الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَيْنَ ذِي الرِّقَاقِ وَالتَّرْهِيبِ
…
فَقَدْ رَوَوْا مَا جَا عَنِ الْمَعِيبِ
نُقِلَ ذَا عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدِ
…
كَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ مُرْسِي السَّنَدِ
وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَنَجْلِ مَهْدِي
…
وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى (1) الْمَهْدِي
وَكُلُّ ذَا فِي غَيْرِ مَنْ يُتَّهَمُ
…
وَإِنْ يَكُنْ فَطْرْحُهُ مُحَتَّمُ
وَهَكَذَا صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدِ
…
كَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ الْمُسَدِّدِ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في الرواية عن المبتدعة:
اعلم: أنهم اختَلَفَوا قديمًا وحديثًا -كما قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى- في الرواية عن أهل الأهواء والبِدَعِ:
فمنعت طائفة من الرواية عنهم، ذُكر ذلك عن ابن سيرين، ومالك، وابن عيينة، والحميديّ، ويونس بن أبي إسحاق، وعلي بن حرب، وغيرهم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن زائدة، عن هشام، عن الحسن قال: لا تسمعوا من أهل الأهواء.
ورخّصَتْ طائفة في الرواية عنهم إذا لم يُتَّهموا بالكذب، نُقل ذلك عن أبي حنيفة، والشافعيّ، ويحيى بن سعيد، وابن المدينيّ. وقال ابن المدينيّ: لو تركت أهل البصرة للقدر، وتركت أهل الكوفة للتشيّع، لخَرِبت الكتب.
وفرقت طائفة بين الداعية وغيره، فمنعوا الرواية عن الداعية إلى البدعة، دون غيره، منهم ابن المبارك، وابن مهديّ، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وروي أيضًا عن مالك.
وللمانعين ثلاثة مآخذ:
[الأول]: تكفير أهل الأهواء، أو تفسيقهم، وفيه خلاف مشهور.
[الثاني]: الإهانة لهم، والهِجران، والعقوبة بترك الرواية عنهم، وإن لم نحكم بكفهم، أو فسقهم.
[الثالث]: أن الهوى والبدعة لا يُؤمَنُ معه الكذب، لا سيما إذا كانت الرواية مما تَعضِدُ هوى الراوي.
(1) هو ابن معين.
وروى المقرىء عن ابن لَهِيعة أنه سمع رجلًا من أهل البدع رجع عن بدعته، وجعل يقول: انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه، فإنا كنا إذا رأينا رأيًا جعلناه حديثًا. ورواه المعافى عن ابن لهيعة، عن الأسود حدثني المنذر بن الجهم، فذكره بمعناه. وقال عليّ بن حرب: من قدر أن لا يكتب إلا عن صاحب سنّة، فإنهم لا يكذبون، وكلّ صاحب هوى يكذب ولا يبالي.
وعلى هذا المأخذ فقد يُستثنى من اشتهر بالصدق والعلم كما قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصحّ حديثًا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطّان، وأبا حسّان الأعرج. وأما الرافضة فبالعكس. قال يزيد بن هارون: لا يُكتب من الرافضة، فإنهم يكذبون. أخرجه ابن أبي حاتم.
ومن فرق بين من يغلو في هواه، ومن لا يغلو، كما ترك ابن خزيمة حديث عباد ابن يعقوب لغلوّه. وسُئل ابن الأخرم لم ترك البخاريّ حديث أبي الطفيل؟ قال: لأنه كان يُفرط في التشيّع.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي نُقل عن الأخرم كلام خطير؛ لأن أبا الطفيل صحابيّ، فلا يليق بمنصبه أن يقال هذا الكلام، وأيضًا فما تركه البخاريّ، بل أخرج له في "كتاب العلم" من "صحيحه" حديثه عن عليّ رضي الله عنه. "حدّثوا الناس بما يعرفون، أتُحبّون أن يكذّب الله ورسوله"، فليُتنبّه لمثل هذا الخطر الجسيم. والله تعالى أعلم.
قال: وقريبٌ من هذا من فرق بين البِدَع المغلّظة كالتجهّم والرفض، والخارجيّة، والقدَر، والبدع المخفّفة، ذات الشُّبَه، كالإرجاء. قال أحمد في رواية أبي داود: احتَمِلُوا من المرجئة الحديثَ، ويُكتب عن القدريّ إذا لم يكن داعية. وقال المروذيّ: كان أبو عبد الله يحدّث عن المرجىء إذا لم يكن داعيًا، ولم نقف له على نصّ في الجهميّ أنه يُروَى عنه إذا لم يكن داعيًا، بل كلامه فيه عامّ أنه لا يُروَى عنه.
فيخرج من هذا أن البِدَع الغليظة كالتجهّم يُردّ بها مطلقًا، والمتوسّطة كالقدر، إنما يُرد رواية الداعي إليها، والخفيفة كالإرجاء هل يُقبل معها الرواية مطلقًا، أو يُردّ عن الداعية على روايتين. انتهى كلام ابن رجب رحمه اللهُ تعالى.
وقال في "تدريب الراوي" ج: 1 ص: 324: ما ملخّصه: من كُفِّرَ ببدعته لم يحتج به بالاتفاق، ومثّلوا له بالْمُجَسِّمُ، ومنكر علم الجزئيات، قيل: وقائل خلق
القرآن، فقد نص عليه الشافعي، واختاره البلقيني، ومنع تأويل البيهقي له بكفران النعمة بأن الشافعي قال ذلك في حق حفص الفرد لَمّا أفتى بضرب عنقه، وهذا رادٌّ للتأويل.
ثم إن دعوى الاتفاق في عدم الاحتجاج ممنوعة، فقد قيل: إنه يقبل مطلقا، وقيل: يقبل إن اعتقد حرمة الكذب، وصححه صاحب "المحصول"، وقال الحافظ: التحقيق أنه لا يُرَد كل مُكَفَّر ببدعته؛ لأن كل طائفة تَدَّعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أُخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، والمعتمد أن الذي ترد ببدعته روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع، معلوما من الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه، وأما من لم يكن كذلك، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه، مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا التفصيل حسنٌ جدّا. والله تعالى أعلم.
وأما من لم يُكَفَّر فقيل: لا يحتج به مطلقا، ونسبه الخطيب لمالك؛ لأن في الرواية عنه ترويجا لأمره، وتنويها لذكره، ولأنه فاسق ببدعته، وإن كان متأولا يُردّ كالفاسق بلا تأويل، كما استوى الكافر المتأول وغيره. وقيل: يحتج به إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه، أو لأهل مذهبه، سواء كان داعية أم لا، ولا يُقبل إن استحل ذلك. وحكى هذا القول عن الشافعي، حكاه عنه الخطيب في "الكفاية"؛ لأنه قال أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، قال: وحُكِي هذا أيضا عن ابن أبي ليلى، والثوري، والقاضي أبي يوسف. وقيل: يُحتج به إن لم يكن داعية إلى بدعته، ولا يحتج به إن كان داعيةً إليها؛ لأن تزيين بدعته قد تحمله على تحريف الروايات، وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، وهذا القول هو الأظهر الأعدل، وقول الكثير، أو الأكثر من العلماء، وضُعِّفَ القول الأول باحتجاج صاحبي "الصحيحين" وغيرهما بكثير من المبتدعة غير الدعاة، كعمران بن حطان (1)، وداود بن الحصين، قال الحاكم: وكتاب مسلم ملآن من الشيعة. وقد ادعى ابن حبان الاتفاق على رد الداعية (2)، وقبول غيره بلا تفصيل.
(1) تمثيله لغير الداعية بعمران بن حطّان فيه نظر لا يخفى؛ لأنه كان داعية إلى الخوارج، فتنبّه.
(2)
قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى: اعتُرِض عليه بأن الشيخين أيضا احتجا بالدعاة، فاحتَجَّ البخاري بعمران بن حِطّان، وهو من الدعاة، واحتجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الْحِمّاني، وكان داعية إلى الإرجاء. وأجاب بأن أبا داود قال: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج، قال: ولم يحتج مسلم بعبد الحميد، بل أخرج له في المقدمة، وقد وثقه ابن معين. قاله في "التدريب" 1/ 326.
وقال السيوطيّ رحمه اللهُ تعالى: الصواب أنه لا يُقبل رواية الرافضة، وسابّ السلف، كما ذكره النوويّ في "الروضة"؛ لأن سباب المسلم فسوق، فالصحابة والسلف من باب أولى، وقد صرح بذلك الذهبي في "الميزان" فقال: البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلوّ التشيّع، أو كالتشيّع ولا تحرّق، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع، والصدق، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة، وهذه مفسدة بيّنة. ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم، ولا كرامة، وأيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا، ولا مأمونا، بل الكذب شعارهم، والتَّقِيّة والنفاق دثارهم، فكيف يُقبل من هذا حاله؟ حاشا وكلّا، فالشيعيّ الغالي في زمان السلف وعرفهم، هو من يتكلّم في عثمان، والزبير، وطلحة، وطائفة ممن حارب عليّا رضي الله عنه، وتعرّض لسبّهم، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي كفّر هؤلاء السادة، وتبرّأ من الشيخين أيضًا، فهذا ضالّ مفترٍ. انتهى.
قال السيوطيّ: وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا يحل لمسلم أن يعتقد خلافه.
وقال في موضع آخر: اختلف الناس في الاحتجاج برواية الرافضة على ثلاثة أقوال: [أحدها]: المنع مطلقا. [والثاني]: الترخيص مطلقا، إلا فيمن يكذب ويضع. [والثالث]: التفصيل، فتُقبل رواية الرافضيّ الصدوق العارف بما يُحدث، وتردّ رواية الرافضيّ الداعية، ولو كان صدوقًا. قال أشهب سُئل مالك عن الرافضة؟ فقال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون. وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: لم أر أشهد بالزور من الرافضة. وقال مؤمّل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية، إلا الرافضة، فإنهم يكذبون. وقال محمد بن سعيد الأصبهانيّ: سمعت شريكًا يقول: أَحمِل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتّخذونه دينًا. انتهى كلام الذهبيّ رحمه اللهُ تعالى (1).
وقال الحافظ رحمه اللهُ تعالى في "لسان الميزان" ج: 1 ص: 10 بعد أن ذكر كلام الذهبي المتقدّم: ما ملخّصه: فالمنع من قبول رواية المبتدعة الذين لم يكفروا ببدعتهم، كالرافضة والخوارج، ونحوهم ذهب إليه مالك وأصحابه، والقاضي أبو بكر الباقلاني وأتباعه، والقبول مطلقا إلا فيمن يُكَفَّر ببدعته، وإلا فيمن يستحل الكذب ذهب إليه أبو حنيفة، وأبو يوسف وطائفة، وروي عن الشافعي أيضا، وأما التفصيل فهو الذي عليه
(1)"ميزان الاعتدال" 1/ 118 - 119 و 146.
أكثر أهل الحديث، بل نقل فيه ابن حبان إجماعهم.
ووجه ذلك أن المبتدع إذا كان داعية، كان عنده باعث على رواية ما يُشَيِّد به بدعته، وقد حكى القاضي عبد الله بن عيسى بن لهيعة عن شيخ من الخوراج أنه سمعه يقول بعدما تاب: إن هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صَيَّرناه حديثا، حدث بها عبد الرحمن بن مهدي الإمامُ عن ابن لهيعة، فهي من قديم حديثه الصحيح.
قال: وهذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالمراسيل، إذ بدعة الخوارج كانت في صدر الإسلام، والصحابة متوافرون، ثم في عصر التابعين، فمَنْ بَعْدَهم، وهؤلاء كانوا إذا استحسنوا أمرا جعلوه حديثا وأشاعوه، فربما سمعه الرجل السني فحدث به، ولم يذكر من حدث به تحسينا للظن به، فيَحْمِله عنه غيره، ويجيء الذي يحتج بالمقاطيع فيحتج به، ويكون أصله ما ذكرتُ، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وينبغي أن يُقَيَّد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا، ولم يكن داعية، بشرط أن لا يكون الحديث الذي يُحَدِّث به مما يَعضِد بدعته، ويُشَيِّدها، فإنا لا نَأْمَن حينئذ عليه غلبة الهوى، فقد نَصّ على هذا القيد في هذه المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي، فقال في مقدمة كتابه في الجرح والتعديل: ومنهم زائغ عن الحق، صدوق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه، لكنه مخذول في بدعته، مأمون في روايته، فهؤلاء ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يُعرَف، إلا ما يُقَوِّي به بدعتهم، فيتهم بذلك. وقال حماد بن سلمة: حدثني شيخ لهم -يعني الرافضة- قال: كنا إذا اجتمعنا، فاستحسنّا شيئا جعلناه حديثا. وقال مسيح بن الجهم الأسلمي التابعي: كان رجل منا في الأهواء مدة، ثم صار إلى الجماعة، وقال لنا: أنشدكم الله أن تسمعوا من أحد من أصحاب الأهواء، فإنا والله كنا نروي لكم الباطل، ونحتسب الخير في إضلالكم. وقال زهير بن معاوية: حدثنا محرز أبو رجاء، وكان يرى القدر، فتاب منه، فقال: لا ترووا عن أحد من أهل القدر شيئا، فوالله لقد كنا نضع الأحاديث، نُدخِل بها الناسَ في القدر، نحتسب بها، فالحكم لله. انتهى كلام الحافظ رحمه اللهُ تعالى (1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخّص مما سبق أن المذهب الراجح في الرواية عن المبتدعة هو ما عليه أكثر أهل الحديث، بل نقل الإمام ابن حبّان رحمه الله إجماعهم فيه.
(1)"لسان الميزان" 1/ 103 - 104.
وحاصله أنه تقبل رواية المبتدعة ما لم يكن داعية إلى بدعته، إلا إذا روى ما يُقوّي بدعته، وهذا تفصيل حسنٌ جدّا. والله تعالى أعلم بالصواب.
وإلى ما سبق ذكره أشار الحافظ السيوطيّ رحمه اللهُ تعالى في "ألفية الحديث" حيث قال:
وَكَافِرٌ بِبِدْعَةٍ لَنْ يُقْبَلَا
…
ثَالِثُهَا إِنْ كَذِبًا قَدْ حَلَّلَا
وَغَيْرُهُ يُرَدُّ مِنْهُ الرَّافِضِي
…
وَمَنْ دَعَا وَمَنْ سِوَاهُمْ نَرْتَضِي
قَبُولَهُمْ لَا إِنْ رَوَوْا وِفَاقَا
…
لِرَأْيِهِمْ أَبْدَى أَبُو إِسْحَاتقَا
وقلت في "شافية الغلل":
ثُمَّ اعْلَمَنَّ بِالْخِلَافِ الْقَائِمِ
…
بَيْنَ ذَوِي الْعِلْمِ أُولِي الْمَكَارِمِ
فِي الأَخْذِ عَنْ أَهْلِ الْهَوَى وَالْبِدَعِ
…
فَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ فَلْتَدَعِ
فَمِنْهُمُ الْحَسَنُ وَالْحُمَيْدِي
…
وَابْنُ عُيَيْنَةَ الإِمَامُ الْمَهْدِي
كَذَا عَلِيٌّ ابْنُ حَرْبٍ مَالِكُ
…
وَيُونُسٌ (1) وَغَيْرُهُمْ يَا سَالِكُ
مَأْخَذُ هَؤُلَاءِ كُفْرُ ذِيَ الْهَوَى
…
أَوْ فِسْقُهُ كَمَا خِلَافًا قَدْ حَوَى
أَوِ الإِهَانَةُ لَهُ أَوْ كَوْنُهُ
…
لِرِقِّةِ الدِّينِ يَجِيكَ مَيْنُهُ
وَمِنْ هُنَا اسْتُثْنِيَ مَنْ كَانَ اتَّصَفْ
…
بِالصِّدْقِ وَالْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ انْحَرَفْ
مِثْلَ الْخَوَارِجِ خِلَافَ الرَّافِضَهْ
…
كَذَبَةٌ ذَوُو خِصَالٍ دَاحِضَهْ
وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ إِنْ لم تَكُنْ
…
تُهَمَةٌ بِكِذِبٍ فَخُذْ يَهُنْ
فَمِنْهُمُ أَبُو حَنِيفَةَ ذُكِرْ
…
وَالشَّافِعِيُّ وَكَذَا يَحْيَى أُثِرْ
وَابْنُ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ لَوْ تُرِكْ
…
لِلْقَدَرِ الْبَصْرَةُ بِئْسَمَا سُلِكْ
كَذَلِكَ الْكُوفَةُ للتَّشَيُّعِ
…
لَضَاعَتِ الأَخْبَارُ فَافْهَمْ وَاتَّبَعِ
وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ فَتَركَتْ
…
الْغَالِي الْهَوَى وَغَيْرَهُ حَوَتْ
وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبِدَعِ
…
إِنْ خَفَّ كَالإِرْجَاءِ خُذْ وَاتَّبِعِ
أَوْ لَا فَلَا كَالرَّفْضِ وَالتَّجَهُّمِ
…
وَالْقَدْرِ وَالْخُرُوجِ بِالتَّهَجُّمِ
وَرَاجِحُ الأَقْوَالِ فِي الْمُبْتَدِعِ
…
إِنْ كَانَ قَدْ كُفِّرَ بِالْمُبْتَدَعِ
يُرَدُّ أَوْ لَا اقْبَلْ سِوَى الدَّاعِيَةِ
…
إِنْ لم يَكُنْ مُثَبَّتَ الرِّوَايَةِ
بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا رَوَاهُ
…
مُجَانِبًا لَمَا لَهُ يَهْوَاهُ
[تنبيه]: قال الحافظ السيوطيّ رحمه اللهُ تعالى: مِنَ الْمُلْحَق بالْمُبتَدِع مَنْ دَأْبُهُ الاشتغالُ
(1) هو ابن أبي إسحاق السبيعيّ.