الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للانقطاع المذكور، وللاضطراب في رفعه ووقفه، ولا يقال: إنه يَتَقَوَّى بالشواهد المذكورة، من حديث معاذ، وجابر، وعليّ رضي الله عنهم لأنها كلّها ضعاف. فتبصّر بالتأكيد، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، وملجأ العنيد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
ولما أنهى الكلام على القسمين الأولين أتبعهما بالكلام على الثالث، فقال:
(فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ قَوْمٍ هُمْ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مُتَّهَمُونَ، أَوْ عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْهُمْ، فَلَسْنَا نَتَشَاغَلُ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِمْ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ، أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَائنِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ الْقُدُّوسِ الشَّامِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ، وَغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، أَبِي دَاوُدَ النَّخَعِيِّ، وَأَشْبَاهِهِمْ مِمَّنِ اتُّهِمَ بِوَضْعِ الْأحَادِيثِ، وَتَوْلِيدِ الْأَخْبَارِ).
إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقرة:
بيّن رحمه اللهُ تعالى بهذه الفقرة أنه لا يشتغل بإخراج الأخبار التي رواها قوم اتهمهم أهل الحديث، أو أكثرهم بوضع الأحاديث، واختلاق الأخبار، كأبي جعفر عبد الله بن مِسور المدائنيّ، وعبد القدّوس الشاميّ، إلى آخر من ذكرهم، وكذلك كل من أشبههم في الاتهام المذكور. والله تعالى أعلم.
إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:
قوله: (فَأمَّا ما) واقعة على الأخبار، مبتدأ، خبره قوله:"فلسنا نتشاغل"، والجملة جواب "أما": فأما الأخبار التي (كَان مِنْهَا) أي من الأخبار (عَنْ قَوْمٍ، همْ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ) أي عند جميعهم (مُتَّهَمُونَ) أي مظنونون بكذبهم، يقال: اتّهمته بالتثقيل على افتعلت: أي ظننت به سوءًا، وأتهمته بالألف مثله، فهو تَهِيم. أفاده في "المصباح"(أَوْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ) أي من أهل الحديث (فَلَسْنَا نَتَشَاغَلُ بِتَخْرِيجِ حَدِيثِهِمْ) أي لكونه مما لا يجوز العمل به، فلا فائدة في تخريجه في كتاب التزم صاحبه أن لا يخرّج إلا ما كان صحيحًا.
ثم ضرب أمثلة لهؤلاء المتّهمين عند أهل الحديث، فقال:
(كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِسْوَرٍ) بكسر الميم، وسكون السين المهملة، وفتح الواو (أَبِي جَعْفَرٍ) بالجرّ بدل من عبد الله (الْمَدَائِنِيِّ) نسبة إلى المدائن مدينة على سبعة فراسخ من بغداد. قاله في "لبّ اللباب" 2/ 246.
وأبو جعفر هذا هو عبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب الهاشميّ
المدائنيّ الهاشمي، ليس بثقة. قال أحمد وغيره: أحاديثه موضوعة. روى جرير عن رَقَبَة أن عبد الله بن مسور المدائني، وضع أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتملها الناس. وروى معاوية بن صالح عن يحيى قال: أبو جعفر المدائني هو عبد الله بن محمد بن مسور بن محمد بن جعفر كذا نسبه. وقال أحمد: روى عنه عمرو بن مرة، وخالد بن أبي كريمة، وعبد الملك بن أبي بشير، تركت أنا حديثه، وكان ابن مهدي لا يحدثنا عنه. وقال النسائي، والدارقطني: متروك. وقال علي بن المديني: سمعت جريرا يقول: كان عبد الله بن جعفر المدائني يضع أحاديث من كلام الناس، وليست من حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد: أحاديثه موضوعة. وقال أبو حاتم: الهاشميون لا يعرفونه، وهو ضعيف الحديث، وأحاديثه لا يوجد لها أصل في أحاديث الثقات. وقال رَقَبَة أيضا: كان عبد الله بن المسور يضع الحديث يشبه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال مغيرة: كان يفتعل الحديث. وقال أبو إسحاق الجوزجانيّ: أحاديثه موضوعة. وقال ابن المديني: كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضع إلا ما فيه أدب، أو زهد، فيقال له في ذلك، فيقول: إن فيه أجرًا. وقال البخاري في "التاريخ الأوسط": يضع الحديث. وقال النسائي في "التمييز": كذاب. وقال ابن عبد البر: عندهم متروك الحديث، لا يكتب حديثه، اتهموه بوضع الحديث. وقال إسحاق بن راهويه: روى طلحة بن مصرف، عن عمرو بن مرة، عن رجل من بني هاشم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحاديث زعم بعض الناس أن الهاشمي علي بن أبي طالب، وإنما هو أبو جعفر المدائني، وكان معروفًا عند أهل العلم بوضع الحديث، وروايته إنما هي عن التابعين، ولم يلق أحدًا من الصحابة. وقال أبو نعيم الأصبهاني: وضاع للأحاديث، لا يسوي شيئا. وليس له في الكتب الستة شيء. (1).
(وَعَمْرِو بْنِ خَالِدٍ) القرشي الكوفي أبي خالد، القرشي مولى بني هاشم، أصله من الكوفة، انتقل إلى واسط، روى عن زيد بن علي بن الحسين نسخة، وجعفر بن محمد ابن علي بن الحسين، وفطر بن خليفة، وحبيب بن أبي ثابت، والثوري، وأبي هاشم الرُّمّاني، وغيرهم. وروى عنه إسرائيل بن يونس، وعباد بن كثير البصري، والحجاج بن أرطاة، وجعفر بن زياد الأحمر، وسعيد بن زيد، وسويد بن عبد العزيز، وعمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأَبّار، ويحيى بن هاشم السمسار، وجماعة. قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: متروك الحديث، ليس بشيء. وقال الأثرم عن أحمد: كذاب، يروي عن زيد ابن علي عن آبائه أحاديث موضوعة يكذب. وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين:
(1) راجع "ميزان الاعتدال" 4/ 200 - 201 و"لسان الميزان" 3/ 416 - 417.
كذاب غير ثقة، ولا مأمون. وقال هاشم بن مرثد الطبراني عن ابن معين: كذاب ليس بشيء. وقال إسحاق بن راهويه، وأبو زرعة: كان يضع الحديث. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ذاهب الحديث، لا يشتغل به. وقال الآجري: سألت أبا داود عن عمرو بن خالد، الذي يروي عنه أبو حفص الأبار، فقال: هذا كذاب، وقال أيضا عن أبي داود: ليس بشيء. قال وكيع: كان جارنا، فظهرنا منه على كذب، فانتقل، قلت: إلى واسط، قال: نعم. وقال غيره عن وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث، فلما فُطِن له تحول إلى واسط. وقال النسائي. ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. وقال في موضع آخر: متروك الحديث. وقال الجوزجاني: غير ثقة، ورماه ابن الْبَرْقي بالكذب. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن صاعد: لا يكتب حديثه. وقال الحاكم: يروي عن زيد ابن علي الموضوعات. وذكره البخاري في "الأوسط" في فصل من مات من عشر ومائة إلى عشرين ومائة، وقال: منكر الحديث. وقال أبو نعيم الأصبهاني: لا شيء. وقال الأثرم: لم أسمع أبا عبد الله يصرح في أحد ما صرح به في عمرو بن خالد من التكذيب. وقال عبد الله بن أحمد في "مسند ابن عباس": ضرب أبي علي حديث الحسن بن ذكوان، فظننت أنه ترك حديثه من أجل أنه روى عن عمرو بن خالد، الذي يروي عن زيد بن علي، وعمرو بن خالد لا يساوي شيئا. وذكره الخطيب في "الموضح" عن قيس، عن عمير، وكذا ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه. قاله في "تهذيب التهذيب" 3/ 267. وقال في "التقريب": متروك، ورماه وكيع بالكذب، من الثامنة (1).
تفرد به ابن ماجه بحديثين عن عليّ رضي الله عنه: أحدهما: حديث: "انكسرت إحدى زنديّ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أمسح على الجبائر". والثاني: حديثه عن النبيّ: "من غسل ميتا، وكفنه، وحنطه، وحمله، وصلى عليه، ولم يُفشِ عليه ما رأى، خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه".
(وَعَبْدِ الْقُدُّوسِ الشَّامِيِّ) قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: رواه العُذريّ بالسين المهملة، وهو خطأ، وصوابه بالمعجمة، وهي رواية الجماعة. انتهى (2).
وعبد القدّوس هذا: هو ابن حبيب الكلاعي الشامي الدمشقي، أبو سعيد، روى عن عكرمة، والشعبي، ومكحول، والكبار، وروى عنه الثوري، وإبراهيم بن طهمان، وأبو الجهم، وعلي بن الجعد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وخلق.
(1) انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 2/ 1031 خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 2/ 284. "ميزان" 5/ 311.
(2)
"إكمال المعلم" 1/ 101.
قال عبد الرزاق: ما رأيت ابن المبارك يُفصح بقوله: كذاب إلا لعبد القدوس. وقال الفلاس: أجمعوا على ترك حديثه. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن عديّ: أحاديثه منكرة الإسناد والمتن. وقد صرح ابن حبان بأنه كان يضع الحديث. وقال يحيى ابن صالح الْوُحَاظى: سمعت إسماعيل بن عياش يقول: لا أشهد على أحد بالكذب، إلا على عبد القدوس، وعمر بن موسى الوجيهي، فأما عمر فإني قلت له: أيَّ سنة سمعت من خالد بن معدان؟ قال: سنة عشر، قال: وكان موت خالد سنة أربع، وأما عبد القدوس فإني حدثته بحديث، عن رجل، فطرحني، وطرح الذي حدثته عنه، وحدث به عن الثالث. وقال ابن عمار: كان سفيان -يعنى الثوريّ- يروي عن أبي سعيد الشامي، وإنما هو عبد القدوس كناه، ولم يسمّه، وهو ذاهب الحديث. وقال الجوزجاني: لا يقنع الناس بحديثه. وقال مسلم: ذاهب الحديث. وقال أبو داود: ليس بشيء، وابنه شر منه. وقال النسائي متروك الحديث. وقال البخاريّ: تركوه، منكر الحديث. وقال أبو حاتم: كان لا يصدق. ونقل ابن عديّ عن يحيى بن معين، عن حجاج الأعور قال: رأيت عبد القدوس في زمن أبي جعفر على باب المدينة، وكان لا يفتح حتى يُصبح الناس جدا، فجاء رجل إلى عبد القدوس، فقال: الحديث الذي حدثتنا به أعده عليَّ، فقال:"لا تتخذوا شيئا فيه الرُّوح عَرْضًا"، قالها بفتح المهملة، وسكون الراء، ثم الضاد المعجمة، فقيل له: ما تعني هذا؟ قال الرجل يخرج من داره الرَّوْشَن شبه القسطرون، قلت ليحيى: ما يعني هذا؟ قال أهل الشام يسمون الروشن، والكنيف يُخرَج إلى خارج القسطرون. ذكره في "لسان الميزان" 4/ 53/ 56. وسيأتي الكلام عليه للمصنف في "باب الكشف عن معايب رواة الحديث"، إن شاء الله تعالى.
[تنبيه]: ولهم راو آخر اسمه عبد القدوس أيضًا، وهو عبد القدوس بن الحجاج، أبو المغيرة الْخَوْلانيّ الشاميّ الحمصيّ، سمع صفوان بن عمرو، والأوزاعيّ، وغيرهما، وروى عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومحمد بن يحيى الذهليّ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارميّ، وآخرون من كبار الأئمة والحفّاظ، قال العجليّ، والدارقطنيّ، وغيرهما: هو ثقة. وقد روى له البخاريّ ومسلم في "صحيحيهما". وإنما نبّهت عليه؛ لئلا يُخلط هذا الكذاب بذلك الثقة، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبِ) هو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي المصلوب، ويقال: محمد بن سعيد بن عبد العزيز، ويقال: ابن أبي عُتْبة، ويقال: ابن أبي قيس، ويقال: ابن أبي حسان، ويقال: ابن الطبري، ويقال: غير ذلك في نسبه، أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو قيس الشامي الدمشقي، ويقال: الأزدي.
رَوَى عن عبد الرحمن بن غَنْم من وجه ضعيف، وعبادة بن نُسَيّ، وربيعة بن يزيد، وصالح بن جبير الشامي، ونافع مولى ابن عمر، وسليمان بن موسى، وعروة بن رُوَيم، والزهري، ومكحول، وآخرين.
ورَوَى عنه ابن عجلان، والثوري، وسعيد بن أبي هلال، والحسن بن حي، وبكر ابن خُنيس، والأبيض بن الأغر، ومروان بن معاوية، ويحيى بن سعيد الأموي، وأبو بكر بن عياش، وأبو معاوية الضرير، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وغيرهم.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: قتله أبو جعفر المنصور في الزندقة، حديثه حديث موضوع. وقال أبو داود عن أحمد: عمدا كان يضع. وقال الدُّوري عن ابن معين: منكر الحديث، وليس كما قالوا: إنه صُلِب في الزندقة. وقال البخاري: تُرك حديثه. وقال النسائي: الكذابون المعروفون بوضع الحديث أربعة: إبراهيم بن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام.
قال الجامع عفا الله عنه: وقد نظمت قول النسائيّ هذا، فقلت:
مَنْ عُرِفُوا بِالْوَضْعِ قُلْ أَرْبَعَةُ
…
ابْنُ أَبِي يَحْيَى حَوَتْهُ طَيْبَةُ
وَالْوَاقِدِيُّ قُلْ بِبَغْدَادَ فَرَى
…
وِبِخُرَاسَانَ مُقَاتِلُ افْتَرَى
مُحَمَّدُ الْمَصْلُوبُ بِالشَّامِ اعْتَدَى
…
لِذَا النَّسَائِيُّ الْبَصِيرُ أَرْشَدَا
وقولي: "فَرَى" من باب ضرب: أي كذب، وافترى.
وقال دُحيم: سمعت خالد بن يزيد الأزرق يقول: سمعت محمد بن سعيد الأردني يقول: إذا كان الكلام حسنا لم أُبال أن أجعل له إسنادا. وقال العقيلي: يغيرون اسمه إذا حدثوا عنه، مروان بن معاوية يقول: محمد بن حسان، ومحمد بن أبي قيس، ومحمد بن أبي زينب، وابن زكريا، وابن أبي الحسن، وبعضهم يقول: عن أبي عبد الرحمن الشامي، ويقولون: محمد بن حسان الطبري، وربما قالوا: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الكريم، وغير ذلك، على معنى التعبيد لله، وينسبونه إلى جده، ويكنون الجد، حتى يتسع الأمر جدا في هذا، وبلغني عن بعض أصحاب الحديث أنه قال: يُقلب اسمه على نحو مائة اسم، وما أبعد أن يكون كما قال. وقال عبد الغني بن سعيد المصري: نحو ذلك، وزاد: وهو محمد الذي نسبه المحاربي إلى ولاء بني هاشم، وهو محمد الطبري، وهو محمد الأردني، وهو محمد بن سعيد السدي، الذي روى عنه سعيد بن أبي هلال، ولو قال قائل: إنه أبو عبد الله محمد الأسدي الذي يروي عن وابصة بن معبد، وعنه محمد بن صالح لما دفعت ذلك. وقال عبد الغني: وقال العقيلي: إنه عبد الرحمن بن أبي شميلة، وهو محمد بن سعيد المصلوب، وإن قولهم:
عبد الرحمن بن أبي شميلة أحد الأسامي التي غير بها اسمه، وما صنع شيئا، وأنا أقول: إن عبد الرحمن بن أبي شميلة غيره، وإنه رجل من الأنصار من أهل قباء، حدث عنه مروان بن معاوية، وحماد بن زيد، وحماد بن زيد لا يدلس، ولا ينقل اسما إلى اسم. والله أعلم.
وقال ابن نمير وذُكِرَت له رواية الكوفيين عنه، فقال: لم يعرفوه، وإنما العيب على الشاميين الذين عرفوه، ثم رووا عن هذا العدو لله، كذّاب يضع الحديث. وقال ابن عقدة. سمعت أبا طالب بن سوادة يقول: قلب أهل الشام اسمه على مائة، وكذا وكذا اسمًا، قد جمعتها في كتاب. وقال ابن القطان: من جملة ما قلبوه: محمد بن أبي سهل، ونقل ذلك عن أبي حاتم. وقال أبو مسهر: هو من كَذّابي الأردن. وقال عمرو بن علي: حدث بأحاديث موضوعة. وقال ابن رِشْدين: سألت أحمد بن صالح المصري عنه؟ فقال: زنديق ضُربت عنقه، وضع أربعة آلاف حديث عند هؤلاء الْحَمْقى، فاحذروها. وقال النسائي أيضا، والدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح فيه. وقال أبو أحمد الحاكم: كان يضع الحديث، صُلِب على الزندقة. وقال الجوزجاني: هو مكشوف الأمر هالك. وقال الحاكم: هو ساقط لا خلاف بين أهل النقل فيه. روى له الترمذيّ، وابن ماجه.
(وَغِيَاثِ) بكسر الغين المعجمة، وتخفيف المثنّاة التحتانية (ابْنِ إِبْرَاهِيمَ) النخعي، روى عن الأعمش، وغيره. وروى عنه بقية ومحمد بن حمران ومحمد بن خالد الحنظلي وبهلول بن حسان وعلي بن الجعد. قال أحمد: ترك الناس حديثه. وروى عباس عن يحيى: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: كان فيما سمعت غير واحد يقول: يضع الحديث. وقال البخاري: تركوه، يكنى أبا عبد الرحمن، يُعَدُّ في الكوفيين. وهو الذي ذكر أبو خيثمة أنه حدث المهدي بخبر:"لا سَبَقَ إلا في نصل، أو خُفّ، أو حافر"، زاد فيه:"أو جناح"، فوصله، ولما قام قال: أشهد أن قفاك قفا كذاب. انتهى. وقال الآجري: سألت أبا داود، فقال: كذاب. وقال مرة: ليس بثقة، ولا مأمون. وقال يحيى بن معين مرة: كذاب خبيث. وقال الساجي: تركوه. وقال صالح جزرة: كان يضع الحديث. وروي عن غياث قال: كان يكون الحديث الحسن عند الشيخ الذي لا يجوز حديثه، فآتي بالشيخ إلى الأعمش، فيسمع الحديث، فأرويه عن الأعمش، وأُخرج (1) الشيخ، سمعه خليفة بن موسى منه. وقال أبو أحمد الحاكم: متروك الحديث. وقال النسائي في "الجرح والتعديل": ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
(1) وفي نسخة: "وأطرح الشيخ".
وقال ابن عدي: بَيِّن الأمر في الضعف، وأحاديثه كلها شبه الموضوع. وذكره العقيلي، وابن الجارود، وابن شاهين في "الضعفاء"(1). وليس له في الكتب الستة شيء.
(وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، أَبِي دَاوُدَ النَّخَعِيِّ) الكذاب، قال أحمد بن حنبل: تقدمتُ إليه، فقال: ثنا يزيد عن مكحول، ثنا يزيد بن أبي حبيب، فقلت: أين لقيته؟ فقال: يا أحمق لم أقله حتى أعددت لك جوابا، لقيته بباب الأبواب. قال أبو طالب عن أحمد ابن حنبل: كان يضع الحديث. وقال أحمد بن يحيى بن أبي مريم، عن يحيى: معروف بوضع الحديث. وقال عباس عن يحيى: سمعت أبا داود النخعي يقول: سمعت خُصيفا، وخَصّافا، ومِخْصَفا، قال يحيى: كان أكذب الناس. وقال البخاري: متروك، رماه قتيبة، وإسحاق بالكذب. وقال يزيد بن هارون: لا يحل لأحد أن يروي عنه. قال ابن عديّ: سليمان بن عمرو أجمعوا على أنه يضع الحديث. وقال ابن حبان: أبو داود النخعي، بغدادي كان رجلا صالحا في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعا، وكان قدريا. وقال البخاري في "الضعفاء الكبير": سليمان بن عمرو الكوفيّ، أبو داود النخعي معروف بالكذب، قاله قتيبة، وإسحاق. قال أبو معمر: أخذ بشر المريسيّ رأي جهم من أبي داود النخعي. وقال الحاكم: لست أشك في وضعه للحديث على تقشفه وكثرة عبادته. وقال أبو الوليد: سمعت شريكًا يقول: ما لقينا من ابن عمنا -يعني سليمان بن عمرو- يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن وارة: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: أتيته، فقال ثنا سليمان التيميّ، عن أنس رضي الله عنه:"من قاد أربعين خطوة"، فقلت: قوموا من عند هذا الكذاب. وقال ابن المديني: كان من الدجالين. وقال ابن راهويه: لا أدري في الدنيا أكذب منه. وقال ابن عبد البر: هو عندهم كذاب يضع الحديث، وتركوا حديثه. قال الحافظ في "اللسان": الكلام فيه لا يحصر، فقد كذبه، ونسبه إلى الوضع من المتقدمين والمتأخرين، ممن نقل كلامهم في الجرح والعدالة، وألّفوا فيه فوق الثلاثين نفسا. وليس له في الكتب الستة شيء. وسيذكره المصنف في "باب الكشف عن معايب رواة الحديث".
(وَأَشْبَاهِهِمْ) بفتح الهمزة، جمع شبه بفتحتين، وبكسر، فسكون، مثلُ حِمْل، وشبيه ككريم: أي مشابههم، ونظرائهم (مِمَّنِ اتُّهِمَ)"من" لبيان الجنس، كقوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحجّ: 30]، والفعل مبنيّ للمفعول: أي ظُنّ (بِوَضْعِ الْأَحَادِيثِ) من إضافة المصدر إلى مفعوله: أي بافترائهم الأحاديث على النبيّ صلى الله عليه وسلم، يقال: وضع الرجل الحديث: افتراه، وكذَبه، فالحديث موضوع. قاله الفيّوميّ (وَتَوْلِيدِ
(1) راجع "ميزان الاعتدال" 5/ 407 "لسان الميزان" 4/ 497.