الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أخبرنا به من طريق البخاري الشيخ المحدث الثقة، أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت الأنصاري الخزرجي رحمه الله، قراءةً عليه، في شهر رمضان، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بمصر، أنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعيدي النحوي، قراءةً عليه، وأنا أسمع، أخبرتنا الحرة الصالحة المجاورة، أم الكرام كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، بقراءتي عليها بمكة شرفها الله، سنة ست وخمسين وأربعمائة، أنا أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد الكشميهني الأديب، أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، أنا الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد ابن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، قراءةً عليه، وأنا أسمع غير مرة، ثنا يحيى ابن بكير، ثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال سمعت عميرا مولى ابن عباس، قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد صلى الله عليه وسلم.
هكذا أورده البخاري في "صحيحه"، فثبت اتصاله، وصح الاحتجاج به.
ووقع في هذا الحديث وَهَمٌ في "صحيح مسلم"، وهو قوله: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار، وصوابه: عبد الله بن يسار، كما أوردناه من "صحيح البخاري" آنفًا، وكذلك هو في كتابي أبي داود، والنسائي أيضًا، عبد الله بن يسار على الصواب، وهو أخو عطاء، وسليمان، وعبد الملك بن يسار، مولى ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبو جهيم هذا اسمه: عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري، قاله أبو مسعود الدمشقي، وخلف بن محمد الواسطي الحافظان، ولم يسمه الكلاباذي، ولا أبو عمر بن عبد البر، وذكر الحافظ أبو الفضل المقدسي وغيره، أنه يقال له: أبو جهم أيضًا. والله عز وجل أعلم.
الحديث الثاني:
قال مسلم رحمه الله في "كتاب الصلاة" في إحدى الروايات عنه: حدثنا صاحب لنا، ثنا إسماعيل بن زكرياء، عن الأعمش، وعن مسعر، وعن مالك بن مِغْول، عن الحكم، بهذا الإسناد مثله. يعني مثل الحديث الذي قبله، وهو حديث الحكم بن عتيبة، قال: سمعت ابن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عُجْرة، فقال: ألا أُهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك
…
الحديث.
قلت: وهذا الحديث مما اتفق الأئمة الحفاظ على صحته وثبوته، وأخرجه البخاري (1)، ومسلم (2)، وأبو داود (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5)، وابن ماجه (6)، في كتبهم، من طرق ثابتة، عن الحكم بن عتيبة بإسناده المذكور متصلا.
وقول مسلم رحمه الله في بعض طرقه: حدثنا صاحب لنا، لا يسمى مقطوعا عند أكثر المحدثين؛ لأن المقطوع في اصطلاحهم ما لم يتصل سنده، وكان في رواته من دون التابعين من لم يسمعه ممن فوقه، كرواية مالك بن أنس، عن عبد الله بن عمر، ورواية الثوري عن جابر بن عبد الله، ونحو ذلك، وهو نوع من المرسل، إلا أنهم قصروا المرسل على التابعين، إذا أرسلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه الصحابي.
وقول أبي علي: إن ما تقدم ذكره يسمى مقطوعا، هو قول الحاكم أبي عبد الله بن الْبَيِّع النيسابوري، والذي عليه الأكثر من علماء الرواية، وأرباب النقل أن قول الراوي: حدثنا صاحب لنا، وحدثني غير واحد، وحدثني من سمع فلانا، وحُدثت عن فلان، ونحو ذلك معدود في المسند؛ لأنه لم ينقطع له سند، وإنما وقعت الجهالة في أحد رواته، كما لو سُمِّي ذلك الراوي، وجُهل حاله على أنه لم يقع كذلك في كتاب مسلم، إلا من طريق أبي العلاء بن ماهان، عن أبي بكر الأشقر، عن القلانسي، عن مسلم.
ووقع في روايتنا من طريق أبي أحمد الجلودي، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم مسمى، غير مبهم.
ونحن نورده من "صحيح مسلم" كما رويناه؛ ليتضح اتصاله:
أخبرنا به جماعة من شيوخنا، قراءةً عليهم، قالوا: أنا الشريف أبو المفاخر المأموني (7) قراءة عليه، ونحن نسمع، أنا الإمام أبو عبد الله الفراوي رحمهُ اللهُ تعالى وأخبرنا عاليا الشيخ أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي رحمه الله، إذنا وكتابة من نيسابور، أنا الإمام فقيه الحرم، أبو عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي، قراءة عليه، وأنا أسمع، أنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، أنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد، ثنا الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ثنا محمد بن مثنى،
(1)"المجتبى" 1/ 165 - 166.
(2)
"الصلاة" رقم 406.
(3)
"الصلاة" رقم 976 و 977.
(4)
"الصلاة"483.
(5)
"المجتبى" 3/ 48.
(6)
"الصلاة" رقم 904.
(7)
وفي نسخة الشيخ مشهور حسن: "المأموليّ" باللام بدل النون.