الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وعلى جميع الأنبياء والمرسلين"، فيقال: إذا ذُكِر الأنبياء لا يبقى لذكر المرسلين وجهٌ؛ لدخولهم في الأنبياء، فإن الرسول نبيّ وزيادة.
قال: وهذا الإنكار ضعيف، ويُجاب عنه بجوابين:
(الأول): أن هذا سائغ، وهو أن يُذكَر العامّ، ثمّ الخاصّ؛ تنويهًا بشأنه، وتعظيمًا لأمره، وتفخيمًا لحاله، وقد جاء في القرآن العزيز آيات كريمات كثيرات، من هذا، مثل قوله تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} الآية [البقرة: 98]. وقولِه تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} الآية [الأحزاب: 7]، وغير ذلك من الآيات الكريمات.
وقد جاء أيضًا عكس هذا، وهو ذكر العامّ بعد الخاصّ، قال الله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية [نوح: 28].
فإن ادّعى متكلّفٌ أنه عَنَى بالمؤمنين غيرَ من ذكره، فلا يُلتَفَت إليه.
(والجواب الثاني): أن قولة "والمرسلين" أعمّ من جهة أخرى، وهو أنه يتناول جميع رسل الله عليهم الصلاة والسلام من الآدميين، والملائكة، قال الله تعالى:{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} الآية [الحج: 75]. ولا يُسمّى الملك نبيًّا، فحصل بقوله:"والمرسلين" فائدةٌ لم تكن حاصلة بقوله: "الأنبياء". انتهى كلام النوويّ بتصرف يسير (1).
وقال السنوسيّ رحمه الله تعالى: ما حاصله: عَطفُ "المرسلين" على "النبيّين" من عطف الخاصّ على العامّ للتشريف لهم. ويحتمل أن يكون لإدخال المرسلين من الملائكة، كجبريل، وميكائيل عليهما السلام، فإن الملك يقال فيه رسول، ولا يقال فيه نبيّ؛ بناءً على أن بين النبيّ والرسول عمومًا وخصوصًا من وجه. انتهى (2). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في ذكر بعض الأحاديث الواردة في فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
-:
(فمنها): حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلّى عليّ صلاةً
(1) شرح صحيح مسلم ج 1 ص 44.
(2)
شرح صحيح مسلم للسنوسيّ ج 1 ص 3.
واحدةً صلّى الله عليه بها عشرًا". رواه مسلم، وأبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وابن حبّان في "صحيحه".
(ومنها): حديث أنس رضي الله عنه: إِنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم يومًا يَعرفون البِشْرَ في وجهه، فقالوا: إنا نعرف الآن في وجهك البِشْر يا رسول الله، قال:"أجلْ، أتاني الآن آتٍ من ربّي، فأخبرني أنه لم يُصلّي عليّ أحدٌ من أمّتي، إلا ردّ الله عليه عشر أمثالها". رواه أحمد، والنسائيّ، وابن حبّان في "صحيحه".
(ومنها). حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاةً". رواه الترمذيّ، وصححه ابن حبّان.
(ومنها): حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"ما من أحدٍ يُسلّم عليّ، إلا ردّ الله عليّ روحي حتّى أردّ عليه السلام". حديث صحيح، رواه أحمد، وأبو داود.
(ومنها): حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إنّ لله في الأرض ملائكة سَيَّاحين، يبلّغوني من أمتي السلام". رواه أحمد، والنسائيّ، وصححه ابن حبّان.
(ومنها): حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ذهب ثلثا الليل قام، فقال:"يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه"، قال أُبيّ: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ ، فقال:"ما شئت"، قال: قلت: الربع؟ ، قال:"ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: النصف؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال:"إذًا تُكفَى هَمَّك، ويغفر لك ذنبك". رواه أحمد، والترمذيّ، واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم، وصححه.
ومعنى قوله: "أُكثرُ الصلاة، فكم أجعل لك من صلاتي؟ ". أي أُكثر الدعاء، فكم أجعل من دعائي صلاةً عليك.
(ومنها): حديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احْضُرُوا المنبرَ، فحضرنا، فلمّا ارتقى درجةً قال: "آمين"، فلمّا ارتقى الدرجة الثانية قال. "آمين"، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: "آمين"، فلما نزل، قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنّا نسمعه، قال: "إن جبريل عَرَضَ لي، فقال: بَعُدَ من أدرك رمضان، فلم يُغفر له، قلت: آمين، فلما ارتقيت الثانية قال: بعُد من ذُكرتَ عنده، فلم يُصلّ عليك، فقلت: