المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(33) - الحديث العشرون: - قرة عين المحتاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأوّل في ترجمة الإمام مسلم رحَمه الله تعالى، وفيه مسائل:

- ‌(المسألة الأولى): في التعريف به، نسبًا، وولادة، ووفاةً، وسببها، ونشأةً، ومِهنةً، ورحلةً، وعقيدةً، ومذهبا:

- ‌نسبه:

- ‌ولادته:

- ‌وفاته، وسببها:

- ‌نشأته:

- ‌مهنته:

- ‌رحلاته:

- ‌عقيدته:

- ‌مذهبه في الفروع:

- ‌المسألة الثانية: في ذكر بعض شيوخه على ترتيب حروف المعجم

- ‌[حرف الهمزة]:

- ‌[حرف الباء الموحّدة]:

- ‌[حرف الجيم]:

- ‌[حرف الحاء المهملة]:

- ‌[حرف الخاء المعجمة]:

- ‌[حرف الدال المهملة]:

- ‌[حرف الراء]:

- ‌[حرف الزاي]:

- ‌[حرف السين المهملة]:

- ‌[حرف الشين المعجمة]:

- ‌[حرف الصاد المهملة]:

- ‌[حرف العين المهملة]:

- ‌[حرف الفاء]:

- ‌[حرف القاف]:

- ‌[حرف الميم]:

- ‌[حرف النون]:

- ‌[حرف الهاء]:

- ‌[حرف الواو]:

- ‌[حرف الياء]:

- ‌الْكُنَى

- ‌المسألة الثالثة: في ذكر المشايخ الذين ذُكر غلطًا أن مسلمًا رحمهُ الله تعالى رَوَى عنهم في "صحيحه"، وهم:

- ‌المسألة الرابعة: في ذكر بعض مشايخه الذين روى عنهم خارج "صحيحه"، فمنهم:

- ‌المسألة الخامسة: في ذكر بعض الرواة عنه على ترتيب حروف المعجم أيضًا:

- ‌المسألة السادسة: في ثناء العلماء عليه

- ‌الباب الثاني في الكلام على "صحيح مسلم"، وفيه مسائل

- ‌المسأله الأولى: في بيان حال الكتاب، وفضله

- ‌المسألة الثانية: في بيان شروط الإمام مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه

- ‌المسألة الثالثة: في بيان ما وقع في "صحيح مسلم" مما صورته صورة المنقطع:

- ‌المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في أن ما حكم الشيخان بصحّته، هل يفيد العلم، أو الظنّ

- ‌المسألة الخامسة: في الأحاديث المنتقدة على الشيخين:

- ‌المسألة السادسة: في ذكر ما امتاز به صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌المسألة السابعة: في تراجم الكتاب

- ‌المسألة الثامنة: في عدد أحاديث الكتاب

- ‌المسألة التاسعة: هل "صحيح مسلم" يُعدّ من "الجوامع، أم لا

- ‌المسألة العاشرة: في بيان الجواب عن انتقاد بعض الحفّاظ النُّقّاد على الإمام مسلم رحمهُ اللهُ تعالى فىِ روايته في "صحيحه" عن بعض من تُكُلّم فيهم

- ‌المسألة الحادية عشرة: في ذكر إلزامات الحافظ الدارقطني للشيخين رحمهم الله تعالى

- ‌المسألة الثانية عشرة: في ذكر المستخرجات على الكتابين

- ‌المسألة الثالثة عشرة: في ذكر المستدركات على "الصحيحين

- ‌المسألة الرابعة عشرة: في ذكر بعض الكتب التي اعتنت بالجمع بين "الصحيحين

- ‌المسألة الخامسة عشرة: في ذكر رُواة "صحيح مسلم

- ‌المسألة السادسة عشرة: في ذكر مولفات الإمام مسلم رحمهُ اللهُ تعالى، غير "صحيحه

- ‌المسألة السابعة عشرة: في ذكر عوالي الإمام مسلم على الإمام البخاري رحمهما الله تعالى، وهي أربعون حديثًا، انتقاها الحافظ ابن حجر رحمهُ اللهُ تعالى من "صحيح مسلم" أحببت إيرادها بنصّها حِفاظًا عليها، وإبقاءً لها:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌الحديث الرابع عشر:

- ‌الحديث الخامس عشر:

- ‌الحديث السادس عشر:

- ‌الحديث السابع عشر:

- ‌الحديث الثامن عشر:

- ‌الحديث التاسع عشر:

- ‌الحديث العشرون:

- ‌الحديث الحادي والعشرون:

- ‌الحديث الثاني والعشرون:

- ‌الحديث الثالث والعشرون:

- ‌الحديث الرابع والعشرون:

- ‌الحديث الخامس والعشرون:

- ‌الحديث السادس والعشرون:

- ‌الحديث السابع والعشرون:

- ‌الحديث الثامن والعشرون:

- ‌الحديث التاسع والعشرون:

- ‌الحديث الثلاثون:

- ‌الحديث الحادي والثلاثون:

- ‌الحديث الثاني والثلاثون:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون:

- ‌الحديث الرابع والثلاثون:

- ‌الحديث الخامس والثلاثون:

- ‌الحديث السادس والثلاثون:

- ‌الحديث السابع والثلاثون:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون:

- ‌الحديث الأربعون:

- ‌المسألة الثامنة عشرة: في ذكر رسالة الحافظ أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي المصري المالكيّ الشهير برَشِيد الدين العطّار (584 - 662 هـ) رحمهُ اللهُ تعالى (1) المسمّاة "غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌الحديث العاشر:

- ‌الحديث الحادي عشر:

- ‌الحديث الثاني عشر:

- ‌الحديث الثالث عشر:

- ‌(14) - الحديث الأول:

- ‌(15) - الحديث الثاني:

- ‌(16) - الحديث الثالث:

- ‌(17) - الحديث الرابع:

- ‌(18) - الحديث الخامس:

- ‌(19) - الحديث السادس:

- ‌(20) - الحديث السابع:

- ‌(21) - الحديث الثامن:

- ‌(22) - الحديث التاسع:

- ‌(23) - الحديث العاشر:

- ‌(24) - الحديث الحادي عشر:

- ‌(25) - الحديث الثاني عشر:

- ‌(26) - الحديث الثالث عشر:

- ‌(27) - الحديث الرابع عشر:

- ‌(28) - الحديث الخامس عشر:

- ‌(29) - الحديث السادس عشر:

- ‌(30) - الحديث السابع عشر:

- ‌(31) - الحديث الثامن عشر:

- ‌(32) - الحديث التاسع عشر:

- ‌(33) - الحديث العشرون:

- ‌المسألة التاسعة عشرة: أنه مما يجدر بي أن ألحق برسالة الحافظ الرشيد العطار رحمه الله تعالى مما كُتب على "صحيح مسلم" جزء كتبه الإمام الحافظ أبو الفضل بن عمّار الشهيد

- ‌المسألة العشرون: في ضبط جملة من الأسماء المتكررة في "صحيحي البخاري ومسلم" المشتبهة

- ‌المسألة الحادية والعشرون: وهي آخر المسائل في ذكر رسالتين مهمّتين

- ‌الرسالة الأولى:

- ‌الرسالة الثانية:

- ‌باب إبطال قول من زعم أن شرط البخاريّ إخراج الحديث عن عدلين، وهلمّ جَرّا إلى أن يتّصل الخبر بالنبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌خاتمة أختم بها المقدّمة -وأسأل الله تعالى حسنها

- ‌مسائل تتعلّق بـ"بالبسملة

- ‌المسألة الأولى: في الكلام على حديث البسملة الذي اشتهر الاحتجاج به على استحباب الابتداء بها

- ‌المسألة الثانية: في الكلام على البسملة:

- ‌المسألة الثالثة: في الكلام على باء البسملة

- ‌المسألة الرابعة: في الكلام على متعلّق الجارّ والمجرور، على القول بأصالة الباء، وهو المشهور، كما مرّ آنفًا

- ‌المسألة الخامسة: في الكلام على كتابة "بسم الله

- ‌المسألة السادسة: في الكلام على حركة باء الجرّ:

- ‌المسألة السابعة: في الكلام على تصريف "اسم

- ‌المسألة الثامنة: في الكلام على اشتقاق لفظة "اسم

- ‌المسألة التاسعة: في الكلام على إضافة "اسم" إلى الاسم الكريم

- ‌المسألة العاشرة: ذهب أبو عبيدة معمر بن المثّنّى إلى أن "اسم" صِلَة، واستشهد بقول لبيد [من الطويل]:

- ‌المسألة الحادية عشرة: في الكلام على لفظ الاسم الكريم

- ‌المسألة الثانية عشرة: في الكلام على "الرحمن الرحيم

- ‌(الْحَمْدُ لِلَّهِ)

- ‌مسائل تتعلّق بـ "الحمدُ لله

- ‌المسألة الثانية: قال العلاّمة القرطبيّ رحمه الله تعالى في "تفسيره

- ‌المسألة الثالثة: في اختلاف العلماء، هل الحمد والشكر بمعنًى واحد، أم لا

- ‌المسألة الرابعة: قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: اختَلفَ العلماءُ أيّما أفضل، قول العبد: "الحمد لله ربّ العالمين"، أو قول: "لا إله إلا الله

- ‌المسألة الخامسة: قد وردت في فضل الحمد أحاديث

- ‌(رَبِّ الْعَالَمِينَ)

- ‌مسائل تتعلّق بـ "ربّ العالمين

- ‌المسألة الأولى: في إعرابها:

- ‌المسألة الثانية: في معنى "الربّ

- ‌المسألة الثالثة: في اشتقاق "الربّ

- ‌المسألة الرابعة: في معنى "العالمين

- ‌(وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)

- ‌مسائل تتعلّق بجملة الصلاة المذكورة:

- ‌المسألة الأولى: في اختلاف العلماء في معنى الصلاة:

- ‌المسألة الثانية: في معنى "محمّد" اسم النبيّ صلى الله عليه وسلم، واشتقاقه:

- ‌المسألة الثالثة: أفرد المصنّف رحمه اللهُ تعالى الصلاة عن السلام، حيث قال: "وصلى الله على محمد"، ولم يزد: "وسلم" إشارةً إلى أنّ إفراد أحدهما عن الآخر ليس مكروهًا، كما قيل

- ‌(المسألة الرابعة):

- ‌(المسألة الخامسة):

- ‌(المسألة السادسة): في ذكر بعض الأحاديث الواردة في فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الشرح الإجماليّ لهذه الفِقْرَة (1):

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفِقْرة:

- ‌مسائل تتعلّق بما تقدّم من كلام المصنّف رحمه الله تعالى:

- ‌المسألة الأولى: في الكلام على إتيان المصنّف رحمه الله تعالى في خطبته بـ "أمّا بعد

- ‌المسألة الثانية: في بيان الاختلاف في أوّل من تكلّم بـ "أما بعد

- ‌المسألة الثالثة: في الكلام على لفظ "أمّا"، ومعناه (1)

- ‌المسألة الرابعة: في الكلام على الفصل بينها وبين الفاء

- ‌المسألة الخامسة: في الكلام على "بَعْدُ

- ‌المسألة السادسة: في قول المصنّف رحمه الله تعالى: "الأخبار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة السابعة: في بحثٍ مهمّ يتعلَق بقول المصنّف: "بالأسانيد التي بها نُقِلَتْ"، وهو البحث عن السند والإسناد، والمتن

- ‌الشرح الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح الإجمالي لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلق بكلام المصنّف رَحِمَهُ اللهُ تعالى المذكور:

- ‌المسألة الأولى: في قوله: "فنقسمها على ثلاثة أقسام

- ‌المسألة الثانية: في قوله: "وثلاث طبقات من الناس" (1)

- ‌المسألة الثالثة: في بحث يتعلّق بتقسيمه الحديث إلى ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات أيضًا

- ‌المسألة الرابعة: في قوله: "أو أن يُفصَّل ذلك المعنى على اختصاره الخ"، فقد اشتمل على مسألتين

- ‌المسألة الأولى: رواية الحديث بالمعنى:

- ‌المسألة الثانية: في اختصار الحديث

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح الإجمالي لهذه الفقرة:

- ‌تراجم الرجال المذكورين في هذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌تراجم الرجال المذكورين في هذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسألتان تتعلّقان بما سبق

- ‌المسألة الأولى: قال النوويّ رحمه الله تعالى

- ‌المسألة الثانية: قد ذكر الإمام مسلم رحمه الله تعالى هنا الأعمش بلقبه، وهذا أول موضع في الكتاب جرى فيه ذكر أصحاب الألقاب، فلنذكر القاعدة التي وضعها أهل العلم في ذلك

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌تراجم الأعلام المذكورين في هذه الفِقْرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقْرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسألة: في الكلام على حديث عائشة رضي الله عنها المذكور:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلق بكلام المصنّف رحمه الله تعالى السابق:

- ‌المسألة الأولى: في معنى الوضع لغةً، واصطلاحًا

- ‌المسألة الثانية: في أمارات الموضوع (1)

- ‌(المسألة الثالثة): في أصناف الوضّاعين

- ‌المسألة الرابعة: قال الحافظ ابن كثير رحمه اللهُ تعالى: حُكي عن بعض المتكلّمين إنكار وقوع الوضع بالكلّيّة، وهذا القائل إما لا وجود له، أو هو في غاية البعد عن ممارسة العلوم الشرعيّة، وقد حاول بعضهم الردّ عليه بأنه قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيُكذب عليّ"، فإن كان هذا صحيحًا، فسيقع الكذب عليه لا مَحالة، وإن كان كذبًا، فقد حصل المطلوب

- ‌المسألة الخامسة: قال العلّامة ابن عراق رحمه اللهُ تعالى: قال السيف أحمد بن أبي المجد: أطلق ابن الجوزيّ الوضع على أحاديث؛ لكلام بعض الناس في رُواتها، كقوله: فلان ضعيف، أو ليس بالقويّ، ونحوهما، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة لكتاب، ولا سنّة، ولا إجماع، ولا يُنكره عقلٌ، ولا نقلٌ، ولا حجةَ معه لوضعه سوى كلام ذلك الرجل في رُواته، وهذا عدوان، ومجازفة. انتهى

- ‌المسألة السادسة: قال الإمام ابن الجوزيّ

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلّق بكلام المصنّف رحمه الله تعالى المذكور:

- ‌المسألة الأولى: أن كلامه رحمه الله تعالى يفيد أن رواة الأخبار، ونُقّال الآثار على أربعة أقسام:

- ‌المسألة الثانية: في البحث المتعلّق بالمنكر:

- ‌المسألة الثالثة في البحث عن حكم زيادة الثقة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلق بكلام المصنّف رحمه الله تعالى السابق:

- ‌المسألة الأولى: في قوله: "وسنزيد شرحًا وإيضاحًا الخ

- ‌المسألة الثانية: في قوله: "المعلّلة

- ‌المسألة الثالثة: في معنى العلّة:

- ‌المسألة الرابعة: في بيان أقسام العلّة من حيث القدحُ وعدمه

- ‌المسألة الخامسة: في إطلاق العلة على غير ما تقدّم بيانه

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقْرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفقرة:

- ‌مسائل تتعلّق بكلام المصنّف المذكور:

- ‌(المسألة الأولى): في اختلاف أهل العلم في حكم الرواية عن الضعفاء من أهل التهمة بالكذب، وكثرة الغلط والغفلة:

- ‌(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في الرواية عن المبتدعة:

- ‌(المسألة الثالثة): قد سَرَد السيوطيّ رحمه الله تعالى هنا من رُمِي ببدعة، ممن أخرج لهم البخاري ومسلم، أو أحدهما، وهم:

- ‌إيضاح المعنى الإجماليّ لهذه الفِقْرة:

- ‌إيضاح الشرح التفصيليّ لهذه الفِقْرة:

- ‌مسائل تتعلق بكلام المصنّف رحمه اللهُ تعالى السابق:

- ‌(المسألة الأولى): في الكلام على سبب نزول الآية الأولى:

- ‌(المسألة الثانية): فيما يتعلق بالآية الثانية، وهي قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} الآية [البقرة: 282]:

- ‌(المسألة الثالثة): في قوله: "والخبر وإن فارق الخ

- ‌شرح الحديث:

- ‌مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية): في فوائده:

- ‌(المسألة الثالثة): في بيان عِظَم هذا الحديث، وقوّة درجته:

- ‌المسألة الرابعة: في حكم الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الخامسة: في اختلاف أهل العلم في قبول توبة من كذب في حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة السادسة: في حكم رواية الحديث الموضوع:

- ‌المسألة السابعة: في كيفيّة رواية الحديث:

- ‌المسألة الثامنة: فيما يلزم الحديثيّ من تعلّم علم النحو ونحوه:

- ‌المسألة التاسعة: في بيان آداب من يروي بالمعنى، أو اشتبهت عليه لفظة في الحديث:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌(مسائل): تشتدّ الحاجة إلى معرفتها، ولا سيّما لمن يعتني بـ "صحيح مسلم

- ‌(المسألة الأولى): في الفرق بين قول المحدث: "مثله"، وقوله: "نحوه

- ‌(المسألة الثانية): في بيان حكم ما إذا أورد الشيخ الحديث بإسنادين، فأكثر، وكان المتن مع السند الأول، وأحال ما بعده عليه، وقال: "مثله"، أو "نحوه"، كما فعل المصنّف رحمهُ اللهُ تعالى هنا:

- ‌(المسألة الثالثة): في بيان حكم ما إذا اختصر الشيخ الحديث بذكر طرف منه، ثم قال: "وذكر الحديث"، أو نحوه:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

- ‌(المسألة الأولى): في تخريجه:

- ‌(المسألة الثانية) في بيان اختلاف إسناد هذا الحديث بالوصل والإرسال:

- ‌(المسألة الثالثة): في فوائده:

- ‌لطائف هذا الإسناد:

- ‌شرح الحديث:

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر

- ‌شرح الأثر:

- ‌شرح الأثر:

الفصل: ‌(33) - الحديث العشرون:

وذكر غير واحد من العلماء أن محمد بن قيس هذا حجازي، وأنه سمع عائشة، فسماعه من أبي هريرة جائز ممكن؛ لأنهما متعاصران، ويجمعهما قطر واحد، فعلى مذهب مسلم تُحمل روايته عنه على السماع، إلا أن يقوم دليل بَيِّنٌ على خلافه. والله عز وجل أعلم.

(33) - الحديث العشرون:

وأخرج أيضًا في "كتاب الأدب"(1) حديث أبي النضر، هاشم بن القاسم، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سميت ابنتي بَرَّة، فقالت لي زينب ابنة أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا.

وذكر بعض الحفاظ أنه قد سقط من هذا الإسناد رجل بين يزيد ومحمد بن عمرو، وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي، قال كذلك رواه المصريون -يعني عن الليث-.

قلت: وقد وجدته كما قال من حديث غير واحد من أهل مصر، منهم يحيى بن بكير، وعيسى بن حماد زُغْبة، وأخرجه أبو داود في "سننه" عن عيسى بن حماد، عن الليث كذلك، وأثبت في إسناده محمد بن إسحاق. وذكر بعض العلماء أن غسان بن الربيع الكوفي، رواه عن الليث كذلك أيضًا. وهذا إنما أورده مسلم بهذا الإسناد استشهادا، وإلا فقد أورده قبل هذا بإسناد متصل، فرواه من غير وجه عن الوليد بن كثير المخزومي المدني، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء، عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها، وهذا متصل، لا شك فيه، فإن ثبت انقطاعه من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو، فقد بينا أنه متصل في الكتاب من حديث الوليد بن كثير، عن محمد بن عمرو. وبالله التوفيق.

وقد رأيت في بعض النسخ من "كتاب الأطراف"(2) لأبي مسعود الدمشقي أن

(1)"كتاب الآداب""باب تغيير الاسم القبيح إلى حسن" 3/ 1687 حديث 19.

(2)

وكذا هو عند الحافظ المزّيّ رحمه الله تعالى في "تحفة الأشراف" 11/ 324 نسبه لمسلم في "صحيحه" حيث أورد فيها: "

عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار

" الحديث. وقد علّق عليه المحقّق بقوله: كذا وقع هذا الإسناد في أصل (س) وليس في شيء مما في النسخ الحاضرة عندنا من "صحيح مسلم" ما ذكره، وإنما فيه: "عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن عطاء" بدون واسطة محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار بينهما. والله أعلم. انتهى.

وهذا يرجّح ما قاله الحافظ الرشيد العطار هنا من أنه لعله كان في أصل مسلم، وسقط من بعض النسخ ذكر ابن إسحاق. والله تعالى أعلم.

ص: 125

مسلما أخرج هذا الحديث عن عمرو الناقد، عن هاشم بن القاسم، عن الليث، عن يزيد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو، كما رواه المصريون عن الليث، فلعله كذلك في أصل مسلم، وسقط من بعض النسخ ذكر ابن إسحاق. والله عز وجل أعلم.

[فصل]: ومما يُظَنُّ أنه مقطوع على مذهب عبد الله الحاكم وغيره، وليس كذلك. (34) - حديث أخرجه مسلم في "كتاب الفتن"(1) من حديث شعبة، عن فُرَات القزاز، قال: سمعت أبا الطفيل، يحدث عن أبي سَرِيحة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة، ونحن تحتها نتحدث، يعني فاطلع إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما تَذْكُرون؟ ، قلنا: الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات

" الحديث، وفي آخره: قال شعبة: وحدثني رجل بهذا الحديث، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة، ولم يرفعه انتهى.

قلت: وهذا الرجل المبهم اسمه هو -فيما ظهر لي- عبد العزيز بن رُفيع المكي، وقد بين ذلك غير واحد من الثقات، في روايتهم لهذا الحديث عن شعبة، منهم معاذ بن معاذ العنبري، وأبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي، فإنهما روياه عن شعبة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة موقوفًا. وأخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث من سمينا عن شعبة، عن عبد العزيز بإسناده موقوفا. وقال الدارقطني: لم يرفعه غير فُرَات، عن أبي الطفيل من وجه يصح، فتبين بما ذكرناه أن هذا الحديث من هذا الوجه متصل الإسناد، إلى أبي سريحة رضي الله عنه ولكنه موقوف عليه (2) انتهى.

وفي كتاب مسلم أحاديث يسيرة موقوفة أيضًا، وليس هذا موضع ذكرها. وبالله التوفيق. اهـ.

(35)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الديات" حديث عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض

" الحديث. وابن أبي بكرة

(1)"باب الآيات التي تكون قبل الساعة" 4/ 2227 حديث 41.

(2)

لعلّ الإمام مسلمًا يرى أن الرفع هنا أرجح؛ لكونه زيادة ثقة، ففرات القزّاز ثقة، وأيضًا لم ينفرد به، بل تابعه قتادة كما في "معجم الطبرانيّ الكبير" 3/ 192 حديث 3034، لكن في سنده الوليد بن الوليد، عن سعيد بن بشير، والوليد بن الوليد الدمشقيّ قال فيه الدارقطني وغيره -كما في "ميزان الاعتدال" 4/ 349 - : منكر الحديث، وسعيد بن بشير ضعفه ابن معين، والنسائيّ، ووثقه شعبة، ودُحيم. انظر "ميزان الاعتدال" 2/ 128. والله تعالى أعلم.

ص: 126

المبهم اسمه في هذا الإسناد، هو عبد الرحمن ثقة متفق عليه، بَيَّنَ ذلك عبد الله بن عون وغيره في روايتهم لهذا الحديث عن أيوب، وبنو أبي بكرة ستة، فيما ذكر علي بن المديني، وهم: عبد الرحمن، ومسلم، وعبد العزيز، ويزيد، وعبيد الله، ورَوّاد، وزاد غيره: كَيِّسة بنت أبي بكرة، وهي بفتح الكاف، وتشديد الياء المعجمة باثنتين من تحتها، وسين مهملة، وتشبه بكبشة بالياء بواحدة، وبالشين المعجمة.

فأما عبد الرحمن، فاتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه، عن أبيه، وأما مسلم فانفرد به مسلم، وأما عبد العزيز فأخرج له أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأما كيسة فأخرج لها أبو داود، عن أبيها، والباقون لم يخرج لهم شيء في الكتب الستة فيما أعلم. والله عز وجل أعلم.

وقد ذكر عبد الغني بن سعيد الحافظ: كَيِّسة هذه، وقيدها كما ذكرناه، إلا أنه قال بإسكان الياء وبالتشديد قيدها الأمير أبو نصر بن ماكولا، وذكر أن غير ذلك تصحيف. والله عز وجل أعلم. اهـ.

(36)

- حديث آخر: مثل الذي قبله، قال مسلم رحمه الله في "كتاب الجنائز"(1) حدثنا محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن سعيد رحمه اللهُ تعالى قال: وثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق، جميعا عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن محمد بن عمرو، عن ابن كعب ابن مالك، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مثل الحديث الذي قبله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرّ عليه بجنازة، فقال: "مستريح ومستراح منه

" الحديث. اهـ.

قلت: وابن كعب المبهم اسمه في هذا الإسناد، هو معبد بن كعب، بَيَّن ذلك الإمام أبو عبد الله، مالك بن أنس في روايته لهذا الحديث، عن محمد بن عمرو الديلي، وأخرجه مسلم في "صحيحه" عن قتيبة، عن مالك كذلك. اهـ.

وبنو كعب بن مالك رضي الله عنه ستة: عبيد الله، وعبد الله، وعبد الرحمن، وفضالة، ووهب، ومعبد. حكى ذلك أبو زرعة الدمشقي، عن أحمد بن حنبل، فمنهم أربعة اتفق الإمامان على إخراج حديثهم في "الصحيحين"، وهم: عبيد الله، وعبد الله، وعبد الرحمن، ومعبد، وأما وهب، وفضالة، فلم يخرجا لهما في "الصحيحين"، ولم أقف على ذكرهما في غير "تاريخ أبي زرعة"، والله أعلم.

(37)

-[فصل]: ووقع في الكتاب أيضًا أحاديث مروية بالوجادة، وهي داخلة في

(1)"باب ما جاء في مستريح ومسراح منه" 2/ 656.

ص: 127

باب المقطوع عند علماء الرواية، إلا أن منها ما وقعت الوجادة في إسناده، من أحد شيوخ مسلم خاصة، على ما سنبينه.

فمن ذلك حديثٌ أخرجه في "كتاب الفضائل"(1) فقال فيه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد، يقول:"أين أنا اليوم؟ ، أين أنا غدا؟ " استبطاء اليوم عائشة، قالت: فلما كان يومي، قبضه الله بين سَحْرِي ونَحْرِي.

قلت: هكذا أورده مسلم، ولم يخرجه في كتابه إلا في هذا الموضع وحده فيما علمت، بهذا الإسناد، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" متصلا من غير وجادة، وهو ما أخبرنا أبو القاسم، هبة الله بن علي السعودي الأنصاري، أنا أبو عبد الله محمد بن بركات السعيدي، أخبرتنا كريمة بنت أحمد المروزية، أنا أبو الهيثم الكشميهني، أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، أنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا إسماعيل، ثنا سليمان، عن هشام رحمه الله قال: وحدثني محمد بن حرب، ثنا أبو مروان، يحيى بن أبي زكرياء، عن هشام، عن عروة، عن عائشة، قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه، أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ استبطاءا ليوم عائشة، فلما كان يومي، قبضة الله بين سحري ونحري، ودفن في بيتي عليهم السلام اهـ.

وأخرجه أيضًا عن عبيد بن إسماعيل الكوفي، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا مرسلا، إلا أنه قال في آخره: قالت عائشة: فلما كان يومي سكن. وهذا متصل، والله أعلم.

ويحيى بن أبي زكريا المذكور في هذا الإسناد، هو الغساني شامي، وربما اشتبه بيحيى بن زكريا الكوفي، وهو ابن أبي زائدة؛ لاشتراكهما في الرواية عن هشام بن عروة، والأول يكنى أبا مروان، وابن زائدة يكنى أبا سعيد همداني.

وقوله في هذه الرواية التي أوردناها من طريق البخاري: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر، قال الخطابي: معناه يتعسر، ويتمنع، وأنشد:

وَيَوْمًا عَلَى ظَهْرِ الْكَتِيبِ تَعَذَّرَتْ

وأكثر الرواة يرويه: "ليتقدر" بالقاف من التقدير. وفي كتاب مسلم: "ليتفقد" من الافتقاد كما أوردناه. وقولها: "بين سحري ونحري" والمسحر بفتح السين المهملة، وضمها: الرئة، وقال بعضهم: هو ما بين ثدييها، والله أعلم.

(1)"باب فضل عائشة" 4/ 1893 حديث 84.

ص: 128

ومن ذلك حديثان، إسنادهما واحد، رواهما مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة أيضًا، قال أبو بكر في كل واحد منهما: وجدت في كتابي عن أبي أسامة، إلا أن مسلما رحمه الله رواهما عن أبي كريب أيضًا، عن أبي أسامة، فاتصلا من طريق أبي كريب. اهـ.

(38)

- فأحد الحديثين أخرجه في "الفضائل" من حديث أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غَضْبَى

" الحديث.

(39)

- والآخر أخرجه في "النكاح" من حديث أبي أسامة أيضًا، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين

الحديث. وقد بينا أنهما متصلان في الكتاب، من رواية أبي كريب، عن أبي أسامة، من غير وجادة. وبالله التوفيق.

[فصل]: ووقع في الكتاب أيضًا أحاديث مرسلة، وفيها ما وقع الإرسال في بعضه خاصة، فأحببت أن ألحقها بما تقدم؛ لكونها داخلة في معناه؛ لأن كل ما لم يتصل فهو مقطوع في المعنى، إلا أن منه ما يوافق معناه التسمية المصطلح عليها، فيكون اسمه ومعناه واحدا، ومنه ما يكون له تسمية أخرى، على أن جمهور المتقدمين من علماء الرواية يسمون ما لم يتصل إسناده مرسلًا، سواء كان مقطوعا، أو معضلًا، إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال، من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان معنى الجميع عدم الإتصال، والله عز وجل أعلم.

فمن الأحاديث المرسلة: حديث يشتمل على ثلاثة أحاديث، اثنان مرسلان، والثالث متصل، أخرجه في "كتاب البيوع"، فقال فيه: وحدثني محمد بن رافع، ثنا حُجَين، ثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، والمحاقلة، والمزابنة أن يباع ثمر النخل بالتمر، والمحاقلة أن يباع الزرع بالقمح واستكراء الأرض بالقمح، قال: وأخبرني سالم بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا تبتاعوا الثمر بالتمر"، وقال سالم: أخبرني عبد الله، عن زيد بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب، أو بالتمر، ولم يرخص في غير ذلك.

قلت: هكذا أورده مسلم رحمه الله في كتابه.

فإن قيل: كيف اختار إخراج المراسيل في "صحيحه"، وليست من شرطه، ولا داخلة في رسمه؟ .

فالجواب أن مسلما رحمه الله من عادته أن يورد الحديث كما سمعه، وكان هذا الحديث

ص: 129

عنده عن محمد بن رافع، على هذه الصفة، فأورده كما سمعه منه، ولم يحتج بالمرسل الذي فيه، وإنما احتج بما في آخره من المسند، وهو حديث سالم، عن عبد الله، عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَخّص بعد ذلك في بيع العرية

الحديث. فهذا القدر الذي احتج به مسلم منه.

فإن قيل: فقد كان يمكنه أن يقتصر على هذا المسند خاصة، ويحذف ما فيه من المرسل، ولا يطول كتابه بما ليس من شرطه؟ .

قيل: هذه مسألة اختلف العلماء فيها، فمنهم: من أجاز تقطيع الحديث الواحد، وتفريقه في الأبواب، إذا كان مشتملا على عدة أحكام، كل حكم منها مستقل بنفسه، غير مرتبط بغيره، كحديث جابر الطويل في الحج ونحوه. ومنهم من منع ذلك، واختار إيراد الحديث كاملا كما سمعه، والظاهر من مذهب مسلم رحمه الله إيراد الحديث بكامله، من غير تقطيع له، ولا اختصار، إذا لم يقل فيه مثل حديث فلان، أو نحوه. والله عز وجل أعلم.

فإن قيل: فهل يُسنَد هذان المرسلان من وجه يصح؟ .

قيل: نعم كلاهما مسند متصل في "الصحيح"، أما حديث سعيد بن المسيب، فقد أخرجه مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن حديث سعيد بن ميناء، وأبي الزبير، كلاهما عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرجه أيضًا هو والبخاري من حديث عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت اتصاله.

وأما حديث سالم، فقد أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. وأخرجه البخاري في "صحيحه" متصلا من الوجه الذي أورده مسلم مرسلًا، وهو:

ما أخبرنا الشيخ أبو علي ناصر بن عبد الله الفقيه بالحرم الشريف، تجاه الكعبة المعظمة، أنا أبو الحسن، علي بن حميد بن عمار المقرىء بمكة شرفها الله، أنا أبو مكتوم، عيسى بن أبي ذر الهروي، أنا أبي، أنا عبد الله بن أحمد السرخسي، وإبراهيم ابن أحمد المستملي، ومحمد بن مكي الكشميهني، قالوا: أنا محمد بن يوسف الفربري، أنا محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله وأخبرنا عاليا أبو القاسم الخزرجي، واللفظ له، أنا محمد بن بركات السعيدي، أخبرتنا كريمة، أنا أبو الهيثم الكشميهني، أنا الفربري، أنا البخاري، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب، أخبرني سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثمر بالتمر". قال سالم: وأخبرني عبد الله، عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب، أو بالتمر،

ص: 130

ولم يرخص في غيره.

حديث آخر: أخرج مسلم في "كتاب الأضاحي"(1) حديت مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن واقد، قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث". قلت: وهذا مرسل، فإن عبد الله بن واقد تابعي، يروي عن عبد الله بن عمر وغيره، وهو عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم، ولم يحتج مسلم بهذا المرسل، إنما احتج بباقي الحديث، وهو قول عبد الله بن أبي بكر بن حزم: فذكرت ذلك لعمرة، فقالت: صدق، سمعت عائشة، تقول: دَفّ أهل أبيات من أهل البادية، حضرة الأضحى، زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله: "اذخروا ثلاثا

" الحديث. وهذا مسند، ولا يخفى على من له أنس بعلم الرواية، أن هذا المسند من هذا الحديث، هو الذي احتج به مسلم. وقد رواه القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة به، لم يذكر فيه عبد الله بن واقد. وكذلك رواه يحيى القطان، عن مالك أيضًا. وأخرجه أبو داود في "سننه" (2) عن القعنبي كذلك، وأخرجه النسائي أيضًا في "سننه" (3) عن عبيد الله بن سعيد، وهو أبو قدامة السرخسي، عن يحيى، وهو القطان -فيما علمت- عن مالك كذلك.

وأما المرسل الذي في أوله، فإنه متصل في كتاب مسلم، من حديث ابن عمر وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقولها: "دَفّ أهل أبيات": معناه: ساروا سيرا رفيقا في جماعة، والدَّفّ السير ليس بالسريع في جماعة.

وقولها: "حضرةَ الأضحى" بإسكان الضاد: أي وقته وحينه، وقد قيده بعضهم بفتحها، والمعنى واحد. قاله القاضي، أبو الفضل اليحصبي. والله أعلم.

حديث آخر: وأخرج في "كتاب الصلاة" حديث مِسْعَر، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود "اقرأ علي"، فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟

الحديث، وقال في آخره: قال مسعر: فحدثني معن، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"شهيدا عليهم ما دمت فيهم، أو ما كنت فيهم" شك مسعر.

(1)"باب بيان ما كان من نهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام" 3/ 1561 حديث 28.

(2)

3/ 241 رقم 2812.

(3)

"المجتبى" 7/ 235.

ص: 131

قلت هكذا هو في كتاب مسلم، وهو حديث ليس بمتصل من هذا الوجه، إلا ما في آخره من حديث مسعر، عن معن، فإنه مسند، وهذا القدر هو الذي احتج به مسلم. وأما أوله: فإن مسلما رحمه الله قد أخرجه قبل هذا الحديث متصلا، من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت اتصاله، والحمد للَّه.

وإبراهيم هذا هو ابن يزيد النخعي الفقيه، معدود في الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة، رأى عائشة، وأدرك أنس بن مالك، رضي الله عنهم. والله ولي التوفيق.

(43)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الطهارة" حديث أبي العلاء بن الشخير: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا

الحديث، وأبو العلاء هذا معدود في التابعين، من أهل البصرة، واسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير، روى عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وعياض بن حمار، وغيرهم، وهو أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهذا الكلام لا أعلم أحدا رواه عن أحد من الصحابة، رضي الله عنهم من وجه يصح. وقد رُوي بمعناه من حديث عبد الله بن الزبير بن العوام، عن أبيه الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول القول، ثم يلبث أحيانا، ثم ينسخه بقول آخر، كما ينسخ القرآن بعضه بعضا.

قلت وفي إسناده نظر، وليس من شرط مسلم. والله أعلم. اهـ.

(44)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب النكاح" حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه، أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة، وأصبحت عنده، قال لها: "ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سَبّعت عندك

" الحديث، وأورده أيضًا من حديث سليمان ابن بلال، وأبي ضمرة، أنس بن عياض، كلاهما عن عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه مرسلا كذلك.

قلت: وهذا حديث انفرد به مسلم، دون البخاري، وأخرجه في "صحيحه" متصلا من وجه آخر، من حديث سفيان الثوري، عن محمد بن أبي بكر بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أردفه بحديث مالك وغيره مرسلا، كما ذكرناه، وإنما أراد بذلك -والله أعلم- ليبين الإختلاف الواقع في إسناده، بين رواته، ويَخرُج من عهدته. وقد أورده البخاري رحمه الله في "تاريخه"(1) من حديث الثوري مسندا، كما أورده مسلم، ثم قال عقيبه قال: أنا إسماعيل، حدثني

(1) 1/ 47/1 - 48.

ص: 132

مالك، وذكر الإسناد الذي قدمناه عنه مرسلا، ثم قال: الصحيح هذا.

قلت: وقد حكى بعض العلماء عن الدارقطني، أنه حكم بصحة حديث الثوري الذي أسنده، ولو لم يكن كذلك، لما أخرجه مسلم، والله عز وجل أعلم. اهـ.

(45)

- حديث آخر: وأخرج في "مقدمة الكتاب" حديث معاذ بن معاذ، وعبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".

قلت: وهذا مرسل، وكذلك رواه غندر، وحفص بن عمر، عن شعبة، إلا أن مسلما رحمه الله أردفه بطريق آخر متصل، من حديث علي بن حفص المدائني، عن شعبة، عن خبيب، عن حفص، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاتصل ذلك المرسل من هذا الوجه الثاني، لكن رواية ابن مهدي، ومن تابعه على إرساله أرجح؛ لأنهم أحفظ، وأثبت من المدائني الذي وصله، وإن كان قد وثقه يحيى بن معين، والزيادة من الثقة مقبولة، عند أهل العلم، ولهذا أورده مسلم من الطريقين؛ ليبين الاختلاف الواقع في اتصاله، وقَدَّم رواية من أرسله؛ لأنهم أحفظ، وأثبت كما بيناه. وقد سئل أبو حاتم الرازي عن علي ابن حفص هذا، فقال: يكتب حديثه، ولا يحتج به. ولهذا قال أبو الحسن الدارقطني. الصواب في هذا الحديث المرسل. والله عز وجل أعلم.

(46)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الصلاة"(1) حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء، وهي التي يدعونها العتمة

الحديث. وفي آخره: قال ابن شهاب: وذُكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وما كان لكم أن تَنْزُروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلاة"، وذلك حين صاح عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.

قلت: هكذا هو في كتاب مسلم، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(2) والنسائي في "سننه"(3) فلم يذكرا هذه الزيادة التي في آخره، من قول الزهري، ولا أعلم الآن من أسندها من الرواة، والله عز وجل أعلم.

وقوله: "تنزوا" -بفتح التاء باثنتين من فوقها، بعدها نون ساكنة، ثم زاي مضمومة، بعدها راء مهملة-: معناه تُلِحّوا، من نزره إذا ألح عليه، وقيده بعضهم

(1) بل في "كتاب المساجد""باب وقت العشاء وتأخيرها" 1/ 441 - 442 حديث 218.

(2)

"كتاب مواقيت الصلاة""باب فضل العشاء" رقم 566.

(3)

"كتاب الصلاة" 1/ 239 و 267.

ص: 133

"تُبْرِزوا" -بضم التاء المعجمة باثنتين من فوقها، والباء بواحدة بعدها، وتقديم الراء المهملة على الزاي- من الإبراز، وهو الإخراج، والإظهار، والأول أليق بالمعنى. والله عز وجل أعلم.

(47)

- ووقع في الكتاب موضع آخر نحو هذا، أورده مسلم في أواخر الكتاب من حديث شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس، قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وُضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم

" الحديث، وفي آخره: قال قتادة: وذُكر لنا أنه يُفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويُملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.

قلت: وهذا حديث انفرد به مسلم من هذا الوجه، دون البخاري، وأخرجه النسائي في "سننه" من هذا الوجه، ولم يذكر هذه الزيادة، وقد أخرج البخاري هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة، عن أنس، فذكره أتم من حديث شيبان، عن قتادة، ولم يذكر فيه هذه الزيادة كلها، غير أنه قال فيه: قال قتادة: وذُكر لنا أنه يُفسح له في قبره فقط. وأخرجه مسلم أيضًا من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس مختصرا، ولم يذكر فيه هذه الزيادة أيضًا. والله عز وجل أعلم، ولا أعلم الآن من أسندها، وإنما أوردها مسلم جريا على عادته في ترك الاختصار من الحديث، وإيراده إياه كاملا كما سمعه، والله عز وجل أعلم.

(48)

- حديث آخر: وأخرج أيضًا في "كتاب الصلاة" حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن ابن عجلان، عن سُمّي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: "ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم

" الحديث، وفي آخره: قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".

قلت: هكذا أورده مسلم، وهو حديث بعضه مسند، وبعضه مرسل، والمرسل منه قول أبي صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى آخره؛ لأن أبا صالح لم يسنده. وقد أخرج البخاري هذا الحديث في غير موضع من كتابه، ولم يذكر فيه هذه الزيادة من قول أبي صالح، إلا أن مسلما رحمه الله، قد أخرجه من وجه آخر عن أبي صالح، وفيه هذه الزيادة متصلة مع سائر الحديث، فأخرجه من حديث رَوح بن عُبادة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال في آخره: بمثل حديث قتيبة، عن الليث، إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح: ثم رجع فقراء المهاجرين إلى آخر الحديث. انتهى كلام مسلم رحمه الله.

ص: 134

قلت: فقد اتصل ما في هذا الحديث من المرسل من هذا الوجه الآخر الذي ذكرناه، والحمد لله (1).

وقوله: "أهل الدثور" يعني أهل الأموال الكثيرة، وواحد الدثور دَثْرٌ بفتح الدال المهملة، وسكون الثاء المثلثة، وهو المال الكثير. ووقع في آخر هذا الحديث أيضًا زيادةٌ، أوردها مسلم غير متصلة، وهي قوله بعد انقضائه: وزاد غير قتيبة في هذا الحديث، عن الليث، عن ابن عجلان: قال سمي: فحدثت بعض أهلي هذا الحديث، فقال: وَهِمتَ، وذكر باقي الحديث، وهذا غير متصل كما ترى.

(49)

- ووقع أيضًا مثل ذلك في "كتاب الجهاد"(2) في حديث أخرجه عن شيبان ابن فَرُّوخ، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي هريرة، قال: وَفَدَتْ وُفود إلى معاوية

وساق الحديث إلى قوله: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة، قال: فنظر فرآني، فقال:"أبو هريرة" قلت: لبيك يا رسول الله، قال:"لا يأتيني إلا أنصاري"، قال مسلم: زاد غير شيبان: "اهتف لي بالأنصار"، قال: فأطافوا به، وهذه الزيادة غير متصلة أيضًا في الكتاب. والله أعلم.

(50)

- حديث آخر: وقع في آخره زيادة مرسلة، وهو حديث أخرجه في "الصلاة"(3) من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، وأبي سلمة أنهما أخبراه عن

(1) هذا الذي اعتبره الحافظ الرشيد العطار رحمه الله تعالى من كون الحديث متّصلًا من هذا الوجه، لا يراه الحافظ ابن حجر متّصلا، لأنه ذكر فيه قول أبي صالح مدرجًا، لكنه قوّاه، ونصّه في "الفتح": زاد مسلم في رواية ابن عجلان، عن سمي، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلناه، ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء

" ثم ساقه مسلم من رواية رَوْح بن القاسم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر طرفا منه، ثم قال بمثل حديث قتيبة، قال: إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح: فرجع فقراء المهاجرين. قلت: وكذا رواه أبو معاوية، عن سهيل مدرجا، أخرجه جعفر الفريابي. وتَبَيَّن بهذا أن الزيادة المذكورة مرسلة. وقد روى الحديث البزار من حديث ابن عمر، وفيه: "فرجع الفقراء"، فذكره موصولا، لكن قد قدّمت أن إسناده ضعيف. ورواه جعفر الفريابي من رواية حرام بن حكيم، وهو بحاء وراء مهملتين، عن أبي ذر، وقال فيه: فقال أبو ذر: يا رسول الله، إنهم قد قالوا مثل ما نقول، فقال: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". ونقل الخطيب أن حرام بن حكيم يرسل الرواية عن أبي ذر، فعلى هذا لم يصح بهذه الزيادة إسناد، إلا أن هذين الطريقين يُقَوَّى بهما مرسل أبي صالح. انتهى كلام الحافظ في "الفتح".

والحاصل أن الزيادة مرسلة، لا تصحّ بوجه من الوجوه متصلة، إلا أن الحافظ قوّاه بما ذُكر، من الروايات، إلا أنك عرفت ما فيها من الكلام. فالله تعالى أعلم.

(2)

"باب فتح مكة" 3/ 1405 حديث 84.

(3)

"باب التسميع والتحميد والتأمين" 1/ 307 حديث 72.

ص: 135

أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمّن الإمام فأمنوا

" الحديث، وفي آخره: قال ابن شهاب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آمين"، وهذا مرسل، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "آمين" من غير وجه، خارج "الصحيحين" أخرجه أبو داود (1)، والترمذي (2) في كتابيهما، من حديث وائل بن حجر، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الترمذي: حديث وائل بن حجر حديث حسن. وبالله التوفيق.

(51)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الجهاد"(3) حديث ابن شهاب، عن أنس، قال: لما قدم المهاجرين من مكة المدينة، قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمارهم كل عام

وساق الحديث إلى قوله: فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانهن من حائطه. قال ابن شهاب: وكان من شأن أم أيمن، أمِّ أسامة بن زيد، أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما تُوفي أبوه، فكانت أم أيمن تحضنه، حتى كَبِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعدما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر.

قلت: وهذه الزيادة من قول ابن شهاب، متضمنة عتق النبي صلى الله عليه وسلم لأم أيمن، وغير ذلك، وهي مرسلة، كما ترى، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في "صحيحه، ، ولم يذكر فيه هذه الزيادة، وهذا يدل على ما قدمناه، من إيراد مسلم للحديث بتمامه، من غير اختصار له في الغالب، والله عز وجل علم.

(52)

- وفي الكتاب من مرسلات الزهري أيضًا مواضع، وقعت في أحاديث نحو هذا: فمن ذلك ما وقع في حديث أخرجه في "الصيام"(4) من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسم ألا يدخل على أزواجه شهرا، فأخبرني عروة، عن عائشة، قالت: لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن

الحديث.

قلت: هكذا هو في كتاب مسلم، والمرسل الذي في أوله من قول الزهري قد أخرجه مسلم متصلا، من حديث عكرمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فثبت اتصاله، والحمد للَّه.

(1)"السنن""كتاب الصلاة" رقم 932 و 933.

(2)

"الجامع""أبواب الصلاة""باب ما جاء في التأمين" رقم 248 و 249.

(3)

"باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم الخ" 3/ 1391 حديث 70.

(4)

"باب يكون الشهر تسعا وعشرين" 2/ 763 حديث 22.

ص: 136

(53)

- ومن ذلك أيضًا ما أخرجه في "كتاب الصيام"(1) من حديث ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، وفي آخره: قال ابن شهاب: فصبّح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان اهـ.

(54)

- ومن ذلك أيضًا ما أخرجه في "التوبة"(2) من حديث ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وهو يريد الروم، ونصارى العرب بالشام، ثم قال ابن شهاب: فأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن عبد الله بن كعب، وكان قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: سمعت كعب ابن مالك، وساق الحديث بطوله في توبة كعب رضي الله عنه.

قلت: وهذان الحديثان قد أخرجهما البخاري، ولم يورد ما فيهما من مرسل ابن شهاب، ولا يَخْفَى على من له أنس بعلم الرواية، أن مسلما رحمه الله إنما احتج بما في هذه الأحاديث، وما شاكلها من المسند، دون المرسل، وإنما أوردها بما فيها من المرسل جريا على عادته في ترك الاختصار. والله عز وجل أعلم.

(55)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الدعوات"(3) حديث أبي إسحاق، وهو السبيعي، عن عمرو بن ميمون، قال:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرار كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل"، هكذا أخرجه مسلم في "صحيحه"، وكذلك هو في "صحيح البخاري" أيضًا، إلا أن مسلما رحمه الله أردفه بحديث الشعبي، عن الربيع بن خُثَيم بمثل ذلك، قال: فقلت للربيع: ممن سمعته؟ قال: من عمرو بن ميمون، فأتيت عمرو بن ميمون، فقلت له: ممن سمعته؟ قال: من ابن أبي ليلى، فأتيت ابن أبي ليلى، فقلت: ممن سمعته؟ قال: من أبي أيوب، يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: فقد اتصل هذا الحديث في كتاب مسلم من طريق الشعبي، عن ابن أبي ليلى، عن أبي أيوب رضي الله عنه والحمد للَّه.

وفي إسناد هذا الحديث اختلاف كثير، ذكره البخاري، والنسائي، وقال البخاري: والصحيح قول عمرو -يعني ابن ميمون- والله أعلم.

(1)"باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر" 2/ 784 حديث 88.

(2)

"باب توبة كعب بن مالك وصاحبيه" 4/ 2120 حديث 53.

(3)

بل "كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار""باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء" 4/ 2071 حديث 30.

ص: 137

وعمرو بن ميمون هذا هو الأودي، يكنى أبا عبد الله، كان بالشام، ثم سكن الكوفة بعد ذلك، فهو معدود في أهلها، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وصَدَّق إليه، وليس له رواية عنه، وروى عن عمر بن الخطاب، وابن مسعود، ومعاذ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم. وفي رجال "الصحيحين": عمرو بن ميمون رجل آخر، غير هذا، وهو دونه في الطبقة، جَزَرِيّ من أهل الرَّقَّة، يروي عن سليمان بن يسار وغيره، ويكنى أبا عبد الله أيضًا، ولم يذكرهما الحافظ أبو علي الجياني في تقييده، وهما من شرط كتابه، أخرج لهما البخاري ومسلم جميعا، ولهما نظير ثالث في التسمية، وهو عمرو بن ميمون المكي، حَدَّث عن الزهري، روى عنه عنبسة بن سعيد، ولم يخرجا له فيما علمت شيئا. والله ولي التوفيق.

(56)

- حديث آخر: أخرج مسلم رحمه الله في "كتاب الأشربة" -باب في "الأطعمة"(1) حديث مالك، عن أبي بكر، بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن جده عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه

" الحديث. قال الدارقطني: لم يسمع أبو بكر بن عبيد الله هذا الحديث من جده عبد الله بن عمر، إنما سمعه من عمه سالم، عن أبيه، والله أعلم.

قلت: وقد تابع مالكا على روايته كذلك عبيد الله بن عمر، وسفيان بن عيينة، وفي إسناده اختلاف بين رواته، وقد أخرجه مسلم من حديث الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري بنحوه. والله عز وجل أعلم.

(57)

- حديث آخر: وأخرج في "كتاب الوصايا"(2) حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: مرض سعد بمكة، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده

الحديث.

قلت: وهذا مرسل، وليس في ولد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من له صحبة، ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله الدارقطني وغيره، وهذا الحديث وإن كان مرسلا من هذا الوجه، فإنه متصل في كتاب مسلم وغيره، من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، ومن حديث مصعب بن سعد أيضًا عن أبيه. وأخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي (3)، من حديث عائشة بنت سعد، عن أبيها أيضًا كذلك، والطريق الذي ذكر الدارقطني أنها مرسلة، إنما أوردها مسلم في الشواهد، ومع ذلك فقد أخرجها في كتابه

(1) 3/ 1598.

(2)

"باب الوصية بالثلث" 3/ 1253 حديث 9.

(3)

"البخاري" كتاب المرضى" رقم 499 وأبو داود رقم 3104 والنسائي في "الكبرى".

ص: 138

متصلة من وجه آخر، من حديث عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب بإسناده المتقدم، وقال فيها: عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة

الحديث، فثبت اتصاله في الكتاب، من حديث أيوب بن أبي تميمة أيضًا، والحمد للَّه. وإنما أورده مسلم من الوجهين المذكورين عن أيوب؛ لينبه على الاختلاف عليه في إسناده، والله عز وجل أعلم.

وبنو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سبعة، فيما ذكر علي بن المديني، وهم: مصعب، وعامر، ومحمد، وإبراهيم، وعمر، ويحيى، وعائشة، وذكر أبو زرعة الدمشقي أنهم ثمانية: فعد هذه السبعة، وزاد إسحاق بن سعد. والله أعلم. اهـ.

[فصل]: ووقع في الكتاب أيضًا أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة، لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه بها، وإنما رواها عن كتابه فقط، فهي مقطوعة من طريق السماع، متصلة من طريق المكاتبة، وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من منع الرواية بالمكاتبة، ومنهم من أجاز ذلك بشرط، وهو أن يأذن الكاتب للمكتوب بها إليه في روايتها عنه، وإلى هذا القول ذهب أبو حامد الغزالي، ونص عليه في كتابه "المستصفى"، وقال الإمام أبو المعالي الجويني في كتاب "النهاية" كل حديث نسب إلى كتاب، ولم يُذكر حامله فهو مرسل، والشافعي لا يرى التعلق بالمراسيل.

قلت: وذكر القاضي عياض أن الذي عليه الجمهور، من أرباب النقل، وغيرهم، جواز الرواية لأحاديث المكاتبة، ووجوب العمل بها، وأنها داخلة في المسند، وذلك بعد ثبوت صحته عند المكتوب إليه بها، ووثوقه بأنها عن كاتبها، ولهذا أضربت عن إيرادها، وإنما نبهت عليها في الجملة؛ لأجل الخلاف الواقع فيها، ولأن أبا الحسن الدارقطني انتقد على البخاري ومسلم إخراجهما أحاديث منها، على أن أكثر هذه الأحاديث المشار إليها، إنما وقعت كذلك في الكتاب، من بعض طرقها، دون بعض. والله الموفق (1).

(58)

- قلت: ويدخل في هذا الباب ما أخرجه مسلم رحمه الله في مواضع من كتابه، من حديث مخرمة بن بكير، عن أبيه، فإنه لم يسمع من أبيه شيئا، إنما روى من كتاب أبيه.

ومع صحة المكاتبة، وثبوتها عند الأكثر، فقد رجح جماعة من العلماء، ما روي بالسماع المتصل، على ما روي بها، ووقع في مثل ذلك مناظرة بين الإمامين: أبي عبد

(1) الأولى: وبالله التوفيق، كما سبق له. والله تعالى أعلم.

ص: 139

الله محمد بن إدريس الشافعي، وإسحاق بن راهويه، بحضرة الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليهم، وهي ما أخبرنا الشيخان: أبو محمد العثماني، وأبو علي منصور بن علي الصوفي الكاغدي، قراءةً عليهما منفردين، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو الحسن بن عبد الجبار، قراءة عليه ببغداد، قيل له: أخبركم أبو الحسن علي ابن أحمد بن علي بقراءتك عليه؟ ، فأقر به، أخبرنا أحمد بن إسحاق القاضي، أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد القاضي، حدثنا زكرياء الساجي، حدثني جماعة من أصحابنا، أن إسحاق بن راهويه ناظر الشافعي، وأحمدُ بنُ حنبل حاضر، في جلود الميتة إذا دبغت، فقال الشافعي: دباغها طهورها، فقال إسحاق: ما الدليل؟ فقال: حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بشاة ميتة، فقال:"هلا انتفعتم بجلدها؟ " فقال إسحاق: حديث ابن عُكيم: "كتب إلينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب" أشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة؛ لأنه قبل موته بشهر، فقال الشافعي: هذا كتاب، وذاك سماع، فقال إسحاق: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر، وكان حجة عليهم عند الله، فسكت الشافعي، فلما سمع ذلك أحمد بن حنبل ذهب إلى حديث ابن عُكيم، وأفتى به، ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي، فأفتى بحديث ميمونة اهـ.

سمعت شيخنا الإمام الحافظ، أبا الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي الفقيه، رضي الله عنه يقول: سمعت أبا طاهر السلفي يقول: سمعت أبا سهل، غانم بن أحمد بن محمد الحداد الأصبهاني ببغداد يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن الفضل بن محمد الباطرقاني الحافظ يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ يقول: سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري، وما رأيت أحفظ منه قال: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج اهـ.

أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي، وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي البغداديان، وغيرهما إجازةً، قالوا: أنا أبو منصور، عبد الرحمن بن محمد الشيباني، أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، أخبرني محمد ابن أحمد بن يعقوب، أنا محمد بن نعيم الضبي، ثنا أبو الفضل، محمد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم الرازيين، يقدمان مسلم ابن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.

قال الخطيب: وأخبرني ابن يعقوب، أخبرنا ابن نعيم قال: سمعت الحسين بن محمد الماسرجسي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا "المسند الصحيح" من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. آخره. والحمد للَّه رب

ص: 140

العالمين، وصلواته على سيدنا محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وعترته وأصحابه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

(59)

- ومما ألحقه سيدنا الحافظ، رشيد الدين، أثابه الله الجنة في أول الكتاب، وفي آخره ما يأتي ذكره، قال: حديث أخرجه مسلم رحمه الله في "المناسك" من رواية ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: حِضتُ بسَرِفَ، فطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يجزىء عنك طوافك بالصفا والمروة، عن حجك وعمرتك".

قلت: وفي اتصال هذا الإسناد نظر، فإن جماعة من أئمة أهل النقل، أنكروا سماع مجاهد، عن عائشة، منهم شعبة، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وغيرهم، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: مجاهد عن عائشة مرسل.

والعذر لمسلم رحمه الله ما بيناه في غير موضع من هذا الكتاب، وهو اعتبار التعاصر، وجواز السماع، وإمكانه ما لم يقم دليل بَيِّنٌ على خلاف ذلك، ولا خلاف في إدراك مجاهد بن جبر لعائشة، ومعاصرته لها، ومع هذا فقد أخرج مسلم معنى هذا الحديث، من رواية طاوس، عن عائشة، بإسناد لا أعلم خلافا في اتصاله، وقَدَّمَه على حديث مجاهد هذا، والله عز وجل أعلم.

وقد أخرج البخاري ومسلم حديثا غير هدا لمجاهد عن عائشة، من رواية منصور، عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، والناس يصلون الضحى

الحديث بكماله، وفيه وسمعنا استنان عائشة، فقال عروة: ألا تسمعين يا أم المؤمنين، إلى ما يقول أبو عبد الرحمن

الحديث اهـ.

قلت: وفي ظاهر لفظ هذا الحديث ما يدل على سماع مجاهد من عائشة، ولهذا أخرجه البخاري، ولو لم يكن عنده كذلك، لما أخرجه؛ لأنه يشترط اللقاء، وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة فصاعدا، والله أعلم.

وقد أخرج النسائي في "سننه"(1) من رواية موسى الجهني، عن مجاهد قال: أُتِي مجاهدٌ بقدَح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا.

(1)"المجتبى" 1/ 126.

ص: 141

قلت: وهذا أيضًا يدل على سماعه منها، والله عز وجل أعلم اهـ.

(60)

- وقال شيخنا وفقه الله: حديث أخرجه مسلم رحمه الله في "الذبائح"(1) منفردا به من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، وهو السبيعي قال: قال البراء: أصبنا يوم خيبر حمرا، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن اكفؤوا القدور"، قال أبو مسعود الدمشقي الحافظ رحمه الله: لهذا الحديث تعليل في مسند الحسن بن سفيان، وهو أنه مرسل.

قلت: يعني أن أبا إسحاق لم يسمعه من البراء رضي الله عنه ولذلك قال فيه: قال البراء، فإن ثبت إرساله من هذا الوجه، فإنه متصل في كتاب مسلم رحمه الله، من رواية الشعبي وغيره، عن البراء بنحوه، وبالله التوفيق.

(61)

- حديث أورده مسلم في "مقدمة كتابه" تعليقا بغير إسناد، فقال فيه: ويُذكر عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت:"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم". وهذا الحديث رواه أبو هشام الرفاعي وغيره، من الثقات، عن يحيى بن يمان، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة رضي الله عنها. وأخرجه أبو داود في "سننه" من هذا الوجه، وإسناده جيد، إلا أنه معلول، فإن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، قاله غير واحد من العلماء، وقد نبه أبو داود على هذه العلة، عقيب هذا الحديث، ولذلك لم يذكر له مسلم إسنادا، فيما أُرَى، وإن كان رجال إسناده كلهم من شرط كتابه، وإنما أورده على وجه التعليق، والله عز وجل أعلم.

(62)

- حديث وقع في أثنائه ألفاظ في اتصالها نظر، أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان" من حديث ابن شهاب، عن أنس بن مالك، عن أبي ذر رضي الله عنهم، في المعراج، وفيه: قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس، وأبا حبّة الأنصاريّ كانا يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صَريف الأقلام".

وابن حزم هذا هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاريّ المدنيّ قاضيها، يقال: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد، ويقال: اسمه كنيته، ولا نعلم له سماعًا من أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وإنما يروي عن أبيه، وعمر بن عبد العزيز، وعمرة بنت عبد الرحمن، وغيرهم من التابعين، وإن كان أبوه قد وُلد في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة، وقيل: سنة عشر، لكنه معدود في التابعين.

(1)"باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية" 3/ 1539 حديث 29.

ص: 142

وأما رواية أبي بكر بن حزم، عن أبي حبّة الأنصاريّ البدريّ، فغير متّصلة بلا شكّ؛ لأن أبا حبّة قُتل يوم أحد، وكانت غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة، وأبو بكر بن حزم تُوفّي سنة عشرين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة، فيما ذكر غير واحد من العلماء، فيكون مولده على هذا سنة سبع وثلاثين من الهجرة، فلا يتصور إدراكه له، وأما روايته عن ابن عباس، فغير معروفة، لكنها جائزة ممكنة؛ لإدراكه له؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهم توفي سنة ثمان وستين من الهجرة، وقيل: سنة تسع وستين، وقيل: سنة سبعين، فإدراكه له معلوم، غير مشكوك فيه، وسماعه منه جائز ممكن، وهذا محمول على الاتصال، عند مسلم رحمه الله، حتى يقوم دليل على أنه لم يسمع منه. والله أعلم.

وأبو حبة البدري: اسمه عامر، وقيل: مالك، واختلف في ضبطه على ثلاثة أقوال: فقيل: أبو حبة بالباء بواحدة، وقيل: بالنون، وقيل: بالياء باثنتين من تحتها، والصحيح الأول، ذكر ذلك ابن عبد البر في "استيعابه" بنحوه، وقيل: في اسمه غير ذلك، ولا خلاف أنه بالحاء المهملة، والله أعلم. اهـ.

(63)

- حديث آخر: أخرج مسلم رحمه الله في "كتاب الصلاة"(1) حديث أبي الجوزاء الربعي، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد للَّه رب العالمين

الحديث، وأورده أبو عمر بن عبد البر النمري الحافظ، في "تمهيده" في ترجمة العلاء بن عبد الرحمن، وقال عقيبه: ما هذا نصه: اسم أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، لم يسمع من عائشة، وحديثه عنها مرسل، وأورده أيضًا في كتابه المسمى "بالإنصاف" وقال عقيبه: رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، لا يُختَلف في ذلك، إلا انهم يقولون: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وحديثه عنها إرسال.

قال شيخنا الحافظ، أبو الحسين، يحيى بن علي أسعده الله: وإدراك أبي الجوزاء هذا لعائشة رضي الله عنها معلوم، لا يُختَلف فيه، وسماعه منها جائز ممكن؛ لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله، كما نص عليه في مقدمة كتابه "الصحيح"، إلا أن تقوم دلالة بينة على أن ذلك الراوي لم يلق من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئا، فحينئذ يكون الحديث مرسلا. والله أعلم.

وقد روى البخاري في "تاريخه" عن مسدد، عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النُّكْري، عن أبي الجوزاء، قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة،

(1) 1/ 357 حديث 240.

ص: 143

ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها، قال البخاري: في إسناده نظر.

قلت: ومما يؤيد قول البخاري رضي الله عنه ما رواه محمد بن سعد، كاتب الواقدي، وكان ثقة، عن عارم، عن حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة سنة، فذكره، ولم يذكر عائشة، وهذا أولى بالصواب. والله أعلم.

وقد روى أبو الجوزاء هذا عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة، وقُتِل في الجماجم سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، ولم يخرج البخاري له عن عائشة شيئا، وبالله التوفيق.

وقد رَوَى هذا الحديث، أعني حديث أبي الجوزاء إبراهيم بن طهمان الهروي، وهو من الثقات الذين اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثهم في "الصحيحين" عن بُديل العقيلي، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت رسولا إلى عائشة رضي الله عنها، أسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان يفتتح الصلاة بالتكبير

الحديث.

أخبرنا أبو الْيُمْن الكندي، بقراءتي عليه بدمشق، أخبرنا القاضي، أبو بكر، محمد ابن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ببغداد، أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي، أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا مزاحم بن سعيد، أخبرنا عبد الله بن المبارك، حدثنا إبراهيم بن طهمان، حدثنا بديل العقيلي، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت رسولا إلى عائشة رضي الله عنها، أسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث. وهذا الحديث مخرج في "كتاب الصلاة" لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسين الفريابي، وهو إمام من أئمة أهل النقل، ثقة مشهور، وإسناده إسناد جيد، لا أعلم في أحد من رجاله طعنا، وقول أبي الجوزاء فيه: أرسلت إلى عائشة، يؤيد ما ذكر ابن عبد البر. والله أعلم. اهـ.

(64)

- قال شيخنا الحافظ: وفقه الله: عبدة بن أبي لبابة، روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يجهر بهؤلاء الكلمات: سبحانك اللهم

الحديث. وأورده مسلم في أول حديث رواه أبو عمرو الأوزاعيّ، عن قتادة، عن أنس، قال: صلّيت خلف النبيّ صلى الله عليه وسلم

الحديث. وفي رواية عبدة، عن عمر رضي الله عنه نظرٌ، والصحيح أنه مرسل، وإنما احتجّ مسلم بحديث قتادة، عن أنس. والله أعلم. اهـ.

هذا آخر الأحاديث الملحقة في هذا الكتاب. والحمد للَّه وحده، وصلواته على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا. حسبنا الله ونعم الوكيل.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: انتهت "غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع

ص: 144