الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن سعد: كان ثقة، وله أحاديث، وكان عاقلا من الرجال فطنًا. وقال ابن عون: ذكر إياس عند ابن سيرين، فقال: إنه لَفَهِمٌ. وقال ابن معين، والنسائي: ثقة. وقال العجلي: بصري ثقة، وكان على قضاء البصرة، وكان فقيها عفيفا. وقال قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد: أتى رجل إياس بن معاوية يشاوره في خصومة، فقال: إن أردت القضاء فعليك بعبد الملك بن يعلى، فهو القاضي، وإن أردت الفُتْيا فعليك بالحسن، فهو معلمي، ومعلم أبي، وإن أردت الصلح فعليك بحميد الطويل، وتدري ما يقول لك؟ يقول لك: دع شيئا من حقك، وخذ شيئا، وإن أردت الخصومة فعليك بصالح السدوسي، وتدري ما يقول لك؟ اجحد ما عليك، وادَّع ما ليس لك، واستشهد الغيب. وقال الأصمعي عن حماد بن زيد: كان أيوب يقولَ: لقد رموها بحجرها -يعني إياس بن معاوية- حين ولي القضاء. قال المدائني: مات إياس بعبدسا، وكانت له فيها ضَيْعة، فخرج من البصرة لرؤيا رآها. وقال خليفة، والهيثم بن عدي: مات سنة (122).
وقال في "التقريب": ثقة، من الخامسة.
علّق له البخاريّ، وذكره المصنّف في هذا الموضع فقط. والله تعالى أعلم.
شرح الأثر:
(عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ) أنه (قَالَ: سَأَلَنِي إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ) المزنيّ. وقوله: (فَقَالَ) تفسير لقوله: "سألني"(إِنِّي) بكسر الهمزة (أَرَاكَ قَدْ كَلِفْتَ) -بفتح الكاف، وكسر اللام، وبالفاء-: أي أحببته، وأُولِعتَ به، يقال: كَلِفْتُ به كَلَفًا، فأنا كَلِفٌ، من باب تَعِبَ، والاسم الْكَلَافة بالفتح. قاله الفيّوميّ (1). وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: هو بكسر اللام، من الكَلَف بالشيء، وهو الولوع به، والمحبّة له، والاعتناء به. وهكذا صحّت روايتنا فيه. وقد رُوي من طريق الطبريّ. "علقت"، وهو من العلاقة، وهي المحبّة. انتهى (2). وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: معناه: وَلِعتَ به، ولازمته. قال ابن فارس وغيره من أهل اللغة: الْكَلف: الإيلاع بالشيء. وقال أبو القاسم الزمخشريّ: الكلف الإيلاع بالشيء مع شغل قلب ومشقّة. انتهى (3). (بِعِلْمِ الْقُرْآنِ) متعلّقٌ بما قبله، وإضافة علم إلى القرآن من إضافة المصدر إلى مفعوله: أي بعلمك تفسير القرآن (فَاقْرَأْ) بوصل الهمزة؛ لأنه فعل أمر من قرأ ثلاثيّا (عَلَيَّ سُورَةً) أي أسمعني قراءة سوره من سور القرآن (وَفَسِّرْ) أمر من التفسير، وهو التوضيح، والتشديد للمبالغة، قال الفيّوميّ: فَسَرتُ الشيءَ فَسْرًا، من باب ضربْ بيّنته، وأوضحته، والتثقيل مبالغة. انتهى (4). والمعنى هنا: اقرأ عندي سورة من القرآن،
(1)"المصباح المنير" 2/ 537.
(2)
"المفهم" 1/ 117.
(3)
"شرح النوويّ" 1/ 75 - 76.
(4)
"المصباح المنير" 2/ 472.
وأوضح معناه (حَتَّى أَنْظُرَ) بالنصب بـ "حتّى"؛ لكون الفعل مستقبلًا، كما قال في "الخلاصة":
وَبَعْدَ "حَتَّى" حَالًا أوْ مُؤَوَّلَا
…
بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا
(فِيمَا عَلِمْتَ)"ما" مصدريّة: أي في مقدار علمك، ويحتمل أن تكون موصولًا اسميّا، والعائد محذوف، كما قال في "الخلاصة":
.............
…
وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي
فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ
…
بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ
أي في الذي علمته من تفسير القرآن.
[تنبيه]: ذكر صاحب "فتح الملهم" أن "علمت" يوجد بفتح التاء، وهو الأظهر، وبضمّها، ويحتمل أن تكون حينئذ "في" سببيّة. انتهى (1).
(قَالَ) سفيان بن حُسين (فَفَعَلْتُ) أي ما أمره به، من قراءة سورة عليه، ثم تفسيرها (فَقَالَ) إياس بن معاوية (لِيَ: احْفَظْ عَلَيَّ) أي منّي، فـ "على" بمعنى "من" على حدّ قوله تعالى:{إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} الآية [المطففين: 2](مَا أَقُولُ لَكَ)"ما" اسم موصول مفعول به لا حفظ: أي احفظ الذي أذكره لك، وهو قوله (إِيَّاكَ وَالشَّنَاعَةَ فِي الْحَدِيثِ) أي أُحذّرك من الشناعة في الحديث، و "الشناعة" -بفتح الشين المعجمة، وتخفيف النون-: القبح. قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الشناعة في الحديث: هو ما يُستقبح، ويُستنكر، يقال: شَنِعتُ بالشيء بكسر النون: أي أنكرته، وشَنُع الشيء بضمّها: قَبُح في نفسه، وشنّعتُ على الرجل مشدّدا: إذا ذكرت عنه قبيحًا. حذّره بهذا القول عن أن يُحدّث الأحاديث المنكرة، فيُكَذَّب، ويَذِلّ. انتهى (2).
وقال النوويّ: قال أهل اللغة: الشَّنَاعَةُ: القبح. وقد شَنُع الشيءُ بضم النون: أي قبُح، فهو أشنع، وشَنيعٌ. وشَنِعتُ بالشيء بكسر النون، وشَنَّعته: أي أنكرته، وشَنّعتُ على الرجل: أي ذكَرتُهُ بقبيح.
ومعنى كلامه أنه حذّره أن يُحدّث بالأحاديث المنكرة التي يُشَنَّعُ على صاحبها، ويُنكَرُ، ويُقَبَّح حال صاحبها، فيُكذّب، أو يُستراب في رواياته، فتَسقُط منزلته، ويذلّ في نفسه. انتهى (3).
[فائدة]: قوله: "إياك والشناعة" هذا التركيب هو الذي يُسمّى في علم النحو
(1)"فتح الملهم" 1/ 126.
(2)
"المفهم" 1/ 117.
(3)
"شرح صحيح مسلم" 1/ 77.
بـ "التحذير"، وهو تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه، نحو:"إياك والشرّ"، وهو منصوب بفعل محذوف وجوبًا، فقيل: التقدير: اتّق نفسك والشناعة، وقيل: باعد نفسك من الشناعة، والشناعة منك، وقيل: احذر تلاقي نفسك والشناعة. وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:
إِيَّاكَ وَالشَّرَّ وَنَحْوَهُ نَصَبْ
…
مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ
وَدُونَ عَطْفٍ ذَا لإِيَّا انْسُبْ وَمَا
…
سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلْزَمَا
إِلَّا مَعَ الْعَطْفِ أَوِ التَّكْرَارِ
…
كَالضَّيْغَمَ الضَّيْغَمَ يَا ذَا السَّارِي
وراجع تفاصيل المسألة في شروح "الخلاصة"، وحواشيها. والله تعالى أعلم.
(فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل، والضمير للشأن: أي إن الأمر والشأن (قَلَّمَا)"ما" هذه زائدة كافّة؛ لأنها كفّت الفعل عن عمل الرفع في الفاعل، قال ابن هشام الأنصاريّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في "كتابه "مغني اللبيب": ما معناه: لا تتصل "ما" هذه إلا بثلاثة أفعال، "قلّ"، و"كثُر"، و "طال"، وعلّة ذلك شبههنّ بـ "رُبّ"، ولا يدخلن حينئذ إلا على جملة فعليّة، صُرّح بفعليّتها، كقوله [من الخفيف]:
قَلَّمَا يَبْرَحُ اللَّبِيبُ إِلَى مَا
…
يُورِثُ الْمَجْدَ دَاعِيًا أَوْ مُجِيبَا
وزعم بعضهم أن "ما" مع هذه الأفعال مصدريّة، لا كافّة. انتهى (1). وعلى هذا فالفعل بعدها صلتها، وهي في تأويل المصدر فاعل "قلّ". وقال الأمير في "حاشيته": وزاد بعضهم على هذه الأفعال "قَصُرَ"، وهي أفعالٌ لا فاعل لها، كالتوكيد اللفظيّ في قام قام زيد، و "كان" الزائدة. انتهى.
وقد نظمت ما ذُكر بقولي:
وَ "مَا" تَكُفُّ "طَالَ""قَلَّ""كَثُرَا"
…
وَبَعْضُهُمْ زَادَ عَلَيْهَا "قَصُرَا"
فَلَا يَلِيهَا فَاعِلٌ كَقَامَا
…
فِي قَامَ قَامَ صَالِحٌ إِكْرَامَا
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَا مُؤَوِّلَهْ
…
فَمَعَ مَا يَلِي تَكُونُ فَاعِلَهْ
(حَمَلَهَا) أي الشناعة في الحديث (أَحَدٌ) بالرفع على الفاعليّة (إِلَّا ذَلَّ) بالبناء للفاعل، منِ باب ضرب، والاسم الذُّلُّ بالضمّ، والذّلّة بالكسر، والمذلّة: أي ضَعُفَ، وهان (فِي نَفْسِهِ) يعني أنه يكون ذليلًا حقيرًا عند الناس، فلا يُقبلون عليه (وَكُذِّبَ) بالتشديد، مبنيّا للمفعول (فِي حَدِيثِهِ) يعني أن الناس يكذّبون حديثه، فلا يَقبَلونه.
وحاصل كلام إياس رَحِمَهُ اللهُ تعالى أنه حذّره أن يحدّث بالأحاديث المنكرة التي تُشنّع،
(1)"مغني اللبيب" 2/ 7 - 8 بنسخة "حاشية الأمير".
ويُنكر، ويقبّح صاحبها، فيكذّب، أو يستراب في روايته، فتسقط منزلته، ويذلّ في نفسه.
قال صاحب "فتح الملهم": انظر هل هذا خاصّ بما لا يعتقد صحّته، أو وإن اعتقدها، إذا كان يرى أنه لا يقبل منه، ويُردّ في وجهه؛ لأنه يضع من نفسه بغير فائدة، والثاني أظهر، ويدلّ عليه أثر ابن مسعود رضي الله عنه الذي بعده. قال: ولعلّ إياس بن معاوية أوصاه خاصّة بهذه الوصيّة النافعة؛ لأنه كان مولعًا بتفسير القرآن العظيم، والمشتغلون بالتفسير كثيرًا ما يتساهلون في الرواية والنقل، فنبّهه على التجنّب من هذه البليّة العظمى، وهذا من دلائل فطنة إياس المشهورة رَحِمَهُ اللهُ تعالى. انتهى (1). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه في أول الكتاب:
14 -
(وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً).
رجال هذا الأثر سبعة:
1 -
(أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السَّرْح المذكور قبل حديثين.
2 -
(حَرْمَلة بن يحيى) بن عبد الله بن حرملة بن عمران التُّجِيبيّ، أبو حفص، وقيل: أبو عبد الله المصريّ، وهو صاحب الإمام الشافعيّ رحمه الله، وهو الذي يروي عن الشافعيّ كتابه المعروف في الفقه.
رَوَى عن ابن وهب فأكثر، وعن الشافعي ولازمه، وأيوب بن سُويد الرملي، وبشر ابن بكر، وأبي صالح عبد الغفار بن داود الحراني، ويحيى بن عبد الله بن بُكير، وغيرهم. ورَوَى عنه مسلم، وابن ماجه، وروى له النسائي بواسطة أحمد بن الهيثم الطَّرَسوسي، وأبو دُجانة أحمد بن إبراهيم المصري، وحفيده أحمد بن طاهر بن حرملة، وأبو عبد الرحمن، أحمد بن عثمان النسائي الكبير، رفيق أبي حاتم في الرحلة، وإبراهيم بن الجنيد، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والحسن بن سفيان، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، وغيرهم.
قال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يُحتج به. وقال الدُّوري عن يحيى شيخ لمصر، يقال له: حرملة كان أعلم الناس بابن وهب، وقال ابن عدي: سألت عبد الله بن محمد ابن إبراهيم الفرهاذاني أن يُملِي عليّ شيئا من حديث حرملة، فقال: يا بُني ما تصنع
(1)"فتح الملهم" بتصرف يسير 1/ 126.
بحرملة صعب. وقال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مائة ألف حديث وعشرين ألف حديث عند بعض الناس النصف -يعني نفسه- وعند بعض الناس منها الكل -يعني حرملة-. قال ابن عدي، وقد تَبَحَّرْتُ حديثَ حرملة، وفَتَّشتُه الكثيرَ فلم أجد فيه ما يجب أن يُضَعَّف من أجله، ورجلٌ يكون حديث ابن وهب كله عنده، فليس ببعيد أن يُغْرِب على غيره كُتُبا ونُسَخًا، وأما حمل أحمد بن صالح عليه، فإن أحمد سَمِع في كتب حرملة من ابن وهب فأعطاه نصف سماعه ومنعه النصف، فتولد بينهما العداوة من هذا، وكان من يَبدأ بحرملة إذا دخل مصر لم يحدثه أحمد بن صالح، وما رأينا أحدًا جمع بينهما، كذا قال، وقد جمع بينهما أحمد بن رِشدين شيخ الطبراني، لكن يُحمل قولُ ابن عدي على الغرباء.
وقال ابن يونس: وكان من أَمْلإ الناس بما روى ابنُ وهب. ونقل أبو عمر الكنديّ أن سبب كثرة سماعه من ابن وهب أن ابن وهب استخفى عندهم لَمّا طُلِب للقضاء، قال: ونظر إليه أشهب فقال: هذا خير أهل المسجد. وقال الْعُقيليّ: كان أعلم الناس بابن وهب، وهو ثقة -إن شاء الله تعالى-. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال أبو عبد الله البُوشَنجي: سمعت عبد العزيز بن عمران المصري يقول: لَقِيتُ حرملة بعد موت الشافعي، فقلت له: أَخرِج إليّ فهرست كُتب الشافعي، قال: فأخرجه إليّ، فقلت: ما سمعتم من هذه الكتب؟ قال: فَسَمَّى لي سبعة كتب أو ثمانية، فقال: هذا كل شيء عندنا عن الشافعي عرضًا وسماعًا، قال أبو عبد الله البوشنجي: فرَوَى عنه الكتب كلها سبعين كتابا أو أكثر، وزاد أيضا ما لم يُصنّفه الشافعي، وذاك أنه رَوَى عنه فيما أخبرنا بعض أصحابنا كتاب الفَرْق ببن السحر والنبوة، وأنه قيل له في ذلك، فقال: هذا تصنيف حفص الفرد، وقد عرضته على الشافعي فرضيه.
مات حرملة رَحِمَهُ اللهُ تعالى سنة (244). وقال ابن يونس: وُلِد سنة (166) وتُوفي لتسع بقين من شوال سنة (243).
وقال في "التقريب": صدوقٌ، من الحادية عشرة.
رَوَى عنه مسلم، وابن ماجه، وروى له النسائيّ بواسطة أحمد بن الهيثم الطرسوسيّ. وله في صحيح مسلم (268) حديثًا.
[تنبيه]: حرملة بن يحيى هذا هو التجيبيّ -بمثناة من فوق مضمومة على المشهور-، وقال صاحب "المطالع": بفتح أوله وضمه، قال: وبالضم يقول أصحاب الحديث، وكثير من الأُدباء، قال: وبعضهم لا يجيز فيه إلا الفتح، ويزعم أن التاء أصلية، وفي باب التاء ذكره صاحب "العين"، يعني فتكون أصلية، إلا أنه قال: تجيب، وتجوب قبيلة، يعني قبيلة من كندة، قال: وبالفتح قيدته على جماعة شيوخي، وعلى ابن
سراج وغيره، وكان ابن السِّيد البطليوسي يذهب إلى صحة الوجهين. هذا كلام صاحب "المطالع". وقد ذكر ابن فارس في "المجمل" أن تجوب قبيلة من كندة، وتجيب بالضم بطن لهم شرف، قال: وليست التاء فيهما أصلا، وهذا هو الصواب الذي لا يجوز غيره، وأما حكم صاحب "العين" بأن التاء أصل فخطأ ظاهر. والله أعلم (1).
3 -
(ابن وهب) هو: عبد الله القرشيّ المصريّ المتقدّم في 3/ 10.
4 -
(يونس) بن يزيد بن أبي النِّجَاد، ويقال: ابن مِشْكَان بن أبي النجاد الأيليّ، أبو يزيد مولى آل أبي سفيان.
رَوَى عن أخيه أبي عليّ بن يزيد، والزهريّ، ونافع مولى ابن عمر، وهشام بن عروة، وعُمارة بن غَزِيّة، وعكرمة، وغيرهم. ورَوَى عنه جرير، وعمرو بن الحارث، ومات قبله، وابن أخيه عنبسة بن خالد بن يزيد الأيليّ، والليث، والأوزاعيّ، وابن المبارك، وابن وهب، وخلق كثير.
قال ابن المديني، وابن مهدي: كان ابن المبارك يقول: كتابه صحيح، قال ابن مهدي: وكذا أقول. وقال عبدان عن ابن المبارك: إني إذا نظرت في حديث معمر ويونس يعجبني، كأنهما خرجا من مشكاة واحدة. وقال عبد الرزاق عن ابن المبارك: ما رأيت أحدا أروى للزهري من معمر، إلا أن يونس أحفظ للمسند، وفي رواية: إلا يونس، فإنه كتب على الوجه. وقال محمد بن عوف عن أحمد: قال وكيع: رأيت يونس ابن يزيد الأيلي، وكان سيِّىء الحفظ. وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد: ما أعلم أحدا أحفظ بحديث الزهري من معمر إلا ما كان من يونس، إنه كتب كل شيء هناك. وقال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فإبراهيم بن سعد؟ فقال: وأي شيء رَوَى إبراهيم عن الزهري إلا أنه في قلة روايته أقل خطأ من يونس، قال: ورأيته يحمل على يونس، قال: وأنكر عليه، وقال: كان يجيء عن سعيد بأشياء ليست من حديث سعيد، وضعّف أمره، وقال: لم يكن يعرف الحديث، وكان يكتب أرى أولى الكلام، فينقطع الكلام، فيكون أوله عن سعيد، وبعضه عن الزهري، فيشتبه عليه، قال أبو عبد الله: وعقيل أقل خطأ منه. وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: في حديث يونس عن الزهري منكرات، منها عن سالم عن أبيه:"فيما سقت السماء العشر". وقال الميموني: سئل أحمد من أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل: فيونس؟ قال: روى أحاديث منكرة. وقال الفضل بن زياد عن أحمد: ثقة. وقال الدوري عن ابن معين: أثبت الناس في الزهري مالك، ومعمر، ويونس، وعقيل، وشعيب، وابن
(1)"شرح مسلم للنوويّ" 1/ 76.
عيينة. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: يونس أحب إليك أو عقيل؟ قال: يونس ثقة، وعقيل ثقة قليل الحديث عن الزهري، قلت: أين يقع الأوزاعي من يونس؟ قال: يونس أسند عن الزهري. وقال يعقوب بن شيبة عن أحمد بن العباس: قلت لابن معين: معمر أو يونس؟ قال: يونس أسندهما، وهما ثقتان جميعًا، وكان معمر أحلى. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: يونس ومعمر عالمان بالزهري. وقال أحمد بن صالح: نحن لا نقدم في الزهري على يونس أحدًا، قال: وكان الزهري إذا قَدِم أَيْلَةَ نزل عليه. وقال يعقوب الفارسي، عن محمد بن عبد الرحيم: سمعت عليا يقول: أثبت الناس في الزهري ابن عيينة، وزياد بن سعد، ثم مالك، ومعمر، ويونس من كتابه. وقال ابن عمار: مالك وسفيان هؤلاء أصحاب الزهري، ويونس عارف برأيه. وقال العجلي، والنسائي: ثقة. وقال يعقوب بن شيبة: صالح الحديث، عالم بحديث الزهري. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن خِرَاش: صدوق. وقال ابن سعد: كان حلو الحديث كثيرهُ، وليس بحجة، ربما جاء بالشيء المنكر. وقال ابن يونس: كان من موالي بني أمية. وقال خالد بن نِزار: كان الأوزاعيّ يَحُضّني على يونس بن يزيد. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر: زعموا أنه تُوفّي بصعيد مصر سنة (152). وقيل: مات سنة (159) وقيل: (160).
وقال في "التقريب": ثقة إلا أن في روايته عن الزهريّ وَهَمًا قليلًا، وفي غيره خطأ، من كبار السابعة. انتهى.
أخرج له الجماعة. وله في "صحيح مسلم"(272) حديثًا.
5 -
(ابن شهاب) محمد بن مسلم الإمام الحجة الثبت، تقدّمت ترجمته (1).
6 -
(عبيد الله بن عبد الله بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ) بن مسعود الْهُذَلي أبو عبد الله المدني.
روى عن أبيه، وأرسل عن عمّ أبيه عبد الله بن مسعود، وعمّار بن ياسر، وعمر، وعن أبي هريرة، وعائشة، وابن عباس، وابن عمر، وعثمان بن حُنَيف، والنعمان بن بشير، وأبي سعيد الخدريّ، وجماعة. وروى عنه أخوه عون، والزهريّ، وسعد بن إبراهيم، وأبو الزناد، وصالح بن كيسان، جماعة.
قال العجلي: كان أعمى، وكان أحد فقهاء المدينة، تابعي ثقة، رجل صالح، جامع للعلم، وهو معلم عمر بن عبد العزيز. وقال أبو زرعة: ثقة مأمون إمام. وعن
(1) تقدّمت عند قول المصنّف: "فأما من تراه يَعمِد لمثل الزهريّ في جلالته الخ".