الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والْعَرِقَة: هي أمه، نُسب إليها، وقيل: إنها أم عبد مناف جد أبيه، واسمها قلابة بنت سعيد، وقيل: بنت سعيد بن سهم، وذُكر أنها سميت بذلك لطيب ريحها. ونُقِل عن الواقدي أنه كان يقول فيها: الْعَرَقَة -بفتح الراء- ويقول: إن أهل مكة يقولون ذلك، والمشهور ما تقدم (1). والله عز وجل أعلم.
ومما يشبه إسناد هذا الحديث حديث أخرجه مسلم في "الصلاة" من حديث أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشيّ
…
الحديث بطوله في السهو، وفيه ذكر ذي اليدين، وفي آخره:"ثم كبر، ثم سجد، ثم كبر فرفع، ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع"، قال: وأُخبرت عن عمران بن حصين، أنه قال:"وسلّم".
قلت: وذكر السلام في هذا الحديث من هذا الوجه مقطوع الإسناد، على مذهب الحاكم. والجواب عنه أنه قد جاء متصلا في كتاب مسلم من وجه آخر، من حديث أبي المهلب، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت اتصاله، والحمد للَّه.
والقائل: فأُخبرت عن عمران بن حصين، هو ابن سيرين. ويحتمل أن يكون أيوب، والأول أظهر، فقد ذكر الدارقطني أن ابن سيرين يقول في غير حديث من حديث عمران بن حصين: نُبِّئت عن عمران. والله عز وجل أعلم.
(25) - الحديث الثاني عشر:
وأخرج في "الجهاد" أيضًا (2) أيوب بن موسى (3)، عن مكحول، عن شُرَحبيل بن السِّمْط، عن سلمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه
…
" الحديث.
قلت: وفي سماع مكحول من شرحبيل بن السمط نظر، فإن شرحبيل معدود في الصحابة رضي الله عنهم، وتقدمت وفاته، فقيل: إنه توفي في سنة ست وثلاثين. وقيل: سنة أربعين. وتوفي مكحول سنة ثماني عشرة ومائة، في أحد الأقوال. وقيل: سنة اثني عشرة. وقيل: سنة ثلاث عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة.
وقد اختُلف في عدد الصحابة الذين لقيهم مكحول، وسمع منهم، فقال البخاري:
(1) يعني كسر الراء، لكن لم يتقدم له ذكر هنا، فليُتأمل.
(2)
"كتاب الإمارة""باب فضل الرباط في سبيل الله سبحانه وتعالى" 3/ 1520 حديث (163).
(3)
هكذا النسخة، والظاهر أنه سقط منه شيء، لفظ "حديث": أي حديث أيوب بن موسى، كما سبق ويأتي في نظائره الكثيرة. والله تعالى أعلم.
سمع أنس بن مالك، وأبا مرة الداري، وواثلة بن الأسقع، وأم الدرداء. وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه قال: سألت أبا مسهر، هل سمع مكحول، من أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما صح عندنا إلا أنس بن مالك، قلت: وواثلة؟ فأنكره. وسئل أبو داود السجستاني: وكم يصح لمكحول من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: واثلة. وذكر الحافظ أبو سعيد بن يونس المصري، أنه رأى أبا أمامة الباهلي، وسمع واثلة بن الأسقع، ولقي أنس بن مالك رضي الله عنهم.
قلت: وذكر ابن أبي حاتم في "كتاب المراسيل" قال: سمعت أبي يقول، وذكر حديثًا رواه الوليد بن مسلم، عن تميم بن عطية، عن مكحول، قال: جالست شُريحا ستة أشهر، ما أسأله عن شيء، إنما أكتفي بما يقضي به بين الناس، فقال أبي: لم يدرك مكحول شُريحا وهذا وَهَمٌ.
قلت: وإذا لم يدرك مكحول شريحا، وكانت وفاته في سنة ست وسبعين من الهجرة، وقيل: سنة ثمان وسبعين، وقيل: سنة ثمانين، فإدراكه لشرحبيل أبعد؛ لأنه توفي سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة أربعين كما بيناه من قبلُ. ويحتمل أن يريد بالإدراك اللقاء، وإذا لم يثبت لمكحول سماع من شُرحبيل، فإسناده مقطوع، إلا أن مسلما رحمه الله قد أخرج هذا الحديث، من طريق آخر، عن شُرَحبيل من حديث أبي شريح المعافري المصري، عن عبد الكريم بن الحارث المصري، عن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، عن شرحبيل بإسناده نحوه.
وظاهر هذا الإسناد الاتصال، إلا أن عبد الله بن المبارك رواه عن أبي شريح هذا، عن أبي عبد الكريم بن الحارث، عن أبي عبيدة، عن رجل من أهل الشام، أن شرحبيل بن السمط قال: طال رباطنا، أو إقامتنا على حصن، فمر بي سلمان، وذكر الحديث.
وقد ذكر الحافظان: أبو أحمد الكرابيسي الحاكم، وأبو عمر بن عبد البر النمري، أن أبا عبيدة هذا، روى عن ابن عمر، وأخيه عياض بن عقبة، وعن رجل عن شرحبيل ابن السمط، وفي لفظ الحاكم رجل من أهل الشام، وهذا يؤيد رواية ابن المبارك، والله عز وجل أعلم.
إلا أن أبا أحمد وأبا عمر ذكرا أبا عبيدة هذا فيمن لم يعرف اسمه، وذكر ابن يونس أن اسمه مُرّة، وأنه أدرك معاوية، وروى عن ابن عمر رضي الله عنهم، وتعريف ابن يونس باسمه أولى بالصواب؛ لأنه من أهل بلده، وهو أعلم به. والله عز وجل أعلم.