الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورَوَى عنه حبيب بن عبد الرحمن، وسعد بن إبراهيم، وعمر بن محمد بن زيد، والزهري، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد، وهما من أقرانه، وبنوه (1): عُمر، وعيسى، ورَباح.
قال النسائي: ثقة. وقال هبة الله الطبري: ثقة مجمع عليه. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال أبو زرعة، والعجلي: ثقة. وذكره مسلم في الطبقة الأولى من أهل المدينة.
وقال في "القريب": ثقة، من الثالثة.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب ثلاثة عشر حديثًا. والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف رحمهُ اللهُ تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة، إلا شيخه، فما أخرج له الترمذيّ، وابن ماجه. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير خبيب، وحفص، فمدنيّان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ) العمريّ المدنيّ، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) هكذا هذا الطريق مرسلٌ، ليس فيه ذكر أبي هريرة رضي الله عنه وهذا هو الصواب، وقد وقع في نسخة شرح القاضي عياض، والنوويّ، والنسخة التركيّة، ومختصر القرطبيّ متّصلًا بذكر أبي هريرة، وهو غلط (2).
قال المازريّ رحمهُ اللهُ تعالى: رواه شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" فأتى به مرسلًا، لم يذكر فيه أبا هريرة، هكذا رُوي من حديث معاذ بن معاذ، وغندر، وعبد الرحمن بن مهديّ، عن شعبة. وفي نسخة أبي العبّاس الرازيّ وحده في هذا الإسناد: عن شعبة، عن خبيب، عن حفص، عن أبي هريرة مسندًا، ولا يثبتُ هذا. وقد أسنده مسلم بعد هذا من طريق عليّ بن حفص المدائنيّ، عن شعبة. قال عليّ بن عمر الدارقطنيّ: والصواب مرسلٌ عن شعبة، كما
(1) قوله: "بنوه" بصيغة الجمع فيه نظر، فإن رباحًا لقب لابنه هو عيسى، كما صرح به المزّيّ في ترجمته، فالصواب:"وابناه" بالتثنية، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(2)
ومن الغريب أنه وقع في "تحفة الأشراف" 9/ 324 مرسلًا على الصواب، فألحق المحقّق لفظ:"عن أبي هريرة" بين قوسين، وإنما فعل ذلك اعتمادًا على ما وقع في بعض النسخ التي ألحقته، وهو غلط، فليُتنبّه. والله تعالى أعلم.
رواه معاذ، وغندرٌ، وابن مهديّ. انتهى كلام المازريّ (1).
وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمهُ اللهُ تعالى: في "المفهم". هكذا وقع عند كافّة رواة كتاب مسلم -يعني مرسلًا- ووقع عند أبي العبّاس الرازيّ وحده في هذا الإسناد "عن أبي هريرة"، فأسنده. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فتبيّن بهذا أن الأكثرين من رواة كتاب مسلم في هذا الطريق على الإرسال، وهو الصواب، وأما الوصل، ففي الرواية التالية، وبهذا تعلم أن ما ردّ به الألبانيّ على أبي داود رحمه الله تعالى قوله: إن علي بن حفص تفرد به، محتجّا برواية مسلم هذه مبنيّ على النسخ التي وقع فيها ذكر أبي هريرة غلطًا، وأما على نسخ الإرسال، وهي الصواب، فما قاله أبو داود هو الحقّ، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهّوَّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب.
(كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ تعالى: الباء زائدة هنا على المفعول، وفاعل "كفى""أن يُحدّث"، وقد تزاد هذه الباء على فاعل "كفى"، كقول الله تعالى:{وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79]. و "كذبًا"، و "شهيدًا" منصوبان على التمييز. انتهى (2).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: زيادة الباء في فاعل "كفى" هو الغالب، وأما زيادتها في مفعوله فقليل، كهذا الحديث، وكقول الشاعر:
فَكَفَى بِنَا فَضْلًا عَلَى مَنْ غَيْرُنَا
…
حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ إِيَّانَا (3).
قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ تعالى: معنى الحديث أن من حدّث بكل ما سمع حصل له الحظّ الكافي من الكذب، فإن الإنسان يسمع الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم، فإذا حدّث بكلّ ذلك حدّث بالسقيم وبالكذب، ثمّ يُحمَل عنه، فيكذب في نفسه، أو يُكذّب بسببه، ولهذا أشار مالك بقوله:"ليس يَسلَم رجلٌ حدّث بكلّ ما سمع، ولا يكون إمامًا أبدًا". أي إذا وُجد الكذب في روايته لم يُوثق بحديثه، وكان ذلك جرحًا فيه فلا يصلح ليقتدي به أحدٌ -ولو كان عالمًا- فلو بيّن الصحيح والسقيم، والصادق من الكذب، سلم من ذلك، وتَفَصَّى عن عهدة ما يَجب عليه من النصيحة الدينيّة. انتهى (4).
(1) انظر "إكمال المعلم" للقاضي عياض 1/ 114.
(2)
"المفهم" 1/ 117.
(3)
راجع "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" 1/ 106 - 109.
(4)
"المفهم" 1/ 117.