، كان مالك بن أنس يجرحه".
"الجرح والتعديل"(2/ 1/ 418)، و"الكامل"(4/ 1373)، "الميزان"(2/ 302 - 304)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (1161)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 301 - 303)، وقال: والصحيح أنه موقوف، وقال البخاري: الأشبه موقوف.
وأخرجه البزار من ثلاث طرق عن أبي هريرة.
قال الحافظ في "التخليص"(1/ 136): رواه البزار، من رواية العلاء، عن أبيه، ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ومن رواية أبي بحر البكراوي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، كلهم عن أبي هريرة.
وقال علي بن المديني وأحمد بن حنبل: لا يصح في الباب شيء، وهكذا قال الذهبي فيما حكاه الحاكم في تاريخه: ليس فيما غسل ميتاً فليغتسل، حديث صحيح.
وقال الذهلي: لا أعلم فيه حديثاً ثابتاً، ولو ثبت للزمنا استعماله. =
وزاد (1): "وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ"
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من غسل الميت فليغتسل" ظاهره الإيجاب، وهو قول الشافعي (2) فيما قيل لهذا الأمر.
وأجيب عنه بأنه صرفه عن الوجوب إلى الندب حديث: "إن ميتكم يموت طاهراً فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" أخرجه البيهقي (3) من حديث ابن عباس، وهو وإن ضعفه البيهقي فقد حسن ابن حجر (4) إسناده.
وفي حمله على الندب جمعاً بين الحديثين، أو يقال: أريد به غسل الأيدي، وأنه بين المراد من إيجاب الغسل، فيكون هو الواجب.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: وصححه ابن حبان (5)، وحسنه الترمذي (6).
= وقال المنذر: ليس في الباب حديث يثبت.
انظر: "علل الترمذي الكبير"(ص 143)، "الأوسط"(5/ 351)، "التلخيص"(1/ 136 - 137).
(1)
في "السنن" رقم (933).
(2)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(5/ 144).
(3)
في "السنن الكبرى"(3/ 398)، وقال البيهقي: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة.
قال ابن حجر: أبو شيبة، هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري، وأبو العباس الهمداني هو ابن عقدة حافظ كبير، إنما تكلموا فيه بسبب المذهب والأمور أخرى، ولم يضعفه بسبب المتون أصلاً، فالإسناد حسن، "التلخيص"(1/ 138).
(4)
في "التخليص" رقم (1/ 138).
(5)
في صحيحه رقم (3/ 436).
(6)
في "السنن"(3/ 273).
"وزاد: ومن حمله فليتوضأ" الظاهر أن المراد من باشر حمل بدنه وهو مجرى لا من حمله على نعشه مشيعاً له.
وفي المنتقى (1): قال أبو داود (2): هذا منسوخ، وقال بعضهم: معناه من أردا حمله ومتابعته فليتوضأ من أجل الصلاة عليه. انتهى.
قال الترمذي (3): قد اختلف أهل العلم في الذي يغسل الميت، فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا غسل الميت فعليه الغسل، وقال بعضهم: عليه الوضوء.
وقال مالك (4) بن أنس: المستحب الغسل من غسل الميت، ولا أدري ذلك واجباً.
وهكذا قال الشافعي (5).
وقال أحمد (6): من غسل ميتاً أرجوا أن لا يجب عليه الغسل فاما الوضوء فأقل ما قيل فيه.
وقال إسحاق (7): لا بد من الوضوء، وقد روي [372 ب] عن عبد الله بن المبارك أنه قال: لا يغتسل ولا يتوضأ. انتهى.
(1) رقم (9/ 317) بتحقيقي.
(2)
في "السنن"(3/ 512 - 513) وتمام كلامه: (وسمعت أحمد بن حنبل - وسئل عن الغسل من غسل الميت - فقال: يجزيه الوضوء).
(3)
في "السنن"(3/ 273).
(4)
انظر: "مدونة الفقه المالكي وأدلته"(1/ 569).
(5)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(5/ 144)، و"الأوسط"(5/ 351).
(6)
انظر: "المغني"(1/ 256).
(7)
انظر: "المغني"(1/ 256).
الرابع:
4 -
وعن ناجية بن كعب: أَنَّ عَلِياًّ رضي الله عنه قَالَ: لمّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ:"اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئَاً حَتَّى تَأْتِيَنِيَ"، فَوَارَيْتُهُ فَأَتيْتُهُ فَأَمَرَني فَاغْتَسَلْتُ، فَدَعَا لِي. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [صحيح]
"المُواراة" الستر، وأراد به الدفن.
"ناجية" بالجيم والمثناة التحتية، "ابن كعب" تابعي.
"أن علياً رضي الله عنه قال: لما مات أبو طالب، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الشيخ الضَّال قد مات، قال اذهب فوارِ أباك" أي: ادفنه.
"ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني، فواريته ثم أتيته فأمرني فاغتسلت" هذا في الغسل من مواراة الميت، ولم يتقدم الغسل إلا من غسله في "الترجمة".
قلت: إلاّ أنه قد روي في الحديث زيادة أنه قال: "انطلق فاغسله، فواره" وهذه الزيادة قال الحافظ ابن حجر (3): أنها من الغيلانيات، فإن ثبتت الزيادة، وافق الإتيان به هنا، فمن ثم قيل بهذا الحديث زيد في "الترجمة"، ومن موارته.
(1) في "السنن" رقم (3214).
(2)
في "السنن" رقم (190).
وأخرجه أحمد (1/ 97، 103، 130، 131)، وابن أبي شيبة (3/ 269)، وأبو يعلى في "مسنده"(1/ 33 رقم 424)، والبزار في "مسند البحر الزخار"(2/ 207 رقم 592)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 340) وهو حديث صحيح.
(3)
في "التلخيص"(2/ 234).
"فدعا لي" زاد البزار (1): "بدعوات ما أحب أن لي بها حمر النعم وسودها"، وعند الطيالسي (2):"ما أحب أن لي بها الدنيا" وعند البيهقي (3): "ما يسرني أن لي ما على الأرض من شيء".
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: وناجية بن كعب توقف فيه ابن حبان والدارقطني (4)، وفي "التقريب"(5) أنه ثقة.
الخامس: حديث (عائشة رضي الله عنها):
5 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ الجَنَابَةِ، وَلِلْجُمُعَةِ، وَمَنَ الحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ المَيِّتِ. أخرجه أبو داود (6). [ضعيف]
(1) في "مسند البزار البحر الزخار"(2/ 207 رقم 592).
(2)
في "السنن الكبرى"(1/ 299).
(3)
في "سننه"(1/ 340).
(4)
ذكره الحافظ في "التلخيص"(2/ 234).
(5)
(2/ 294 رقم 6).
(6)
في "السنن" رقم (3160).
وأخرجه أحمد (6/ 152)، والدارقطني في "السنن" (1/ 113 رقم 8) وقال مصعب بن شيبة: ليس بالقوي ولا الحافظ.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 299)، وابن خزيمة رقم (256).
قال الحافظ: في "النكت الظراف"(11/ 439): - بذيل تحفة الأشراف - عقب هذا الحديث ما يلي: قلت: نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنه قال: لا يصح هذا. قلت له: يروى عن عائشة من غير حديث مصعب؟ قال: لا. اهـ.
وهو حديث ضعيف.
ومصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان العبدري المكي الحجبي. =
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من أربعة" أمور.
"من الجنابة، والجمعة، ومن الحجامة" قد عارضه: "أنه صلى الله عليه وسلم احتجم فلم يزد على غسل محاجمه ولم يتوضأ" أخرجه الدارقطني (1).
"ومن غسل الميت" أي: من غسله صلى الله عليه وسلم إياه، وهذا يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم قد باشر غسل الميت، ولا أعرف ذكر ذلك أحد.
قوله: "أخرجه أبو داود".
قلت: قال الحافظ المنذري (2): قال الخطابي (3): في إسناده نظر.
- وعن نافع: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: حَنَّطَ (4) ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه وَحَمَلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتوَضَّأْ. أخرجه البخاري (5) في ترجمة، ومالك (6). [موقوف صحيح]
السادس:
= قال الأثرم عن أحمد: روى أحاديث مناكير.
وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: لا يحمدونه، وليس بقوي.
وقال بن سعد: كان قليل الحديث، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: في حديثه شيء.
"تهذيب التهذيب"(4/ 85).
(1)
في "السنن"(2/ 182) من حديث أنس. وفيه صالح بن مقاتل، وليس بالقوي.
(2)
في "مختصر السنن"(4/ 306) حيث قال: وقال الخطابي: وفي إسناد الحديث مقال.
(3)
في "معالم السنن"(3/ 512).
(4)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 337): حنط، تحنيط الميت مباشرته بالحنوط، وهو ما يوضع في كفنه وعلى جسمه من الطِّيب.
(5)
في صحيحه (3/ 125 الباب رقم 8 - مع الفتح).
(6)
في "الموطأ"(1/ 25 رقم 18) وهو أثر موقوف صحيح.
6 -
وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرأَةَ أَبيِ بَكْرٍ رضي الله عنه: غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ حِينَ تُوُفِّيَ، ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلتْ: مَنْ حَضَرَهَا مِنْ المُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ: إِنِّي صَائِمَةٌ، وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ البَرْدِ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ؟ فَقَالُوا: لَا. أخرجه مالك (1). [حسن]
حديث: "عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم" كان من فضلاء التابعين.
"أن أسماء بنت عميس" بضم المهملة وآخرها مهملة.
"امرأة أبي بكر" وهي أم ابنه محمد. "غسلت أبا بكر" زوجها.
"حين توفي" فيه أن للزوجة غسل زوجها بعد وفاته، والأصل الجواز.
"ثم خرجت" كأن المراد من بيتها.
"فسألت من حضر [373 ب] من المهاجرين فقالت: إني صائمة وهذا اليوم شديد البرد، فهل على من غسل" سؤالها يدل على أنه كان عندها شرعية الغسل من غسل الميت.
"فقالوا لها: لا" يحتمل أنه لأجل شدة البرد، رخَّصوا (2) لها في تركها الغسل، وأنه مندوب، إذ لو كان واجباً لأمروها بتسخين الماء.
قوله: "أخرجه مالك".
(1) في "الموطأ"(1/ 223 رقم 3) وهو أثر حسن.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 397) وقال البيهقي: وهذا الحديث الموصول وإن كان رواية محمد بن عمر الواقدي. صاحب "التاريخ" و"المغازي" فليس بالقوي.
وله شواهد مراسيل عن ابن أبي مليكة، وعن عطاء بن أبي رباح، عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر رضي الله عنه. وذكر بعضهم أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى بذلك. اهـ.
(2)
انظر: "المجموع شرح المهذب"(5/ 145 - 146)، "الأوسط"(5/ 350 - 352).