الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي لفظ: المخصوص من القياس لا يقاس عليه غيره (1). عند الحنفيّة؛ لأنّ الأصل يعارضه.
أصوليّة فقهيّة [المخصُوص من القياس والقياس عليه]
ثانياً: معنى هذه القواعد ومدلولها:
المخصوص من القياس: هو المستثنى بالنّصّ من القواعد العامّة، فما كان كذلك، فهل يجوز أن يقاس عليه غيره أو يلحق به غيره في حكمه؟ خلاف.
عند جمهور الحنفيّة أنّه لا يقاس عليه ولا يلحق به إلا ما كان في معناه من كلّ وجه. وإلا لا يقاس عليه غيره.
ولكن عند ابن أبي ليلى رحمه الله في آخرين أنّه يجوز أن يقاس عليه غيره. ولو لم يكن في معناه من كلّ وجه.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
العرايا: جمع عرية وهي بيع التّمر بالرّطب على رؤوس النّخل، وهي مخصوصة ومستثناة من القاعدة العامّة في الرّبا وقد جوّزت العرايا للحاجة مع أنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع صاع من الرّطب بصاع من التّمر؛ لوجود التّفاضل بعد يبس الرّطب.
فهل يجوز أن يقاس على العرايا غيرها؟ أجاز بعضهم بيع
(1) المبسوط جـ 30 ص 130، 131، القواعد والضّوابط ص 494 عن التحرير جـ 3 ص 487.
الزّبيب بالعنب؛ لأنّه كالتمر والرّطب من كلّ وجه. ومنع ذلك آخرون وقصروا ذلك على ما ورد فيه النّصّ.
ومنها: نصّ الشّرع على أنّ الإخوة لأم إذا كانوا ذكوراً وإناثاً فهم شركاء في الثّلث. فإذا مات رجل وترك ابنة أخ لأمّ وابن أخت لأمّ فهل ينزلون منزلة أصولهم التي بها يدلون؟ أو يقتصر في النّصّ على مورده؟ في قول عند أبي يوسف رحمه الله يقتصر في النّصّ على مورده؛ لأنّه مخصوص من القياس بالنّصّ. وأولاد الأخوة لأمّ ليسوا في معنى الآباء؛ لأنّهم لا يرثون بالفرضيّة شيئاً.
ومنها: أنّ المشتري للجارية المستحقّة يرجع على البائع بالثّمن، ولو استولدها يرجع على البائع بقيمة الولد، وهذا هو المخصوص من القياس باتّفاق الصّحابة.
لكن إذا وطئ المشتري الجارية فيجب عليه مهرها لمستحقّها، ويقضى بها لمستحقّها أيضاً، والمشتري يعود على البائع بالثّمن، لكن لا يعود عليه بالمهر؛ لأنّ المهر إنّما لزمه عوضاً عمّا استوفى بالوطء فلا يرجع ببدله على غيره. ولا يقاس على ولد الجارية المستولدة.
ولكن عند ابن أبي ليلى إنّ المشتري يرجع على البائع بالثّمن وبالمهر وقيمة الولد خلافاً للحنفيّة في المهر.
ومنها: رجل تسحّر في شهر رمضان وقد طلع الفجر - وهو لا يعلم به - فعند الحنفيّة فسد صومه، وعند ابن أبي ليلى صحّ صومه قياساً على النّاسي. وعند الحنفية: إنّ المخطئ ليس كالنّاسي؛ لأنّ
المخطئ يمكنه الاحتراز على الغلط في الجملة بخلاف النّسيان. ولكن أرى - والله أعلم، أنّ الحق في هذه المسألة مع ابن أبي ليلى بناء على الأصل - وهو بقاء الليل، بخلاف المفطر في آخر النّهار بظنّ أنّ الشّمس قد غابت.
ومنها: إذا تزوّج امرأة على مهر فاسد كالخمر والخنزير - فلها مهر المثل - ثمّ طلّقها قبل الدّخول، فعند الحنفيّة لها المتعة؛ لأنّ مهر المثل لا يتنصّف، ولا يقاس على المهر المسمّى؛ لأنّه ليس مثله من كلّ وجه، وتنصيف المهر المسمّى قبل الدّخول ثابت بالنّصّ مخصوصاً من القياس؛ لأنّ القياس أنّه لا تستحقّ شيئاً؛ لأنّها لم تسلم شيئاً، وعند الشّافعي رحمه الله لها نصف مهر المثل.
ومنها: أنّ الإِمام الأوزاعي رحمه الله يرى جواز التوضّؤ بسائر الأنبذة بالقياس على نبيذ التّمر. أمّا عند الحنفيّة فلا يجوزون ذلك ويقصرون الجواز على نبيذ التّمر؛ لأنّه مخصوص من القياس بالأثر فلا يقاس عليه غيره.