المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: في الجلود - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٧

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصَّيْدِ)

- ‌الفصل الأول: في صيد البرّ

- ‌الفصل الثاني: في صيد البحر

- ‌الفصل الثالث: في ذكر الكلاب

- ‌كتاب الصفات

- ‌حرف الضاد

- ‌كتاب الضيافة

- ‌كتاب الضمان

- ‌حرف الطاء

- ‌ كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: في أحكام المياه

- ‌الباب الثاني: في إزالة النجاسة

- ‌الفصل الأول: في البول والغائط وما يتعلق بهما

- ‌الفصل الثاني: في المني

- ‌الفصل الثالث: في دم الحيض

- ‌الفصل الرابع: في حكم الكلب وغيره من الحيوان

- ‌الفصل الخامس: في الجلود

- ‌الباب الثالث: في الاستنجاء

- ‌الفصل الأول: في آدابه

- ‌الفصل الثاني: فيما يستنجي به

- ‌الباب الرابع: في الوضوء

- ‌الفصل الأول: في فضله

- ‌الفصل الثاني: في صفة الوضوء

- ‌الفصل الثالث: في سنن الوضوء

- ‌الأولى: السواك

- ‌الثانية: غسل اليدين

- ‌الثالثة: الاستنثار والاستنشاق والمضمضة

- ‌الرابعة: تخليل اللحية والأصابع

- ‌الخامسة: مسح الأذنين

- ‌السادسة: إسباغ الوضوء

- ‌السابعة: في مقدار الماء

- ‌الثامنة: المنديل

- ‌التاسعة: الدعاء والتسمية

- ‌الباب الخامس: في الأحداث الناقضة للوضوء

- ‌الأول: في الخارج من السبيلين وغيرهما

- ‌الأول: الريح

- ‌الثاني: المذي

- ‌الثالث: القيء

- ‌الرابع: الدم

- ‌الفرع الثاني: في لمس المرأة والفرج

- ‌الأول: في لمس المرأة

- ‌الثاني: لمس الذكر

- ‌الفرع الثالث: في النوم والإغماء والغشي

- ‌الفرع الرابع: في أكل ما مسته النار

- ‌الأول: في الوضوء

- ‌الثاني: في ترك الوضوء

- ‌الفرع الخامس: في لحوم الإبل

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة

- ‌الباب السادس: في المسح على الخفين

- ‌الباب السابع: في التيمم

- ‌الباب الثامن: في الغسل

- ‌الفصل الأول: في غسل الجنابة

- ‌الفصل الثاني: في غسل الحائض والنفساء

- ‌الفصل الثالث: في غسل الجمعة والعيدين

- ‌الفصل الرابع: في غسل الميت والغسل منه

- ‌الفصل الخامس: في غسل الإسلام

- ‌الفصل السادس: في الحمّام

- ‌الباب التاسع: في الحيض

- ‌الفصل الأول: في الحائض وأحكامها

- ‌الفصل الثاني: في المستحاضة والنفساء

- ‌كتاب الطعام

- ‌الباب الأول: في آداب الأكل

- ‌التسمية

- ‌هيئة الأكل والآكل

- ‌غسل اليد والفم

- ‌ذم كثرة الأكل

- ‌آداب متفرقة

- ‌الباب الثاني: في المباح من الأطعمة والمكروه

- ‌الفصل الأول: في الحيوان

- ‌الضَّبُ

- ‌الأرنب

- ‌الضبع

- ‌القنفذ

- ‌الحبارى

- ‌الجراد

- ‌الخيل

- ‌الجلَاّلة

- ‌الحشرات

- ‌المضطر

- ‌اللحم

- ‌الفصل الثاني: فيما ليس بحيوان

- ‌طعام الأجنبي

- ‌الباب الثالث: في الحرام من الأطعمة

- ‌الباب الرابع: من الخمسة الأبواب في كتاب الأطعمة

- ‌الباب الخامس: في أطعمة مضافة إلى أسبابها

- ‌طعام الدعوة

- ‌الوليمة

- ‌العقيقة

- ‌الفرع والعتيرة

الفصل: ‌الفصل الخامس: في الجلود

"فأدخل يده بين الجلد واللحم فدخس" بالدال المهملة، والخاء المعجمة، والسين المهملة يأتي أنه الدَّس.

"حتى دخلت" أي: يده هو. "إلى الإبط" فيه حسن خلقه وتعليمه الجاهل أمر دنياه، وبيان إحسان العمل وإتقانه وتواضعه.

"ثم مضى فصلَّى للناس" دلّ على طهارة المذكى لحمه ودمه وجلده، ولذا قال:"ولم يتوضأ" وفسّرها بقوله: "زاد في رواية: لم يمس ماء" وهو أوضح في أنه لم يغسل من البلة التي تكون بين الجلد واللحم.

‌الفصل الخامس: في الجلود

(الفصل الخامس) من الباب الثاني: وهو آخر فصوله

في الجلود

(في الجلود) في حكمها.

الأول:

1 -

عن مرثد بن عبد الله اليزني قال: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ وَعْلَةَ السَّبَائِيِّ فَرْوًا فَمَسِسْتُهُ، فَقَالَ: مَا لَكَ تَمَسُّهُ، قَدْ سَالتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؟ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا نكونُ بِالمَغْرِبِ وَمَعَنَا البَرْبَرُ وَالمَجُوسُ، نُؤْتَى بِالكَبْشِ وَقَدْ ذْبَحُوهُ، وَنَحْنُ لَا نَأْكُلُ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَأتُوناَ بِالسِّقَاءِ يَجْعَلُون فِيهِ الوَدَكُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ سَالناَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ فَقَالَ: "دِبَاغُهُ طَهُورُهُ". أخرجه الستة (1) إلا البخاري، وهذا لفظ مسلم. [صحيح]

(1) أخرجه مسلم رقم (366)، وأبو داود رقم (4123)، والترمذي رقم (1728)، والنسائي (7/ 173).

وأخرجه أحمد (1/ 219)، وابن الجارود في "المنتقى" رقم (874)، والطحاوي في شرح "معاني الآثار"(1/ 469)، والدارقطني (1/ 46 رقم 17)، والبيهقي (1/ 20)، ومالك في "الموطأ"(2/ 498 رقم 17)، =

ص: 89

وفي رواية للنسائي (1): "وَلهُمْ قِرَبٌ يَكُون فِيهَا اللَّبَنُ وَالمَاءُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ". [إسناده صحيح]

"الوَدَكُ"(2): دسم اللحم.

حديث "مرثد بن عبد الله (3) اليزني" بالمثناة التحتية مفتوحة فزاي فنون، في "القاموس"(4) يزن محركة وادٍ، وبطن من حمير.

"قال: رأيت عَلَى (5) ابن وعلة" بفتح الواو، وسكون العين المهملة، وفتح اللام، اسمه: عبد الرحمن، صدوق.

"السبائي" بفتح السين المهملة فهمزة، نسبة إلى أرض سبأ، فيما أحسب.

"فمسسته" وكأنه فهم من مسه إياه أنه استنكر لمسه له.

"فقال: مالك تمسه قد سألت ابن عباس فقلت له: إنّا نكون بالمغرب ومعنا البربر بفتح الموحدة، فراء ساكنة بعدهما مثلهما، في "القاموس" (6): البربر جيل جمعه برابرة، وهم بالمغرب.

"والمجوس" في "القاموس"(7): مجوس كصبور، رجل صغير الأذنين وضع ديناً (8).

= والطبراني في "الكبير"(ج 12 رقم 12979)، والشافعي في "ترتيب المسند"(1/ 26 رقم 28)، والدارمي (2/ 86) من طرق وهو حديث صحيح.

(1)

في "السنن" رقم (4242) بسند صحيح.

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 836).

(3)

انظر: "التقريب"(2/ 236 رقم 992).

(4)

"القاموس المحيط"(ص 1235).

(5)

هو عبد الرحمن بن وَعْلة، المصري، صدوق من الرابعة، "التقريب"(1/ 502 رقم 1150).

(6)

"القاموس المحيط"(ص 445).

(7)

"القاموس المحيط"(ص 740).

(8)

وتمام العبارة: وضع ديناً ودعا إليه، معرَّب منج كوش، رجل مجوسيِّ.

ص: 90

"نؤتى بالكبش وقد ذبحوه، ونحن لا نأكل ذبائحهم، ويأتوننا بالسِّقاء" أي: الذي من ذبائحهم.

"فيه الودك" هو بفتح الواو والدال المهملة [236 ب] الدسم (1).

"فقال ابن عباس رضي الله عنهما، قد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "دباغه طهوره" وذلك لأن ذبائحهم ميتة فيتنجس جلدها، فإذا دبغوه فقد طهر، وإن كان الدابغ كافراً، وهو دليل على تطهير الدباغ (2).

قوله: "أخرجه الستة إلاّ البخاري، وهذا لفظ مسلم" فهو من أفراده.

"وفي رواية للنسائي: ولهم قِرَبٌ يكون فيها اللَّبنُ والماءُ وذَكرَ نحوه" وفيه دليل على طهارة رطوبة الكفار من كتابِيٍّ وغيره.

قوله: "دسم اللحم" تقدم لفظ "القاموس"(3) أنه الدسم بغير قيد اللحم، وعبارة ابن الأثير (4)، كعبارة المصنف.

وفي "النهاية"(5) له، الودك: هو [اسم](6) دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه.

(1) تقدم شرحها.

(2)

انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 54)، "فتح الباري"(9/ 659).

(3)

"القاموس المحيط"(ص 1235).

(4)

في "غريب الجامع"(7/ 107).

(5)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 836).

(6)

زيادة من الشارح، غير موجودة في "النهاية".

ص: 91

الثاني: حديث (ابن عباس رضي الله عنهما):

2 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِشَاةٍ مَيْتَةٍ فَقَالَ: "هَلَاّ انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابَهَا؟ " قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ. قَالَ: "إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا"(1). [صحيح]

وفي أخرى (2): "هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ". [صحيح]

أخرجه الستة إلا أبا داود، وهذا لفظ الشيخين.

"الإِهَابُ"(3): الجلد قبل الدباغ.

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بشاة ميتة فقال: "هلاّ انتفعتم بإهابها". رأى صلى الله عليه وسلم إنّ ذلك إضاعة مال لا يحل.

"قالوا: إنها ميتة" أي: وقد علموا من الآية تحريم الميتة ظناً منهم أنه تحريم لكل انتفاع.

"فقال: إنما حرم أكلها" ففهمهم مبني على أن حرم منها كل انتفاع، وهو رأي من قال من الأصوليين أنه مجمل، فبيّن لهم أن المحرم منها آكلها، ولم يبين في هذا اللفظ، أنه يحل بعد الدباغ، فبينته الراوية الأخرى.

"وفي أخرى: "هلاّ أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به" فهذا مقيد للرواية. الأولى ومبين لها.

قوله: "أخرجه الستة إلاّ أبا داود".

(1) أخرجه البخاري رقم (1492)، وأطرافه رقم (2221، 5531، 5532)، ومسلم رقم (100/ 363)، والنسائي (7/ 172)، ومالك في "الموطأ"(2/ 498)، والترمذي أحمد (1727).

وهو حديث صحيح.

وأخرجه أحمد (1/ 327)، والشافعي في "مسنده"(1/ 23 - بدائع المنن)، وأبو عوانة (1/ 210).

(2)

أخرجها مسلم في "صحيحه" رقم (102/ 363).

(3)

"القاموس المحيط"(ص 77).

ص: 92

"والإهاب: الجلد قبل الدباغ" هو أحد الأقوال، في "القاموس" (1): الإهاب ككتاب، الجلد، أو ما لم يُدبغ.

وأوضحنا الأقوال، وهي سبعة في الطهارة بالدباغ أو عدمها في "سبل السلام"(2)، وبيّنا الأقوال في ذلك.

الثالث: حديث (عائشة رضي الله عنها):

3 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَكَاةِ الِمَيتَةِ فَقَالَ: "ذَكَاةُ المَيْتَةِ دِبَاغُهَا". أخرجه الأربعة (3) إلا الترمذي، وهذا لفظ النسائي. [صحيح]

جعل الدباغ بمنزلة الذبح؛ لأن المذبوح طاهر.

"قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذكاة الميتة" لفظ ابن الأثير (4): "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة" وهذا لفظه عند النسائي (5).

(1)"القاموس المحيط"(ص 77)، وانظر:"النهاية في غريب الحديث"(1/ 90).

(2)

(1/ 139 - 144) بتحقيقي. وانظرها في "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 54)، "المدونة"(1/ 91 - 92). "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"(ص 174 - 175).

(3)

أخرجه أبو داود رقم (4124)، والنسائي (7/ 176)، وابن ماجه رقم (3612).

وأخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 498 رقم 18)، وابن الجارود رقم (874)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 469)، والدارقطني (1/ 46 رقم 17)، والطبراني في "الكبير"(ج 12 رقم 12979)، والشافعي في "ترتيب المسند"(1/ 26 رقم 28)، والدارمي (2/ 86) من طرق وهو حديث صحيح.

(4)

في "الجامع"(7/ 111).

(5)

وأخرجه النسائي في "السنن" رقم (4244) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة فقال: "دباغها طهورها" وهو حديث صحيح.

وأخرجه النسائي في "السنن" رقم (4245) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة فقال: "دباغها ذكاتها" وهو حديث صحيح. =

ص: 93

وأما لفظ المصنف فإنَّه غير (1) صحيح، فإنه لا معنى للسؤال عن ذكاة الميتة فإن [237 ب] التذكية الذبح كما في "القاموس"(2) ولا معنى للسؤال عن ذبح الميتة، ومثل ما في "القاموس" في "النهاية"(3).

"فقال: ذكاة الميتة دباغها" قال ابن الأثير (4): التذكية الذبح، جعل دباغ الأديم بمنزلة الذبح، فإن جلد المذبوح طاهر. انتهى.

قوله: "أخرجه الأربعة، إلا الترمذي، وهذا لفظ النسائي".

قلت: بل لفظه كما قدمناه عن ابن الأثير (5).

الرابع:

4 -

وعن سودة بنت زمعة رضي الله عنها قالت: مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا ثُمَّ مَا زِلْنَا نَنْبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا. أخرجه البخاري (6) والنسائي (7). [صحيح]

"المَسْكُ"(8) بفتح الميم: الجلد. "وَالشَّنُّ"(9): القربة البالية.

= وأخرجه النسائي في "السنن" رقم (4246)، (4247) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ذكاةُ الميتة دباغها"

وهو حديث صحيح.

(1)

انظر: "التعليقة المتقدمة" بل هو حديث صحيح.

(2)

"القاموس المحيط"(ص 1658).

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 608).

(4)

في "غريب الجامع"(7/ 110 - 111).

(5)

في "الجامع"(7/ 110 - 111) وقد ذكر اللفظين كلايهما.

(6)

في صحيحه رقم (6686).

(7)

في "السنن"(7/ 173)، وأخرجه أحمد (6/ 429) وهو حديث صحيح.

(8)

"المصباح المنير"(2/ 573).

(9)

"النهاية في غريب الحديث"(1/ 895)، "غريب الحديث" للهروي (2/ 40).

ص: 94

حديث: "سودة بنت زمعة" أم المؤمنين رضي الله عنها.

"قالت: ماتت لنا شاة" هي الواحدة من الغنم، يطلق على الذكر والأنثى.

"فدبغنا مسكها" بفتح الميم وسكون السين، الجلد.

"ثم ما زلنا ننبذ فيه" أي: نجعل فيه النبيذ، في "النهاية" (1): قد تكرر ذكر النبيذ، وهو ما يُعملُ من الأشربة، من التَّمر والزَّبيب، والعَسَل، والحِنطَة، والشَّعير، يقال: نبذت التَّمر والعِنَب، إذا تركتَ عليه الماء ليَصيرَ نبيذاً. انتهى.

"حتى صار شَنًّا" أي: خلقاً، كما قاله المصنف، وهو مبني على أنه صلى الله عليه وسلم علم ذلك، وكونه في بيته، ومن أهله قرينة قوية على علمه.

قوله: "أخرجه البخاري والنسائي".

الخامس:

5 -

وعن عبد الله بن عُكَيْم رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، "أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ". أخرجه أصحاب السنن (2)، وفي رواية الترمذي (3):"قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهرَينِ". [صحيح]

حديث "عبد الله بن عكيم" وهو أبو معبد سكن الكوفة، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، قاله أبو نعيم.

(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 702).

(2)

أخرجه أبو داود رقم (4128)، والترمذي رقم (1729)، وابن ماجه رقم (3113)، والنسائي رقم (4249)، وهو حديث صحيح.

وأخرجه أحمد (4/ 310، 311)، والبيهقي في "السنن"(1/ 15)، وابن حبان في صحيحه رقم (1277، 1278).

(3)

في "السنن" رقم (1729).

ص: 95

وقال ابن عبد البر. اختلف (1) في سماعه، قاله الكاشغري.

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".

"أخرجه أصحاب السنن".

قلت: وأخرجه الشافعي (2)، والبخاري في "التاريخ"(3) وأحمد (4)، والبيهقي (5) ، والدارقطني (6)، وابن حبان (7).

قوله: "وفي رواية الترمذي (8): قبل موته بشهرين، وفي رواية: شهراً (9) أو شهرين (10) ".

(1) قال البخاري: أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سماع صحيح، وكذا قال أبو نعيم، وقال ابن حبان في الصحابة: أدرك زمنه ولم يسمع منه شيئاً، وكذا قال أبو زرعة.

وقال ابن منده وأبو نعيم: أدركه ولم يره، وقال البغوي: يشك في سماعه، وقال أبو حاتم: له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم من ساء أدخله في المسند على المجاز. وقال ابن سعد: كان إمام مسجد جهينة.

انظر: "تهذيب التهذيب"(5/ 283)، "الجرح والتعديل"(5/ 121)، "طبقات ابن سعد"(6/ 113)، "والجمع بين رجال الصحيحين"(1/ 246).

(2)

في "سنن حرملة كما في التخليص"(1/ 76)، وانظر:"معرفة السنن والآثار"(1/ 145).

(3)

(7/ 167 ت 793).

(4)

(4/ 310/ 311).

(5)

في "السنن الكبرى"(1/ 18).

(6)

عزاه إليه ابن الملقن في "البدر المنير"(1/ 587).

(7)

في صحيحه رقم (1277، 1278، 1279).

(8)

في "السنن" رقم (1729).

(9)

أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 419)، وأبو داود رقم (4128).

(10)

أخرجه أحمد في "المسند"(4/ 420) بإسناد رجاله ثقات.

ص: 96

وفيه معارضة للأحاديث المتقدمة، فاستدل به الهادوية (1) وجماعة من الصحابة (2) على عدم تطهر الدباغ للجلود، وأجيب عن هذا الحديث بأجوبة.

الأول: أنه حديث مضطرب (3) في سنده، فإنه روي تارة عن كتاب النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعن مشائخ جهينة تارة، وعن قُرّاء [238 ب] كتاب النبي صلى الله عليه وسلم تارة.

ومضطرب أيضاً في متنه فروي من غير تقييد، وهي رواية الأكثر ورُوِيَ مقيداً بشهر أو شهرين (4) أو أربعين (5) يوماً، أو ثلاثة أيام.

ثم إنه أُعلِّ بالإرسال، فإنَّه لم يسمعه عبد الله بن عكيم عنه صلى الله عليه وسلم.

وبالإنقطاع فإنه لم يسمعه عبد الرحمن بن أبي ليلى من ابن عكيم، وبذلك ترك أحمد ابن حنبل القول به آخراً، وقد كان يذهب إليه أولاً، كما قاله عنه الترمذي (6).

وثانياً: بأنه لا يقوى على نسخ أحاديث (7) التطهير بالدباغ؛ لأنها أقوى وأصح، فإنه أخرج مسلم من طرق متعددة، في معناه عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة، قد ذكرناها في "سبل السلام"(8)؟

(1) انظر: "البحر الزخار"(1/ 27 - 28).

(2)

انظر: "التمهيد"(9/ 52)، "فتح الباري"(9/ 659).

(3)

انظر: "إرواء الغليل"(1/ 76 - 79 رقم 38)، وقد رد الألباني على جميع العلل المدعاه على هذا الحديث.

(4)

تقدم تخريجه.

(5)

أشار إليه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 14) إلى رواية الأربعين بقوله: وقد قيل في هذا الحديث من وجه آخر: "قبل وفاته بأربعين يوماً".

(6)

في "السنن"(4/ 222).

(7)

انظر: "المعرفة" للبيهقي (1/ 248)، "التمهيد"(9/ 52)، "فتح الباري"(9/ 659 - 660).

(8)

(1/ 139 - 144) بتحقيقي.

ص: 97

وثالثاً: بأنّ التقييد بشهر أو شهرين ونحوهما في حديث ابن عكيم معلّة بالاضطراب، فلا يقوم بها حجة على النسخ (1).

ورابعاً: بأنّ الإهاب: اسم للجلد ما لم يدبغ (2)، فإذا دُبغ قيل له: شن، وقربة، وبه جزم الجوهري (3)، وقد أوضحنا في "سبل السلام"(4) قوة الأدلة بتطهير الدباغ.

السادس: حديث (أسامة رضي الله عنه).

6 -

وعن أسامة رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نَهىَ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ". أخرجه أبو داود (5). [صحيح]

(1)"الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" للحازمي (ص 177 - 178).

"الناسخ والمنسوخ" لابن شاهين رقم (157).

(2)

قال الحازمي في "الناسخ والمنسوخ"(ص 178): "

وطريق الإنصاف فيه أن يقال: إن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ - لو صح - ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة، ثم قال:"فالمصير إلى حديث ابن عباس أولى، لوجوه من الترجيح، ويحمل حديث ابن عكيم على منع الانتفاع به قبل الدباغ، وحينئذ يسمى إهاباً، وبعد الدباغ يسمى جلداً، ولا يسمى إهاباً وهذا معروف عند أهل اللغة ويكون جمعاً بين الحكمين، وهذا هو الطريق في نفي التضاد".

وانظر: "تهذيب السنن"(1/ 67 - 68 - مختصر السنن). و"نصب الراية" للزيلعي (1/ 120 - 222).

وقال ابن تيمية الجد في "المنتقى"(1/ 39): وأكثر أهل العلم على أن الدباغ مطهر في الجملة لصحة النصوص به، وخبر ابن عكيم لا يقاربها في الصحة والقوة لينسخها.

(3)

في "الصحاح"(1/ 89).

(4)

(1/ 139 - 141) بتحقيقي.

(5)

في "السنن" رقم (4132).

وأخرجه أحمد (5/ 74)، والنسائي (7/ 176)، والترمذي رقم (1170)، والحاكم (1/ 144)، وهو حديث صحيح.

ص: 98