الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجلَاّلة
(الجَلَاّلةُ) بالجيم، وتشديد اللام صيغة مبالغة، في "النهاية" (1): الجلَاّلة من الحيوان التي تأكل العذرة.
الأول: حديث (ابن عمر رضي الله عنه):
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ جَلَاّلةِ الإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا، أَوْ يُشْرَبَ مِنْ ألبَانِهَا. أخرجه أبو داود (2)، والترمذي (3). [صحيح]
"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جلالة الإبل" ومثلها البقر ونحوهما.
"أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها" وفي التعبير بهذه الصيغة دليل على أن النهي للتي تكثر (4) الجل وأن التي لا تكثره، لا نهي عنها ويأتي النهي عن أكلها.
قال ابن العربي (5): [427 ب] إن النهي عن ركوبها لما يتعلق بالراكب من عرقها.
(1)"النهاية في غريب الحديث"(1/ 282).
(2)
في "السنن" رقم (3785).
(3)
في "السنن" رقم (1824) وقال: هذا حديث حسن غريب.
وأخرجه أحمد (21912)، وابن ماجه رقم (3189)، وهو حديث صحيح.
(4)
قال ابن حزم في "المحلى"(7/ 410) إنَّها لا تقع إلا على ذات الأربع خاصة البقر، والغنم، والإبل وغيرها، ثم قيل: إن كان أكثر علفها النجاسة فهي جلالة، وإن كان أكثر علفها الطاهر فليست جلالة، وجزم به النووي في "تصحيح التنبيه" وقال النووي في "الروضة" (3/ 278) تبعاً للرافعي في "الشرح الكبير" (12/ 152): الصحيح أنه لا اعتداء بالكثرة بل بالرائحة والنتن، فإن تغير ريح مرقها أو لحمها أو طعمها أو لونها فهي جلالة. وانظر:"البيان" للعمراني (4/ 508 - 509)، "المغني"(13/ 328)، "المبسوط"(11/ 255).
(5)
في "عارضة الأحوذي"(8/ 19).
قال (1): وهو مبني على الخلاف في أن النهي للتحريم أو الكراهة (2).
قلت: الأصل في النهي التحريم، وإليه ذهب ابن حزم (3) وقال: من وقف بعرفات راكباً جلّالة لا يصح وقوفه.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: لفظه (4): "عن أكل الجلّالة وألبانها" وليس فيه ذكر الإبل ولا ركوبها، ثم قال (5): هذا حديث حسن غريب.
الثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
2 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ المُجَثَّمَةِ: وَهِيَ المَصْبُورَةُ لِلْقَتْلِ، وَعَنْ أَكْلِ الجلَاّلَةِ، وَشُرْبِ لَبَنِهَا، وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ. أخرجه أصحاب السنن (6)، واللفظ للترمذي وصححه. [صحيح]
"قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل المجثمة"(7) بالجيم فمثلثة مشددة.
(1) ابن العربي في "العارضة"(8/ 19).
(2)
وقال أيضاً: وهو محمول على الخلاف المتقدم في الرطوبة المتولدة من النجاسة.
(3)
في "المحلى"(7/ 411).
(4)
في "السنن" رقم (1824).
(5)
الترمذي في "السنن"(4/ 270).
(6)
أخرجه أبو داود رقم (3786)، والترمذي رقم (1825)، والنسائي رقم (4448)، وأخرجه أحمد (1/ 226، 241)، وابن حبان في صحيحه رقم (5399)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 334) وهو حديث صحيح.
(7)
قال ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 435): الجثوم في الأصل: أن يبرك الإنسان على ركبتيه، والمراد به ها هنا: هي التي تخلى بين يدي إنسان ليقتلها، فيرمي فيها شيئاً فيقتلها به، وصبرت القتيل: إما قتلته اعتباطاً في غير حرب ولا قتال، وكل من قتل من أي نوع من أنواع القتل، في غير حرب ولا قتال، فإنه قد قُتل صبراً.
فسّرها بقوله: "وهي المصبورة للقتل" وكأنه مدرج من الصحابي أو غيره.
قال ابن العربي (1): المجثمة: الحيوان الذي يصبر ويحبس لاصقاً بالأرض ويرمى عليه حتى يموت.
"وعن أكل الجلالة وشرب لبنها" سواء كان قد ظهر في لحمها ولبنها نتن ما حلبه أو لا.
"وعن الشرب من في السقاء" قال ابن العربي (2): النهي عنه لثلاثة أوجه:
أحدها: لئلا يرجع من فمه فيه.
الثاني: لئلا تعلق روائح الأفواه به فيكره.
الثالث: لئلا يكون فيه دواب يدخل في جوفه، فقد روي (3): أن رجلاً شرب من في السقاء فخرج جان فدخل في جوفه.
قال: وقد روي (4): "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل داراً فشرب من في السقاء".
(1) في "عارضة الأحوذي"(8/ 19).
(2)
في "العارضة"(8/ 19).
(3)
أخرجه البخاري رقم (5628)، وأحمد (2/ 230، 247، 327، 353) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُشرب من فيَّ السِّقاء وزاد أيوب: فأثبت أن رجلاً شرب من في السقاء فخرجت حية، أخرج هذه الزيادة ابن أبي شيبة في "المصنف"(8/ 19).
وانظر: "فتح الباري"(10/ 90).
(4)
منها: ما أخرجه ابن ماجه رقم (3423)، والترمذي رقم (1892) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته كبشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من فيَّ قِربةٍ معلقة قائماً، فقمت إلى فيها فقطعته. وهو حديث صحيح.
ومنها: ما أخرجه أحمد (6/ 376)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" في الحديث رقم (585 - دار الوفاء)، والطحاوي في "معاني الآثار"(4/ 274)، والطبراني في "الأوسط" رقم (658)، وفي "الكبير" (ج 25 رقم =
قال: والنَّبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره لبركته وطهارته وعطريته وأمنه من الغوائل والحوادث.
قوله: "أخرجه أصحاب السنن واللفظ للترمذي".
قلت: لكن ليس في لفظ الترمذي (1): "وهي المصبورة للقتل".
قوله: "وصحّحه".
قلت: قال (2) أبو عيسى: وهو حسن صحيح.
الثالث:
3 -
وعن زهدم بن مضرب قال: أُتِيَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه بِدَجَاجَةٍ فَتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْ القَوْمِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا قَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ أَنْ لَا آكُلَهُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: ادْنُ فكُلْ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُلهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ. أخرجه الشيخان (3) والنسائي (4). [صحيح]
حديث "زهدم"(5) بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح الدال المهملة، بزنة جعفر.
= 307)، والترمذي في "الشمائل" رقم (215) عن أم سليم قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قربة معلقة، فشرب منها وهو قائم، فقطعت فاها فإنه لعندي، وهو حديث صحيح لغيره.
قال الحافظ في "الفتح"(10/ 91) لم أر في شيء من الأحاديث المرفوعة ما يدل على الجواز، إلا من فعله صلى الله عليه وسلم، وأحاديث النهي كلها من قوله، فهي أرجح.
انظر: "المحلى"(7/ 520).
(1)
في "السنن" رقم (1825).
(2)
الترمذي في "السنن"(4/ 271).
(3)
البخاري في صحيحه رقم (3133)، وأطرافه في (4385، 4415، 5517، 5518، 6623، 6649، 6678، 6680، 6718، 6719، 6720، 7555)، ومسلم رقم (1649).
(4)
في "السنن"(7/ 206).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 646)، وانظر:"التقريب"(1/ 263 رقم 69).
"ابن مضرب" بضم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة، بعدها موحدة، الحربي، بصري ثقة (1).
"قال: أتي أبو موسى رضي الله عنه بدجاجة" مثلثة الدال.
"فتنحى رجل من القوم عن أكلها.
"فقال" أي: أبو موسى.
"ما شأنك" في التنحي.
"قال: إني رأيته يأكل شيئاً فقذرته" بكسر الذال المعجمة.
"فحلفت أن لا آكله" عيافة وتقذّراً.
"قال أبو موسى [428 ب]: ادن فكل، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكله" وأراد أنه لا يعلم أنه أكل ما يتقذر منه.
"وأمره أن يكفر عن يمينه" في الحديث أنه أخبره عن قصة لأبي موسى معه صلى الله عليه وسلم.
وأما فتواه بالتكفير فمأخوذ من حديث: "من حلف على شيء فرأى غيره خيراً منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه".
هذا وقد أطلق الشافعية (2) كراهة الجلالة إذا تغير لحمها بأكل النجاسة، وفي وجه إذا أكثرت من ذلك، ورجح أكثرهم أنها كراهة تنزيه.
وذهب جماعة من الشافعية (3)، وهو قول الحنابلة (4) إلى أن النهي للتحريم.
(1) ذكره الحافظ في "الفتح"(9/ 646)، وانظر:"التقريب"(1/ 263 رقم 69).
(2)
تقدم مفصلاً انظر: "روضة الطالبين"(3/ 278)، "الشرح الكبير"(12/ 152).
(3)
"البيان" للعمراني (4/ 508 - 509).
(4)
"المبسوط"(11/ 255)، و"مختصر اختلاف العلماء"(3/ 217).