الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة التّاسعة والعشرون بعد الخمسمئة: [المكره المحسن]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
المكرِه بحق يكون محسناً (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
المكرِه - بكسر الرّاء -: اسم فاعل من أكره يكره فهو مُكِره. وهو من وقع منه الإكراه. والإكراه: الإجبار.
والإكراه قد يكون بحقّ، وقد يكون بغير حقّ. ولكلّ منهما أحكام.
والإكراه بغير حقّ إكراه مذموم ممنوع شرعاً وعقلاً وعادة.
وأمّا الإكراه بحقّ - وهو موضوع قاعدتنا هذه - فهو فعل ممدوح.
فالمكرِه والمجبِر لغيره على فعل هو حقّ، يكون هذا المكرِه محسناً لا مسيئاً، وممدوحاً لا مذموماً؛ لأنّ هذا من باب المعاونة على الخير.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
القاضي حينما يجبر ويكره المدين المماطل، أو الجاحد المليء عن أداء الدّين الثّابت بالبيّنة أو الإقرار يكون محسناً؛ لأنّ فعله فيه
(1) شرح السير ص 1072.
إيصال الحقّ لصاحبه.
ومنها: إذا اشترى مشترون الغنيمة من المجاهدين قبل الوصول إلى دار الإِسلام فالبيع جائز ونافذ، وإذا قبض المشترون ما اشتروا، ولم ينقدوا الثّمن، ثم لحقهم المشركون - وعلم الأمير أنّه لا طاقة للمسلمين بهم - فأمر منادياً فنادى أنّ من اشترى منّا شيئاً فليطرحه. وهدّد مَن لم يطرح ما معه بوعيد. وقد فعل ذلك نظراً لهم؛ لأنّه أكرههم على ما يحقّ عليهم فعله شرعاً، فإنّ المسلم مأمور - عند الضّرورة - أن يجعل ماله وقاية لنفسه، فهو قد أكرههم بحق، فلا يضمن لهم شيئاً من ثمن ما طرحوا بل يجب عليهم أداء الثّمن الذي تقرّر ديناً في ذمّتهم؛ لأنّ إتلاف المبيع بعد تقرّر الثّمن وانتهاء العقد لا يسقط الثّمن، سواء حصل بفعل المشتري أو بفعل البائع.