الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الخامسة والثّمانون بعد الثّلاثمئة [حكم المشكوك في وجوبه]
أولاً: لفظ ورود القاعدة:
المشكوك في وجوبه لا يجب فعله، ولا يستحبّ تركه. بل يستحبّ فعله احتياطاً (1).
ثانياً: معنى هذه القاعدة ومدلولها:
الأحكام الشّرعيّة الطّالبة للفعل حكمان: هما الوجوب، وهو الطّلب الجازم لإيقاع الفعل، والنّدب، وهو طلب غير جازم لإيقاع الفعل.
فإذا شكّ المكلّف أو المجتهد في وجوب أمر -أي شكّ في الطّلب هل هو جازم أو غير جازم - ففي هذه الحالة يندب فعل هذا الأمر احتياطاً؛ ولا يستحبّ ترك الفعل للشّكّ في الوجوب؛ لأنّ الأمر إذا لم يكن واجباً كان مندوباً - أي مستحباً فعله - أو مباحاً، والمباح لا يطلب فعله ولا تركه بل المكلّف مخيّر بين الفعل والتّرك، لكن لمّا شكّ في الوجوب ترجّح جانب الطّلب فاستحبّ فعله على سبيل النّدب.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
اختلف الأئمة في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، حتى إنّ الشّافعي رحمه الله أبطل صلاة من لم يقرأ بها، والحنفيّة لم يجيزوا
(1) القواعد النورانية ص 93.
قراءتها خلف الإِمام، ولوجود الخلاف قد يقع الشّكّ في الوجوب. ولذلك وبناء على هذه القاعدة يستحبّ ويندب قراءتها عند الإمكان.
ومنها: الوضوء من مسّ الذّكر للاختلاف في وجوبه بين الحنفيّة وغيرهم، فللاحتياط يندب ويستحب الوضوء لمن مسَّ ذكره. هذا إذا لم يكن مجتهداً يمكنه التّرجيح بين الأدلّة، لكن إذا كان مجتهداً يمكنه التّرجيح بين الأدلّة فيجب عليه العمل بالدّليل الرّاجح عنده.
ومنها: إذا شكّ في وجوب زكاة أو كفّارة أو صلاة، فلا يجب عليه الفعل ولا يستحبّ له التّرك، بل يستحبّ الفعل احتياطاً للدّين، كزكاة الحلي المختلف في وجوبها.
ومنها: إذا كان يوم الثّلاثين من شعبان يوم غيم - أي إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر ليلة الثّلاثين من شعبان، ففي صومه خلاف، والأرجح عدم صومه لأنّه يوم الشّكّ، لكن ورد عن أحمد بن حنبل رحمه الله في قول ثالث له أنّه كان يجيز صومه من رمضان، ويجيز فطره، والأفضل صومه إذ كان يستحبّ صومه ويفعله ولا يوجبه.