الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بها حجم الكتاب، أو لغير ذلك. انتهى (1).
قال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى: وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيد، وبعضها ليس بجيد، إما لقصور في عبارة الترجمة، وإما لركاكة لفظها، وإما لغير ذلك، وأنا إن شاء الله تعالى أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ثم إن النوويّ مع أنه ادّعى أنه يعبّر بعبارات تليق بها إلا أنه لم يسلم من الانتقاد، فقد وُجد في صنيعه ما هو غير لائق، كما حرّره بعض الأفاضل (2)، فقد فصل القدر عن الإيمان، وفصل المنافقين عن الإيمان، وجعل أحاديث الآداب في عدد من الكتب، فعنده كتاب الأدب، ثم كتاب السلام، وهو من الآداب، ثم كتاب البرّ والصلة، والآداب.
[تنبيه]: قال الحافظ وليّ الدين العراقيّ رحمهُ اللهُ تعالى: واعلم أن مسلمًا رحمهُ اللهُ تعالى ذكر في "صحيحه" كتاب الأدب، ثم الرؤيا، ثم المناقب، ثم البر والصلة، وإن الحافظ المزّيّ يعزو جميع ما في البرّ للأدب، مع أنهما منفصلان، بينهما الرؤيا، والمناقب، وكأن المزّيّ يرى أن مسلمًا كرّر الأدب في موضعين، وكان ينبغي له أن يقول: في الأدب الأول، والأدب الثاني؛ ليميّز بينهما. انتهى (3).
ومما يُنتقد على النوويّ أنه ترجم لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه بقوله: "باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره، فوق سرته، ووضعها في السجود على الأرض حذو منكبيه". ولا يوجد في الحديث الذي ساقه في "الصحيح" ما يدلّ على قوله: "تحت الصدر، وفوق السرّة"، بل هذا سرى له ما ثبت في مذهبه من العمل بهذا، مع أنه ثبت في نفس الحديث خارج الصحيح ما يخالف هذا، حيث قال:"على الصدر"، ومثل هذا كثير جدّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الثامنة: في عدد أحاديث الكتاب
قال الحسين بن محمد الماسرجسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: صنّفت هذا "المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. وقال تلميذه الملازم له أحمد بن سلمة رحمهُ اللهُ تعالى: كنت مع مسلم في تأليف "صحيحه" خمس عشرة سنة.
(1)"صيانة صحيح مسلم"101.
(2)
انظر "الإمام مسلم" للشيخ مشهور حسن 1/ 387 - 388.
(3)
راجع "الإطراف بأوهام الأطراف" 31 - 205، 32.
قال: وهو اثنا عشر ألف حديث. قال الحافظ الذهبيّ: يعني بالمكرّر، بحيث إنه إذا قال: حدثنا قتيبة، وأخبرنا ابن رُمح يُعدّان حديثين، اتفق لفظهيا، أو اختلف في كلمة. انتهى (1). قال الزركشيّ: ولعلّ هذا أقرب (2).
وقال الميانجيّ في عدد أحاديث "الصحيح": واشتمل كتابه -رحمهُ اللهُ تعالى- على ثمانية آلاف حديث. انتهى (3).
وقال الشيخ أبو عمرو رحمهُ اللهُ تعالى: روينا عن أبي قريش الحافظ، قال: كنت عند أبي زرعة الرازي، فجاء مسلم بن الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة، وتذاكرا، فلما قام قلت له: هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح، قال أبو زرعة: فلمن ترك الباقي. قال الشيخ. أراد أن كتابه هذا أربعة آلاف حديث أصول، دون المكررات، وكذا كتاب البخاري ذُكِر أنه أربعة آلاف حديث بإسقاط المكرر، وبالمكرر سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أما ما ذكره من عدد أحاديث صحيح البخاريّ، فقد غلّطه الحافظ فيه، وقام بتحرير عدده، فأجاد في ذلك، فلتراجع "هدي الساري مقدّمة فتح الباري" ص 654 - 668.
وأما ما ذكره من عدد أحاديث صحيح مسلم، فلم أر من قام بتحريره حقّ قيام، بل اختلفوا فيه اختلافًا شديدًا، ومن أبرز من قام به هو محمد فؤاد عبد الباقي، فقد رقّمه، واشتهر ترقيمه بين الناس، لكن عمله ليس كما ينبغي، فالرجل وإن كان مُغرَمًا بعمل الترقيم، فقد رقّم كتبًا كثيرةً، إلا أنه ليس له تخصّص بعلم الحديث، فقد رأيته يجعل للحديث الواحد رقمين فأكثر، وأحيانًا يعمل بالعكس.
وذكر بعض المعاصرين (4) بناء على ترقيم محمد فؤاد المذكور، مع إضافة ما أورده في المتابعات والشواهد أن جملة أحاديث "الصحيح" بالمكرّرات (7395) حديثًا، عدا أحاديث المقدّمة، وهي عشرة، وهذا كما أشرت إليه فيما أسلفته آنفًا لا يُلتفتُ إليه؛ إذ ليس مبنيّا على ترقيم صحيح، فليُتنبّه.
وبالجملة فالكتاب يحتاج إلى متخصّص بعلم الحديث والخِبْرة الفنّيّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(1)"سير أعلام النبلاء" 12/ 566.
(2)
"فتح الباقي" 1/ 48.
(3)
راجع "ما لا يسع المحدث جهله" ص 27.
(4)
هو الشيخ حسن مشهور، انظر ما كتبه في "الإمام مسلم بن الحجاج" 1/ 393 - 399.