الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي لفظ: المطلق من الكلام يتقيّد بدلالة العرف (1).
[مطلق الكلام واللفظ والفعل، العرف]
ثانياً: معنى هذه القواعد ومدلولها:
هذه القواعد تتعلّق بدلالة الألفاظ عند الإطلاق، وما الذي يقيّد ذلك الإطلاق، فعند إطلاق الكلام أو الألفاظ تحمل مدلولاتها على معاني كلام النّاس وما يقصدونه وما يتفاهمونه بينهم بناء على العرف والعادة السّائدين بينهم، ولا يجوز حملها على معانيها اللغوية إلا إذا قامت الأدلّة على إرادة ذلك.
وهذه القواعد منها ما هو عام في كلّ كلام وكلّ لفظ يتخاطب به الناس، ومنها ما هو خاصّ يتعلّق بالأيمان وما يحلف عليه الناس، ومنها ما يتعلّق بالأفعال التي تصدر عن المكلّفين، وكلّ هذه يحكم في مدلولاتها العرف والعادة السّائدين بين النّاس، وبخاصّة فيما يتعلّق بالأيمان، فالعرف يقيّد مخاطبات النّاس وأيمانهم وأفعالهم ما لم يدلّ دليل أو قرينة حال أو قصد على خلاف العرف أو العادة، وقد سبق لهذه القواعد أمثال.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
إذا حلف لا يأكل بيضاً. فيحمل على ما تعارفه الناس وتفاهموه وهو بيض الدّجاج بخاصّة، وإن كان لفظه مطلقاً، ولا يحمل على
(1) شرح السير ص 1713.
إطلاقه إلا إذا نواه.
ومنها: لو حلف لا يسكن دار فلان هذه. فسكن غرفة منها. حنث؛ لأنّ السّكنى في الدّار هكذا تكون.
ومنها: إذا أوصى لخادمة أن تقيم مع ابنيه الصّغيرين حتى يستغنيا، ثم هي حرّة، ولا وارث له غيرهما، وهي تخرج من ثلثه. فعليها خدمتهما حتى يدركا - أي يبلغا - فإذا أدركا فقد عتقت.
ومنها: إذا حلف لا يكفل بفلان، أو لا يضمن فلاناً، فكفل عنه بمال لم يحنث؛ لأنّ الكفالة بفلان إذا أطلقت فإنّما يفهم منها الكفالة بالنّفس، إلا إذا عنى ونوى المال. وهذا على عرف زمانهم في مخاطباتهم، لكن إذا تغيّر العرف وصار معنى الكفالة بفلان أو ضمان فلان هو كفالة ما يلزمه أو ضمان ما يلزمه، فلو حلف على ذلك، فهو يحنث إذا كفل عنه بمال. أمّا إذا حلف لا يضمن لفلان شيئاً فضمن له بنفس أو مال، فهو حانث؛ لأنّه قد ضمن له؛ لأنّ المفهوم من هذا اللفظ التزام المطالبة بتسليم شيء مضمون له، وقد وجد ذلك.
ومنها: إذا دفع مالاً مضاربة واشترط على المضارب أن يشتري به الثّياب ويبيعها، فاسم الثّياب اسم جنس للملبوس في حقّ بني آدم، فله أن يشتري به ما شاء من ذلك كالخزّ والحرير والكتّان القطن وكلّ ما يلبس، لكن ليس له أن يشتري السّتائر والبسط والسّجّاد والوسائد والفرش؛ لأنّ كلّ ذلك من جنس الفرش ولا يتناوله اسم الثّياب في العادة مطلقاً.
ومنها: إذا دفعه إليه على أن يشتري به البز فليس له أن يشتري به من ثياب الخزّ والحرير والطيالسة والأكسية شيئاً، وإنّما يشتري ثياب القطن والكتّان فقط. لأنّ البزاز في عرف الناس من يبيع ثياب القطن والكتّان. وهذا شيء مبناه على عرف الناس في ذلك الزّمن وليس من فقه الشّريعة.