الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - بَابُ مَنْ أَجَازَ طَلاقَ الثَّلاثِ
(1)
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَقَال ابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي مَرِيضٍ طَلَّقَ:"لَا أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ" وَقَال الشَّعْبِيُّ: "تَرِثُهُ" وَقَال ابْنُ شُبْرُمَةَ، " تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ؟ قَال: نَعَمْ، قَال:"أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ؟ " فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
(باب: من أجاز الطّلاق الثلاث) في نسخة: "باب: من جَوَّز الطّلاق الثلاث" أي: دفعة أو مفرقة. ({الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}) قال الكرماني: ما حاصله وجه الاستدلال بالآية على جواز إيقاع الثلاث دفعة واحدة: أنه إذا جاز الجمع بين اثنتين جاز الجمع بين الثلاث، أو أنّ التسريح بإحسان عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة، قال الأئمة الأربعة: فيمن قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا تقع الثلاث، وقال الظاهرية: يقع واحدة، وقيل: لا يقع به شيء أصلًا (2) انتهى.
وبالجملة فقد اختلفوا وإن اتفقت الأربعة على الوقوع هل يكره، أو يحرم، أو يباح، أو لا يقع شيء، والشّافعيّة على الجواز؛ لإطلاق
(1) قال: ابن جماعة في مناسبات تراجم البخاريّ ص 101: مراده توجيه إيقاع الطّلاق الثلاث إذا وقع دفعة، خلافًا لمن قال: لا يقع، وهو الحجاج بن أرطأة وقوله: وما يلزم منه هو البتات وهو يحتمل للثلاث ولم يعين في الحديث الإشارة بالخلع هل كان في دفعة أو دفعات، فدل على تساوي الحكم فيها.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 19/ 182.
قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] وقوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، ولأن الصّحابة كانوا يطلقون كذلك من غير نكير. نعم الأفضل أن لا يطلق أكثر من واحدة خروجًا من الخلاف.
(لا أرى أن ترث مبتوتة) بمثناتين وبالرفع، من البت بأن قال لها: أنت طالق البتة. (وقال الشّعبيّ: ترثه) أي: إذا كانت في العدة. (وقال ابن شبرمة) هو عبد الله قاضي الكُوفيُّ. (تزوج) بفتح أوله وضم آخره، وهو استفهام محذوف الأداة.
(انقضت العدة؟ قال: نعم) أي: تزوج. (قال: أرأيت إن مات الزوج الآخر؟) ومات الأوّل أيضًا أترث زوجين قال: لا. (فرجع عن ذلك أي: عن ما قاله، فقال: ترثه ما دامت في العدة. وحاصله أنها على قوله ترث الأوّل ما دامت في عدته وترث الثّاني مطلقًا. ولا يخفى ما في كلام البخاريّ من الإجحاف مع أن قوله: (فرجع عن ذلك) إنّما يفيد رجوعه عن التزوج لا عن الإرث.
5259 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَال لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَ عُوَيْمِرٌ فَقَال: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَال عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسْطَ النَّاسِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا،
أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا" قَال سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَا، قَال عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال ابْنُ شِهَابٍ:"فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ المُتَلاعِنَيْنِ".
[انظر: 423 - مسلم: 1492 - فتح 9/ 361].
(أن عويمرًا العجلاني
…
) إلخ مرَّ بشرحه في تفسير سورة النور (1).
5260 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَال: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ".
[انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 9/ 361].
5261 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا، فَتَزَوَّجَتْ فَطَلَّقَ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ قَال: "لَا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ".
[انظر: 2639 - مسلم: 1433 - فتح 9/ 362].
(ابْن الزُّبير) بفتح الزاي وكسر الموحدة. (مثل الهدبة) بضم الهاء، وفي رواية: مثل هدبة الثّوب أي: طرفه. ومرَّ الحديث في كتاب: الشهادات (2).
(1) سبق برقم (4745) كتاب: التفسير، باب: قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} .
(2)
سبق برقم (2639) كتاب: الشهادات، باب: شادة المختبي.