الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معين بناءٌ على منع الرواية بالمعنى، فأما على جوازها فلا فرق، وكان جماعة من العلماء يحتاطون في مثل هذا، فإذا أرادوا رواية مثل هذا، أورد أحدهم الإسناد الثاني، ثم يقول: مثل حديث قبله، متنُهُ كذا، ثم يسوقه، واختار الخطيب هذا، ولا شك في حسنه. قاله النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى في مقدّمة "شرحه" لهذا الكتاب (1)، وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى في "الألفية" المذكورة، بقوله:
وَلَوْ رَوَى بِسَنَدٍ مَتْنًا وَقَدْ
…
جَدَّدَ إِسْنَادًا وَمَتْنٌ لَمْ يُعَدْ
بَلْ قَالَ فِيهِ "نَحْوَه" أَوْ "مِثْلَهُ"
…
لَا تَرْوِ بَالثَّانِي حَدِيثًا قَبْلَهُ
وَقِيلَ جَازَ إِنْ يَكُنْ مَنْ يَرْوِهِ
…
ذَا مَيْزَةٍ وَقِيلَ لَا فِي "نَحْوِهِ
وَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلُ خَبَرِ
…
قَبْلُ وَمَتْنُهُ كَذَا فَلْيَذْكُرِ (2)
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في بيان حكم ما إذا اختصر الشيخ الحديث بذكر طرف منه، ثم قال:"وذكر الحديث"، أو نحوه:
(اعلم): أنه إذا ذكر الإسناد، وطرفا من المتن، ثم قال:"وذكر الحديث"، أو قال:"واقتص الحديث"، أو قال:"الحديث"، أو ما أشبهه، فأراد السامع أن يروي عنه الحديث بكماله، فطريقه أن يقتصر على ما ذكره الشيخ، ثم يقول: والحديث بطوله كذا، ويسوقه إلى آخره، فإن أراد أن يرويه مطلقا، ولا يفعل ما ذكرناه، فهو أولى بالمنع مما سبق في "مثله"، و "نحوه"، وممن نَصّ على منعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينيّ الشافعيّ، وأجازه أبو بكر الإسماعيليّ بشرط أن يكون السامع والمسمِع عارفين ذلك الحديث. ذكره النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى في "شرحه" (3). وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى بقوله:
وَإِنْ بِبَعْضِهِ أَتَى وَقَوْلِهِ
…
"وَذَكَرَ الْحَدِيثَ" أَوْ "بِطُولِهِ"
فَلَا تُتِمَّهُ وَقِيلَ جَازَا
…
إِنْ يَعْرِفَا وَقِيلَ إِنْ أَجَازَا
وَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ "قَالَ وَذَكَرْ
…
حَدِيثَهُ وَهْوَ كَذَا" وَائْتِ الْخَبَرْ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(1)"شرح مسلم" 1/ 37.
(2)
قبل هذا البيت البيت الذي تقدّم "الحاكم اخصص الخ"، أسقطته لتقدّمه، ولأن الأولى كان أن يذكره بعد هذا، فليُتأمّل.
(3)
"مقدّمة شرح صحيح مسلم" 1/ 37.
3 -
(بَابُ النَّهْي عَنِ الْحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)
قال المصنف رحمهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
7 -
وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْب بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَفَى بالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بكلِّ مَا سَمِعَ").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 -
(عُبيد الله بن معاذ) العنبريّ، أبو عمرو البصريّ الحافظ.
رَوَى عن أبيه، وأخيه المثنى، ومعتمر بن سليمان، ويحيى القطان، وبشر بن المفضل، وخالد بن الحارث، ووكيع، وغيرهم.
ورَوَى عنه مسلم، وأبو داود، وروى البخاري عن أحمد غير منسوب، وحماد بن حميد عنه، وروى له النسائي بواسطة زكريا السِّجْزي، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن عبيد الله الكزبري، وأبو بكر المروزي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن أبي عاصم، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وحرب الكرماني، وآخرون.
قال أبو حاتم: ثقة. وقال الآجري عن أبي داود: كان يحفظ، وكان فصيحا. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن قانع: هو ثقة. وقال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: ابن أبي سمينة، وشَبَاب، وعبيد الله بن معاذ ليسوا أصحاب حديث، ليسوا بشيء، ومثنى بن معاذ لا بأس به.
قال البخاري، وموسى بن هارون: مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. وقال ابن أخيه معاذ بن المثنى: مات سنة (38)، وكذا أرّخه ابن قانع.
وقال في "التقريب": ثقة حافظٌ من العاشرة.
أخرج له الجماعة، إلا الترمذيّ، وابن ماجه، رَوَى عنه البخاري سبعة أحاديث، ورَوَى في مواضع عن غير واحد عنه، ورَوَى عنه مسلم مائة وسبعة وستين حديثا (1).
(1) هكذا قال في "تهذيب التهذيب" نقلًا عن "الزهرة"، والذي في برنامج الحديث (صخر) أن مسلمًا روى عنه (174) حديثًا، ويمكن أن يكون الاختلاف بحسب المكررات.
2 -
(أبوه) معاذ بن معاذ بن نصر بن حسّان بن الحارث بن مالك بن الخشخاش العنبريّ، أبو المثنى التميمي الحافظ البصريّ القاضي.
رَوَى عن سليمان التيمي، وحميد الطويل، وابن عون، وأبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، وبهز بن حكيم، وعاصم بن محمد بن زيد، وعمران بن حُدير، وعوف الأعرابي، وفرج بن فَضَالة وقره بن خالد، وكهمس بن الحسن، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وورقاء بن عمر، وسعيد بن أبي عروبة، وشعبة، وعبيد الله بن الحسن العنبري، وغيرهم.
ورَوَى عنه ابناه: عبيد الله، والمثنى، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو من أقرانه، وأحمد، وإسحاق، وأبو خيثمة، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو بكر وعثمان، ابنا أبي شيبة، والحكم بن موسى، وعمرو بن علي، وقتيبة، وبندار، وأبو موسى، وإبراهيم بن محمد بن عَرْعَرَة، وعبد الوهاب بن الحكم الوراق، وعمرو بن زُرارة، وأبو غسان المسمعي، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وسعد بن نصر، وآخرون.
قال المروزي عن أحمد: معاذ بن معاذ قرة عين في الحديث، وقال في موضع آخر: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما رأيت أفضل من حسين الجعفي، وسعيد بن عامر، وما رأيت أحدا أعقل من معاذ بن معاذ. وقال ابن معين، وأبو حاتم: ثقة. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أزهر السمان كيف حديثه؟ قال: ثقة، قلت: فمعاذ بن معاذ؟ قال: ثقة، قلت: أيهما أثبت في ابن عون؟ قال: ثقتان، قلت: فمعاذ أثبت في شعبة أو غندر؟ قال: ثقة وثقة. وقال نِفْطَويه: كان من الأثبات في الحديث. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال عمرو بن علي عن يحيى القطان: طلبت الحديث مع رجلين: خالد بن الحارث، ومعاذ بن معاذ، وأنا مولى، فوالله ما استبقاني إلى محدث قط، فكتبا شيئا حتى أحضر، وما أبالي إذا تابعاني من خالفني من الناس، قال: وكان شعبة يحلف لا يحدث، فيستثنيهما، وقال أيضا: سمعت يحيى يقول: ما بالبصرة، ولا بالكوفة، ولا بالحجاز، أثبت من معاذ بن معاذ. وقال محمد بن عيسى بن الطباع: ما علمت أن أحدا قدم بغداد، إلا وقد تُعُلّق عليه في شيء من الحديث، إلا معاذًا العنبري، فإنه ما قَدَروا أن يتعلقوا عليه في شيء، مع شغله بالقضاء. وقال ابن سعد: كان ثقة، ولي قضاء البصرة لهارون، ثم عُزِل، وتوفي في ربيع الآخر. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان فقيها عالما متقنا.
قال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: وُلدت في سنة عشرين ومائة
في أولها، ووُلد معاذ في سنة تسع عشرة في آخرها، كان أكبر مني بشهرين. وقال ابنه عبيد الله بن معاذ وغيره: مات سنة ست وتسعين ومائة. وقال ابن أبي خيثمة: مات معاذ بن نصر، وابنه معاذ مولود سنة تسع عشرة، ومات لليلة بقيت من ربيع الآخر سنة ست.
وقال في "التقريب": ثقة متقنٌ، من كبار التاسعة.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (173) حديثًا.
3 -
(محمد بن المثنّى) المترجم أول الباب.
4 -
(عبد الرحمن بن مهديّ) المتقدّم ترجمته عند ذكر أئمة الحديث.
5 -
(شعبة) بن الحجّاج المترجم عند ذكر أئمة الحديث أيضًا.
6 -
(خبيب بن عبد الرحمن) بن خُبيب بن يساف الأنصاريّ الخزرجيّ، أبو الحارث المدنيّ الثقة.
رَوَى عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن مسعود بن نيار، وعبد الله بن معن المدني، وعن أبيه، وعمته أنيسة.
ورَوَى عنه مالك، وابن إسحاق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومنصور بن زاذان، وشعبة، وعمارة بن غَزِيّة، وعبد الله، وعبيد الله ابنا عمر بن حفص بن عاصم، وغيرهم.
قال ابن معين، والنسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال الواقدي: مات في زمن مروان بن محمد. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مات سنة (132). وقال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث.
وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب عشرة أحاديث.
[تنبيه]: ليس في "الصحيحين" من يُسمّى خُبيبًا إلا ثلاثة، هذا، وخبيب بن عديّ، وأبو خُبَيب كنية عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما (1). والله تعالى أعلم.
7 -
(حفص بن عاصم) بن عمر بن الخطّاب العمريّ.
رَوَى عن أبيه، وعمه، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مالك بن بُحَينة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وأبي سعيد بن الْمُعَلَّى.
(1)"شرح مسلم" للنوويّ رحمه الله تعالى 1/ 72.