الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ذكر مسلمٌ رحمه الله تعالى مثالًا آخر زيادة في الإيضاح، فقال:
(وَفِي مِثْلِ مَجْرَى هَؤُلَاءِ إِذَا وَازَنْتَ بَيْنَ الأَقْرَانِ، كابْنِ عَوْنٍ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، مِعَ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، وَأَشْعَثَ الْحُمْرَانِيِّ، وَهُمَا صَاحِبَا الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، كَمَا أنّ ابْنَ عَوْنٍ، وَأَيُّوبَ صَاحِبَاهُمَا، إِلَّا أَنَّ الْبَوْنَ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ هَذَيْنِ بَعِيدٌ فِي كَمَالِ الْفَضْلِ، وَصِحَّةِ النَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ عَوْفٌ، وَأَشْعَثُ غَيْرَ مَدْفُوعَيْنِ عَنْ صِدْقٍ، وَأَمَانَةٍ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، وَلَكِنَّ الْحَالَ مَا وَصَفْنَا، مِنَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ).
إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:
بيّن رحمه اللهُ تعالى في هذه الفِقْرة بضرب مثال آخر للمفاضلة بين الأقران في الحفظ والإتقان، فذكر من أصحاب الحسن البصريّ، وابن سيرين رحمهم الله تعالى راويين من الطبقة الأولى، وهما: عبد الله بن عون، وأيوب السختيانيّ، وراويين من الطبقة الثانية، وهما: عوف بن أبي جميلة، وأشعث بن عبد الملك الْحُمْرانيّ، فإن الأربعة، وإن كانوا يأخذون عن الحسن وابن سيرين كليهما، إلا أن الأولين في الدرجة العليا من كمال الحفظ وصحّة النقل، وإن كان الأخيران لا يُستهانُ بهما، ولا يُدفعان عن كونهما موصوفين بالصدق، والأمانة العلميّة، إلا أن المطلوب في هذا الباب هو الكمال في الحفظ والإتقان، زيادةً على الصدق، والأمانة. والله تعالى أعلم.
تراجم الأعلام المذكورين في هذه الفِقْرة:
(1)
- (ابن عون) هو عبد الله عون بن أَرْطَبَان المزنيّ مولاهم، أبو عون الخزار بفتح المعجمة، أحد الأعلام. رأى أنس بن مالك، وروى عن عطاء، ومجاهد، وسالم، والحسن، والشعبيّ، وخلق كثير. وروى عنه الثوريّ، وشعبة، وابن عُليّة، ويحيى القطّان، وخلائق.
قال ابن المديني: جُمع لابن عون من الإسناد ما لم يُجمَع لأحد من أصحابه، سمع بالمدينة من القاسم، وسالم، وبالبصرة من الحسن، وابن سيرين، وبالكوفة من الشعبيّ، والنخعيّ، وبمكة من عطاء، ومجاهد، وبالشام من مكحول، ورجاء بن حَيْوة. قال عليّ: وقال بشر بن المفضّل: لقيت الثوريّ بمكة، فقلت له: مَنْ آمنُ مَنْ تركت على الحديث بالكوفة؟ قال: منصور، وبالبصرة يونس بن عبيد، قال عليّ: وهذا كان قبل أن يُحدّث ابن عون؛ لأنه لم يُحدّث إلا بعد موت أيوب، ومات ابن عون سنة (151) بعد موت أيوب بعشرين سنة. وقال الثوريّ: ما رأيت أربعة اجتمعوا في مصر مثل هؤلاء: أيوب، ويونس، والتيميّ، وابن عون. وقال حمّاد بن زيد، عن ابن عون: وفدت عند الحسن، وابن سيرين، فكلاهما لم يزل قائمًا حتى فُرش لي. وقال هشام بن
حسّان: حدّثني من لم تر عيناي مثله، وأشار إلى ابن عون. وكذا قال عثمان البتّيّ. وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدًا ذُكر لي قبل أن أقدَم، ثم لقيته إلا وهو دون ما ذُكِر {لي، إلا ابن عون، وحيوة، وسفيان، فأما ابن عون، فودِدتُ أني لزمته حتى أموت، أو يموت. وقال ابن مهديّ: ما أحدٌ أعلم بالسنّة بالعراق من ابن عون. وقال قرّة: كنّا نتعجّب من وَرَع ابن سيرين فأنساناه ابن عون. وقال روح بن عبادة: ما رأيت أعبد منه. وقال النضر بن شميل، عن شُعبة: لأن أسمع من ابن عون حديثًا، يقول فيه: أظنّ أني سمعته، أحبّ إليّ من أن أسمع من ثقة غيره يقول: قد سمعت. وقال ابن سعد: كان ثقة، وكان عثمانيًّا، وكان كثير الحديث ورِعًا. وقال الأنصاريّ: كان ابن عون لا يُسلّم على القدريّة، وكان يصوم يومًا، ويُفطر يومًا إلى أن مات، وتزوّج امرأة عربيّة، فضربه بلال بن أبي بُردة. وقال ابن حبّان في "الثقات": كان من سادات أهل زمانه عبادةً، وفضلًا، وورَعًا، ونسكًا، وصلابةً في السنّة، وشدّةً على أهل البدع.
وفي "التقريب": ثقة ثبتٌ، فاضلٌ، من أقران أيوب في العلم، والعمل، والسنّ من الساسة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا جعله في "التقريب" من الطبقة السادسة، والحقّ أنه من الخامسة؛ لأنه رأى أنس بن مالك رضي الله عنه، فهو مثل أيوب، والأعمش، ومما يؤيّد ذلك جَعْلُهُ له مثلَ أيوب في السنّ. فتبصّر. والله تعالى أعلم.
وكان مولده سنة (66)، ومات سنة (151) قيل في رجب. وقيل:(150) وقيل: (152) والأول أصحّ (1). روى له الجماعة، (2) له عند مسلم في هذا الكتاب تسع وثلاثون حديثًا. والله تعالى أعلم.
(2)
- (أيوب) بن أبي تميمة كيسان السَّخْتيانيّ -بفتح المهملة، أو كسرها، بعدها معجمة ساكنة، ثم مثنّاة فوقيّة مكسورة، ثم تحتانيّة، وآخره نون- مولى عَنَزة، ويقال: مولى جُهينة، أبو بكر البصريّ الفقيه، أحد الأعلام. رأى أنس بن مالك رضي الله عنه، وروى عن عمرو بن سَلِمَة الجرميّ، وأبي رجاء العُطارديّ، وأبي عثمان النهديّ، والحسن، وعطاء، وأبي قلابة، وخلق كثير. وروى عنه ابن سيرين من شيوخه، وشعبة، والسفيانان، والحمّادان، وعبد الوارث، وابن علية، وخلائق.
قال ابن المديني: له نحو ثمانمائة حديث، وأما ابن علية، فكان يقول: حديثه ألفا حديث، فما أقل ما ذهب علي منها. وقال الجعد أبو عثمان: سمعت الحسن
(1) هكذا صحح في "تهذيب التهذيب"، والذي صححه في "التقريب" هو (150).
(2)
"تهذيب التهذيب" 2/ 398 - 399. و"التقريب" ص 184، و"الخلاصة" ص 209.
يقول: أيوب سيد شباب أهل البصرة. وقال أبو الوليد، عن شعبة: حدّثني أيوب، وكان سيد الفقهاء، وقال حماد بن زيد: كان أيوب عندي أفضل من جالسته، وأشده اتباعًا للسنّة. وقال الحميدي، عن ابن عيينة: ما لقيت مثل أيوب. وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا في الحديث، جامعًا كثير العلم، حجة، عدلًا. وقال النسائي: ثقة ثبت. وروي أن شعبة سأله عن حديث، فقال: أشك فيه، فقال له: شكك أحبّ إليّ من يقين غيرك. وقال مالك: كان من العالمين العاملين الخاشعين. وقال أيضًا: كتبت عنه لِما رأيت من إجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال أيضًا: كان من عبّاد الناس، وخيارهم، وقال هشام بن عروة: ما رأيت بالبصرة مثله. وعن ابن مهديّ: أيوب حجة أهل البصرة. وقال نافع: اشتَرَى لي هذا الطيلسان خير مشرقي رأيته، أيوب. وقال الدارقطنيّ: أيوب من الحفاظ الأثبات.
وفي "التقريب": ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد من الخامسة.
وقال ابن علية: وُلد أيوب سنة (66). وقال غيره: سنة (68). وقال البخاريّ، عن ابن المدينيّ: مات سنة (131) زاد غيره: وهو ابن (63) سنة، وقيل: غير ذلك في موته.
روى له الجماعة، وله عند مسلم في هذا الكتاب (186) حديثًا (1).
(3)
- (عوف بن أبي جَمِيلة) العبديّ، أبو سهل الهجريّ البصريّ، المعروف بالأعرابي. واسم أبي جميلة: بندويه، ويقال: بل بندويه اسم أمه، واسم أبيه رزينة. قال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ثقة صالح الحديث. وعن ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق صالح. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال الوليد بن عتبة، عن مروان بن معاوية: كان يُسمى الصدوق. وحكى العقيلي، عن ابن المبارك، قال: والله ما رضي عوف ببدعة واحدة حتى كانت فيه بدعتان: قدري شيعي. وقال الأنصاري: رأيت داود ابن أبي هند يضرب عوفًا، ويقول: ويلك يا قدري. وقال في "الميزان": قال بندار، وهو يقرأ لهم حديث عوف: لقد كان قدريا، رافضيا، شيطانا. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، قال: وقال بعضهم: يرفع أمره، إنه ليجيء عن الحسن بشيء ما يجيء به أحد. قال: وكان يتشيع، ومات سنة (146) وقال أبو داود: مات سنة (147) وقال أبو عاصم: دخلنا عليه سنة ستّ فقلنا: كم أتى لك؟ قال: (86) سنة وقال ابن حبّان: كان مولده سنة (59). وفي "التقريب": ثقة رمي بالقدر من السادسة.
(1)"تهذيب التهذيب" 1/ 200 - 201 و"تقريب التهذيب" ص 41. و"الخلاصة" ص 42 - 43.
روى له الجماعة، وله عند مسلم حديث واحد، حديث عمران بن حصين الطويل في قضاء الصلاة الفائتة، رقم 682 "ما منعك أن تصلي معنا؟ قال: يا نبيّ الله أصابتني جنابة
…
" الحديث (1).
(4)
- (أشعث) بن عبد الملك الحُمْرانيّ، مولى حُمْران، أبو هانئ البصريّ. روى عن الحسن البصريّ، ومحمد بن سيرين، وخالد الحذّاء، وعاصم الأحول، وغيرهم. وعنه شعبة، وهُشيمٌ، وخالد بن الحارث، وغيرهم. وثّقه بُندار، وابن معين، والنسائيّ، والبزّار. وقال أبو زرعة: صالحٌ. وقال أبو حاتم: لا بأس به، وهو أوثق من الحدّانيّ، وأصلح من ابن سوّار. وقال ابن المدينيّ، عن يحيى القطّان: هو عندي ثقة مأمون. وقال ابن معين، عنه: لم أُدرك أحدًا من أصحابنا أثبت عندي منه، ولا أدركت أحدًا من أصحاب ابن سيرين بعد ابن عون أثبت منه. وقال أيضًا: لم ألق أحدًا يُحدّث عن الحسن أثبت منه. وقال أيضًا: هو أحبّ إلينا من أشعث بن سوّار. وقال البخاريّ: كان يحيى بن سعيد، وبشر بن المفضّل يُثبّتون الأشعث الحمرانيّ. وعن أحمد بن حنبل، قال: هو أحمد في الحديث من أشعث بن سوّار، روى عنه شعبة، وما كان أرضى يحيى بن سعيد عنه، كان عالمًا بمسائل الحسن. وقال ابن حبّان في "الثقات": كان فقيهًا متقنًا. وقال ابن عديّ أحاديثه عامّتها مستقيمة، وهو ممن يُكتب حديثه، ويُحتجّ به، وهو في جملة أهل الصدق، وهو خيرٌ من أشعث بن سوّار بكثير. قال الفلّاس: مات سنة (142) وقال ابن سعد، وغيره: سنة (46).
وقال في "التقريب": ثقة فقيهٌ من السادسة.
علّق عنه البخاريّ، وروى له الأربعة، وليس له عند المصنّف شيء من الروايات، إلا أنه ذكره في المقدّمة هنا.
(5)
- (الحسن) بن أبي الحسن يسار البصريّ، أبو سعيد، مولى الأنصار، وأمّه خيرةُ مولاة أم سلمة. قال ابن سعد: وُلد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، ونشأ بوادي القرى، وكان فَصيحًا. رأى عليًّا، وطلحة، وعائشة رضي الله عنها، وكتب للربيع بن زياد والي خُرَاسان في عهد معاوية رضي الله عنه.
روى عن عثمان، وعليّ، وأبي موسى، وأبي بكرة، وعمران بن حُصين، وجندب البجليّ، وابن عمر، وابن عبّاس، وابن عمرو بن العاص، ومعاوية، ومعقل بن يسار، وأنس، وجابر، وخلق كثير من الصحابة والتابعين.
(1)"تهذيب التهذيب" 3/ 336 - 337. و"التقريب" ص 267. و"الخلاصة" ص 298.
وروى عنه حميدٌ الطويل، وبُريد بن أبي مريم، وأيوب، وقتادة، وعوف الأعرابيّ، وبكر بن عبد الله الْمُزنيّ، وخلق كثير.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: سلوا الحسن، فإنه حفِظ، ونسينا. وقال سليمان التيميّ: الحسن شيخ أهل البصرة. وقال مطرٌ الورّاق: كان جابر بن زيد رجل أهل البصرة، فلما ظهر الحسن جاء رجل كأنما كان في الآخرة فهو يُخبر عمّا رأى وعاين. وقال محمد ابن فُضيل، عن عاصم الأحول: قلت للشعبيّ لك حاجة؟ قال: نعم، إذا أتيت البصرة، فأقرِىءِ الحسن منّي السلام، قلت: ما أعرفه، قال: إذا دخلت البصرة، فانظر إلى أجمل رجل تراه في عينيك، وأهيبه في صدرك، فأقرئه منّي السلام، قال: فما عدا أن دخل المسجد، فرأى الحسن، والناس حوله جلوسٌ فسلّم عليه. وقال أبو عوانة، عن قتادة: ما جالست فقيهًا قطّ إلا رأيت فضل الحسن عليه. وقال أيوب: ما رأت عيناي رجلًا قطّ كان أفقه من الحسن. وقال غالبٌ القطّان، عن بكر المزنيّ: من سرّه أن ينظر إلى أعلم عالم أدركناه في زمانه، فلينظر إلى الحسن فما أدركنا الذي هو أعلم منه. وقال يونس بن عُبيد: إن كان الرجل ليرى الحسن، لا يسمع كلامه، ولا يري عمله، فينتفع به. وقال حمّاد بن سلمة، عن يونس بن عُبيد، وحُميد الطويل: رأينا الفقهاء، فما رأينا أكمل مروءةً من الحسن. وقال الحجّاج بن أرطاة: سألت عطاء بن أبي رباح فقال لي: عليك بذاك -يعني الحسن- ذاك إمام ضخم، يُقتدى به. وقال أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس: اختلفتُ إلى الحسن عشر سنين أو ما شاء الله، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك. وقال الأعمش: ما زال الحسن يعي الحكمة، حتى نطق بها، وكان إذا ذُكر عند أبي جعفر -يعني الباقر- قال: ذاك الذي يُشبه كلامه كلام الأنبياء. وقال سليمان بن كثير، عن يونس بن عُبيد قال: ولّاه عليّ بن أرطاة قضاء البصرة -يعني الحسن- في أيام عمر بن عبد العزيز، ثم استعفي. وقال ابن حبّان في "الثقات": احتلم سنة (37)، وأدرك بعض صفّين، ورأى مائة وعشرين صحابيًا، وكان يُدلّس، وكان من أفصح أهل البصرة، وأجملهم، وأعبدهم، وأفقههم. وعن ابن عون قال: سمعت الحسن يقول: من كذّب بالقدر، فقد كفر. وقال أبو داود: لم يحُجّ الحسن إلا حجّتين، وكان من الشجعان. قال جعفر بن سليمان: كان المهلّب يقدّمه - يعني في الحرب-. وقال حماد بن زيد، عن هشام بن حسّان: كنا عند محمد -يعني ابن سيرين- عشيّة يوم الخميس، فدخل عليه رجلٌ بعد العصر، فقال: مات الحسن، قال: فترحّم عليه محمد، وتغيّر لونه، وأمسك عن الكلام. قال ابن عُليّة، والسّريّ بن يحيى: مات سنة (110) زاد ابن عليّة: في رجب. وقال ابنه عبد الله: هلك أبي، وهو ابن نحو من (88) سنة.
وقال في "التقريب": ثقة فقيه، فاضلٌ، مشهورٌ، وكان يُرسل، ويدلّس، قال البزّار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم، فيتجوّز، ويقول: حدّثنا، وخطبنا، -يعني قومه الذين حدّثوا، وخطبوا بالبصرة- وهو رأس أهل الطبقة الرابعة (1).
روى له الجماعة، وله عند مسلم في هذا الكتاب ستة وعشرون حديثًا. والله تعالى أعلم.
(6)
- (ابن سيرين) هو محمد بن سيرين الأنصاريّ مولاهم، أبو بكر بن أبي عمرة البصريّ، إمام وقته.
روى عن مولاه أنس بن مالك رضي الله عنه، وزيد بن ثابت، والحسن بن عليّ بن أبي طالب، وجندب بن عبد الله البجليّ، وغيرهم. وروى عنه الشعبيّ، وثابت، وخالد الحذّاء، وداود بن أبي هند، وابن عون، وقتادة، وأشعث بن عبد الملك الحمرانيّ، وغيرهم.
قال ابن عون: كان ابن سيرين يُحدّث بالحديث على حروفه. وقال هشام بن حسّان: حدّثني أصدق من أدركته من البشر، محمد بن سيرين. وقال أبو طالب، عن أحمد: من الثقات. وقال ابن معين: ثقة. وقال العجلي: بصريّ، تابعيّ، ثقة، وهو من أروى الناس عن شُريحٍ بن عُبيد، وإنما تأدّب بالكوفيين، أصحاب عبد الله. وقال ابن سعد: كان ثقة، مأمونًا، عاليًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا كثير العلم، وَرِعًا، وكان به صمم. وقال ابن المدينيّ: أصحاب أبي هريرة ستةٌ. ابن المسيّب، وأبو سلمة، والأعرج، وأبو صالح، وابن سيرين، وطاووس، وكان همام بن منّبه حديثه حديثهم إلا أحرفًا. وقال حماد بن زيد، عن عاصم الأحول: سمعت مُوَرِّقًا يقول: ما رأيت رجلًا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين. وقال أبو قلابة: اصرفوه حيث شئتم، فلَتَجِدُنَّه أشدّكم ورعًا، وأملككم لنفسه. وقال معتمر، عن ابن عون: كان من أرجى الناس لهذه الأمَّة، وأشدّهم أزراءً على نفسه. وقال معاذ بن معاذ، عن ابن عون: لم أر في الدنيا مثل ثلاثة: محمد بن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حَيْوةَ بالشام، ولم يكن في هؤلاء مثل محمّد. وقال حمّاد بن زيد، عن شُعيب بن الحبحاب: كان الشعبيّ يقول لنا: عليكم بذاك الأصمّ. وقال حمّاد، عن عثمان الْبَتّيّ: لم يكن بالبصرة أحدٌ أعلم بالقضاء منه.
وقال ابن سعد: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن السبب الذي حُبِس محمد
(1)"تهذيب التهذيب" 1/ 88 - 391. و"التقريب" ص 69.