الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسلم بعض كتبه، فيما ذكره بعضهم، ومحمد بن مخلد الدُّوريّ العطار، وأبو بكر محمد بن النضر بن سلمة بن الجارود الجارودي، وأبو حاتم مكي بن عبدان التميميّ، وأبو محمد نصر بن أحمد بن نصر الحافظ المعروف بنصرك، ويحيى بن محمد بن صاعد، والحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوريّ الإسفرايينيّ الحافظ الكبير. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة السادسة: في ثناء العلماء عليه
لقد أثنى على الإمام مسلم رحمهُ الله تعالى العلماء ثناء عاطرًا، قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: قرأت بخط أبي عمرو المستملي: أملى علينا إسحاق الكوسج سنة إحدى وخمسين، ومسلم ينتخب عليه، وأنا أستملي، فنظر إليه إسحاق، وقال: لن نَعْدَم الخير ما أبقاك الله للمسلمين. وقال أحمد بن سلمة: رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يقدمان مسلما في معرفة الصحيح على مشايِخ عصرهما، وسمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن راهويه ذكر مسلمًا، فقال بالفارسية كلامًا معناه: أيَّ رجل يكون هذا؟ . ثم قال أحمد بن سلمة: وعُقد لمسلم مجلس المذاكرة، فذُكر له حديث لم يعرفه، فانصرف إلى منزله، وأوقد السراج، وقال لمن في الدار: لا يدخل أحد منكم، فقيل له: أُهديت لنا سَلَّةُ تمر، فقال: قدّموها، فقدّموها إليه، فكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح، وقد فني التمر، ووجد الحديث. رواها أبو عبد الله الحاكم، ثم قال: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان مسلم ثقة من الحفاظ، كتبت عنه بالري، وسئل أبي عنه؟ فقال: صدوق. قال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشار يقول: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالريّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. قال أبو عمرو بن حمدان: سألت الحافظ ابن عقدة عن البخاري ومسلم، أيهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالما، ومسلم عالم، فكررت عليه مرارا، فقال: يا أبا عمرو قد يقع لمحمد الغلط في أهل الشام، وذلك أنه أخذ كتبهم، فنظر فيها، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه، يَتَوَهّم أنهما اثنان، وأما مسلم فقلما يقع له من الغلط في العلل؛ لأنه كتب المسانيد، ولم يكتب المقاطيع، ولا المراسيل.
قال الذهبيّ: عَنَى بالمقاطيع أقوال الصحابة والتابعين، في الفقه والتفسير.
وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ: إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب. وقال الحسين بن محمد الماسَرْجِسِيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلما يقول: صنّفت هذا
"المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. قال ابن منده: سمعت محمد بن يعقوب الأخرم يقول: ما معناه: قَلّما يفوت البخاري ومسلما مما ثبت من الحديث. قال الحاكم: سمعت أبا عبد الرحمن السُّلَمِيّ يقول: رأيت شيخا حسن الوجه والثياب، عليه رداء حسن، وعمامة قد أرخاها بين كتفيه، فقيل: هذا مسلم، فتقدم أصحاب السلطان، فقالوا: قد أمر أمير المؤمنين أن يكون مسلم بن الحجاج إمام المسلمين، فقدموه في الجامع، فكبر، وصلى بالناس.
وقال ابن أبي حاتم: كان ثقة من الحفاظ. وقال الخطيب البغداديّ: أحد الأئمة من حفاظ الحديث. وقال أبو حامد بن الشرقيّ. إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة: محمد بن يحيى، ومحمد بن إسماعيل، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومسلم بن الحجاِج، وإبراهيم بن أبي طالب. وقال الذهبيّ: الإمام الحافظ حجة الإسلام". وقال أيضًا: الإمام الكبير الحافظ المجوّد الحجة الصادق". وقال: أحد أركان الحديث. وقال: حافظ خراسان. وقال: حافظ نيسابور. وذكره ضمن الحفّاظ، وأعلام النبلاء، ومن يُعتمد قوله في الجرح والتعديل. وقال القاضي عياض في مقدمة شرحه: هو أحد أئمة المسلمين، وحفّاظ المحدثين، ومتقني المصنفين، أثنى عليه غير واحد من الأئمة المتقدّمين والمتأخّرين، وأجمعوا على إمامته وتقدّمه وصحة حديثه، وتمييزه، وثقته، وقبول كتابه. وقال ابن عساكر: الحافظ، صاحب الصحيح، الإمام المبرّز، والمصنّف المميّز، رحل، وجمع، وصنّف. وقال ابن عبد الهادي: الإمام الحافظ، حجة الإسلام. وقال الخليليّ: هو أشهر من أن تُذكر فضائله. وقال النوويّ: أحد أعلام أئمة هذا الشأن، وكبار المبرّزين فيه، وأهل الحفظ والإتقان، والرحالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف بالتقدّم فيه بلا خلاف عند أهل الْحذق والعرفان، والمرجوع إلى كتابه، والمعتمد عليه في كلّ الأزمان (1).
وهو أحد أمراء المؤمنين في الحديث، كما ارتضى ذلك ابن الملقّن، حيث قال: ومسلم بن الحجاج جدير بأن يُلقّب بذلك، وإن لم أرهم نصّوا عليه (2). وأما قول صاحب "هديّة المغيث في أمراء المؤمنين في الحديث":
وَكَادَ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّقَبِ
…
يُدْعَى كَمَا لِبَعْضِهِمْ وَمَا اجْتُبِي
(1)"شرح صحيح مسلم" 1/ 10.
(2)
"إضاءة البدرين في ترجمة الشيخين"(لوحة 3/ أ- ب).
فليس بِمُجْتَبَى، فمَنْ أحقّ بهذا اللقب، إذا لم يكن مسلم أحقّ به؟ ، إن هذا لشيء عُجَاب! ! ! .
وبالجملة فقد حاز قصب السبق في الفضائل والفواضل، واستغنى عن ثناء الأماثل، فكان كما قال قائلهم [من البسيط]:
عَلَا عَنِ الْمَدْحِ حَتَّى مَا يُزَانُ بِهِ
…
كَأَنَّمَا الْمَدْحُ مِنْ مِقْدَارِهِ يَضَعُ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.