الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر باقي الحديث.
ثم قال عقيبه: ورواه الأشجعي، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال: قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا، بمثل حديث فضيل بن مرزوق.
قال العطار: قلت: هكذا أورده مسلم في "صحيحه"، وهو حديث صحيح متصل من حديث فضيل بن مرزوق بالإسناد المذكور، انفرد به مسلم، دون البخاري. وقوله بعد إيراده: ورواه الأشجعي عن سفيان، إنما هو على وجه المتابعة، وذِكرُ متابعة الرواة بعضهم بعضا على رواية الحديث، لا يقدح في اتصاله، بل يقويه، ويؤيده، وفي "صحيح البخاري" من هذا النمط كثير. والله ولي التوفيق.
والأشجعي هذا: اسمه عبيد الله بن عُبَيْدِ الرحمن، كوفي ثقة، وهو ممن اتفق البخاري ومسلم على الإحتجاج بحديثه، في "صحيحيهما"، وقد وقع لي حديثه هذا الذي أشار إليه مسلم رحمه الله بالإسناد المتصل، وهو: ما أخبرنا المشايخ الثقات الحافظ: أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي الفقيه، وأبو محمد عبد الله بن عبد الجبار العثماني، وأبو صابر حامد بن أبي القاسم الأهوازي، وغير واحد، قراءةً عليهم، قالوا: أنا أحمد بن محمد الحافظ، أنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي بأصبهان، أنا أبو زكرياء يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي، أنا أحمد بن أبي محمد ابن عبدوس الطرائفي، ثنا عثمان بن سعيد، ثنا إبراهيم بن أبي الليث، وهو ابن نصر البغدادي، ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال:"قرأناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}، وصلوات العصر"، ثم قرأناها:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} ، فلا أدري أهي هي أم لا؟ .
قلت: وهذا إسناد حسن متصل، وليس لشقيق بن عقبة ذكر في "صحيح مسلم" إلا في هذا الحديث فيما علمت.
وأخرجه الحافظ أبو علي بن السكن المصري، في جمعه حديث الثوري، فرواه عن رجل، عن عثمان بن سعيد الدارمي بهذا الإسناد، وقال عقيبه: لم يسند شقيق بن عقبة غير هذا الحديث، والله عز وجل أعلم.
الحديث الخامس:
قال مسلم رحمه الله في "كتاب الجنائز": وحدثني هارون بن سعيد الأيلي، ثنا عبد الله ابن وهب، أنا ابن جريج، عن عبد الله بن كثير بن المطلب، أنه سمع محمد بن قيس
يقول: سمعت عائشة تحدث، فقالت: ألا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني؟ قلنا: بلى رحمهُ اللهُ تعالى ثم قال مسلم: وحدثني من سمع حجاجا الأعور، واللفظ له، ثنا حجاج بن محمد، ثنا ابن جريج، أخبرني عبد الله، رجل من قريش، عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب، أنه قال يوما: ألا أحدثكم عني وعن أمي؟ ، فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: بلى، فذكر
…
الحديث بطوله، في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى البقيع، وصلاته على أهل القبور، وسنورده بكماله فيما بعدُ إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث صحيح متصل أيضًا، في كتاب مسلم؛ لأنه أورد إسناده متصلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما ترى، إلا أنه جعل لفظه لمن لم يسمه من شيوخه، عن حجاج، وقد تقدم الجواب عن مثل هذا، ومع ذلك فحديث حجاج هذا، قد رواه عنه غير واحد من الثقات، منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، وأخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي في "سننه"(1) عن المصيصي هذا، وذكر أنه ثقة حافظ.
قلت: إلا أن يوسف بن سعيد هذا خالف أصحاب حجاج في قوله: عن عبد الله ابن أبي مليكة، على ما يأتي بيانه.
وقد أخبرنا بهذا الحديث الشيخ أبو بكر بن أبي الفتح البغدادي المعدل، قراءة عليه، أنا طاهر بن محمد بن طاهر الهمداني، أنا أبو محمد عبد الرحمان بن حمد بن الحسن الفقيه، أنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ، أنا الحافظ أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب النسائي، أنا يوسف بن سعيد، ثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تُحدث، قالت: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: بلى، قالت: لما كانت ليلتي التي هو عندي -تعني النبي صلى الله عليه وسلم انقلب، فوضع نعليه عند رجليه، وبسط طرف ردائه على فراشه، فلم يلبث إلا رَيْثَما ظن أني قد رقدت، ثم انتعل رُويدًا، وأخذ رداءه رويدا، ثم فتح الباب رويدا، وخرج رويدا، وجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتَقَنَّعْتُ إزاري، وانطلقت في إثره، حتى جاء البقيع، فرفع يديه ثلاث مرات، وأطال القيام، ثم انحرف، فانحرفت، فأسرع، فأسرعت، فهرول، فهرولت، فأَحضر، فأحضرت، وسبقته، فدخلت، فليس إلا أن
(1)"المجتبى" 7/ 72 - 73.