المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

"فقال: وهل من نبي إلا رعاها" قال موسى لربه: {وَأَهُشُّ - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: "فقال: وهل من نبي إلا رعاها" قال موسى لربه: {وَأَهُشُّ

"فقال: وهل من نبي إلا رعاها" قال موسى لربه: {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} (1) وحكى الله استئجار (2) شعيب عليه السلام له بمرعى غنمه.

قالوا: والحكمة في أن الأنبياء عليهم السلام ترعى الغنم أنها تعلم سياسة الأمة التي يبعث إليها فترفق بها، وتدلها على منافعها، وتأتي برضاها، وتجري بها كل ما فيه رفق.

قوله: "أخرجه الشيخان".

‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

(البَابُ الخَامِس)

(فيْ أَطْعِمَةٍ مَضَافَةٍ إِلَى أسْبَابِهَا)

أي: أضافها الشارع إلى ما جعله سبباً لها.

‌طعام الدعوة

" طَعَامُ الدَّعوَةِ" هي بفتح المهملة وبضم الحلفة، وفي "الصحاح" (3): الدعوة بالضم ما يدعى إليه من الطعام وغيره، وذكره قطرب في مثلثته.

الأول: حديث ابن عمر رضي الله عنه.

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي العُرْسِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ صَائِمٌ. أخرجه الخمسة (4) إلا النسائي. [صحيح]

"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيبوا هذه الدعوة" إشارة إلى جنس الدعوة.

(1) سورة طه الآية: 18.

(2)

انظر: سورة القصص الآيات: [25 - 28].

(3)

للجوهري (6/ 2336).

(4)

أخرجه البخاري رقم (5179)، ومسلم رقم (103/ 1429)، وأبو داود رقم (3736، 3737، 3738، 3739)، والترمذي رقم (1098) وهو حديث صحيح.

ص: 638

وقال الحافظ ابن حجر (1): يحتمل أن تكون للعهد، والمراد: وليمة العرس، ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى:"إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها"(2) وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعيّن ذلك. انتهى.

قلت: وابن عمر حمله على الأول كما دلَّ له قوله: "فكان" القائل، وكان هو نافع.

"ابن عمر يأتي الدعوة في العرس وغيره" ويؤيده حديث [448 ب] مسلم (3) وأبي داود (4) عن نافع عن ابن عمر: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً أو نحوه" وقد أخذ بعض الشافعية (5) منه وجوب الإجابة إلى الدعوة مطلقاً شرطه، وزعم ابن حزم (6) أنه قول جمهور الصحابة والسابقين، وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكية (7) والحنفية (8) والحنابلة (9) وجمهور الشافعية (10).

(1) في "فتح الباري"(9/ 246).

(2)

أخرجها البخاري رقم (5173).

(3)

في صحيحه رقم (98/ 1429).

(4)

في "السنن" رقم (3736) وهو حديث صحيح.

(5)

"روضة الطالبين"(7/ 333)، "البيان" للعمراني (9/ 482).

(6)

"المحلى"(9/ 450).

(7)

"عيون المجالس"(3/ 1180)، "التمهيد"(11/ 145 - الفاروق).

(8)

"مختصر الطحاوي"(ص 189).

(9)

"المغني"(10/ 193)، "الإنصاف"(8/ 316 - 318).

(10)

"البيان"(9/ 482).

ص: 639

ولفظ الشافعي (1): إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس، وكل دعوة دعي إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها، ولو تركها لم يتبين لي أنه عاصٍ في تركها كما تبين لي في وليمة العرس. انتهى.

"وهو صائم" عملاً بآخر حديثه هذا عند أبي داود فلفظه: "فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليدع".

قالوا: وعرف من قوله: "فليدعُ" حصول المقصود من الإجابة بذلك، وأن المدعو لا يجب عليه الأكل.

وفي الحضور (2) فوائد أخرى مقصودة كالتبرك بالمدعو والتجمل به والانتفاع بإشارته والصيانة عما لا يحصل به الصيانة لو لم يحضر، وأخذ من ذلك أن الصوم ليس بعذر في ترك الإجابة.

قوله: "أخرجه الخمسة إلا النسائي".

ومن أدلة الوجوب:

وفي أخرى لأبي داود (3): "مَنْ دُعِيَ وَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى الله وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيِّراً". [ضعيف]

"المُغَيَّرُ"(4): الناهب.

"رواية أبي داود" عن ابن عمر.

(1) انظر: "المهذب"(4/ 224).

(2)

انظر: "فتح الباري"(9/ 247).

(3)

في "السنن" رقم (3741) وهو حديث ضعيف.

(4)

قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 487) المُغيرُ: الذي ينهبُ الناس، شبه خروج هذا الأكل من طعام لم يدع إليه، كمن أغار على قوم ونهبهم، وكذلك شبه في دخوله عليهم بالسارق.

ص: 640

"من دعي ولم يجب فقد عصى الله ورسوله" وظاهره عموم كل دعوة.

"ومن دخل على [غير] (1) دعوة دخل سارقاً" لما يأكله آثماً إثم السارق.

"وخرج مغيراً" لتغييره الطعام الذي لم يدع إليه وتغييره بقلب صاحب البيت، وهذا هو الذي يسمى الطفيلي.

قال الخطيب (2): أنه نسبة إلى رجل كان يقال له طفيل من بني عبد الله بن غطفان كثر منه الإتيان إلى الولائم بغيره دعوة فسمِّي "طفيل العرائس"، ثم سمِّي من اتصف بصفته طفيلياً، وكانت العرب تسميه الوراش بشين معجمة، ويقال لمن يتبع المدعو من بغير دعوة "ضيفن" بزيادة نون، واستدل به على أن الطفيلي يأكل حراماً.

قوله: "أخرجه أبو داود" قال الحافظ ابن حجر (3): إنه حديث ضعيف.

الثاني:

2 -

وعن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَان فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا، فَإِنَّ أَقْرَبُهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبْ الَّذِي سَبَقَ". أخرجه أبو داود (4). [حسن]

حديث "حميد بن عبد الرحمن الحميري" في "التقريب"(5): ثقة فقيه.

(1) سقطت من (أ).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 560).

(3)

انظر: "فتح الباري"(9/ 244 - 245).

(4)

في "السنن" رقم (3756).

وأخرجه أحمد (5/ 408)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 275) وهو حديث حسن.

(5)

(1/ 203 رقم 605).

ص: 641

"عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله [449 ب]: إذا اجتمع داعيان" في حين.

"فأجب أقربهما باباً، فإن أقربهما باباً أقربهما جواراً، وإن سبق أحدهما" ولم يجتمعا.

"فأجب الذي سبق" بالدعوة ولو كانا في حين واحد.

قوله: "أخرجه أبو داود".

قلت: ولا يضر جهالة الرجل بعد علم كونه صحابياً؛ لما يقرره المحدثون أن الأصل في الصحابة أنهم كلهم عدول.

الثالث: حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه:

3 -

وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: كَانَ رَجُلٌ مِنْ الأْنصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ، فَرَأَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَ في وَجْهِهِ الجُوْعَ، فَقَالَ لِغُلَامِهِ: وَيْحَكَ! اصْنَعْ لَنَا طَعَامًا لِخمْسَةِ نَفَرٍ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَدَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ، فَلمَّا بَلَغَ البَابَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ تَأْذَنَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ" قَالَ: بَلْ آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ الله. أخرجه الشيخان (1) والترمذي (2). [صحيح]

بوب البخاري لهذا الحديث: باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه.

"قال: كان في الأنصار رجل يقال له: أبو شعيب" قال ابن حجر: لم أقف على اسمه.

"وكان له غلام لحام"، وفي رواية:"قصاب".

(1) أخرجه البخاري رقم (2081، 2456، 5434، 5461)، ومسلم رقم (138/ 2036).

(2)

في "السنن" رقم (1099). وهو حديث صحيح.

ص: 642

"فقال له: اصنع لنا طعاماً أدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم خامس خمسة" يقال: خامس خمسة وخامس أربعة بمعنى، أي: أحدهم، والأجود (1) نصب خامس على الحال، ويجوز الرفع على تقدير حذف وهو خامس خمسة، والمراد: فصنع الطعام.

"فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم خامس خمسة فأتبعهم رجل" أي: لم يدعه صاحب الطعام.

"فلما بلغ الباب" باب صاحب الطعام.

"قال صلى الله عليه وسلم: إن هذا اتبعنا، فإن شئت" يا صاحب الطعام.

"تأذن له، وإن شئت رجع، قال: بل آذن له يا رسول الله" في الحديث (2): جواز الاكتساب بصنعة الجزارة، واستعمال العبد فيما يطيق له من الصنائع، وانتفاعه بكسبه منها.

وفيه: مشروعية الضياف، وتأكيد استحبابها لمن غلبت حاجته لذلك؛ لأن في الحديث:"إني عرفت الجوع في وجهه"(3) وأنه صلى الله عليه وسلم كان يجوع أحياناً.

وفيه: إجابة الإمام والشريف الكبير [دعوة](4).

وفيه: أن من تطفّل كان لصاحب الدعوة الاختيار في حرمانه، فإن دخل بغير إذنه كان له حرمانه، ومن قصد التطفل لا يمنع ابتداء؛ لأن الرجل تبع النَّبي صلى الله عليه وسلم فلم يرده لاحتمال أن تطيب نفس صاحب الدعوة بالإذن له.

قال الحافظ ابن حجر (5): وينبغي أن يكون هذا الحديث أصلاً في جواز التطفل.

(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 560).

(2)

انظر: "فوائد الحديث في فتح الباري"(9/ 560).

(3)

انظر: "فتح الباري"(9/ 583).

(4)

كذا في "المخطوط" والذي في "الفتح": دعوة من دونهم وأكلهم طعام ذي الحرفة غير الرفيعة كالجزار.

(5)

في "الفتح"(9/ 560).

ص: 643

الرابع: حديث أنس رضي الله عنه. [450 ب]:

5 -

وعن أنس رضي الله عنه: أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الَمَرقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم طَعَاماً، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَهَذِهِ؟ " لِعَائِشَةَ. فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "لَا" فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَهَذِه؟ " فَقَالَ: لَا. فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم "لَا" ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَهَذِه؟ " قَالَ: نعم. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ. أخرجه مسلم (1) والنسائي (2). [صحيح]

"أن جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسياً" نسبة إلى فارس، ولم يعرف اسمه.

"وكان طيب المرق" يحسن صنعه.

"فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ثم جاء يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه" أي: ادعه معي.

"يعني: عائشة. قال: لا" أي: لا أدعوها.

"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا" أي: لا أجيب الدعوة.

"ثم جاء يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه؟ قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ثم عاد في الثالثة" أي: يدعوه.

"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه؟ قال: نعم، فقاما" أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة.

"يتدافعان إلى منزله" كأن المراد: مستدفعان إليه.

(1) في صحيحه رقم (2037).

(2)

في "السنن"(6/ 158).

ص: 644

أخذ من الحديث (1) الأول من قوله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت أذنت له

" إلخ أنه لا يمتنع المدعو إذا امتنع الداعي من الإذن لبعض من صحبه، وهذا الحديث عارضه، فإنه لما لم يأذن الفارسي لعائشة لم يجبه صلى الله عليه وسلم.

وأجيب (2) عنه: بأن الدعوة لم تكن لوليمة، وإنما صنع الفارسي طعاماً بقدر ما يكفي الواحد، فخشي إن أذن لعائشة أن لا يكفي النَّبي صلى الله عليه وسلم.

ويحتمل أن يكون الفرق: أن عائشة كانت حاضرة عند الدعوة، بخلاف الرجل الذي أتبع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول.

وأيضاً (3): فالمستحب للداعي أن يدعو خواص المدعو معه كما فعل صاحب الغلام اللحام، بخلاف الفارسي، فلذلك امتنع من الإجابة إلا أن يدعوها، وخيّر الداعي في الرجل الذي طرأ.

أو علم حاجة عائشة، أو أحبَّ أن تأكل معه منه؛ لأنه كان موصوفاً بالجودة، ولم يعمل مثله في قصة اللَّحام (4).

(1) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (13/ 208)، "فتح الباري"(9/ 561).

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 561).

(3)

ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 561).

وقال النووي في "شرحه لصحيح مسلم"(13/ 209) وهي قضية أخرى فمحمول على أنه كان هناك عذر يمنع وجوب إجابة الدعوة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مخيراً بين إجابته وتركها، فاختار أحد الجائزين وهو تركها إلا أن يأذن لعائشة معه لما كان من الجوع أو نحو، فكره صلى الله عليه وسلم الاختصاص بالطعام دونها، وهذا من جميل الماشرة وحقوق المصاحبة وآداب المجالسة المؤكدة، فلما أذن لها اختار النبي صلى الله عليه وسلم الجائز الآخر لتجدد المصلحة وحصول ما كان يريده من إكرام جليسة وإيفاء حق معاشرته فيما يحصل.

(4)

ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 561).

ص: 645