الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَالِثُهَا تَرْكُ كِلَيهِمَا وَلَا
…
تَمْحُ مِنَ الأَصْلِ عَلَى مَا انْتُخِلَا
بَلْ أَبْقِهِ مُضَبَّبًا وَبَيِّنِ
…
صَوَابَهُ فِي هَامِشٍ ثُمَّ إِنِ
تَقْرَأْهُ قَدِّمْ مُصْلَحًا فِي الأَوْلَى
…
وَالأَخْذُ مِنْ مَتْنٍ سِوَاهُ أَوْلَى
وَإِنْ يَكُ السَّاقِطُ لا يُغَيِّرُ
…
كَابْنٍ وَحْرْفٍ زِدْ وَلَا تَعَسَّرُ
كَذَاكَ مَا غَايَرَ حَيْثُ يُعْلَمُ
…
إِتيَانُهُ مِمَّنْ عَلَا وَأَلْزَمُوا
"يَعْنِي" وَمَا يَدْرُسُ فِي الْكِتَابِ
…
مِنْ غَيْرِهِ يُلْحَقُ فِي الصَّوَابِ
كَمَا إِذَا يَشُكُّ وَاْسْتَتَثْبَتَ مِنْ
…
مُعْتَمَدٍ وَفِيهِمَا نَدْبًا أَبِن
وَمْنْ عَلَيْهِ كَلِمَاتٌ تُشْكِلُ
…
يَرْوِي عَلَى مَا أَوْضَحُوا إِذْ يَسْأَلُ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة التاسعة: في بيان آداب من يروي بالمعنى، أو اشتبهت عليه لفظة في الحديث:
اعلم: أنه ينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقبه: "أو كما قال"، "أو نحوه"، "أو شبهه"، أو "ما أشبه هذا" من الألفاظ، وقد كان قوم من الصحابة يفعلون ذلك، وهم أعلم الناس بمعاني الكلام، خوفا من الزلل؛ لمعرفتهم بما في الرواية بالمعنى من الخطر، فقد روى أحمد، وابن ماجه، والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال يوما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، ثم قال:"أو مثله"، "أو نحوه"، "أو شبيه" به. وفي "مسند الدارمي"، و "الكفاية" للخطيب، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أو نحوه"، "أو شبهه". وروى أحمد، وابن ماجه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرغ قال:"أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وإذا اشتبهت على القارئ لفظةٌ، فحَسَنٌ أن يقول بعد قراءتها على الشك:"أو كما قال"؛ لتضمنه إجازة من الشيخ، وإذنا في رواية صوابها عنه إذا بان، وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى بقوله:
وَقُلْ أَخِيرًا "أَوْ كَمَا قَالَ" وَمَا
…
أَشْبَهَهُ كَالشَّكِّ فِيمَا أُبْهِمَا
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال المصنف رحمهُ اللهُ تعالى بالسند المتصل إليه أول الكتاب:
3 -
(وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ- عَنْ عَبْدِ الْعَزيز ابْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ").
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 -
(زهير بن حرب) بن شدّاد الْحَرَشيّ (1)، أبو خيثمة النسائيّ، نزيل بغداد، مولى بني الَحَرِيش بن كعب، وكان اسم جده أشتال، فَعُرِّب شدادا، الحافظ الثقة الثبت.
رَوَى عن عبد الله بن إدريس، وابن عيينة، وحفص بن غياث، وحميد بن عبد الرحمن الرواسي، وجرير بن عبد الحميد، وابن علية، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق، وعبدة بن سليمان، وغيرهم.
ورَوَى عنه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، ورَوَى له النسائي بواسطة أحمد بن علي بن سعيد المروزي، وابنُهُ أبو بكر بن أبي خيثمة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وغيرهم.
قال معاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة. وقال علي بن الجنيد عن ابن معين: يكفي قبيلةً. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بن شيبة: زهير أثبت من عبد الله بن أبي شيبة، وكان في عبد الله تهاون بالحديث، لم يكن يفصل هذه الأشياء -يعني الألفاظ-. وقال جعفر الفريابي: قلت لابن نميرة أيهما أحب إليك؟ فقال: أبو خيثمة، وجعل يُطريه، ويَضَع من أبي بكر. وقال الآجري: قلت لأبي داود: كان أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال: ما كان أحسن علمه. وقال النسائي: ثقة مأمون. وقال الحسين ابن فهم: ثقة ثبت. وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة، ثبتا، حافظا، متقنا. وقال أبو القاسم البغوي: كتبت عنه. وقال ابن قانع: كان ثقة ثبتا. وقال صاحب الزهرة: روى عنه مسلم ألف حديث ومائتي حديث وإحدى وثمانين حديثا (2). وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": سُئل أبي عنه؟ فقال: ثقة صدوق. وقال ابن وضاح: ثقة من الثقات، لقيته ببغداد. وقال ابن حبان في "الثقات": كان متقنا، ضابطا، من أقران أحمد، ويحيى بن معين.
قال محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره: مات سنة (234). وقال ابنه أبو بكر: وُلِد أبي سنة (160)، ومات ليلة الخميس لسبع خلون من شعبان، وهو ابن (74) سنة. وحكى الخطيب عن أبي غالب علي بن أحمد النصر: أنه توفي سنة (32) قال الخطيب: هذا وَهَمٌ، والصواب سنة (4). رواه الجماعة، وله في هذا الكتاب (749) حديثًا.
(1)"الحَرَشيّ" -بفتحتين، ومعجمة: نسبة إلى بني الْحَرِيش بن كعب. قاله في "لبّ اللباب" 1/ 242.
(2)
هذا مستغرب، فإن الذي في برنامج الحديث (صخر) أن مسلمًا روى له (749) حديثًا، وبين هذا العددين بون شاسع، وما في البرنامج هو الأقرب عندي، فليُحرّر. والله تعالى أعلم.
وجعله في "التقريب" من الطبقة العاشرة.
2 -
(إسماعيل ابن عليّة) هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم الأسديّ مولاهم، أبو بشر الأسديّ أسد خُزيمة، مولاهم البصريّ، كوفيّ الأصل، المعروف بابن عليّة، وهي أمه (1)، وكان يَكره النسبة إليه الحافظ الثقة الثبت.
رَوَى عن عبد العزيز بن صهيب، وسليمان التيمي، وحميد الطويل، وعاصم الأحول، وأيوب، وابن عون، وغيرهم.
ورَوَى عنه شعبة، وابن جريج، وهما من شيوخه، وبقية، وحماد بن زيد، وهما من أقرانه، وإبراهيم بن طهمان، وهو أكبر منه، وابن وهب، والشافعي، وأحمد، ويحيى، وعليّ، وإسحاق، والفلاس، وأبو معمر الهذلي، وأبو خيثمة، وابنا أبي شيبة، وعلي بن حجر، وابن نمير، وخلق، آخرهم أبو عمران موسى بن سهيل بن كثير الْوَشَّاءُ.
قال علي بن الجعد، عن شعبة: إسماعيل ابن علية ريحانة الفقهاء. وقال يونس ابن بكير عنه: ابن علية سيد المحدثين. وقال ابن مهدي: بن علية أثبت من هشيم. وقال القطان: ابن علية أثبت من وُهيب. وقال حماد بن سلمة: كنا نشبهه بيونس بن عبيد. وقال عفان: كنا عند حماد بن سلمة، فأخطأ في حديث، وكان لا يرجع إلى قول أحد، فقيل له: قد خولفت فيه، فقال: من؟ قالوا: حماد بن زيد، فلم يلتفت، فقال له إنسان: إن ابن علية يخالفك، فقام، فدخل، ثم خرج، فقال: القول ما قال إسماعيل. وقال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وقال أيضا: فاتني مالك، فأخلف الله علي سفيان، وفاتني حماد بن زيد، فأخلف الله علي إسماعيل ابن علية، وقال أيضا: كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي، ووهيب، وكان يَفرَق من إسماعيل ابن علية إذا خالفه. وقال غندر: نشأت في الحديث يوم نشأت، وليس أحد يقدم على إسماعيل ابن علية. وقال ابن مُحْرِز عن يحيى بن معين: كان ثقة مأمونا صدوقا مسلما ورعا تقيا. وقال قتيبة: كانوا يقولون: الحفاظ أربعة: إسماعيل ابن علية، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، ووهيب. وقال الهيثم بن خالد: اجتمع حفاظ أهل البصرة، فقال أهل الكوفة لأهل البصرة: نَحُّوا عنا إسماعيل، وهاتوا من شئتم. وقال زياد بن أيوب: ما رأيت لابن علية كتابا قط، وكان يقال: ابن علية يَعُدُّ الحروف. وقال أبو داود
(1) قال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى في "شرحه" 1/ 66: وهي عليّة بخط حسّان، مولاة لبني شيبان، وكانت امرأة نبيلة عاقلة، وكان صالح المرّيّ، وغيره من وجوه البصرة، وفقهائها يدخلون عليها، فتبرُزُ، فتحادثهم، وتُسائلهم. انتهى.
السجستاني: ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ، إلا إسماعيل ابن علية، وبشر بن المفضل. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال ابن سعيد: كان ثقة ثبتا في الحديث حجة، وقد ولي صدقات البصرة، وولي ببغداد المظالم في آخر خلافة هارون، وعلية أمه. وقال الخطيب: زعم علي بن حُجْر أن علية جدته، أم أمه. وكان يقول: من قال: ابن علية فقد اغتابني. وقال ابن المديني: ما أقول: إن أحدا أثبت في الحديث من ابن علية، وقال أيضا: بِتُّ عنده ليلة، فقرأ ثلث القرآن، ما رأيته ضحك قط. وقال أحمد ابن سعيد الدارمي: لا يعرف لابن علية غلط إلا في حديث جابر في المدبر، جعل اسم الغلام اسم المولى، واسم المولى اسم الغلام. وقال ابن وضاح: سألت أبا جعفر البستي عنه؟ فقال: بصري ثقة، وهو أحفظ من الثقفي. وحكى ابن شاهين في "الثقات" عن عثمان بن أبي شيبة: ابن علية أثبت من الحمادين، ولا أقدم عليه أحدا من البصريين، لا يحيى، ولا ابن مهدي، ولا بشر بن المفضل. وقال العيشي: ثنا الحمادان، أن ابن المبارك كان يتجر، ويقول: لولا خمسة ما اتجرت: السفيانان، وفضيل، وابن السماك، وابن علية، فيَصِلُهم، فَقَدِم سنة، فقيل له: قد ولي ابن علية القضاء، فلم يأته، ولم يَصِله، فركب ابن علية إليه، فلم يرفع به رأسًا، فانصرف، فلما كان من غد، كتب إليه رقعة، يقول: قد كنت منتظرا لبرك، وجئتك فلم تكلمني، فما رأيته مني؟ فقال ابن المبارك: يأبى هذا الرجل الا أن نَقْشِرَ له العصا، ثم كتب إليه:
يَا جَاعِلَ الْعِلْمِ لَهُ بَازِيَا
…
يَصْطَادُ أَمْوَالَ الْمَسَاكِينِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا
…
بِحِيلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّينِ
فَصِرْتَ مَجْنُونًا بِهَا بَعْدَ
…
مَا كُنْتَ دَوَاءً لِلْمَجَانِينِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيمَا مَضَى
…
عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيرِينِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَا
…
فِي تَرْكِ أَبْوَابِ السَّلَاطِينِ
إِنْ قُلْتَ أُكْرِهْتُ فَذَا بَاطِلُ
…
زَلَّ حِمَارُ الْعِلْمِ فِي الطِّينِ
فلما وقف على هذه الأبيات، قام من مجلس القضاء، فوطىء بساط الرشيد، وقال: اللهَ اللهَ ارحم شيبتي، فإني لا أصبر على القضاء، قال: لعل هذا المجنون أغراك، ثم أعفاه، فوجه إليه ابن المبارك بالصُّرَّة. وقيل: إن ابن المبارك إنما كتب إليه بهذه الأبيات لَمّا ولي صدقات البصرة، وهو الصحيح.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مات سنة (3) أو سنة (194)، وقاله في (4) أبو موسى العنزي في "تاريخه"، ونقله عنه البخاري في "تاريخه"، وخليفة، وابن أبي عاصم، وإسحاق القراب الحافظ، والكلاباذي، وغيرهم. وقال أحمد، وعمرو بن علي: وُلد سنة عشر ومائة، ومات سنة (93)، وكذا قال زياد بن أيوب، وغير واحد في
تاريخ وفاته، وقال يعقوب بن شيبة: إسماعيل ثبت جدا، توفي يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من ذي القعدة. روى له الجماعة، وله في هذا الكتاب (204) أحاديث.
وجعله في "التقريب" من الطبقة الثامنة.
3 -
(عبد العزيز بن صُهيب) البُنانيّ مولاهم البصريّ الأعمى.
رَوَى عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأبي نضرة العبدي، ومحمد بن زياد الجمحي، وشهر، وغيرهم. ورَوَى عنه إبراهيم بن طهمان، وشعبة، ووهيب، وعبد الوارث، وسعيد بن زيد، وإسماعيل ابن علية، وآخرون.
قال القطان عن شعبة: عبد العزيز أثبت من قتادة، وقال: هو أحب إلي منه. وقال أحمد: ثقة ثقة، وهو أوثق من يحيى بن أبي إسحاق، قال: وأخطأ فيه معمر، فقال: عبد العزيز مولى أنس، وإنما هو مَوْلىً لِبُنَانة. وقال ابن معين: ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة. وقال النسائي: والعجلي: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. قال بن نافع مات سنة ثلاثين ومائة. وكذا ذكر ابن حبان وفاته، وقال: أجاز إياس بن معاوية شهادته وحده. قال الحازمي: وأما عبد العزيز بن صهيب البناني، فليس منسوبا إلى القبيلة، وإنما قيل له: البناني؛ لأنه كان ينزل سكة بنانة بالبصرة. قاله أبو حاتم البستي. وذكر الخطيب في "الموضح" أن بعضهم قال فيه: عبد العزيز بن بنانة، ظن أنه من نفس القبيلة، فنسبه إلى الجد الأعلى. أخرج له الجماعة. وله في هذا الكتاب (33) حديثًا.
وجعله في "التقريب" من الطبقة الرابعة.
4 -
(أنس بن مالك رضي الله عنه) بن النضر بن ضَمْضَم بن زيد بن حَرَام بن جُندَب بن عامر بن غَنْم بن عديّ بن النجار الأنصاري، أبو حمزة، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزيل البصرة، رَوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعبد الله بن رواحة، وفاطمة الزهراء، وثابت بن قيس بن شَمّاس، وعبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، ومالك بن صعصعة، وأبي ذر، وأبي بن كعب، وأبي طلحة، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وعن أمه أم سليم، وخالته أم حرام، وأم الفضل امرأة العباس، وجماعة.
ورَوَى عنه الحسن، وسليمان التيمي، وأبو قلابة، وأبو مِجْلَز، وعبد العزيز بن صهيب، وإسحاق بن أبي طلحة، وأبو بكر بن عبد الله المزني، وقتادة، وثابت البناني، وحميد الطويل، وابن ابنه ثمامة، والجعد أبو عثمان، ومحمد بن سيرين، وأنس بن سيرين، وأبو أمامة بن سهل بن حُنيف، وإبراهيم بن ميسرة، وبُريد بن أبي مريم، وبيان ابن بشر، والزهري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسعيد ابن جبير، وسلمة بن وَرْدان، وخلائق من الآفاق.
قال الزهري، عن أنس: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنا ابن عشر سنين، وكنّ أُمّهاتي يَحْثُثْنني على خدمته (1) .. وقال جعفر بن سليمان الضُّبَعي عن ثابت، عن أنس، جاءت بي أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا غلام، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنيس ادع الله له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اللهم أكثر ماله وولده، وأدخله الجنة"(2)، قال فقد رأيت اثنتين، وأنا أرجو الثالثة. وقال عُمَر بن شَبَّة النميري: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة بن أنس، قال: قيل لأنس: أشهدت بدرا؟ ، قال: وأين أغيب عن بدر؟ ، لا أم لك. وقال ابن سعد: أنا الأنصاري، ثنا أبي، عن مولى لأنس بن مالك، أنه قال لأنس: شهدت بدرا؟ قال: لا أم لك، وأين أغيب عن بدر؟ هذا الإسناد أشبه، والمولى مجهول، ولم يذكر أنسا أحد من أصحاب المغازي في البدريين. وقال أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: شهدت مع سول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية، وعمرته، والحج، والفتح، وحنينا، والطائف. وقال علي بن الجعد، عن شعبة، عن ثابت: قال أبو هريرة: ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم، وقال جعفر، عن ثابت: كنت مع أنس، فجاء قهرمانه، فقال: يا أبا حمزة عطشت أرضنا، قال: فقام أنس: فتوضأ، وخرج إلى البرية، فصلى ركعتين، ثم دعا، فرأيت السحاب يلتئم، قال: ثم مَطَرَت، حتى ملأت كل شيء، فلما سكن المطر بعث أنس بعض أهله، فقال: انظر أين بلغت السماء، فنظر، فلم تَعْدُ أرضه إلا يسيرا، وذلك في الصيف. وقال الأنصاري: ثنا ابن عون، عن موسى بن أنس، أن أبا بكر لما استُخْلِف بَعَثَ إلى أنس ابن مالك رضي الله عنه ليوجهه إلى البحرين على السعاية، قال فدخل عليه عمر، فقال: إني أردت أن أبعث هذا إلى البحرين على السعاية، وهو فتى شاب، فقال ابعثه، فإنه لبيب كاتب، قال: فبعثه، وقال علي بن المديني: آخر من بقي بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس. وقال الأنصاري: مات وهو ابن مائة وسبع سنين. وقال وهب بن جرير، عن أبيه: مات أنس سنة (90)، وكذا قال شعيب بن الحبحاب. وقال همام عن قتادة: سنة (91)، وقال معن بن عيسى عن بعض ولد أنس: سنة (92)، وقال ابن علية، وأبو نعيم، وخليفة، وغيرهم: مات سنة (93)، وقال البخاري في "التاريخ الكبير": قال لي نصر بن علي: أنا نوح بن قيس، عن خالد بن قيس، عن قتادة: لَمّا مات أنس بن مالك رضي الله عنه، قال مورق: ذهب اليوم نصف العلم، قيل: كيف ذاك؟ قال: كان الرجل من أهل الأهواء إذا خالفنا في الحديث، قلنا: تعالَ إلى من سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) رواه مسلم (2029).
(2)
رواه بنحوه البخاريّ في "الأدب المفرد"(653).