الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثّانية والثّمانون بعد الثّلاثمئة [المشغول]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
المشغول لا يشغل (1). عند الشافعي رحمه الله تعالى.
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
هذه القاعدة سليمة المبنى معقولة المعنى، من حيث إنّ ما كان مشغولاً بشيء لا يمكن شغله بشيء آخر. كالإناء المشغول بالماء لا يتصوّر شغله بشيء آخر إلا إذا خلا ممّا فيه.
ولكن مع وضوح هذا المعنى فقد اختلف في أحكام بعض المسائل لاختلاف جهة النّظر.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا رهن رهناً بدين، فلا يجوز أن يرهن هذا الرّهن بدين آخر، فيكون رهناً بالدينين؛ لأنّ الرّهن مشغول بالدّين الأوّل. هكذا قالوا.
وأقول وبالله التّوفيق: هذا لو كان الرّهن لا تزيد قيمته عن قيمة الرّهن الأوّل، لكن لو كان الرّهن قيمته ضِعف أو أضعاف الرّهن الأوّل، فما المانع من أن يكون رهناً بالدينين أو الثّلاثة؟ بحسب قيمته التي فيها وفاء بكلّ الدّيون؟
(1) المبسوط جـ 26 ص 139، المنثور جـ 3 ص 174، أشباه السيوطي ص 151.
ومنها: لا يجوز الإحرام بالعمرة للعاكف بمنى لاشتغاله بالرّمي والمبيت، ولكن أقول وبالله التّوفيق: ما المانع من إحرامه بالعمرة، ورميه ومبيته لا يستغرقان الوقت كلّه، فوقته غير مشغول بالكامل حتى ينافي رميه ومبيته إحرامه بالعمرة.
ومنها: إذا أجّر داره أو باعها لشخص وبعد تمام العقد أجّرها أو باعها لشخص آخر، فالعقد الثاني باطل؛ لأنّ فيه إبطال الحقّ الأول.
ومنها: إذا قطع رجل يميني رجلين. فالحكم عند الشّافعي رحمه الله: إن قطعهما على التّعاقب تقطع يمينه بأولاهما، وللثّاني الأرش؛ لأنّه لا يمكن قطع اليد مرّتين. وإن قطعهما معاً يقرع بينهما، ويكون القصاص لمن خرجت قرعته والأرش للآخر؛ لأنّه حين قطع يد أحدهما فقد صارت يده مشغولة بحقّه مستحقة له قصاصاً. والمشغول لا يشغل (1).
وأمّا عند الحنفيّة: فتقطع يمينه بهما، ويغرم ديّة يد منهما تقسم بين الاثنين؛ لأنّ كلّ واحد منهما له حقّ في القصاص والأرش كصاحبه.
(1) ينظر المجموع للإمام النووي جـ 17 ص 312 فما بعدها.