الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: في الحمّام
(الفَصْلُ السَّادِسُ) من فصول باب الغسل، وهو آخرها.
في الحمام
"في" حكم "الّحّمام"(1) بالتشديد، وهو مذكر وحكي فيه التأنيث، وأول من دخل الحمام ووضعت له فيه النورة سليمان عليه السلام، فلما وجد حّرّه قال: أوه من عذاب النار، كذا قيل.
الأول: حديث (عائشة رضي الله عنها):
1 -
عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَنْ دُخُولِ الحَمَّامَ قَالَتْ: ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُو فِي المَآزِرِ (2). [ضعيف]
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الرجال والنساء عن دخول الحمام"؛ لأن قد ورد: "بئس البيت الحمام"(3) ولأنه محل كشف العورات، والمرأة عورة كلها، فلذا أذن للرجال، كما قالت:"ثم رخَّص للرجل أن يدخلوه في المآزر" دون النساء إلا أنه قد ورد الإذن للمريضة منهن والنفساء في حديث يأتي.
قال ابن الأثير (4): "أخرجه أبو داود والترمذي" من حدث حماد بن سلمة بن دينار، عن عبد الله بن شداد، عن أبي عذرة (5) عنها، لكنه تابعي، أدرك النَّبي صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر: "القاموس المحيط"(ص 1418)، "والصحاح"(5/ 1904 - 1905).
(2)
أخرجه أبو داود رقم (4009)، والترمذي رقم (2802)، وابن ماجه رقم (3749)، وهو حديث ضعيف.
(3)
سيأتي نصه وتخريجه.
(4)
في "الجامع"(7/ 339).
(5)
قال الحافظ في "التقريب"(2/ 450 رقم 119) أبو عذرة بضم أوله وسكون المعجمة، له حديث في الحمام، وهو مجهول، من الثانية، ووهم من قال له صحبة.
قال الترمذي (1): غريب لا نعرفه إلاّ من حديث حماد بن سلمة، وإسناده ليس بذاك القائم. انتهى.
- وفي رواية: أَنَّ عَائِشَةَ دَخَلَ عَلَيْهاَ نِسْوَةٌ مِنْ نِساَءِ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنْ الكُورَةِ الَّتِي يَدْخُلُنَ نِسَاؤُهَا الحَمَّامَاتِ؟ قُلْنَ: نَعَمْ، قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبيْنَ الله مَنْ حِجَابٍ". أخرجه أبو داود (2) والترمذي (3). [صحيح]
"الكورة"(4) اسم يقع على جهة من الأرض، مخصوصة كالشام والعراق، وفلسطين ونحو ذلك.
قوله: "وفي روية" لفظ "الجامع"(5): ولهما في رواية أبي المليح الهذلي.
"قال: دخل على عائشة رضي الله عنها نسوة من نساء أهل الشام، فقالت: لعلكن من الكورة" في "القاموس"(6): الكُورة بالضم المدينة والصقع من الأرض، وفسّرها المصنف بما يأتي.
"التي يدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، فقال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلاّ هتكت ما بينها وبين الله من حجاب".
(1) في "السنن"(5/ 113).
(2)
في "السنن"(4010).
(3)
في "السنن" رقم (2803).
وأخرجه ابن ماجه رقم (3750) ، والحاكم (4/ 289)، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما.
وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(4)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(7/ 339)، وانظر:"لسان العرب" مادة كور.
(5)
(7/ 339).
(6)
"القاموس المحيط"(ص 607).
هذا حديث آخر عن شعبة عن منصور، عن سالم [375 ب] ابن أبي الجعد، عن أبي الميلح، عن عائشة كلهم رجال الصحاح، لكن رواه جرير، عن سالم عنها، وكان سالم يدلس ويرسل، وقال الترمذي (1): حديث حسن.
قوله: "أخرجه أبو داود والترمذي".
قلت: نعم هما أخرجا الرواية الأولى، وفيها مجهول، وأخرجا الرواية الثانية (2)، وقد حسن الترمذي (3) سندها.
الثاني: حديث (ابن عمرو بن العاص):
2 -
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ العَجَمِ، وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لهَا: الَحمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلَنّهَا الرِّجَالُ إِلَاّ بِالأُزُرِ، وَامْنَعُوا مِنْهَا النِّسَاءَ إِلَاّ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ". أخرجه أبو داود (4). [ضعيف]
"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ستفتح لكم أرض العجم" هذا من أعلام النبوة، فإنها فتحت في أيام عمر.
"وستجدون فيها بيوتاً يقال لها: الحمامات، فلا يدخلنها الرجال إلاّ بأزر، وامنعوا منها النساء إلاّ مريضة أو نفساء" فتدخل مريدة الاغتسال من الحيض؛ لأنه سماه الشارع نفاساً.
قوله: "أخرجه أبو داود".
(1) في "السنن"(5/ 114).
(2)
وهي روية صحيح، والله أعلم.
(3)
في "السنن"(5/ 114).
(4)
في "السنن" رقم (4011).
وأخرجه ابن ماجه رقم (3748) وهو حديث ضعيف.
قلت: فيه عبد الرحمن (1) بن زياد بن أنعم الأفريقي الرجل الصالح مختلف في حفظه.
الثالث: حديث (جابر رضي الله عنه):
3 -
وعن جابر رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الَحَمَّامَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الخَمْرِ". أخرجه الترمذي (2) والنسائي (3). [حسن]
"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار". هذا تخصيص من العموم، وهو تحريم كشف العورات، وربما خصّ الحمام؛ لأنه مظنة ذلك.
"ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته" زوجته التي يحل له وطئها.
"من غير عذر" وهو المرض والنفاس الذي سلف استثناؤه، ولكن لفظ "الجامع" (4):"إلاّ من عذر" قيل عليه: هذا الاستثناء لم يذكره الترمذي (5)، ولم يوجد هذا الحديث في النسائي (6)، ولعلّ ذلك في بعض النسخ فيطلب.
(1)"التقريب"(1/ 480 رقم 938).
(2)
في "السنن" رقم (2801).
(3)
في "السنن"(1/ 198).
وأخرجه أحمد (3/ 339)، والحاكم (4/ 288) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه لكن تابعه طاووس عند الترمذي رقم (2801). وهو حديث حسن، والله أعلم.
(4)
(7/ 340 رقم 5385).
(5)
في "السنن" رقم (2801) وهو كما قال الشارح.
(6)
بل هو في "السنن"(198 رقم 401) والذي فيه: عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر". وهو حديث صحيح.
والظاهر أنه غلط، فإنه لم يذكره الشريف أبو المحاسن (1) في كتابه في "الحمام"(2) ولم يذكر الاستثناء في حديث جابر ولا عزاه إلى النسائي، وهو في "المنتقى"(3) عن أبي هريرة (4) وليس فيه هذا الاستثناء.
"ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة" هي ما يؤكل عليها الطعام.
"يدار عليها الخمر".
قوله: "أخرجه الترمذي".
قلت: من طريق طاوس عن جابر، وقال (5): حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث طاوس عن جابر إلاّ من هذه الطريق يعني: طريق ليث (6) بن أبي سليم، ثم ذكر الاختلاف فيه.
لكن رواه أحمد (7)[376 ب] من طريق ثانية من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.
(1) أبو المحاسن: هو محمد بن علي بن الحسن الحسيني الدمشقي، من حفاظ الحديث، ومن العلماء بالتاريخ (715 - 765 هـ).
(2)
كتابه هذا بعنوان: "الإلمام بآداب دخول الحمَّام".
(3)
رقم (43/ 351 - مع النيل) بتحقيقي.
(4)
أخرجه أحمد (2/ 321).
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: رواه أحمد وفيه أبو خيرة قال الذهبي: لا يعرف.
انظر: "الميزان"(4/ 521).
(5)
في "السنن"(5/ 113).
(6)
ليث بن أبي سُليم: ضعيف، كوفي.
قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال يحيى: ضعيف، وقال ابن معين: لا بأس به.
"التاريخ الكبير"(7/ 246)، "الميزان"(3/ 420)، "الجرح والتعديل"(7/ 177 - 179).
(7)
في "المسند"(3/ 339) وهو حديث حسن.
قوله: "والنسائي" قدّمنا لك أنه لم يوجد في النسائي (1) وأنه غلط، وأما ابن الأثير (2) فإنه نسبه إليهما والمصنف ناقل منه.
(1) انظر ما تقدم.
(2)
في "الجامع"(7/ 340) بل قال ابن الأثير: وفي رواية النسائي: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمَّام إلا بمئزر".
وهو في "سنن النسائي" برقم (401) وهو حديث صحيح.
وقد صحت أحاديث صحيحة في الحمَّام:
منها: حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمَّام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخل الحمَّامَ".
أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (5597)، والحاكم (4/ 289)، وقال الحاكم إسناده صحيح ووافقه الذهبي. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 278)، وقال:"رواه الطبراني في الكبير" - رقم (3873) - و"الأوسط" - رقم (8658) - وفيه عبد الله بن صالح، كاتب الليث؛ وقد ضعفه أحمد وغيره.
وقال عبد الملك بن شعيب: ابن الليث: ثقة مأمون.
انظر: "ميزان الاعتدال"(2/ 440).
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
ومنها: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخلن الحمَّام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمَّام".
أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد"(1/ 278 - 279) وقال الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني؛ ضعفه البخاري وأبو حاتم، ووثقه ابن حبان، وهو حديث حسن، حسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم (167). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومنها: عن أم الدرداء قالت: خرجت من الحمَّام، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"من أين يا أم الدرداء؟ " قالت: من الحمَّام. قال: "والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن".
أخرجه أحمد (6/ 361، 362)، والطبراني في "الكبير"(24/ 252، 253، 255 رقم 645، 646، 645، 652) من طرق عن أم الدرداء.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.
وخلاصة القول: أن حديث أم الدرداء حديث حسن، والله أعلم.
ومنها: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احذروا بيتاً يُقال له الحمَّام" قالوا: يا رسول الله إنه ينقي الوسخ؟ قال: "فاستتروا". أخرجه البزار رقم (319) كما في "كشف الأستار"، والطبراني في "الكبير" رقم (10932).
وقال البزار: وهذا رواه الناس عن طاووس مرسلاً.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 277) وقال: رواه البزار والطبراني في "الكبير"، ورجاله عند البزار رجال الصحيح.
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" رقم (161).
ومنها: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا بيتاً يقال له: الحمَّام"، قالوا: يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض، قال:"فمن دخله فليستتر".
أخرجه الحاكم (4/ 288) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (10926) بنحو الحاكم، وقال في أوله:"شرُّ البيوتِ الحمَّامُ ترفع فيه الأصوات وتكشف العوارات".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 278) وقال: "وفيه يحيى بن عثمان التيمي ضعفه البخاري والنسائي، ووثقه أبو حاتم وابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ.
وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" تحت رقم الحديث (161).
وهناك أحاديث ضعيفة ضربت الصفح عنها ولم أثبتها؛ لأن في الصحيح غنية عن الضعيف.